أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - آزاد أحمد علي - معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش















المزيد.....

معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش


آزاد أحمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 31 - 15:53
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش

ثمة أحداث ومعارك صغيرة شكلا لكنها تحدث متغيرات كبيرة وعميقة في مسار تاريخ البشرية، أفترض أن معركة مدينة كوباني (عين العرب) وملحمة الدفاع عنها في وجه الارهاب الداعشي نهاية عام 2014، هي إحدى هذه المعارك التي أنتجت معادلها السياسي والأيديولوجي، وبهذا الصدد لن نبالغ إن أشرنا الى دورها الكبير في احياء تضامن أممي يساري وديمقراطي على الصعيد العالمي من جديد...
منذ الأشهر الأولى للانتفاضة السورية أدى الخطاب الذي طغى علية الصبغة الإسلامية والقومية العربية على ابتعاد العديد من أبناء الشعب الكوردي، خصوصا المقربين من حزب الإتحاد الديمقراطي عن هياكل المعارضة العربية السورية. في الجانب الآخر فضلت بعض المنظمات والشخصيات الكوردية التحالف، بل التماهي مع مجموعات المعارضة "العربية" المستجدة على الساحة السورية، خاصة بعد انتفاضة ربيع 2011.
ولقد نافست، بل قلدت أطراف من المعارضة السورية، النظام الحاكم في دمشق بالتوجه نحو المناطق الكوردية، كونها غنيمة سهلة للاستثمار السياسي فيها، فضلا عن التناوب في نهب ثرواتها. فاشتد التنافس بين أجنحة المجموعات المسلحة السورية لإخضاع المناطق والمساحات التي خرجت عن سيطرة الحكومة، وذلك لمنع إشغالها من قبل القوات الكوردية وحلفاؤهم. فتسارعت الهجمات والمناوشات لدرجة أن العديد من المؤسسات الإعلامية كانت تخلط بين مسميات الجهات المهاجمة والمتصارعة. وبصرف النظر عن عدم دقة التغطية الاعلامية وكذلك مسميات القوى المتقاتلة، لكن المعلومات المثبتة في عام (2012) تؤكد تكون بيئة مشجعة للهجوم على سكان المناطق الشمالية من سوريا، وعلى الحراك الكوردي فيها على وجه الخصوص، مع رغبة الجهاديين في مهاجمة الأقلية المسيحية في ريف ومدن محافظة الحسكة.
في خضم هذه الصراعات المتعددة المستويات مهدت جبهة النصرة (ج.ن) الطريق وساهمت في تكوين وتقوية الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، لكن الصراع والانقسام تسرب إلى صفوفهما، وانقسما بناء على جملة من المواضيع، منها خلافهم على السياسات المتبعة حيال المناطق الكوردية، حيث تعاظمت قوة (داعش) بالإرتباط الوثيق مع الهجوم على الكورد والمسيحيين، فالسيطرة على منابع النفط والبوابات الحدودية لمناطق شمالي سوريا، وتجاوزت داعش (ج.ن) في استعراض القوة والوحشية، حتى استقطبت عدادا أكبر من أبناء القبائل العربية في الجزيرة السورية، لأكثر من سبب.
يبدو ان الرغبة الجامحة في الاستيلاء على المناطق الكوردية لم تخص (ج.ن) وحدها، بل تعددت الأطراف الأخرى الساعية لذلك، بالتوازي مع إرتفاع مستوى التوتر السياسي، إذ قامت بعض فصائل "الجيش الحر" بالهجوم على مدينتي القامشلي والحسكة. كما يمكن ربط الهجوم الواسع بدءا بصيف عام 2012 على المناطق الكوردية شمالي سورية مع التقدم العسكري والسياسي للقوى السياسية الكوردية، رغم خلافاتها، فقد توحدت في إطار "الهيئة الكردية العليا"، وبالتالي، يمكن احالة هذه الهجمات الى نوع من الردود الاقليمية والسورية الداخلية على مناخ التوحيد والتنسيق في البيت الكردي، حيث رسخت جهود التوحيد المخاوف من التحرر الكوردي وتحقيق إنجازات سياسية لاحقة. لكن صورة المشهد من داخل البيت الكوردي لم تكن وردية، حيث تمكن طرف واحد من استثمار المتغيرات لصالحه وضمن اجنداته الحزبية. وانزلق الطرف الآخر وتمركز تحت مظلة الائتلاف، فالهيمنة التركية.
على الصعيد العملي ساهم اعلان الادارة الذاتية في بلورة وترسيخ الانقسامات السياسية للأحزاب الكوردية، فتوزعت على المحورين الرئيسين للمعارضة السورية، ائتلاف قوى المعارضة وهيئة التنسيق، إلا أن جميع الأحزاب الكوردية باتت تعاني من إشكالية مطالبتها بحقوقها القومية ضمن هذين المحورين، بنفس القدر واجهت المعارضة العربية بحساسية زائدة الطموحات القومية الكوردية التي لم تكن تهتم بها سابقا. لذلك يظل الافتراض بأن الصراع العسكري على المناطق الكوردية كان بصيغة ما تعبيرا عن الاختلافات والصراعات السياسية الكامنة.

