أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل طه - عادل ابو الهيجا.. مذكرات شخصية.. ذاكرة جماعية














المزيد.....

عادل ابو الهيجا.. مذكرات شخصية.. ذاكرة جماعية


فيصل طه

الحوار المتمدن-العدد: 6946 - 2021 / 7 / 2 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


عادل ابو الهيجا .. مذكرات شخصية ، ذاكرة جماعية -
"آمل أن تكون مذكراتي الفردية، ذاكرة جماعية لهم (لشعبه وللأجيال الشابة)، لمواصلة طريق الكفاح لتحقيق السلام العادل والمساواة القومية والمدنية والديموقراطية" بهذا الإهداء الانساني الوطني يفتتح أبو سلام ، عادل ابو الهيجا كتابه ، سيرة حياته، مسيرة شعبه.
ذاكرة طافحة، اختلطت تفاصيلها وارتوت بما شهده طفلا من "روايات والدي واخوتي الكبار حين كبرت"، ذاكرة تتمشى بها المأساة الفلسطينية بطيئة مثقلة بأنينها، آهاتها، بدقائق لَوْعتها الحارقة، تتلوى المأساة ألمًا على شريط الذاكرة، تلتفت الأبصار دامعة الى أمسها العامر، كعيون الأُم التي "تمسح دموعها بطرف ردائها"، وترى الأهل "صامتون، واجمون، حزانى"... تعود الأجسام المتهالكة وتتحسس طريق آلامها، وجعها، هواجسها المبعثرة، تقف مرتبكة تتزاحم مخيلتها الأفكار الهائجة، وتزحف مُجهدة نحو المجهول، تبتعد قسرا عن جذورها، تهيم ظُلما في فضاء مبهم يلامس بدايات رحيلها المؤقت !! ترحيلها الممتد، آملة بعودة سريعة للدار.
طفل لم يتجاوز عمره التاسعة، يرى ويشاهد رحيلا لم يستوعبه، ظنَّه رحلة جميلة قصيرة، يتجلى بها فرحا لاعتلائه السيارة لاول مرة، ولسفره خارج قريته الحدثة "الأرض لم تسعني فرحًا حين شاهدت سيارة الشحن تقف بالقرب من بيتنا في الحدثة.. غمرتني الفرحة يومها، لأنه كانت تلك هي المرة الأولى التي اشاهد فيها السيارة والمرة الأولى التي ساسافر فيها..."، صورة مأساوية لمشهد يتداخل به الفرح الطفولي بحزن الكبار، ويتكامل المشهد الصارخ عندما يُحَمَّل كل ما يحتويه بيت الفلاح الفلسطيني الى السيارة، "فرشات وحرامات وطحين ولبنة وزيت وزيتون وجبنة وعدس وبرغل وزعتر" .. ذاكرة تهجيرية يحملها عادل ابو الهيجا منذ طفولته المبتورة الى كهولته الصامدة، ذاكرة رافقها نداء والده محمود الى والدته خديجة " بأن لا تنسى أخذ القهوة وأباريقها وغلاياتها وفناجينها .."، ليعود الوالد ويردد طلبه هذا من الوالدة في الهجرة الثانية من قرية كوكب ابو الهيجا كلازمة متكررة لمسار درب آلام اللجوء، يفترش افراد عائلة عادل وعائلة عمه أحمد عربة الرحيل الثانية، ويحشرون انفسهم بها كبارا وصغارا، نساء ورجالا "افترشنا عربة الشحن متلاصقين بالأثاث وأكياس المأكولات وأواني الطبخ"، ذاكرة خصبة لعملية تقليع الناس من ارضها، وطنها، أصولها.. ذاكرة ترتسم في ثناياها المجروحة صورة داكنة لمشاهد الهجيج التي بقيت وستبقى راسخة في اذهان الصغار عصيِّة النسيان والغفران.

