أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر














المزيد.....

مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6985 - 2021 / 8 / 11 - 15:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٦٢ ـ هايدغر والقلق

يعطي هايدجر أهمية كبيرة للقلق لأن ما يسميه نزعتنا الأساسية أو ألأصلية هي التي تفتحنا على ما نحن عليه، وما نحن عليه هو كائن أُلقي به في العالم ليموت ويختفي.

هايدجر Heidegger نبه إلى الحاجة إلى إعادة التفكير في الإنسان من ناحية نهائيته ومحدوديته في الزمان. تقليديًا، لطالما عرفت الفلسفة الإنسان فيما يتعلق بقدراته العقلية واللغوية والفكرية، ونسيت أنه كان في الأساس مدركًا وواعيا لمحدوديته. على عكس الإنسان، الحيوان لا يعي الزمن ولا يعي فكرة النهاية وبالتالي، فهو فقير في العالم لأن موانعه والحدود الطبيعية التي يعانيها تحاصره في حالة من الإعتماد والتبعية الدائمة لنوع من الذعر والإستلاب الغريزي. الأمر مختلف تمامًا بالنسبة للإنسان الذي يتميز بنمط معين من الحياة الواعية في الزمان. والقلق ينشأ من إمكانية انزلاق الكينونة (ككل) إلى العدم. بعد أن انزلق العالم المحيط بنا إلى الهاوية، يواجه ألـ Dasein، أو الواقع الإنساني نفسه وجها لوجه. وبدون العالم، يجد الدازاين نفسه في حدود إمكانية الكينونة، باعتبارها أساسا غير محددة indéterminé. وهكذا يسترد الإنسان عدم تحديده الأصلي الذي فتحه وفتح أمامه كل الاحتمالات والإمكانيات، ويدرك نهايته على أنها ما سمح لأصله، أي غياب الكينونة والعدم، هو الذي جعله يكون. لذا فإن النغمة المصاحبة لانهيار المحيط والبيئة التي تغلف الإنسان والتي يسميها Umwelt، لظهور Welt- أي العالم، هي نغمة القلق - Angst.
ينشأ هذا القلق عندما ينهار العالم المحيط أو بيئته الأساسية، أي مجموع الكينونة ويفقد الدازاين توازنه. يجد نفسه وحيدًا، ضائعًا، لا شيء غير إمكانية أن يكون؛ إنه يواجه نفسه، ويواجه الموت باعتباره استحالة إمكانية الوجود وثقب في كينونة الإنسان يتسرب منه الوجود نحو العدم. في حالة القلق، العالم لم يعد بإمكانه تقديم أي شيء. القلق هو كل ما يتبقى للإنسان عندما يختفي العالم وتغيب الكائنات ويواجه نفسه كل صباح في مرآته المشروخة. لم يعد هناك أي شيء من الأشياء المألوفًة، فكل شيء مغلف بالغرابة والرهبة Unheimlich ولم يعد الإنسان يشعر بالوجود في بيئته الطبيعية. إنه يتساءل عن هويته، ماهو أو من هو، عندما يكون منفصلا ومستقلا عن العالم، قبل أن يكون مع الآخرين. في الخوف والرعب يتم تثبيت أو تحرير اكتشاف قوة الكينونة الأصلية، هذا هو السبب في أن القلق إحساس أصيل في ذاته، والإلمام بالعالم، مع الآخرين أو تكوين الذات الجماعية المبهمة ماهو إلا مجرد بديل مؤقت. من خلال الرعب والقلق Unheimlich، يدرك الـ Dasein كيانه الأصلي، ويعرف أنه يلعب لعبة خطرة تتعلق بكيانه، لهذا السبب يشعر بالقلق على نفسه، وهذا يعني بكل بساطة، الإنسان كي يكون لابد أن يقلق.
يرتبط القلق عند هايدجر بشعورنا بالحدود الأنطولوجية وبمحدوديتنا في الزمان. والمشاعر والأحاسيس هي تصرفات عاطفية تهيئنا وتفتحنا وتكشف لنا بشكل أساسي حقيقة "من نحن" أكثر مما يفعله العقل أو الفهم.. ويرى هايدغر بأن الخوف هو وسيلة أو حيلة يستخدمها الوعي ليغطى ويتفادى القلق، وذلك لإعطائه موضوعا وسببا للخوف، مثل الخوف من الفراغ أو من حشرات أو حيوانات معينة، وهذا ربما ما يسميه فرويد بالغرابة المقلقة « l’inquiétante étrangeté ». بمعنى أن القلق لا يمكن أن يظهر إلا لأنه موجود منذ البداية، كامن في ثنايا الكينونة الإنسانية، وأسباب القلق هي مناسبات وظروف ظهوره وليست أسبابه المباشرة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الفلسفة والعلم
- الرسم بالحروف المنتحرة
- كييركجارد ومفهوم القلق
- مرة هي قهوة الصباح
- كييركجارد .. القسيس الكئيب
- الكلمات فقدت سطورها
- الشرخ في ذات الله
- السفر مع أليس
- الكلمات الغائبة
- عن الفن والدولار والرأسمالية
- تمتمة الشفاه المعقمة
- الله والقلق
- فلتحترق الملائكة
- شيلنج وقلق الله
- ونجرجر هزيمتنا
- ذوبان الملل
- القلق الفردي
- الحروف المسطولة
- الوقت من ذهب
- السقوط الحضاري


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر