أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العدم أفق البشرية وليس نهايتها














المزيد.....

العدم أفق البشرية وليس نهايتها


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 01:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٦٧ - العدم مستقبل البشرية

والقلق يزداد يوما بعد يوم، والإحساس بالموت القريب أصبح أكثر قربا، والإحساس بالخطيئة تجاوز في العصر الحديث الخطيئة الأولى، الرمزية والمتجسدة في خرافة التفاحة المحرمة، وأصبح الإحساس بالذنب حاضرا بخصوص مستقبل الحضارة البشرية بل ومستقبل الكرة الأرضية بأسرها، ليس بخصوص التفاح فقط ، ولكن بخصوص التفاح والموز والبرتقال والقهوة والقمح وكل المنتجات الزراعية. لا تستطيع اليوم أن تشتري تفاحة أو رغيفا من الخبز أو تشرب قهوة دون أن تتسائل عن آثار هذا العمل على طبقة الأوزون ومستقبل الكون، وماهي الظروف البيئية والأخلاقية التي صاحبت إنتاج التفاح والقمح والقهوة وطريقة نقلهما وتصنيعهما وكمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الزراعة والتصنيع والتسويق والحفظ والنقل .. إلخ. هذا القلق الكوني الشامل والمتزايد يوما بعد يوم يؤدي بالضرورة إلى إختلال نفسي وإنفصام حضاري يعبر عن نفسه عن طريق العنف والحرب والعدوانية والإنتحار والجنون. الكاتب زهير الخويلدي، حاول تشخيص هذه الظاهرة، في مقال قصير نشر في الحوار المتمدن ٢٠٢٠ حيث يقول : "لم تكد تخفت الأصوات المتحدثة بلغة النهايات والملوحة بالإنسان الأخير ونهاية التاريخ وأفول الغرب وخسوف العقل وتصدع الذات وشقاء الوعي وتيه الوجود وكذب الدولة وموت المؤلف وضياع القارئ حتى ظهرت أصوات جديدة تحذر من الكارثة وتنذر من السقوط في المنحدر الخطر وتلوح بعلامات بلوغ الانسانية مرحلة الغرق في العدمية وتبرر ذلك بتنامي الهويات القاتلة والأزمات الصحية المتناسلة واندلاع الحروب الجرثومية وهشاشة الوضع البشري والدوران في حلقات مفرغة وإعادة انتاج السائد وانحباس الابتكار واستحالة الاقامة في العالم من خلال التشبث بالمعايير القديمة وتأخر تشكل معالم الحياة المعاصرة. فماهي الأمارات الدالة على الوقوع في العدمية؟ وكيف يمكن التعاطي معها؟ وما البديل الممكن دونها ؟" ويواصل الكاتب الفلسفي كما يعرف نفسه " لقد وجد البعض ضالته في الهروب الى الدين والتصوف والميتافيزيقا والاستنجاد بالغيب وحاول البعض الآخر تلطيف الأجواء وفتح الآفاق المغلقة باستدعاء الفن والجماليات والمطالعة وتنشيط ملكة الخيال" ويتسائل في نهاية المقال " فهل يمكن للصحة والعافية والسلامة من كل خطر أن تكون هي الفضائل الحيوية التي تدفع عنا بلاء العدمية؟ وأي ايجابية اثباتية في العدمية كما رأى نيتشه؟" الكاتب زهير الخويلدي يلخص هنا أزمة الحضارة الغربية التي وصفناها سابقا ويرى أنها تسير نحو هاوية العدم، ويحدد اسباب هذه المسيرة بعدة مؤشرات مثل ضبابية الحقيقة والاختلاف حول الطريق المؤدي اليها وترهل المناهج القديمة، عبثية الوجود والشعور بان الحياة المشتركة لم تعد جديرة بأن تعاش وتآكل المعنى، ثم الحيرة الأكسيولوجية وتفكيك المعايير وتحطيم المبادئ وتصحر البعد القيمي للذات، مضيفا لذلك الواقعة الكبرى التي أفاضت الكأس وجعلت البشرية مقتنعة بالهلاك الحتمي والمصير المشؤوم هي جائحة كورونا وحالة الهلع الجماعي وصعوبة التأقلم مع الوباء وحالة الشلل التام في ظل الحجر الشامل." البرنامج يبدو متكاملا لإستقبال الكارثة وإنتظار يوم القيامة، ورغم صحة التشخيص، وصحة الأعراض الظاهرة والخفية، إلا أن المرض الحقيقي لم يتم إكتشافه بعد، إنه يشخص العدمية كمصدر للقلق الذي يعيشه الغرب ولكنه لا يقول لنا ما هي هذه العدمية. العدمية ليست مرضا وهي مجرد غلاف تغلف به الأحدات وكبش الفداء الذي نخرجه في كل العصور والدهور في أوقات الأزمات الحادة وغير الحادة. القلق كما حللناه سابقا، هو ظاهرة حقيقية نعيشها على المستوى الفردي، ويمكن في بعض الظروف معايشتها جماعيا في بعض الفترات والأزمات التاريخية وهي ضرورة أنطولوجية تنقذ الإنسان من السقوط في عالم البعد الواحد، والعبثية هي إحساس عام أجتاح الحركات الأدبية والفنية في بداية القرن العشرين، أما العدمية فهي أفق البشرية ومستقبلها، وإذا كان التشخيص الذي أداه زهير الخويلدي ببراعة صحيحا، فإنه في رأينا يدل بكل بساطة بأن البشرية تتقدم وتسير في الطريق الصحيح، للتخلص من كل الأوهام والقيم القديمة البالية وكل المؤشرات التي أعتبرها الكاتب تشير إلى الكارثة القادمة أي العدمية التي أوصلت البشرية إلى ما هي عليه الآن، بمعنى أن العدمية هي التي ستنقذ البشرية من كل هذه التفاهات.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القلق عند سارتر
- جنية البحر
- عن الخوف والقلق وما بينهما
- تشنجات الحبل المتأرجح
- الكلمات المفترسة
- هايدغر والسقوط في تفاهة العالم
- بين الأسود والأبيض
- بين فكي القلق
- صلاة لهُبل
- مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر
- بين الفلسفة والعلم
- الرسم بالحروف المنتحرة
- كييركجارد ومفهوم القلق
- مرة هي قهوة الصباح
- كييركجارد .. القسيس الكئيب
- الكلمات فقدت سطورها
- الشرخ في ذات الله
- السفر مع أليس
- الكلمات الغائبة
- عن الفن والدولار والرأسمالية


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العدم أفق البشرية وليس نهايتها