|
القرد في أعماقنا يلعب في نشارة خشب
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القرد في أعماقنا يلعب في نشارة خشب
في المرحلة الثانوية ، حين وقف المعلم يشرح لنا الدرس التاريخي عن حرب البسوس ،كانت الدهشة تطل من عيوننا ، ونضحك ، معقول يا أستاذ " حرب دامت أربعين سنة من أجل ناقة البسوس " تلك العجوز الشمطاء التي حصدت الشهرة التاريخية لمجرد أنها نادت بالثأر ، انها تريد الُثأر للناقة التي طعنت ، فكانت قبيلتي تغلب وبكر على أهبة الاستعداد للضرب والقتل واشعال الحرائق في الخيام ، ويطمئن المعلم خيالنا ناصع البياض ويقول لنا هذا زمن الجاهلية ، فيختلط ضحكنا بسخريتنا من ذلك الزمن. ولم نكن ندري أننا نعيش في حظيرة البسوس، واننا فشلنا في اسكات قرع طبول الثأر ، وان اساطير الحضارة التي نعيشها ما هي الا رغوة صابون ، تزول عندما تلمسها قطرة ماء التعايش اليومي ، لتكشف عن حقيقة العري . بعد عصر الجاهلية وقعت مئات الحروب التي غاصت في الدم ، لكن بقي الحيوان بريئاً من دم الانسان ، وقد وقعت بعض الحروب هنا وهناك بسبب بعض الحيوانات أشهرها عام 1870 التي وقعت في أحد دروب قرية انطلياس في قضاء المتن بمحافظة لبنان ، بسبب حمارين تابعين لطائفتين حيث مرا من طريق تتسع لحمار واحد ، وبعد شجار وتهديد من قبل أصحاب الحمارين من سيمر بالأول ، قام أحدهم بشج رأس الثاني بقضيب من الحديد فقتله ، فقامت القيامة واشتعلت الحرب في لبنان ، حتى أن عشرات الكتب الفت عن هذه الحرب ، اشهرها كتاباً لكارل ماركس الذي اعتبر هذه الحرب وحشية ، ثم أخذ رسامي اللوحات في أوروبا يتخيلون تلك الحرب فرسموا لهذه الحرب اللوحات التي ما زالت شاهدة عيان على حرب الحمارين . وفي هذا الزمن ما زالت تمطر الغيوم السوداء حكايات تطارد الذاكرة العربية والتاريخ الحيواني الملتصق باشعال الفتيل ، كأن هناك من يهدينا اوسمة للمضي في زرع المزيد من الحمق ، واكراماً للحيوان الذي تسمى المعارك باسمه . في ليبيا في مدينة سبها ، تعيش قبيلة القذاذفة - الزعيم الليبي معمر القذافي من هذه القبيلة - وكان لأحد تجار القبيلة قرداً مدللاً ، يتنقل بين الناس ويمازحهم ، لكن لم يعلم أن دلاله قد يغرق المكان بالدم ، ويكون سبباً في حرب جديدة . في أحد الأيام والطالبات خارجات من المدرسة قام القرد بنزع غطاء رأس إحدى الطالبات من قبيلة " أولاد سليمان " على سبيل المزاح فما كان الا أن بكت ، سمع والدها صوتها ، فاشتعل الحوار وتسرب نفط القبيلة من تحت أرض الكرامة القبلية فشبت الحرائق بين القبيلتين ، أولاد سليمان والقذاذفة ، وبدأ أطلاق الرصاص وقتل في المعركة 16 شاباً ، كأن ليبيا ينقصها هذا الاشتعال والقتل حتى يأتي القرد وينفخ في الجمر . على الأقل نحن نعلم أن القرد في ليبيا هو السبب ، لكن أين القرد الذي يسكن قرانا ومدنا العربية واشتعال الطوشات بالمفرقعات و بالحجارة واشتباك في الأيدي ، ورصاص يقيم في الجيوب انتظاراً للمحطة القادمة ، حتى أصبحنا على موعد مع الطوشات في كل مكان. من المؤسف أننا تحولنا إلى جنود نتشاطر على بعضنا البعض، صورة قاتمة لشعب يتفتت يومياً. والاحتلال يصول ويجول فرحاً بهذا التفتت ، لم يعد المثل القائل " أنا وأبن عمي على الغريب " بل أنا على قريبي جاري وأبن بلدي وأبن عروبتي ... يا فرحة وشماتة أصحاب الاجندات الذين يجلسون في ناطحات سحاب القرارات . ليس لنا اليوم الا أن يقوم سكان كل قرية ومدينة عربية بإخفاء قردها ، حتى لا يقفز ويمط اللثام عن حقد وكره ينخر فينا ، حتى أصبحت أعماقنا مثل نشارة الخشب . شوقية عروق منصور – فلسطين
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يعني أن يموت زوج الكاتبة
-
بين شلهفيت اليهودية وعائشة الفلسطينية
-
حكايتي مع الدموع السياسية
-
نصري حجاج الفلسطيني الذي لم يعرف مقبرته
-
مرور ست سنوات على موت سواق الأتوبيس
-
حين تم طرد النساء اليهوديات
-
وداع بالحبر السري
-
ويعود حزيران
-
المذاق الذي أصبح رخيصاً
-
اغتصاب الرحم ومخالب المستوطنين
-
العشماوي وجارتنا أم اسحاق
-
امرأة شهر آذار
-
ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود
-
في شهر المرأة .. شهر آذار أنحني تقديساً لأم أحمد جرار
-
في شهر آذار من يتذكر يارا وأطوار
-
البن والجرح العميق -
-
عزت العلايلي في الطريق ايلات
-
نبض المكان وحرير الذكريات
-
لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك
-
البحر لنا والشاطىء لنا
المزيد.....
-
لمحبي الطعام.. يجب أن تكون هذه وجهتك القادمة في أمريكا اللات
...
-
اغتصبها ملثما لكن فمه فضحه.. شاهد كيف كشفت فتاة رجلا اعتدى ع
...
-
إيران: الرئيس السابق أحمدي نجاد يقدم أوراق ترشحه للانتخابات
...
-
خلفا لإبراهيم رئيسي.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لانتخابات الرئا
...
-
الصين تعلن هبوط المسبار -تشانغ-6- بنجاح على الجانب البعيد من
...
-
زيلينسكي من سنغافورة: دعم الصين لروسيا سيؤدي إلى استمرار الح
...
-
مراسلتنا: إطلاق رشقة صاروخية كبيرة من جنوب لبنان باتجاه الجل
...
-
إعلان مخيم جباليا شمال غزة -منطقة منكوبة- وسط دعوات لتدخل دو
...
-
زيلينسكي يوجه اتهاما للصين بشأن -مؤتمر السلام- في سويسرا
-
مسلسل إيريك: كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|