 استهداف مرسوم وممنهج للمناطق الكوردية في شمالي سوريا
لقد استهدفت معظم الفصائل العربية المسلحة المناطق الكوردية، كاستمرارية لسياسة الغنيمة التي مارستها السلطات "العربية الحاكمة" في دمشق ازاء المناطق الكوردية ومجتمعاتها الفلاحية المنتجة. تبلورت أهداف الهجوم والرغبة في السيطرة عليها أواسط عام 2013، بل بالغت بعض الفصائل في تطرفها، فطردت السكان الكورد من المناطق الذي لا يشكلون فيها أغلبية، هذا ما بينته سياقات الهجوم على تل أبيض ومجريات حصار كوباني، إذ قامت الفصائل العربية المسلحة بتنفيذ أول هجماتها على الريف الغربي لكوباني وشن حربه الأولى في تل أبيض، والتي بدأت بحملة التجريف العرقي في تموز 2013، كما قامت مجموعات مسلحة بفرض حصار على مدينة كوباني في آب 2013، وبعد شهر تم الاتفاق وفك الحصار جزئياً من قبل كل تلك الفصائل، عدا داعش الذي رفض الهدنة. وفي أسوأ سلوك لهذه الجماعات المسلحة أنها قامت بطرد جميع العائلات الكوردية من مدينة الرقة يومئذ. إلى أن شكل هجوم داعش الرئيس على كوباني في أيلول 2014 ذروة الصراع العسكري والسياسي على الساحتين السورية والإقليمية، حيث بدأت عملية اصطفاف حادة، لم تأتي لصالح المسار السلمي للانتفاضة السورية من جهة، ولا لمصلحة التضامن الكوردي – العربي من جهة أخرى، وبالتالي انحرف النزاع السوري حول تغيير السلطة باتجاه القومنة، ونجحت داعش في التركيز على كوباني ونسيان النظام في دمشق، لقد هاجمت داعش بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن غيرها من قوى التطرف القومي والديني على منطقة ومدينة كوباني (عين العرب)، كما تزايد تعاطف وتضامن عموم الكورد مع قوات حماية الشعب (Y.P.G) وقوات حماية المرأة (Y.P.J)، لدرجة أن عددا غير قليل من المتطوعين الكورد قدموا من كوردستان تركيا، سواء من المحيط القريب لمدينة كوباني أو من الأصقاع البعيدة للدفاع عنها .
بعد احتلال الموصل وإعلان الخلافة الاسلامية الداعشية صيف 2014 استكملت عناصر عولمة الجهاد السلفي، وبات خطرها يهدد المنطقة وأطراف من العالم البعيد. وضمن سياقات معركة كوباني وعبر مقاومة المقاتلين والمقاتلات الكورد لداعش، حتى تحرير المدينة في 26 كانون ثاني 2015، تم تسجيل نصر ذات دلالة رمزية على الإرهاب، نصر تلمسه عموم العالم المتحضر، كما تعولمت عبر المعركة المسألة الكوردية، فبات معروفا من هم كورد سوريا، ولماذا ظلوا محرومين من حقوقهم. ولم تعد كوباني رمزا للمقاومة والتحرر الكوردي فقط، بل رمزا لمقاومة العالم الديمقراطي للإرهاب، وباتت معركة كوباني تنسج دلالات سياسية وأيديولوجية متنوعة: أولها أن طبيعة الشعب الكوردي المسلم بغالبيته لا يقبل التطرف الاسلامي الجهادي المعولم، وأن المرأة الكوردية قد جاوزت بتحررها وتنظيمها نساء المجتمعات الصناعية الأوروأمريكية، وأخيرا دافع المقاتلون الكورد عن قيم التنوع والتعايش السلمي، وأثبتوا من جديد أنهم حلفاء موضوعيون لكل قوى التحرر والديمقراطية المحلية منها والعالمية.
كما جاءت مساهمة قوات البيشمركة ومرورها عبر الأراضي التركية، لأول مرة في تاريخها، منعطفا في تاريخ كوردستان، وترجمة لتضامن قومي كوردي تحت غطاء الشرعية الدولية، إذ كانت أول قوات نظامية لدولة مجاورة - حيث الإقليم جزء من العراق دستوريا - تتدخل في الحرب الأهلية السورية. فقد وصل حوالي (150) من قوات البيشمركة مع أسلحتهم بدءا يوم 28/10/2014 على التوالي إلى مدينة كوباني لطرد مقاتلي داعش منها. وعلى الرغم من معارضة نظام دمشق، إلا أنه ارتضى ضمنا بالنتائج، فالبيشمركة بأسلحتها الثقيلة وبالقصف المدفعي المكثف، رجحت موازين القوى لصالح القوات الكوردية المشتركة المدافعة عن مدينة كوباني، وبمساهمة فعالة من التحالف الدولي التي كانت تقصف من الجو، هذا وقد شاركت بعض الفصائل المسلحة من المعارضة السورية بشكل رمزي في مساندة المدافعين عن المدينة.
لقد شكلت معركة كوباني (عين العرب) منعطفا حادا في مسار الحرب الداخلية السورية، كما ساهمت في تعويم وعولمة المسألة الكوردية في سوريا بوصفها مسألة شعب مسالم يعيش على أرضه التاريخية، مجتمع منتج، تم تمزيقه، استنزافه واستغلاله عبر التاريخ، حرم من حق تقرير مصيره السياسي وادارة مجتمعاته المحلية، تعرض لكل سياسات الانكار والاضطهاد القومي، وصولا إلى حرب الابادة الجماعية.
باختصار حققت انتصارات وحدات حماية المرأة وكذلك وحدات حماية الشعب بالإسناد من قوات البيشمركة معلما، بل مشهدا ذات معنى جديد في مجمل النضال التحرري لليسار العالمي في مواجهة القوى الظلامية. لدرجة أن إلتحق العديد من الشابات والشباب اليساري من مختلف أصقاع العالم بهذه القوات، وتم اعادة احياء ما يشبه (أممية جديدة) وناعمة، أممية عملية وبسيطة، تتلخص في مواجهة الارهاب، ومساندة الشعب الكوردي، استعادة وإبراز لدور المرأة الثورية المقاتلة في سبيل الحريات. ولم يتوقف هذا التعاطف بمشهديته الغنية على الجانبين السياسي والعسكري، بل تعدى ذلك الى أن تمظهر في تقليد ارتداء زي وحدات حماية المرأة من قبل الفتيات في عدد من الدول الأوربية والأمريكية. كما انتقلت مفاعيل معركة كوباني لتجد معادلها في الأدب والفن، فصدور رواية مثل (بنات كوباني) بالإنكليزية مؤخرا، واعلان السيدة هلاري كلنتون وابنتها عزمهما على تحويل الرواية الى دراما تلفزيونية، تعد ذروة التأثر بمعركة كوباني وترجمة راقية لثمرة بطولات وتضحيات أبناء وبنات الكورد في سبيل الانسانية، عبر تحوليها إلى فن درامي معاصر وفعال، وهي عملية إحياء لمجد وأهمية هذه المعركة الحضارية والثقافية العالمية، وليست الكوردية، ولا السورية فقط.
×××××××××××
• فصل من كتاب قيد الانجاز بعنوان : (دولة الجدار)



