أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - آزاد أحمد علي - الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء














المزيد.....

الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6617 - 2020 / 7 / 13 - 16:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


عرفت العمارة الطينية، تلك التي شيدها البناءون والعمال المهرة بعمارة الفقراء، وعلى الأرجح أطلق عليها هذه التسمية المعمار المصري الرائد حسن فتحي أواسط القرن العشرين. فقد تطورت العمارة الطينية التراثية كثيرا في العقود الأخيرة، مما اكتسبت الصفة والاشتراطات التي تؤهلها أن تندرج تحت مسمى (العمارة الطينية الحديثة)، تنقسم هذه العمارة الطينية الحديثة إلى عدة اتجاهات أو أنواع بحسب طرائق وتقنيات التنفيذ. إذ يكون التصنيف عادة حسب تقنية البناء المستمدة من التراث المحلي أو المبتكرة تماما. تتداخل العمارة الطينية الحديثة مع اتجاهات ومدارس معمارية عالمية، فهي تترابط مع العمارة الخضراء (Green Architecture)، والعمارة أو الأبنية المستدامة (Sustainable Building )، كما تتسع أساليب البناء بالمواد الترابية يوما بعد آخر لدرجة أنها باتت أحد أهم الطرق للبناء بالنفايات والأنقاض، وبالتالي تساهم في تدوير المواد الملوثة للبيئة، والتخلص منها. لكن من خلال دراسة المنجز المعماري في العقود الأخيرة، يمكن ترجيح أهم هذه الاتجاهات، وهي طريقة البناء بالجدران الحمالة المدكوكة.
 البناء بالجدران المدكوكة ضمن القالب (Rammed Earth)
هي طريقة قديمة، عرفت منذ مراحل قديمة في مناطق عدة من العالم، خاصة في الصين وأمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا، فمن المحتمل أنها كانت الطريقة الرئيسية في بناء سور الصين العظيم. هذا وقد تطرق ابن خلدون لطريقة وتقنية البناء هذه بالتفصيل في مقدمته ضمن فقرة: صناعة البناء، وسماها بالطابية: "ومنها البناء بالتراب خاصة يتخذ لها لوحان من الخشب مقدران طولاً وعرضاً باختلاف العادات في التقدير وأوسطه أربع أذرع في ذراعين فينصبان على أساس وقد بوعد ما بينهما بما يراه صاحب البناء في عرض الأساس ويوصل بينهما بأذرع من الخشب يربط عليها بالحبال والجدر ويسد الجهتان الباقيتان من ذلك الخلاء بينهما بلوحين آخرين صغيرين ثم يوضع فيه التراب ثانياً وثالثاً إلى أن يمتلئ ذلك الخلاء بين اللوحين على صورة ويركز كذلك إلى أن يتم وينظم الألواح كلها سطراً من فوق سطر إلى أن ينتظم الحائط كله ملتحماً كأنه قطعة واحدة ويسمى الطابية" لمزيد من التفاصيل راجع كتاب: (آزاد أحمد علي وآخرون، الفكر الاجتماعي الخلدوني، بيروت، 2004).
اعتمدت طريقة الجدران المدكوكة (الطابية) بشكل واسع في العمارة الطينية الحديثة وتم تبنيها من قبل معماريين مميزين وكذلك منظمات الحفاظ على البيئة، فضلا عن اعتمادها من قبل شركات الإنشاءات في العديد من الدول، كأمريكا وأستراليا. مما تم إخراجها من دائرة عمارة الفقراء لتدخل عالم الرأسمال.
فهذه الطريقة المستحدثة صالحة لتشييد مباني الخدمات العامة، كالمدارس والمتاحف والاستديوهات والمراكز الثقافية، وبشكل واسع في المباني السكنية. لقد عمت تجربة البناء بالجدران الطينية المرصوصة مختلف أنحاء العالم، من المناطق البادرة في كولارادو الأمريكية وأقاصي كندا الى الصحارى والمناطق الحارة والجافة في أفريقيا.
تم تطوير المبدأ الأساسي في التشييد، أي البناء بالجدران الحمالة، وتنفذيها ضمن قالب محكم الثبات، عن طريق مد خلطة التراب الرطب مع الرمال والحصويات داخل القالب، تمد الخلطة على طبقات بسماكة 20 سم، ثم يتم رصها ودقها يدويا، بواسطة مطرقة، أو ميكانيكيا بواسطة رجاج. على أن لا يقل سماكة الجدران عن 40 سم، أو بحسب ارتفاعها والحمولات التي ستتحملها. ويختلف من بناء بطابق واحد أو متعدد الطوابق.
الخلطة مؤلفة من نسب محددة ومدروسة من الترب والحصويات، وفي أغلب الحالات يضاف نسبة من الاسمنت الى خلطة التربة والحصويات، ليزداد مقاومتها على التماسك والضغط، وكذلك لمقاومة الرطوبة. في المحصلة هذه الخلطة تشبه ما يمكن تسميته بالخرسانة الطينية.
من ميزات هذه الطريقة، الحصول على تصاميم حديثة، حفظ الحرارة وتحقيق العازلية الجيدة، تدني كلفة الإنشاء، حيث يعتمد غالبا على المواد التي تستخرج من موقع المبنى تماما أو في جواره. لكن بعض نماذجها تشيد بشكل مبالغ في رفاهيتها وتكاليف اكسسواراتها، لاقتنائها من قبل بعض الأثرياء من محبي الطبيعة والحفاظ على البيئة.
في المحصلة تدرج العمارة المنفذة بطريقة الجدران المدكوكة ضمن العمارة المستدامة والخضراء، لأنها تحقق معاييرها، خاصة من زاوية عدم الإفراط في استخدام الطاقة أثناء التشييد وطوال فترة الاستثمار، وهي قليلة التكلفة، فقد بينت بعض الدراسات أن طريقة البناء بالجدران المدكوكة تحقق وفرا في تقارب 50% من كلفة البناء، وكذلك توفر الطاقة اللازمة للتدفئة والتبريد بحوالي 70%.
ومن ميزاتها أيضا عدم الحاجة لمواد إكساء الجدران، فقد يجد المصمم طرائق لإبراز ألوان المواد الحصوية والتربة الداخلة في تركيبة خلطة الجدران.
التجارب الناجحة بطريقة البناء هذه عديدة وواسعة الانتشار لدرجة لا يمكن حصرها في مختلف أنحاء العالم، لكن تبنيها من قبل الشركات الإنشائية في العالم الرأسمالي تدفعها أيضا لتكون موضوعا للربح و لتحقيق مزيد من الأرباح ومنافسة المنشآت المشيدة من الخرسانة المسلحة، وبالتالي إفراغها من هدفها الجوهري وهو تأمين سكن مريح وقليل التكلفة لأكبر عدد من المحتاجين.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟
- قصة أول بيان تضامني مع حلبجة قبل 28 سنة
- سنجار من منظور ثقافي وكتراث انساني
- لماذا تعادي بريطانيا-العظمى- كوردستان الناشئة؟
- الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟
- كوباني: قصة نجاح على حافة التجميد
- ملامح محنة العرب السنة
- داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية


المزيد.....




- مسؤول يتحدث عن مشروع ضخم للحبوب الروسية في الإمارات
- سناتور روسي: القوى الاقتصادية الجديدة ستغير الوضع الجيوسياسي ...
- -روساتوم- تسجل إيرادات قياسية في 2023
- شركات عالمية تتنافس على 30 مشروعا للطاقة في العراق.. ما أهمي ...
- تويوتا تحقق مستويات إنتاج ومبيعات قياسية
- الين بأدنى مستوى في 34 عاما وبنك اليابان المركزي يتدخل
- دراسة تحدد سلعة التصدير الرئيسية من الهند إلى روسيا
- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - آزاد أحمد علي - الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء