أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - آزاد أحمد علي - مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر















المزيد.....

مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4279 - 2013 / 11 / 18 - 01:00
المحور: القضية الكردية
    


مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر

آزاد أحمد علي
انجزت المانيا في عام 1912 بالتعاون مع الدولة العثمانية خط قطار الشرق السريع، لربط استانبول مع بغداد، وبالتالي اوربا مع الهند. كان انجاز الخط ترجمة سياسية لتحالف تركيا مع المانيا، وكتعبير على طموحات المانيا للتمدد نحو قلب الشرق الأدنى. هذا وقد شكلت الرغبة البريطانية – الفرنسية لاحقا للمشاركة في استثمار والتحكم بهذا الطريق الاستراتيجي أحد أسباب قيام الحرب العالمية الأولى. هذا الخط القائم مازال يربط نظريا حلب مع الموصل فبغداد، عبر محطة تل كوجر، لكن حركة القطارات عليه كانت تتوقف أو تزداد حسب المؤشرات السياسية والأمنية وسوية العلاقات بين الدول الثلاث: تركيا، سورية، العراق، عموما وكمؤشر فيزيائي لدرجة حرارة العلاقات الحكومية العراقية – السورية على وجه الخصوص. فقد اغلقت هذه البوابة تماما لمدة تقارب العشرين سنة ابان حكم البعث في كل من سورية والعراق، حتى كادت البلدة ان تندثر. ما هو مثير للانتباه ان هذه البلدة الصغيرة التي تأسست حول محطة على خط قطار الشرق السريع، تتصف بحساسية سياسية عالية، وتعود لتحتل واجهة الأحداث الأمنية والعسكرية في منعطفات حادة من تاريخ المنطقة السياسي. لقد كانت سهولها الخصبة اصلا مراعي لماشية القبائل الكوردية الرحل (كوجر) طوال قرون عديدة، حتى استقرت فيها بطون من قبيلة شمر البدوية العربية ابان الحرب العالمية الثانية، خاصة في عامي(1941-42)، وذلك بتشجيع من السلطتين البريطانية والفرنسية، ولتحقيق توازنات ديمغرافية وتمرير أجندات سياسية على الأرض. لذلك تم ازاحة سكانها الكورد الكوجر حوالي عشرة كيلو مترات شمالا.
انتعشت المحطة - البوابة اقتصاديا، وأصبحت أحد أهم النقاط الحدودية الآمنة بين سورية والعراق. وارتقت اداريا، لتلعب دور سياسي جديد. تحقق ذلك أيضا بدعم من سلطات دمشق التي ترجمت دعمها وتوجهها السياسي بنقل المركز الاداري للناحية من قرية (ديرون آغا) الحدودية اليها، بهدف السيطرة على الريف الكردي الشمالي وربطه مع هذه البلدة، المتشكلة حول محطة القطار. حتى جاء حكم البعث فقام بتعريب اسم المحطة - البلدة الى (اليعربية)،
الغاية من هذا السرد الوجيز هو التذكير بان هذه البلدة التي لايتجاوز عدد سكانها سبعة آلاف نسمة، كانت ومازالت تتسم بسمات جيوسياسية رمزية، منذ تأسيسها مطلع القرن الماضي وحتى الانتفاضة السورية الراهنة. ففي أواسط عام 2012 وبعد الإنسحاب الجزئي لقوات من المناطق الكردية، سيطرت مجموعات اسلامية مسلحة على هذه البلدة، فاغلق النظام احدى عينيه على وجودها حتى اواخر اوكتوبر 2013. وبهذا تكون قد سيطرت "كتائب المعارضة السورية المسلحة" عليها لمدة تقارب السنة، دون ان تبذل قوات النظام المتوجداة في مدينتي القامشلي والحسكة، أي حركة جدية لمنعها أو لإخراجها. فقد كان وجدوها اشكاليا في الأساس، ويثير أكثر من تساؤل، لأنه من الصعب استقرار قوات المعارضة أيا كانت قدراتها فيها لمدة طويلة، بدون ظهير وحماية جوية.
عمليا تبقى تل كوجر ثان أهم معبر حدودي رسمي بين سورية والعراق، وتتصف البلدة بقيمة استراتيجية مضافة تزداد اليوم بالتوازي مع ارتسام مسار التسوية السياسية المرتقبة للمسألة السورية. لذلك لم يكن مستغربا ان المعارك الدائرة فيها أواخر شهر اكتوبر 2013 قد نالت اهتماما غير مسبوق من جهات استراتيجية واعلامية. ففي الوقت التي أكدت قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب P.Y.D سيطرتها على المعبر والمنطقة الحرة ومعظم أطراف البلدة، لم تتمكن قوات المعارضة السورية المسلحة الاحتفاظ بها، وبالتالي ضمت ادارة هذه البلدة الى المناطق الكردية المجاورة.
