أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)














المزيد.....

العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6751 - 2020 / 12 / 3 - 22:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفساد ملازم للإنتاج النفطي
من بين أكثر الدول فسادا هي تلك التي تمتلك احتياطات نفطية وانتاجا نفطيا وفيرا، ويبدو أن مجموعة من العوامل تتضافر لتوطين الفساد في تلك البلدان والمناطق النفطية، منها على سبيل المثال دور شركات النفط والجهات المسوقة له، التي تتطلب مصلحتها التجارية والمالية بأن لا تكون عملية الانتاج والتسويق شفافة من جهة، وان لا يكون الحكم شرعيا ومنبثقا من ارادة سكان تلك الدول من جهة أخرى، لأن الجماهير ستطالب الحكومات المنتخبة بالكشف عن الحسابات، وبالتالي سيكون من حق المجتمع التدقيق التام في كل جوانب عمليات الانتاج والتسويق، وبالتالي تتراجع فرص الاستفادة وتضيق هوامش الاحتيال والاستغلال. فشركات النفط تفضل منذ تأسيسها قبل عشرات السنين التعامل مع الشخصيات أو العوائل الحاكمة فقط، وذلك لتسهيل عمليات الاستكشاف والتسويق والاستثمار.
هكذا كانت البدايات في التعامل مع ظاهرة النفط مطلع القرن العشرين في أغلب المناطق التي اكتشف فيها. واستمرت هذه المعادلات المرتبطة بعوالم النفط والغاز وتأثيرها على أنظمة الحكم، لا بل ساهم اكتشاف النفط خاصة بعد تبلور الخرائط النفطية وكذلك خرائط الاحتياطي من الغاز في صياغة وتثبيت الخرائط السياسية الجديدة. مهما يكن بات الحديث يدور كثيرا في السنوات الأخيرة حول العلاقة الوثيقة والمتشابكة بين وفرة النفط والفساد السياسي.
فما هي أكثر الدول النفطية فسادا وليس أقلها؟ حيث يبدو أن من أكثر هذه الدول النفطية فسادا هي تلك التي يمتزج في نظام حكمها ما هو توتاليتاري بما هو قبلي أو عائلي، أو ما هو ايديولجي قوموي بما هو سلطوي دكتاتوري، وقد تحققت وتراكمت هذه الصفات مجتمعة - وكعينة للتذكير والاستدلال فقط - في بلد صغير يقع في غرب أفريقيا. بلد يتكون من رقعة ضيقة على الساحل الغربي للقارة الأفريقية بالإضافة إلى خمس جزر تقع داخل المحيط الأطلسي، حيث يبلغ مساحة غينيا الاستوائية حوالي (28) ثمانية وعشرون الف كيلومتر مربع. إذ تظل نموذج دراساتنا، ودويلتنا المرشحة لاستلام قيادة قافلة الفساد النفطي صغيرة بالمقياسين الجغرافي و الديمغرافي أيضا، فعدد سكانها لا يتجاوز مليون وأربعمائة ألف نسمة. في حين أن انتاجها النفطي قارب مائة وخمسون ألف برميل يوميا، وعلى الرغم من قلة هذا الانتاج بالمقارنة مع باقي الدول المنتجة للنفط، الا أنه دخل كبير للرئيس الحاكم، نظرا لحرمان الشعب من الواردات النفطية وقلة عدد السكان في الوقت نفسه.
الملفت والمثير للجدل أن الشركات الأمريكية باتت تهتم بهذا البلد الصغير والمستعمرة الاسبانية سابقا، حتى باتت غينيا الاستوائية رابع أكبر دولة مستقطبة للاستثمار الأمريكي في دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. والسبب وراء الشهرة التي اكتسبتها غينيا الاستوائية هو اكتشاف البترول فيها منتصف التسعينيات القرن الماضي. استمر الاكتشاف والانتاج حتى زاد إنتاج البترول أكثر من عشرة أضعاف منذ عام 1996، ويتوقع أن يستمر الانتاج النفطي في التزايد. مع ذلك لم يصدف أن ورد ذكر هذا البلد كدولة لا تحترم حقوق الانسان أو لا يطبق نظامها السياسي أبسط مستويات الديمقراطية على الرغم من وجود برلمان شكلي. اذ يحكم غينيا الاستوائية الرئيس ( تيودور اوبيانغ نغيما مباسوغو) منذ عام (1979)، وكان قد استلم السلطة أثر انقلاب دموي. كما أن هذا الرئيس بات يعد من أقدم الرؤساء حاليا في أفريقيا والعالم، فهذا الدكتاتور النفطي يصرف جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة لعائلته، بينما يعيش نصف مليون مواطن على دولار واحد للفرد في اليوم، إلى جانب ذلك فالخدمات شبه معدومة. لأن مياه الصرف الصحي تسيل في شوارع العاصمة مالابو، كما لا يوجد نقل جماعي عام، وتعاني البلاد من نقص شديد في مياه الشرب والكهرباء.
باختصار يتصف نظام الحكم في غينيا الاستوائية بالقوة والسيطرة علي مقاليد الحكم دون رقيب أو منازع، فالبلد غير ديمقراطي واستبدادي بامتياز. اضافة لذلك احتل المرتبة الأولى في العالم من حيث تفاقم الفساد، بحسب تصنيف منظمة الشفافية العالمية. فعلى سبيل المثال وكأحد آخر المؤشرات على فساد الحكم في دويلة غينيا الاستوائية، انفجرت منذ أكثر من سنة قضية مصادرة مجموعة من السيارات الفخمة العائدة لإبن الرئيس المسمى (تيودوران أوبيانغ ) والذي يتم اعداده كالعادة لحكم البلاد من بعد والده الرئيس الذي قارب الثمانين من عمره، قضى منها (41) احدى واربعون عاما في الرئاسة.
فبعد سلسلة من الاجراءات القضائية وعدة قضايا فساد مشابهة - حيث تتشابه ملفات الفساد لأبناء الرؤساء في أغلب الدول - عرضت في سويسرا ضمن مزاد علني (25) سيارة فخمة يملكها تيودور نجل رئيس غينيا الاستوائية المذكور، فقد كان القضاء في جنيف قد صادرها في إطار تحقيق حول غسل أموال، وذلك للبيع في مزاد علني في سويسرا، هذا وتقدر القيمة الإجمالية لهذه السيارات بأكثر من (17) سبعة عشر مليون دولار. علما أن أغلى هذه السيارة هي سيارة لامبورغيني فينينو رودستر بيضاء، صنعت يدويا في بريطانيا، وتقدر قيمتها بحوالي (6) ستة ملايين دولار.
لا شك أن ملفات الفساد متشابهة وخاصة لرؤساء البلدان الديكتاتورية والنفطية منها على وجه الخصوص، فهذه عينة لملف صغير لفساد نظام الحكم في أصغر بلد أفريقي وكذلك أصغر بلد نفطي في العالم، بناء وقياسا عليه فما هي حجم وطبيعة ملفات الفساد التي تختبئ ملافاتها في الأدراج منذ عشرات السنين لحكام البلدان النفطية، نعيد التكرار بأنه وعلى الرغم من تشابه ملفات الفساد للحكام المعاصرين بطريقة عجيبة، لكن الأهم من هذا الفساد نفسه، هو صعوبة معرفة حدود ودرجة تواطؤهم مع البلدان الرأسمالية (الديمقراطية) وشركاتها المنتجة والمسوقة للنفط على الصعيدين الاقتصادي والسياسي معا؟!
الاجابة على هذا السؤال قد تقربنا من معرفة حقيقة وأبعاد الأوهام المرتبطة بتأسيس نظم ديمقراطية متكاملة وفاعلة في البلدان الناشئة خارج الدول الاورو أمريكية بشكل عام، النفطية ونصف النفطية منها بشكل خاص.



