أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - اليسار يتقدم أوربيا: أخلاقيات مواجهة الرأسمالية تنتعش














المزيد.....

اليسار يتقدم أوربيا: أخلاقيات مواجهة الرأسمالية تنتعش


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 7052 - 2021 / 10 / 20 - 23:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. آزاد احمد علي
حقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) تقدما كبيرا في انتخابات البرلمان الاتحادي الألماني المعروف بالبوندستاغ، بنسبة 25.7 متجاوزا لأول مرة التحالف المحافظ برئاسة ميركل، المؤلف من ( CDU معCSU ) والذي تراجع الى نسبة 24.1 من أصوات الناخبين، كما حل حزب الخضر (Grune) في المرتبة الثالثة مسجلا نسبة 14.8. وهذا يعني أن تحالف الاشتراكيين والخضر سيتجاوز نسبة 40% من مقاعد البوندستاغ.
هذه الأرقام المتواضعة على مقياس الدول والحكومات غير الديمقراطية لها دلالة ومؤشرات كبيرة في دولة تعد قلب ومحرك الاتحاد الأوربي ومجتمعاتها الواعية والمسيسة. فقد حقق اليسار الاشتراكي بمعناه العريض تقدما سياسيا ملموسا في السنوات الأخيرة، وبدأت هذه الثقة تترجم عن طريق صناديق الاقتراع، وهو في الجوهر عودة رصينة وواثقة الى الاشتراكية الديمقراطية لقيادة قلب أوربا واقتصادها. لدرجة من الممكن لهذا التيار العريض أن يغير مسار المجتمعات الأوربية إذا اتيحت للاشتراكية الديمقراطية الفرصة للتلاقح مع أفكار وفلسفة ما بعد الحداثة وما بعد النيوليبرالية، خاصة اذا تم شحنها بمحفزات برنامجيه في ظل تهامد وكسل فكري عالمي وأوربي بشكل خاص.
لقد باتت سياسات الاشتراكيين الديمقراطيين واضحة وصريحة ضد تغول الرأسمال، فقد قدم زعيم الحزب أولاف شولتز (المرشح الأول لمنصب المستشار) ووزير المالية في الحكومية الحالية وعدا صريحا خلال مناظرة انتخابية: "نريد أن نريح أولئك الذين يكسبون القليل جدًا من المال، ذلك يعني أن الشخص الذي يكسب ما أكسبه أنا مثلا كوزير فيدرالي، يتعين عليه دفع الضرائب بشكل أكثر". والعمل في الوقوف في وجه طغيان الاحتكارات الرأسمالية وتحقيق عدالة ضريبية. وعلى الرغم من أن ألمانيا دولة رفاه اقتصادي لكنها تعاني من تباين طبقي واجتماعي، وهنالك ألمان فقراء بمقاييس أوربية. وقد صوتت الشرائح المتضررة لبرنامج الاشتراكيين الاجتماعي.
موضوعيا يمكن الافتراض أن الحركة الاشتراكية العالمية بعد كل اخفاقاتها ونجاحاتها النسبية قد تمظهرت بشكل سلمي في التيار الاشتراكي الديمقراطي الذي أسس لنهضة أوربا المعاصرة ورسخ ثقافة السلم الاجتماعي. كما اشتق عنه بصيغة أو أخرى في العقود الأخيرة التيارات المحبة للبيئة وخاصة الخضر، فالخضر اشتراكيون من نوع خاص، وهذا ما نلمسه في شعارات الخضر الألمان، المتلخص في حماية البيئة وكذلك التركيز على العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، فقد بينت مرشحة حزب الخضر أنالينا بربوك في حملتها الانتخابية ضرورة استخدام تغييرات الفوائد للحد من فقر الأطفال، ودعت إلى مزيد من الإجراءات بشأن تغير المناخ: "أنا أؤيد تغييرًا حقيقيًا في السياسة المتعلقة بحماية المناخ، كما أن الإجراءات المتخذة حاليا تضع الأطفال والعائلات في المركز الأخير، وأرنو إلى سياسة خارجية تسترشد بحقوق الإنسان في قلب أوروبا".