#آزاد_أحمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استثمار التطرف التركي – الايراني؟
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (2)
- العلاقات المتشابكة بين الدول النفطية والفساد (1)
- ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي
- الحاجة للخديعة والحنين للحماقات
- عبثية الحروب في رواية كهرمان
- غرق مدينة أم تدمير حضارة
- الشركات تضع يدها على عمارة الفقراء
- متى تستغني الجبال عن السلاح؟
- نحو رسم ملامح المدرسة المعمارية السورية
- دولة المجاز والجماجم ...من ماردين الى عفرين
- مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية
- هل ولد الكتاب المقدس في بابل؟
- لماذا تنعطف أمريكا نحو اليسار؟
- الحرب الأمريكية الإيرانية المؤجلة
- بعد سبعين سنة من تأسيس الناتو: الثوابت والمتغيرات
- المطلوب نقد ومراجعة لدور الحركة الكوردية في سوريا
- لماذا حلف أردوغان يشكل العدو الأول لشعوب المنطقة؟
- منطقة آمنة في إقليم مشتعل، كيف؟!
- إئتلافيّون أم أنفاليّون جدد في عفرين؟


المزيد.....




- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - آزاد أحمد علي - معركة كوباني: أسست لأممية ناعمة في مواجهة إرهاب متوحش