جال ابو سلام ألمًا بين مفردات المرحلة، هجرة،هجيج، هغناة، لجوء، حرب، يهود، عرب، انجليز، جيش انقاذ، دول عربية، ماكو اوامر، وغيرها..
يشهد الطقل عادل ويلمس حرقة المأساة حين يرى ولأول مرة والده دامعا ينظر الى قبر والده، جد عادل، وينادي بصوت مخنوق " ما تقلقش يابا، احنا راجعينلك"، وبهذا النداء الأبوي الدامع "يابا احنا راجعين" ينطلق عادل حاملًا حِسَّه الطفولي بفقدان المكان، الى أعماق وجدانه ووعيه ليشق دربه حاملًا الرسالة، الأمل، الوعد .. الوعد بالعودة.
سيرة عادل ابو الهيجا هي حكاية شعب، الشعب العربي الفلسطيني، سيرة اللجوء والتهجير، سيرة الصمود والبقاء.. سيرة مرسومة باسلوب سردي شفاف شيِّق، يحمل في جوهره الصدق والمصداقية، صدق القول والفعل، صدق العطاء والمشاعر، نيِّر الرؤية، مرهف الحس الانساني، مُحب للناس، كل الناس، سامي التسامح، نابذ للتعصُّب بكل اشكاله، حادّ بمقاومة الظلم والقهر، مخلص في خدمة الناس، دائم العطاء، سيرته، سيرة مثقِّفة، حكاية عميقة الألم والأمل، سيرة مهجَّر فقد مهده الحدثة العريقة، "اسمها مشتق من عين حدة الكنعانية"، فقد عادل البيت الكريم الدافيء، فقد ثراء العزَّة، فقد الأرض الواسعة، سُلِبَ الطفولة والعاب الصبا، ولم يُسلَب عنفوانه، ولم يفقد ارادته الجبارة، وبعصاميته الرائدة شقَّ من العدم طريقه، طوَّع الصعاب، وداس الفقر، وتحدَّى القهر، وحقَّق ذاته.
سيرة ثرية واسعة، حافلة بالأحداث، المشاهد والروايات الشاقة والمشوِّقة، تبرز بها المواقف الشجاعة .. ،سيرة، توثيقية هادفة، أجاد الكاتب سميح غنادري كتابة نص وتحرير هذا الكتاب القيِّم، وأبدع في نقل مشاهد السيرة الذاتية، الجماعية الحيَّة وصورها الطبيعية، وتدوين أحداثها وأحوالها بحب ورغبة ذاتية بارزة، وذلك باسلوب مَرِن، جذاب، انتهج به الصدق والأمانة اللافتة، نجح بمهارة، وليونة واصرار تذليل عقبات هذا النوع من الكتابة، وخاض تجربة ادبية رائدة، رصد بها، سَجَّل ووثَّق بجدية، ودقَّة متناهية مضامين رحبة، ومشاهد متنوعة، متشعبة الأمكنة والأزمنة، وبمرافقة ومتابعة وديَّة، مسؤولة وملتزمة.
لرفيقنا أبي سلام الرحمة وطيب الذكرى ولأحبائه حفظ الوعد ومواصلة الدرب.. نحو العودة والسلام .. وداعا.
صفورية- الناصرة



#فيصل_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نضالنا ليس عبثيا
- يوم داروين العالمي
- طفولة تمتطي طفولتها .. تلاحق الكهولة
- طفولة تمطتي طفولتها، تلاحق الكهولة
- خاطرة معلم في فترة الكورونا
- عيون تبصر ضياءها الآتي
- ريتا شاعرة تعيش اشعارها
- من ادبيات مخيمات العمل التطوعي في الناصرة
- قليل من الوداع، كثير من اللقاء والوفاء
- سفر الأحلام الواعدة بالعودة
- في حضرة الغياب، نم هادئاً يا محمود
- انا عائد
- مرحى الى النافي المنفي
- دوماً اتجدد
- كفى قطفاً للحرائر
- الى - عين الورد - انا عائد
- ناولتها دمعتي
- أُغنية تنزع وحدتها
- شوقي حبيب من طلائع الاكادميين العرب في فلسطين
- كلمة وفاء للمربي الراحل خالد عمري


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيصل طه - عادل ابو الهيجا.. مذكرات شخصية.. ذاكرة جماعية