هذا وفي هذا السياق قد أكدت للعديد من الأصدقاء المقربين من الخضر في ألمانيا، والمترددين في التعاون معهم أيضا، قبل الانتخابات بفترة طويلة، ان لتيار الخضر الألماني مستقبل وسيكون له فعالية سياسية متشابكة مع الاهتمام الأوربي والعالمي بمعضلات البيئة والكوارث الناتجة عن التغيير المناخي، وان الخضر يؤسسون لفكر ومقاربة عالمية ممنهجة للحفاظ على الكرة الأرضية وانقاذها من عبث التصنيع الجائر والتلوث المخيف.
ان فوز الاشتراكيين الديمقراطيين، وكذلك الخضر، شكل منعطفا في مسار السياسات المجتمعية الأوربية، فالتصويت ومؤشرات الأرقام وان كانت غير انقلابية فهي تعبر عن وعي متنام ومطابق لمسار موائمة الفكر الاشتراكي للعصر، وتأكيد على الفشل المستمر للرأسمالية عموما والاتجاه النيوليبرالي المتوحش بشكل خاص.
فالمجتمعات الغربية باتت تدرك تماما لا إنسانية ولا ديمقراطية النظام الرأسمالي، وتدرك أن الرأسمالية متوحشة في الجوهر، والمؤسسات المالية هي التي باتت تتحكم بمسار ومستقبل السياسات العامة، وهي التي تصنع الفاعلين السياسيين.
فالتصويت للاشتراكيين والخضر هو مؤشر على يقظة الضمير وان كان على نطاق ضيق، اذ ان نتائج انتخابات ألمانيا عبرت عن ترسيخ أخلاقيات الاعتدال السياسي، مع ميل صريح الى العدالة الاجتماعية، وكبح جماح الاتجاهات المتطرفة التي دفعت ضريبتها المانيا وكذلك كل اوربا دمارا شاملا في القرن العشرين. حتى بات الجانب الأخلاقي يرجح كفة المعادلات الداخلية بشكل حاسم، وبالتالي تتجه البرلمانات الأوربية نحو سياسات أكثر إنسانية واعتدالا، وأكثر مصداقية في دعم حقوق الانسان والجماعات المضطهدة، كما تضغط باتجاه وقف تخريب البيئة والمناخ لصالح الشركات والاحتكارات الكبرى. في نفس المناخ فان توجهنا شرقا، وبقراءة أولية للمشهد الانتخابي فان انتصار الاشتراكيين والخضر في المانيا يتزامن مع تقدم الحزب الشيوعي في روسيا، هو تأكيد آخر على حقيقة الانتصار لأخلاقيات التعاون والتكافل في المقام الأول، وتعبير عن رفض الرأسمالية الغبية، والسير على درب القطيعة مع النيوليبرالية والسياسات الأمريكية المضطربة. المشهد الانتخابي في الدولتين المهمتين اثبت من جديد على أن النظام الرأسمالي لا يستجيب لمعطيات العصر وعاجز عن حل مشكلاته الجوهرية. فالمنظومة الأخلاقية للبشرية تحتاج لانعطافة حادة نحو الاشتراكية بمستوياتها النظرية والتطبيقية والأخلاقية الجديدة.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوات ماكرون المتعثرة من لبنان إلى كوردستان
- مؤتمر بغداد خطوة نحو التضامن العربي
- معضلة الهجرات التاريخية لدى النخب السياسية العربية
- وزارة الحب او رواية -ألف وتسعمائة واربع وثمانون-
- هل نستطيع النجاة من دون النساء؟
- الألقاب مؤشرات مهن أم أوسمة: الأكاديمي نموذجا؟
- في حضرة الكناس
- رسائل معدنية متبادلة: العراق وكوردستان هما الضحية
- أصل نظام التفاهة
- معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش
- استثمار التطرف التركي – الايراني؟
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (1)
- ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي
- الحاجة للخديعة والحنين للحماقات
- عبثية الحروب في رواية كهرمان
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - اليسار يتقدم أوربيا: أخلاقيات مواجهة الرأسمالية تنتعش