أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ألبير كامو















المزيد.....

ألبير كامو


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7015 - 2021 / 9 / 10 - 14:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٧٥ - ألبير كامو

على طوال التاريخ وجد نوع من البشر ذوي وعي وحساسية مرهفة تجاه العالم والأشياء وتجاه العلاقات البشرية المعقدة. ومنهم من يجتاز هذه الحياة كالنيازك، تحترق في خلال لحظات بفعل السرعة والإحتكاك بالمحيط الذي تجتازه. وفي أغلب الأحيان ينتمي هذا النوع من الرجال والنساء لعالم الفن، حيث يذوبون وينصهرون كالشمعة التي تحترق من الجانبين. ومن هؤلاء سانت إكزوبيري، أرثور رامبو، أبوللينير، جون كييتس، لوتريامون، ماياكوفسكي وخليبنيكوف، جيمي هندريكس وجانيس جوبلن وغيرهم العديد من الشعراء والأدباء والرسامين والفنانين. ولابد أن نذكر الشاعر السوري المنسي : عبد الباسط الصوفي - 1846 - 1870 وديوانه اليتيم "أبيات ريفية"، وكذلك أبوالقاسم الشابي، أمل دنقل، رياض الصالح حسين ومجدي الجابري وغيرهم كثيرون من الشعراء الذين يكتبون بالعربية. والكثير من هذه الشخصيات الخلابة والمعذبة من لا يعرفه إلا المتخصصون في الدراسات الأدبية والفنية ويختفون نهائيا من المكتبات الخاصة ومن المكتبات العامة، وأحيانا لا يعرفه أحد خارج حدوده الجغرافية مثل خليبنيكوف أو داغرمان. وهناك من يسعفه الحظ وينال جائزة نوبل ويصبح رمزا لجيل كامل وتدرس أعماله في المدارس والجامعات مثل ألبير كامو.
يرتبط إسم كامو بفكرة "العبث"، مثله مثل صامويل بيكيت، يوجين يونيسكو أداموف آرتو وغيرهم من كتاب ما بعد الحرب، وهي الفكرة التي عالجها في رواية الغريب وفي عدة مسرحات مثل "كاليجولا" و"سوء تفاهم"، ثم في كتاب نظري هو أسطورة سيزيف، الذي ترجم إلى العربية تحت عنوان "العبث".
ولد ألبير كامو في 7 نوفمبر سنة ١٩١٣ في موندافي Mondovi قريبا من مدينة عنابة في الجزائر المحتلة في ذلك الوقت، وكانت عائلته من المستوطنين الفرنسيين في الجزائر وكانت تنتمي للطبقة الفقيرة، حيث توفي والده أثناء الحرب العالمية الأولى بعد ميلاده بفترة قصيرة فعاش كامو مع والدته "كاثرين كامو" والتي كانت من أصول إسبانية ومصابة بالصمم الجزئي وتعمل شغالة في تنظيف البيوت ولم تكن تقرأ ولا تكتب، وله أخ أكبر اسمه لوسيان Lucien. درس كامو في مدرسة البلدية المحلية وكان طالباً ذكيا ومواضبا على الدراسة فلفت انتباه مدرسه لوي جيرمان Louis Germain الذي نصحه بالتقدم لمنحة دراسية لاستكمال دراسته الثانوية، فالتحق عام 1923 بمدرسة lycée Bugeaud، حاليا ثانوية الأمير عبد القادر lycée Émir Abdelkader، التي ضمّت تلاميذ من خلفيات مختلفة، وبعدها قُبِل في جامعة الجزائر حيث درس الفلسفة. وكان يلعب في فريق كرة القدم في الجامعة في موقع حارس المرمى، إلا أنه ترك الفريق بعد الهزيمة التي لحقت بالفريق عام 1930 وأيضا لأنه أصيب بالسل في هذه السنة، كان هذا المرض بمثابة نهاية ممارسة الرياضة وبداية الكتابة لألبير كامو. فأخذ بعدها يركز على تحصيله الأكاديمي، وبحلول عام 1936 كان كامو قد حصل على شهادة الدراسات العليا في قسم الفلسفة. أهتم بعالم السياسة أثناء سنوات دراسته بالجامعة، فانضم للحزب الشيوعي ثم لحزب الشعب الجزائري، وكان من أبرز المدافعين عن الحقوق الفردية فوقف ضد إنتهاكات الاستعمار الفرنسي لحقوق الجزائريين، وكان يدافع عن حق الجزائريين في ممارسة السياسة وفي العمل، ليرتبط اسمه لاحقاً بكونه لم يكن من دعاة تحرير الجزائر رغم دفاعه عن الحقوق المدنية للسكان الأصليين ودفاعه عن الفقراء عموما. في بداية الحرب العالمية الثانية انضم كامو للمقاومة الفرنسية بهدف المساعدة على تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، فالتقى بجان بول سارتر أثناء فترة خدمته العسكرية، وشأنه شأن سارتر كتب كامو ونشر تعليقاته السياسية حول ذلك الصراع طوال أعوام اشتعاله، وفي عام 1945 كان واحداً من بين قلة قليلة من صحفيي الدول الرأسمالية الذين أدانوا استخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية في هيروشيما ونجازاكي. غير أنه أصبح تدريجيا يميل نحو الأفكار اليمينية الليبرالية وأصبح عدوا للنظرية الشيوعية ولفكرة الثورة، الأمر الذي قاده أخيراً إلى الشقاق مع سارتر وميرلوبونتي. ولأنه لا يثق في الأيديولوجيات، وبالذات الإيديولوجيات الثورية الشمولية، فمنذ عام 1945، رفض كامو نهائيا فكرة الثورة، وشدد على مخاطر الانحراف الثوري وأن أي ثورة ستتحول أوتوماتيكيا إلى نظام دموي سلطوي يسحق الفرد. وفي أكتوبر 1951، بعد نشر "المتمرد" انقشع كل الغموض أو الشك حول مواقفه فيما يتعلق بالثورة الروسية وبأي تغير جماهيري بقوة السلاح. ويبقى كامو "رجلاً من اليسار المعتدل"، حسب بعض المتفائلين، يضع نفسه على مسافة من اليسار الشيوعي واليمين الليبرالي لريموند آرون Raymond Aron. وقد أثار هذا الكتاب جدالات عنيفة وتعرض كامو لهجوم حتى من قبل أصدقائه. ونقطة التحوُّل في علاقة سارتر بكامو بدأت في نهايات العام 1949، ففي منتصف شهر نوفمبر من ذلك العام، وأثناء حفل حضره عددٌ كبير من المثقّفين الفرنسيّين اللّامعين، هاجَم كامو الفيلسوف ميرلو بونتي بسبب مقال كَتبه هذا الأخير تحت عنوان "البورجوازي والبروليتاري" واتّهمه كامو بـ "تبرير" المُحاكمات التي أقامتها موسكو ضدّ المُعارضين لحُكم ستالين. ودافعَ ميرلو بونتي عن وحهة نظره، وسانده سارتر في ذلك. عندئذ انزعج كامو، واندفع إلى الشارع وهو ينفخ غاضباً. وبعد هذه الحادثة، ازداد كامو عنفاً ضدّ الشيوعيّة، وكرهاً لها. وقد كتبَ يقول إنّ "قبول الماركسيّة باعتبارها فلسفة مُطلَقة يُعادِل إجازة القتل". وفي مكانٍ آخر، كتبَ يقول: "بحسب المنظور الماركسي، فإنّ مائة ألف جثّة لا تساوي شيئاً إذا كان ثمن السعادة مئات الملايين". لقد بالغ في إنتقاد العنف الثوري وجعل من استخدام السلاح النووي والعنف الماركسي قضيّة أساسيّة، ومن ناحية أخرى نراه لا يكاد يشير إلى العنف الذي تمارسه الحكومة الفرنسيّة سواء في مستعمراتها أم داخل البلاد. وبينما بذل قدراً هائلاً من طاقته ليُحلِّل ويُفنِّد ما أعتبره عُنفاً مُتأصِّلاً في الشيوعيّة فإنه يكتفي بالنزر اليسير من التعليقات النقديّة بشأن العنف الحكومي المنظَّم، مُشيراً فقط إلى مَظاهر "الإفراط" في العنف حين تمارسه فرنسا. وردّاً على كامو، كتبَ سارتر يقول إنّه قد يكون صحيحاً أنّ استخدام العنف ضدّ العنف لا يؤدّي إلّا إلى استمرار العنف، ولكنْ على الرّغم من هذا كلّه، فإنّ العنف قد يكون الوسيلة الوحيدة لإنهاء العنف. وربّما ليزيد في تعميق الهوّة بينه وبين كامو، وصفَ سارتر الحريّة في ظلّ الرأسماليّة بأنّها "خداع" ذلك لأنّ العمّال لا يملكون حريّة اقتصاديّة حقيقيّة، لذا لا بدّ من المُطالَبة بأن يتحرَّروا من الحاجة، وأن يكونوا بشراً بالمعنى الحقيقى للكلمة. وازدادت المشكلة حدة مع جان بول سارتر في عام 1952، بعد نشر مقال لفرانسيس جانسون Francis Jeanson في مجلة الأزمنة الحديثة Les Temps modernes التي يرأس تحريرها سارتر، والذي ينتقد فيه متمرد كامو الذي يبقى "ساكنًا عن عمد". كما قطع علاقته بالشاعر الجزائري جان سيناك Jean Sénac، الذي وصفه بـ "الذابح الصغير"« petit égorgeur » بسبب مساندته للثوار في الانتفاضة الجزائرية، هذا بالإضافة إلى موقفه الرجعي تجاه كتاب سيمون دو بوفوار Simone de Beauvoir الكبير "الجنس الثاني- Deuxième Sexe" الذي صدر سنة ١٩٤٩، حيث أتهمها بأنها أهانت "الذكر الفرنسي".

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبوب منع الملل
- كيفية الحياة في عالم يحتضر
- الحياة، حادثة مميتة
- الشاهد
- مسقط الرأس
- بيكيت ونفي العدم
- الزنزانة رقم ٢٢
- ثلاثية بيكيت
- ويتقشر الليل
- بيكيت والنازية
- لماذا كل هذه التفاهة
- صامويل بيكيت
- عقم التفكير السليم
- العدم أفق البشرية وليس نهايتها
- القلق عند سارتر
- جنية البحر
- عن الخوف والقلق وما بينهما
- تشنجات الحبل المتأرجح
- الكلمات المفترسة
- هايدغر والسقوط في تفاهة العالم


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ألبير كامو