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (1)
- ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي
- الحاجة للخديعة والحنين للحماقات
- عبثية الحروب في رواية كهرمان
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟
- غصن الزيتون أم شجرة الاستيطان؟
- قصة أول بيان تضامني مع حلبجة قبل 28 سنة


المزيد.....




- الملك تشارلز يجرد شقيقه أندرو من ألقابه.. ومصادر توضح لـCNN ...
- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي وتأخير الساعة 60 دقيقة
- القضاء الأميركي يجمّد خطة ترامب لنشر الحرس الوطني في بورتلان ...
- فانس يبرّر قرار استئناف الاختبارات النووية: -ضمان لفعالية ا ...
- واشنطن تمنح الهند ستة أشهر إضافية لتسوية استثماراتها في مينا ...
- إسرائيل تعلن تسلم جثماني رهينتين من حماس والتحقق من هويتهما ...
- إعصار ميليسا يتجه نحو أرخبيل برمودا بعدما تسبب في هلاك 20 شخ ...
- هل ستقدم ماكدونالدز وجبات حلال للمسلمين في فرنسا؟
- النواب الفرنسيون يقرون مشروع قانون -يدين- اتفاقية 1968 مع ال ...
- بوساطة تركيا وقطر... باكستان وأفغانستان تتفقان على تمديد وقف ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آزاد أحمد علي - العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)