أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد رياض اسماعيل - رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الرابعة














المزيد.....

رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الرابعة


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 7023 - 2021 / 9 / 18 - 10:42
المحور: القضية الكردية
    


في ظهيرة اليوم الثامن من نيسان جاءت اختي ونسيبي وبصحبتهما طبيب اسمه (ح أ ) لنتعرف عليه، كان الطبيب وعائلته من أصدقاءهم في حلبجة قبل ان ينتقل للعمل كطبيب جراح في مشفى مدينة كلار، وكانت سيارته نوع (تويوتا سوبر) حمراء تقف أمامنا مسافةً تقدر بنحو نصف كيلومتر، وكان الباب الخلفي للسيارة مخلوعا، وجسم السيارة مثقبة بعشرات الثقوب، وكانت زوجته برفقته مع طفلتيهما، رأيت في يديها ورجليها مستغربا اثار عشرات الشظايا، فسألتهم عن حكايتهم، اجابني بكل هدوء، وكانت معنوياته عالية جداً، زادني ثقة وطمأنينة وقدرة بعد ان خرت عزائمنا، لكونه طبيب جراح في ناحية كلار، ولشعوره بالمسؤولية لم يغادر موقع عمله، في الوقت الذي اخليت البلدة من سكانها، يقول حين بدأ الجيش بقصف المدينة بشكل عشوائي (بالجحفلة مع مجاهدي خلق الايراني)، هَم بالخروج من المدينة وحين وصل الى سيارته، سقطت احدى القذائف على حديقة الدار، وأوقعت بأكبر بناته ذات الستة أعوام شهيدة في الحال، ويسترسل بانه اضطر الى سحب الجثة الى داخل البيت ووضعها على احدى الأرائك، وتأكد بأنها قد فارقت الحياة، وأراد دفنها في حديقة الدار ولكن زوجته رفضت بشدة مما جعله يتردد، حيث سألته: كيف يجرؤ على دفن أعز من احبوا؟ ويوارى وجهها الجميل المشرق بالتراب؟ هل تليق جوهرة حياتهم بهذا التراب! وفِي حالٍ من الهستيريا والقلق تركوا الجثة متمددة في صالة البيت على احدى الأرائك علها تعود للحياة! ثم تركوا البيت واستقلوا السيارة، وعند منعطف الشارع هرعت احدى الطبيبات المقيمات في المشفى (ج م) نحوهم، مسرعة ومستنجدة تلهث، فأوقف الطبيب السيارة في الحال، وأشر لها بالصعود فورا، وبينما تهم بالصعود وقعت عليها قذيفة رفعتها مع الباب الخلفي لمسافة عشرة أمتار وأصبحت أشلاء متناثرة، واصيبوا جميعا بشظايا تلك القذيفة، وما كان منهم الا الخروج مسرعين من البلدة قاصدين الحدود بجروحهم بعد ان اوقف (ح ا) نزفهم في الطريق… اكتظ الحراس الإيرانيين حول الطبيب وتعاطفوا معه، واوعدوه بإخراجه من الحدود الى طهران فور فتح المنفذ. تألمنا بحرقة لحاله ولحالنا ولحال العوائل التي تَحمِل شتى المعاناة والحالات التراجيدية من هذا القبيل، وأصبحنا مثل الذي يحترق بنار ويصرخ من الألم وثم ما يلبث ان يهدأ بعد ان يتعمق الحرق في جسده ويغدوا بلا شعور! عدنا الى سياراتنا وتحركنا بضعة أمتار للأمام، ثم طبخنا ما تبقى لنا من رز على نار ضعيفة واكلناها نصف مطبوخة، ونحن ندعو إله السماء ان يرحمنا من الأمطار والجوع.
التقينا عصراً بشاب من الجيش الإيراني اسمه سجاد يعمل في المنفذ، واصله من أذربيجان الإيرانية، ويسكن طهران، وعلمنا منه انه يقضي مدة خدمته العسكرية الالزامية في هذا المنفذ الحدودي، وتحدثت زوجتي معه بلغة تركية طليقة، ورحب بِنَا وسجل أسمائنا مع الأطباء وتعرفت من خلاله بضابط تركي الأصل أيضا، و شرحت له سوء احوالنا ووعدني باتخاذ ما يلزم لإسعاف طلبنا يوم غد، ولكنني رجوته كثيراً للعبور ليلاً فامر بإدخال سيارتي برفقة سجاد بعد ان قام الحرس بتفتيشها، واعترض احد الحراس على جهاز فديو وتلفزيون صغير يعمل بالبطارية، كنت قد جلبتها معي من كركوك بإصرار ابني، وتدخل سجاد وأخبرهم بأننا من أقاربه، وان الجهاز قد اهديت اليه، فسمحوا لنا بالدخول، تحركنا بسرعة وعبرنا الحدود الى داخل الاراضي الإيرانية مساءاً. وكنت انظر في المرآة الى الخلف للأرض التي تركتها، الى موطن الآباء والاجداد، الى طفولتي وشبابي التي نقشتها على جدرانها، الى كل ذكرياتي وما اكتنزه القلب من حب وافراح وأحزان ودموع وآلام… وداعاً أيها الوطن، لقد تشردنا في ارض لا نعلم ماذا يخبئ لنا فيها القادم من الأيام. فحين يختلط التراب بالماء يولد الطين، وحين يختلط التراب بالدم يولد الوطن. رُويَت كل شبر من ارض كوردستان بدماء الكورد ولايزال الكورد يبحثون عن وطن!......
مر بخاطري قبور الاقارب، بالأخص خالتي (ح) التي لم أزر قبرها منذ مدة، ويبدو انها هذه المرة ستكون طويلة، وتذكرت حبي الأول وأصدقائي، فما أعزك يا وطني وما أتعسني أنا يا قدري الذي جرفتنا للغربة بالمدافع والراجمات، ركلونا خارج جغرافيتنا وتاريخنا، جزاء خدمتنا المخلصة للدولة في كل ما مضى به قطار العمر، جزاء استنشاقنا هواء الحرية، ابكيك بالدم قبل العين يا وطني المستباح كوردستان. لقد تركناك في عمرٍ كنا احوج ما نكون لأحضانك، يا وطني يا رحيق الفؤاد الذي سلبته السلطة منا، كنّا ننعم بالعيش على اديم ارضه الاخضر. إيران قذفتنا الاقدار إليك، وأصبحنا الْيَوْمَ لاجئون.
كنّا ليلا نستمع الأخبار ونتناقلها، قالت صوت امريكا، وقالت مونت كارلو والبي بي سي، الكورد يموتون، هناك مليونان من البشر معلقة في جبال كوردستان تنتظر الموت البطيء، ولايزال الكورد يروي ارضه بالدم منذ ان وجد عليها، تعَذب وتشرد وانفل وأُبيد ثمناً للحرية، ثمناً للوجود، فأي شعب على الارض منذ الخليقة قاسى ما نقاسيه! وترى ماذا يخبئ لنا القدر في القادم من الايام؟



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة حزن وعذاب بحثا عن الحرية/ الحلقة الثالثة
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات ...
- رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية// معايشة حقيقية شخصية لتداعيا ...
- ما السبيل الى التنوير
- بريد وهمس/ خاطرة واقعية تم تدوينها عام 2004/ من مذكرات موظف ...
- الاديان وخدعة الصور الفكرية للعقل في البقاء والانتفاع
- مدينة كركوك كما وعيتها/ من خواطري الشخصية
- عبارة عمي / خاطرة شخصية
- معالجة ديون العراق والاقتصاد المنهار بيد عصا البنك الدولي ال ...
- هل يمكن التغيير بهدف التعايش السلمي؟
- معالجة ديون العراق والاقتصاد المنهار بيد عصا البنك الدولي ال ...
- الى متى محاربة ( الاٍرهاب ) !
- وجهة نظر في الاقتصاد النفطي العراقي
- الوعي هو السبيل الى الحرية والاستقلال!
- غياب الإرادة الدولية سينهي الحياة على الكوكب الأزرق!
- السلاح الإعلامي الأمريكي والغربي يستهدف عقولنا
- استدراك النفس في ميلودرامية الحياة والموت
- الليبراليون الغربيون دعاة حرب!
- جدلية الانسان والخالق
- الكاظمي امام تحدي الدولة العميقة


المزيد.....




- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- فلسطين في الأمم المتحدة.. من مراقب غير عضو إلى المطالبة بعضو ...
- اعتقال اثنين من أعضاء المعارضة الفنزويلية
- تل أبيب تدرس احتمال إصدار المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بحق ...
- الآلاف يتظاهرون في جورجيا من أجل -أوروبا- وضد مشروع قانون -ا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمد رياض اسماعيل - رحلة حزن وعذاب بحثاً عن الحرية/ معايشة حقيقية شخصية لتداعيات الانتفاضة الشعبانية عام 1991/ الحلقة الرابعة