أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات















المزيد.....

بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6437 - 2019 / 12 / 14 - 16:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قاد حلف شمال الأطلسي الناتو (NATO) الصراع في جانبه العسكري بين الشرق والغرب طوال الحرب الباردة، كما قام بدور سياسي وأيديولوجي مهم منذ تأسيسه قبل سبعين سنة (1949) كمعاهدة عسكرية، حاول في سياساته المعلنة تجنب تكرار الحرب العالمية الثانية، عن طريق احتواء ألمانيا والوقوف أمام طموحات الاتحاد السوفيتي السياسية ومواجهة مخاطرها العسكرية في ذلك العصر. هذا وقد ترسخت وظيفة الحلف وشرعنت بعد الإعلان عن تأسيس حلف آخر يواجهه، الذي انبثق عن المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي وهو (حلف وارسو) في عام (1955) تحت مسمى: معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المشتركين، هذا وقد ترسخ دور الحلفين بتصاعد المنافسة بين الشرق والغرب كما بين شطري ألمانيا الشرقية والغربية إبان الحرب الباردة.
• اختفاء العدو
المفارقة الرئيسة في قصة الناتو بعد مرور سبعين سنة على تأسيسه وثلاثين سنة على انهيار جدار برلين تكمن في أن الحلف الذي نشأ لمواجهة الخطر الشيوعي استمر في البقاء بعد زوال الاتحاد السوفيتي، بل ابتلع الناتو معظم الدول الشيوعية في أوربا الشرقية بما فيه الدولة التي كانت بمثابة مركز حلف وارسو أي بولونيا. كما شجع الحلف ومازال يشجع انضمام دول أوروبية ناشئة ومكيروسكوبية مثل آخر الأعضاء المنتمين للناتو (دولة الجبل الأسود) المنبثقة من يوغسلافيا السابقة. فهذه المفارقة باتت تفصح عن خلل وظيفي للناتو نفسه، وهو باختصار اختفاء العدو الذي ينبغي أن يتم مواجهته. لذلك نجد أن الجهاز البيروقراطي للحلف انشغل في البحث عن وظائف جديدة له، كالتدخل في بعض مناطق النزاعات مثل البوسنة والعراق وليبيا وسوريا.
في الذكرى السبعين لنشوء هذا الحلف العسكري – السياسي – الأيديولوجي ومع تغيير بيئة التأسيس، يجد العديد من أعضاء الناتو صعوبة في إيجاد توافقات ومشتركات بين سياسات مختلف أعضائه. وهذا ما تفجر يومي 3 و4/12/2019 في اجتماع القمة بلندن الذي كان بمثابة احتفالية لتمديد بقاء الحلف أكثر من أن يكون برنامج عمل. لقد كان قادة الناتو مختلفين تماما مثل اختلاف الثقافات ودرجة القوة والموقع الجيوسياسي، لذلك بات الحفاظ على وحدة الخط العام للحلف مشكلة حقيقية وهذا ما برر وحفز الرئيس الفرنسي للإعلان مسبقا عن الموت السريري أو الدماغي للحلف قبل انعقاد القمة وأكد فيها على رأيه من جديد، ليكون رأيه أول تعبير أوربي صريح عن صعوبة الجمع بين تسع وعشرين دولة بثقافات وسياسات مختلفة لمدة طويلة قادمة. فالرئيس ماكرون شخص المشكلة بعقلية فرنسية فكرية وثقافية بعيدا تسطيحات أغلب الرؤساء الآخرين، خاصة ترامب الذي استعجل في المغادرة بسبب الامتعاض من مواقفه والسخرية من تصرفاته.
