أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - لونا وروبيرت














المزيد.....

لونا وروبيرت


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 7078 - 2021 / 11 / 15 - 17:41
المحور: الادب والفن
    


كانت «لونا» تروي قصتها مُظهرة أسنانها المصطفّة برتلٍ جميل أبيض ناصع اللون:
«أنا سعيدة جداً، بما جرى لي، بعد سلسلة مصائبي التي يصعب تصديقها في ذلك اليوم. اليوم الذي أعتبره أفضل أيّام عمرى». هكذا اختصرت لونا قصّتها. ثم استرسلت:
«كنت في الرابعة عشر من عمري، ومثل بقية فتيات بلدتي، كنت مولعة بركوب الخيل. قبل ذلك كان والداي يتبادلان على إيصالي إلى الإسطبل وفناء التمرين. جاء والدي يوماً من العمل وأخبرني، تماماً حين كانت والدتي تنقل طعام العشاء من الفرن، مُرتدية كفوفاً سوداء سميكة، أنني يجب أن أستعمل دراجتي الهوائية للذهاب إلى الإسطبل من الآن فصاعداً. بقية زميلاتي يفعلن ذات الشيء.
بصراحة راقت لي المسألة، فأنا لم أعد طفلة صغيرة، وبوسعي تدبّر أموري، هي مُجرّد حفنة من الكيلومترات.

كانت بداية الربيع. الجو جميل ومُشمس وأوراق الأشجار كانت تكبر وتخضّر حتى لتكاد تراها وهي تنمو لتغطي الأغصان العارية.
في ذلك اليوم، سمحت لنا المُدّربة أن نذهب في جولة في الحقول المُجاورة مع أحصنتنا.
لسبب لا أعرفه تماماً، جنّ جنون حصاني بعد نحو مائة متر، في ذلك الفناء الأخضر البديع. هل رأى حيواناً أثار ذعره؟ ليس مؤكّداً، فالمعروف أن الأحصنة جبانة للغاية، وجندب ما قد يقتُلها رعباً.
ركض قليلاً وخبا، ثمّ لفظني من على ظهره وكأنني كومة قمامة غير مرغوب فيها، فوقعت مرتطمة بحجر صغير. وقف هناك، بكل بساطة، يراقبني وأنفي ينزف. كنت محظوظة لأنني ارتديت خوذتي طبعاً.
كانت أعصاب حصاني باردة برودة جبل ثلجي، بعد ثورته الصغيرة، حينما سحبته من رسنه وعدت إلى الإسطبل.
شعرت بألم في انفي وكنت أخشى من حدوث كسر ما.
أعدت ثندرْ (هذا هو إسم حصاني) إلى مربّعه في الأسطبل، ورميت له حزمة من القش وتأكدت من كمية الماء في دلوه، وأخذت دراجتي مُتّخذة القرار بالذهاب بنفسي إلى عيادة الطوارئ في المستشفى للكشف عن حالة إنفي، حالما إطمأن البقية على سلامتي.
لكي أوقف النزيف، وضعت منديلاً عليه وبدأت بضغطه، مما إضطرني إلى أن أقود دراجتي بيد واحدة. فعلت ذلك مئات المرّات سابقاً. على شارة المرور الثانية، زاحمني أحد ما ففقدت توازني وسقطت من على دراجتي على كتفي الأيمن، وصرخت ألماً. جاء بعض الناس لمساعدتي، وانتشل شاب هاتفه وطلب سيارة إسعاف وصلت بعد لحظات.

ركنوا دراجتي هناك ومدّدوني في منتصف سيارة الإسعاف، وأضاء الطبيب الشاب، بعد أن قدّم نفسه، لمبة مُزعجة في عينيّ وهو يسألني عن إسمي وعنواني ويستجوبني، بينما كان الممرّض يتحدث مع المستشفى شارحاً طبيعة الحادث، وصوت النفير يُلعلع في فراغ البلدة.
«لا تخشي شيئاً، أنفك ليس مكسوراً، وكتفك سليم تعرّض لرضّة بسيطة فحسب، وسوف نُضمّده لك حالاً، هذا كل ما في الأمر. هل تريديننا أن نوصلك إلى البيت؟». سألني الطبيب الشاب. وقبل أن أجيب سمعت صوتاً قوياً لفرملة إطارات سيّارة وقرقعة كبيرة وهزّة جعلتني أقفز من على السرير الضيق بمقدار نصف متر وأصطدم رأسي بجانب السيارة الأيسر، لم أكن مُحزّمة لأن حالتي كانت بسيطة على ما يبدو. بينما صرخ طاقم الإسعاف، وتلفّظ الممرض بشتائم.
صمت.
سيّارة الإسعاف اصطدمت، ببساطة، بسيارة شرطة كانت مُسرعة إلى حادث ما، في التقاطع الأول للطريق المُودي إلى المستشفى. ساعدوني على الإستلقاء على السرير مرّة اخرى وسألوا عن حالي، فقلت أن رأسي يؤلمني.
«يجب أن نُكمل إلى المستشفى الآن». قال الطبيب، وبدأ الممرض بالتحدّث مرة اخرى إلى المستشفى.
تمكنت سيارتنا التي تضرّرت قليلاً من بلوغ بوابة الطوارئ بعد محادثة قصيرة مع رجليّ البوليس. صحيح أن الأضرار مادية فقط، لكن رأسي كان يؤلمني بشدّة.

في البهو الواسع، كنت أتمدّد على سرير شراشفه بيضاء يعلوها شريط أزرق، مثل بضعة أشخاص آخرين، مربوطين إلى أنابيب وأجهزة ومُلصّقات تُحصي دقّات القلب وأشياء اخرى، بإنتظار التصوير المقطعي.
حينما أملت رأسي نحو اليمين، إلتقت عيناي به. «روبيرت» كان ينظر نحوي، وقال بإبتسامة موجعة «هل أنتِ على ما يرام؟». قلت «نعم، شكراً»، «وأنت؟» «أعتقد ذلك» أجاب مُكملاً إبتسامته.

سمعت قبلها عن الحب من أول نظرة، ولم أكن مقتنعة تماماً. تصوّرت أنها قصص الأغاني والأفلام.
مضى على ذلك اليوم خمس سنوات الآن. البارحة إستأجرنا شقة، روبيرت وأنا، ونحن، بمساعدة عائلتينا، نقوم بفرشها.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمار
- ورد جوري دمشق
- المتّة
- صابون
- الخنزير
- سپاگيتي
- ليس «هاپي اندينغ»
- ثقافة التواليت اليابانية
- ماكس، الكلب
- نهر التمساح
- صفصاف مازدا
- جلد عميرة
- النبيذ
- الشاي
- الترفل والكمأة
- إشكالية أسمهان
- الدجاج
- ما صحّ عن الأثداء
- آيا صوفيا
- دليلي احتار


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير المجيد - لونا وروبيرت