ما هو مثير للاهتمام ايضا ان منطقة تل كوجر ومحيطها القريب لم تكن ضمن أجندات الحركة الكردية السورية، حيث انها منطقة قد عربت منذ سنوات عديدة وتسكنها غالبية عربية (قبيلة شمر ذات العلاقات الطيبة مع جيرانهم الكورد، وينتمي اليها رئيس الائتلاف السوري الحالي أحمد الجربا)، وهي تقع وسط محيط ريفي كردي من جهات الشمال والشرق والجنوب، وبالتالي ليس لتوجه قوات Y.P.G اليها في هذه المرحلة سوى معنى سياسي ذو بعد اقليمي، ولا يمكن أن يفهم إلا في سياق ترتيب الوضع العسكري والجيوسياسي على الحدود السورية العراقية، ومع اقليم كوردستان العراق، بما يتوافق ويخدم اجندات المرحلة السياسية القادمة. بمعنى انه قد تم ترتيب الوضع عسكريا على الأرض كي يخدم مشروع التسوية السياسية المرتقبة للمسألة السورية. وفي جانب آخر أكثر حساسية، يمكن للاحتفاظ بتل كوجر ان تؤمن لوجستيا حركة مرور وتواصل جغرافي بين قوات Y.P.G الكردية والقوات العراقية التابعة لحكومة المالكي، وبالتالي تأمين طريق جغرافي آمن بين ايران والنظام السوري عبر معبر تل كوجر ومطار قامشلي الدولي كتحصيل حاصل. اذا كتب لهذه الواقع العسكري الجديد الاستقرار والثبات، فيمكن لخط سكة قطار الشرق السريع ان يعمل من جديد، ولكن وعلى الأرجح ليس لنقل البضائع وانما سياسيا فقط، حيث سينطلق في الحالة هذه من طهران باتجاه بغداد، فالى اوربا مطلع عام 2014... وتزداد فرص تحقق هذا التصور حسب درجة نجاح زيارة مالكي الأخيرة في 1/11 الى واشنطن، وبناء على تفهم الادارة الأمريكية لإتجاه السير الجديد لقطار الشرق.
مهما يكن فبعد سيطرة Y.P.G على معبر تل كوجر الحدودي بدأت ملامح مشروع سياسي كردي جديد يتشكل، فهذا المشروع بات يحدد احداثيات حزب P.Y.D وقواته العسكرية بدقة ووضوح أكثر على الساحة السورية والاقليمية، ولم يعد انخراطه في خدمة محور طهران - دمشق تكهنا، ولا قراءة نظرية، وانما انخراط عياني صريح ولوجستي.
في الختام نقول لأصدقائنا في قيادات حزب P.Y.D ان الانغماس في خدمة هذا المحور الاقليمي، ستكلف شعبنا العديد من الضحايا والخسائر العسكرية، كما ان الاصرار على السير فيه سيولد شرخا كبيرا في البيت الكوردستاني سياسيا واجتماعيا، بل نؤكد على انه كلما إنغنس P.Y.D في علاقته وإنخرط في هذا المحور، فانه يبتعد بالقدر نفسه عن جوهر القضية الكوردية، وان اصرار هذا الحزب في موقفه يشكل ضربة للمشروع التحرري القومي الكردي في الصميم. وعلى هذا الحزب الذي يضحي كثيرا، ان يتوقف عن سياسته التكتيكية المستمرة، فليس من مهام الكورد القيام بعملية اسعاف للنظام في شمال شرق سورية، ولا ان يمهدوا لعودة ادارته واعادة انتشار قواته، كما ليس من أهداف القوى الكوردستانية أن تكون حلقة الوصل الجغرافي بين طهران وبغداد ودمشق، على حساب الخصوصية الكوردية التي رفعها حزب P.Y.D قبل غيره منذ بدء الانتفاضة السورية.
ان محطة تل كوجر تبدو اليوم على رغم من صغرها أحد أهم المحطات السياسية وأخطرها في مسار التسوية السورية، وربما تكون اهم محطة لنقل ركاب غير مرغوب بهم الى جنيف انطلاقا من المشرق.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتفاضات العربية: جوع للسلطة وكراهية لللاصلاح
- تركيا وخيارات شراكتها الصعبة
- من المدينة الفاضلة إلى مدينة الكينونة
- دور الحركة الكردية في الانتفاضة السورية خلال عام 2011
- الحركة الكردية ودورها في المعارضة السورية*
- يشار كمال في: سلطان الفيلة
- الاستخدام المُفرَط للتاريخ في الأجندات السياسيّة
- اللغة السيكولوجية في العمارة
- مفتي دمشق ابن فضل الله العمري
- العمارة المعاصرة من النزعة السلفية إلى الحداثة المنسجمة
- الكرديّ الذي يحمل خازوقه -نموذجاً للقسوة والاستبداد-
- أسماء للنسيان رواية لنسيان الأحداث الكبرى
- هل تحتاج تركيا إلى حربٍ دائمة ضد الأكراد؟!
- سحر المكان وطاقته أو فن «الفينغ – شوي»
- سحر المكان وطاقته
- العَمارةُ المحليّة وتأثيراتُ الثقافة البصريّة المُعَولَمَة
- ?كيف عاشت أغاثا كريستي بين عامودا وشاغر بازار
- كم سيطول صمت أكراد إيران؟
- العمارة والقرآن
- مخاطر نمذجة تركيا علمانيا ثم إسلاميا


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - آزاد أحمد علي - مصير مناطق غربي كوردستان بعد محطة تل كوجر