• المسألة الكوردية والإرهاب
المتغير الأوربي الذي جسده ماكرون تركز على نقطتين: الأولى الدعوة إلى استئناف حوار استراتيجي مع موسكو، والثانية مطالبة تركيا بتقديم توضيحات حول عمليتها العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، الحليف الرئيسي للدول الغربية في المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". كما قطع ماكرون الطريق على أردوغان للتشويش على المسألة الكردية بالتأكيد على أنه "ليس لدينا التعريف نفسه للإرهاب"، (بحسب فرانس 24)، في إشارة الى رفض طلب تركيا بتصنيف قوات الوحدات الكردية في سوريا على أنها إرهابية. ترافق ذلك مع ميل صريح لفرنسا وعدد من الدول الأوربية لتثمين دور القوات الكردية في محاربة الإرهاب، وتسليط الضوء على المسألة الكوردية وترابطها مع المشكلات الشرقأوسطية من جديد. وبالتالي الدفع باتجاه تأمين دعم ناتو للمسألة الكردية على العكس تماما من توجهات تركيا. لذلك لم يبخل ماكرون في توجيه نيران انتقاداته نحو تركيا، مشيرا إلى أنها هاجمت مقاتلين أكرادا دعموا الحلفاء ضد تنظيم داعش. كما اتهم القوات التركية بالعمل أحيانا مع مقاتلين مرتبطين بتنظيم داعش في عملياتها في شمال سوريا. وقال: "عندما أنظر إلى تركيا أرى أنها الآن تقاتل ضد من قاتلوا معنا. وأحيانا تعمل مع مقاتلين على صلة بداعش". وأكد ماكرون أن تصرفات تركيا ضد المقاتلين الأكراد الذين ساعدوا الحلفاء في القتال ضد التنظيم الجهادي تظهر الحاجة الى تحسين التنسيق. وهذا ما شكل أحد أبرز المتغيرات التي طرأت على جدول أعمال الحلف والتي تجنبها البيان الختامي.
• وظيفة تركيا
أما المتغير الآخر الذي ظهر، فقد تجسد في الكيفية التي جعلت دولة بائسة وفقيرة كتركيا التحقت بشكل ذيلي بالحلف عام 1952، أن تتحول الى لاعب رئيس داخل الحلف وتتفاوض على فرض أجنداتها على جدول أعمال الحلف؟ وبالتالي باتت تلعب تركيا بورقة كسب ود الصين وروسيا. لدرجة أن خرقت أنظمة الحلف واشترت منظومة صوايخ اس 400 من روسيا، دون معرفة دقيقة لجهة وكيفية استهداف هذه الصواريخ لأعضاء الحلف نفسه! لقد بات المتغير الجيوسياسي التركي هذا إحدى إشكالات ناتو الكبرى التي تعمق معضلات الحلف وتشتت وظيفته، فكيف لتركيا الدولة الهزيلة التي انضمت للحلف منتصف القرن العشرين أن تتحول الى لاعب وجهة وازنة تفرض شروطها وسياساتها!؟ يبدو أن ذلك قد حدث بفضل سياسات الادارة الأمريكية الانهزامية والمترددة وكذلك التناغم والدعم الألماني لتركيا، وبالتالي فجرت فرنسا الخلاف نيابة عن مجموعة من أعضاء الحلف.
تموضع تركيا الجديد غيرت من وظيفتها أيضا، فبدل أن كانت تعمل لصالح الحلف 100% باتت تطرح أجنداتها، لقد انضمت في ظروف كانت تركيا علمانية ودولة رأسمالية تابعة، تلخصت وظيفتها أواسط القرن العشرين بمواجهة ولجم حركة التحرر العربية الناهضة، وكذلك لتأمين منصة أمامية للتجسس ومهاجمة الاتحاد السوفيتي السابق عند اللزوم، كما تهيأت لمنع استقلال وتطور جمهورية أرمينيا السوفيتية، لكن كل هذه الوظائف قد اختفت في الوقت الحاضر. وباتت تركيا تعمل كقطب خاص ومستقل داخل الناتو، فهي تتدخل في كل دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي تحت عنوانين وأجندات الاسلام السياسي المتشابك مع ديناميات المجموعات الجهادية، في حين أنها تخطط في الجوهر للاستيلاء على سوق النفط والغاز في الخليج وشرق المتوسط بالتفاهم مع روسيا، لتتحول بدورها إلى امبريالية ناشئة. فالسياسة التركية المندفعة رجحت وقوف وزير الدفاع الأمريكي مع موقف الرئيس الفرنسي أكثر من وقوفه مع رأي ترامب. هذا ما يؤكد عمق الشرخ بين تفكير قادة الناتو، وخروج تركيا التدريجي من السرب.
قد يكون لديناميكية ماكرون الشاب المرتكزة على الخلفية السياسية والفكرية الفرنسية فجرت الأزمة بإعلانه عن الموت الدماغي للناتو وهذه حقيقة يتفق معه الكثيرون رغم نفي ترامب واردوغان لهذا التوصيف، وتحفيز سكرتير الناتو للقول "أن ناتو ستغير من سياساتها ملثما يتغير العالم". لكن يظل التشخيص الفرنسي دقيقا وجوهريا فلا توجهات إستراتيجية ولا سياسية واضحة للناتو مستقبلا، لأنه قد تحول الى ناد عسكري كامتداد لحلف سياسي، أمني وإيديولوجي تأسس في حقبة مختلفة تماما، حيث بدأ يفقد وظيفته التي أنشأ من أجلها موضوعيا. هذا ويؤيد العديد من الخبراء هذا التوصيف بالاعتراف أن الحلف يعاني من مشكلة سياسية عميقة. الذي يحال إلى الضعف في الرؤية الإستراتيجية، فالأوروبيون ليس لديهم مشروع استراتيجي لكيفية تأمين الدفاع عن أنفسهم بعد عشر أو خمس عشرة سنة، حين ينسحب الأمريكيون من أوروبا. مع أن استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحافة الألمانية تظهر أنه في ألمانيا تميل غالبية واضحة من المواطنين إلى النأي عن التوجهات العسكرية للولايات المتحدة بنسبة (55 %).
• الخيمة المهترئة
في الختام: الناتو لم يعد حلفا ضروريا لأي دولة وازنة فيها باستثناء دول شرق أوربا، لأنه فقد وظيفته الأساسية. أما انتظار البحث عن عدو جديد لتجديد وظيفته وتبرير وجوده فقد لا يلقى استجابة، إذ لا روسيا قادرة ولا مهتمة بسباق التسلح ومواجهة الحلف عسكريا ولا حتى الصين في هذا الموقع.
الثابت أن الدول الرأسمالية الغربية قد اعتادت على مظلة الناتو في مرحلة شيخوخة الرأسمالية المعاصرة، فكل دولة منها تسعى لحماية أمنها ومصالحها تحت خيمة الناتو المهترئة، وبالتالي باتت أجندات الأعضاء المتضاربة عاملا مساعدا لتمزيقه. ولكن المتغير الرئيس هو أن اختلاق العدو وصناعته قد لا يعطي نتيجة سريعة، فإشارة فرنسا الذكية الى أن الإرهاب السيبرانتي والاسلاموي هما عدوي الحلف لم تروق لتركيا ولا ترتقي الى ضخامة قوة الحلف ولا يمكن أن تستهلك ميزانيتها الهائلة المقررة من قبل بيروقراطيي الحلف. علما أن المبالغ الضخمة هي فقط التي أثلجت صدر ترامب، مصرحا بسرور عنها عند عودته الى واشنطن: "لقد ضغطت بنجاح فائق على قادة دول الناتو، حتى جعلتهم يدفعون 130 مليار دولار سنويا و 400 مليار دولار إضافية لمدة 3 سنوات. لا توجد زيادة بالنسبة للولايات المتحدة، فقط الاحترام العميق!" ويبدو أن هذا الرقم المالي هو آخر مؤشرات ثوابت ناتو الخالية من أي قيمة إنسانية أو ديمقراطية، فهذا الإنفاق المالي الهائل سيؤسس بالضرورة لعمليات ابتزاز متبادل وبالتالي مزيد من السرقة للشعوب الفقيرة ودعما لمجمعات صناعة السلاح على حساب مشاريع التنمية والحفاظ على البيئة.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟
- قصة أول بيان تضامني مع حلبجة قبل 28 سنة
- سنجار من منظور ثقافي وكتراث انساني
- لماذا تعادي بريطانيا-العظمى- كوردستان الناشئة؟
- الإنتخابات التونسية رسخت الإصلاحات أم ودعت الثورات؟
- كوباني: قصة نجاح على حافة التجميد
- ملامح محنة العرب السنة
- داعش بين خيوط اللعبة الأمريكية
- معرفة الأكراد عربيا
- لماذا انحنت القوى العظمى أمام حكام طهران؟
- هل حقا كردستان مستعمرة دولية؟
- مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر
- الانتفاضات العربية: جوع للسلطة وكراهية لللاصلاح
- تركيا وخيارات شراكتها الصعبة
- من المدينة الفاضلة إلى مدينة الكينونة
- دور الحركة الكردية في الانتفاضة السورية خلال عام 2011


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات