أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل طه - ذكريات في تقاطع الألوان














المزيد.....

ذكريات في تقاطع الألوان


فيصل طه

الحوار المتمدن-العدد: 7003 - 2021 / 8 / 29 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


"ذكريات في تقاطع الألوان" ..باكورة أدبية واعدة

منذ البداية تعلن الكاتبة ناهد زعبي عن احتراسين أساسيين لمنتوجها الأدبي, للاشارة الى نهجها الخاص في سرد " ذكريات في تقاطع الألوان" الاحتراس الأول, قول غسان كنفاني: " ...أن تقول الشيء العميق ببساطه", الاحتراس الثاني : "نصوص لوحة تشكيلية .. تساعدني أن أتجاوز الخطوط والحدود وقواعد الرسم وثوابته.. هي ألواني انا.. متمردة مثلي تماما".
تنحصر رؤيتنا للألوان ضمن مجال فيزيائي محدود, وبهذا, تتجاوز الألوان دلالاتها عند المبدعين الى افاق لا يحدها الخيال. بل الى تفاصيل لا يضيق بها الواقع. الكاتبة ناهد تعيد صياغة تجاربها الحياتية وتبدع في نسج دقائقها المتواصلة، المتباعدة بالوان متداخلة لترسم لوحة صادقة ما زالت تتشكل وتتقاطع عليها وفيها الالوان، الوانها، فتقاطع الالوان لا يرتكز على نقطة بعينها، بل تتجاوز حيّزَها الى كل الاتجاهات وكل الأبعاد في هذا الفضاء, لتنتج حالة واقعية تقارب الذكريات، وتتفاعل واياها, لتتجلّى حضورا هادئا, صاخبا يشدنا الى الوان الكاتبة المائلة الى الواننا، الى مأساتنا التي تتلاشى امام هولها كل تراجيديات التاريخ. من هذا الواقع المُغتصب تنبعث الحكايا الملونة، وبعضها تجاوز الأبيض والأسود. كالنكبة والنكسة والترحيل والنزوح ورحيل عبد الناصر والوالدين، وبقاء يافا تنتظر يافا، تنتظر ذاتها على ساحل الأمل، وما زالت ترسم حالها بألوان مائلة الى تقاطع كل الألوان المرئية وغير المرئية، وما زالت يافا تنظر دامعة الى جهاز عرسها الذي ارتحل عن الصندوق الخشبي البني المائل الى الأسود، ليبقى حاضرا في آفاق يافا حتى العودة. غادر الصندوق واصحابه البيت وحواضره مُحَمَّلا بأشياء لا تمت لجهاز العروس بصلة. مأساة تتمشّى على الأزمان قاطعةٓ لتقاطع الألوان الى رحاب الأبيض، فالأبيض مبعث الألوان, كل الألوان, أما الأسود فلا لون له، ولن يكون. تقرأ ناهد الفاتحة وتطلب بصلاتها أن يأتي الرجل الأحمر لزيارتها, وأن يكون عندها شجرة ميلاد مزركشة بكل الألوان وتنشغل بزينتها واضاءتها, فينقذها الوالد كعادته بإضاءة شجرة الميلاد باللون البرتقالي المائل الى الأصفر, وتضيف الكاتبة موقفا نصراويا انسانيا يهز الأعماق، "هذا الضوء لم يضيء شجرتي فقط, بل أضاء طريقنا وفكرنا وايماننا, ومشوار عمرنا. وتأبى الكاتبة الا أن تُبرز الأبيض والأزرق في لوعة المشهد التناقضي المُذِل، بأن تحول يوم النكبة, نكبتنا الى يوم احتفالات وفرح وزينة وأغنية "عيد استقلال بلادي غرّد الطير الشادي, عمَت الفرحة البلدان حتّى السهل والوادي", لكنها لا تترك المشهد قاسيا, بل تتجاوزه بروح الوانها التفاؤلية, وبصداح صاخب صريح, دون تأتأة, "سماؤنا تعرفنا جيدا, لا تحجبها عنا غيمة . . ولا حتى الغيمة بلونها الأبيض المائل الى الأزرق. تأثرت شخصيا من التواصل الحارق مع الأقارب في الخيام, خارج الوطن عبر البرنامج الإذاعي "سلاما وتحية"، والمقابلات اللاذعة, القاهرة, الخائبة أحيانا كثيرة, النازفة لدموع الشوق والحنين في بوابة "مندلباوم" في القدس, كما حرقت انفاسي من جملة صادمة عالقة وما زالت في مفترق الأمل الفلسطيني, وفي تقاطع الوان يافا, وفي بسط بساطة الأهل, أصحاب الأرض, "ما تخافوا ولا تقلقوا.. كلها كم يوم ...محنا راجعين". استطاعت ناهد بسهولة, وبساطة ان تلمس العصب الاساسي لتاريخنا, وتلتقط صورا حية, يجب الامساك بها, وحفظها, هي حكاياتنا, وان كانت الوانها متقاربة, فهي بمجموعها تشكل حالة تحدي والهام لصنع الأفضل, وقهر الوهم والخوف, هذا التقاطع يعمق التواصل والمحبة والإنسانية, وضد الظلم, كل ظلم. ناهد اعتنت في ايقاظ لوحات عناية من غفوة هدير يافا لتلتقط الوانها وتشدها ربطا الى تقاطعها الحاضر منتصرة على الغياب, ساخرة منه, لترسم لوحات متواصلة لم تكتمل الوانها, ولم يكتمل الأمل, بل الى افاقه يسعى, والى يافا يعود. رائع هذا التقاطع غير المنقطع, هذه الذكريات المتداخلة, هذه الجرأة الخجولة, وهذه الباكورة الواعدة .
صفورية- الناصرة



#فيصل_طه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عادل ابو الهيجا.. مذكرات شخصية.. ذاكرة جماعية
- نضالنا ليس عبثيا
- يوم داروين العالمي
- طفولة تمتطي طفولتها .. تلاحق الكهولة
- طفولة تمطتي طفولتها، تلاحق الكهولة
- خاطرة معلم في فترة الكورونا
- عيون تبصر ضياءها الآتي
- ريتا شاعرة تعيش اشعارها
- من ادبيات مخيمات العمل التطوعي في الناصرة
- قليل من الوداع، كثير من اللقاء والوفاء
- سفر الأحلام الواعدة بالعودة
- في حضرة الغياب، نم هادئاً يا محمود
- انا عائد
- مرحى الى النافي المنفي
- دوماً اتجدد
- كفى قطفاً للحرائر
- الى - عين الورد - انا عائد
- ناولتها دمعتي
- أُغنية تنزع وحدتها
- شوقي حبيب من طلائع الاكادميين العرب في فلسطين


المزيد.....




- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل طه - ذكريات في تقاطع الألوان