|
حتى لا تختلط الاوراق
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 1644 - 2006 / 8 / 16 - 11:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خطاب "الانتصار "للسيد حسن نصرالله ، بعد وقف القتال ، ترك الباب مفتوحا امام قضايا مصيرية بالنسبة لأبناء الشعب اللبناني ، وبالتحديد دور حزب الله في المرحلة الجديدة .. على امل ان لا تتواصل الحرب المدمرة ، وأن تفرض الشرعية اللبنانية سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية ، وان يكون قرار الحرب والسلام قرارا للشرعية اللبنانية ، وليس قرارا لفئة لبنانية ، حزبا او تنظيما او مجموعة احزاب وتنظيمات ... حالة دولة داخل دولة ، وفي تجربة شعوب كثيرة ، ومنها شعبنا الفلسطيني ، قادت دائما الى مآسي ، ولا تغطية لهذه المآسي بالانتصارات التي قد يدعي البعض " انجازها ". في حساب الخسارة والربح تتداخل عوامل كثيرة ، أوسع كثيرا من التبريرات التي ساقها السيد حسن نصرالله في خطاب " الانتصار "، ليبرر حفاظ حزب الله على سلاحه في المرحلة الجديدة ... حزب الله فاجأ العرب والعالم بصموده ، ، وأكثر من ذلك ، هناك اعتراف اسرائيلي بالفشل العسكري ، وبأن حزب الله فاجأ .. وفوجئ بنفس الوقت ، ولم يكن مستعدا لمثل هذا الرد العسكري الواسع .. وهذا يحمل تلميحات الى قدرات لم تبرز في المواجهة مع حزب الله .. قد تستغلها اسرائيل لجولة تدمير جديدة ، اذا واصل حزب الله اللعب خارج الشرعية اللبنانية . نشوة الانتصار العربية العامة ، تخلق اليوم صعوبة في الحديث العقلاني عن مسألة سلاح حزب الله . كيف يمكن ان نطرح موضوع نزع سلاح المنتصر الذي انجز ما لم تنجزه كل الاسلحة العربية مجتمعة ؟! ان من يظن ان الانجاز العسكري ، او " النصر " هو مسألة منتهية مع اسرائيل ، هو بصراحة مغامر صبياني . حتى في المنطق العسكري ، كما في المنطق السياسي ، يجب معرفة اللحظة المناسبة لاستثمار الانجاز .حزب الله حقق انجازا مذهلا بكل المقاييس العسكرية والسياسية . دخوله في اوهام " الانتصار " ، الذي يعني الهزيمة الكاملة لاسرائيل في حالتنا ، هو وهم قاتل ، وخطأ سياسي قد يقود الى كارثة لا نستطيع اليوم الا التحذير من الانجرار نحوها بنشوة ما انجز من صمود عسكري وسياسي . ويجب ان نعي مسألة أخرى تماما ، مهما نشب من خلاف وصراع شرس داخل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ، وبين القوى السياسية ، الا اننا نعرف بثقة تامة ، ان هذا سيسرع جنون الانتقام العسكري ، واعادة الوضع الى سابقه ، وبجبهة اسرائيلية سياسية وعسكرية متحدة ومتراصة من جديد !! ربما حقا تفشل اسرائيل عسكريا من جديد ، ولكنها ستنزل بالشعب اللبناني كارثة لن ينفع معها البكاء والادانة العربية او العالمية . من هنا ادعو الى استثمار الصمود الاسطوري ، ليس بالاصرار على السلاح ، الذ ي سيجلب الكارثة بجعله حجة مريحة لاسرائيل ، بالاصالة عن نفسها وبالوكالة عن نظام بوش ، انما بالاستثمار السياسي لهذا الصمود استثمارا لبنانيا اولا ، يعطي للشعب اللبناني ما يستحقه من هذا الانجاز الهام ، ويطلق الطاقات التي تحدث عنها السيد نصرالله ايضا لاعادة الاعمار العمراني والحضاري للبنان ، ليبقى لبنان دائما صرحا ثقافيا ووطنيا ، ومنارة حضارية لكل الشعوب العربية ، ومعلما لقوة الارادة ، واستثمارا عربيا بأن الارادة السياسية الحرة قادرة على تحقيق الكرامة الوطنية والتطور العمراني ، وهزيمة العنجهية العسكرية للشرطي الامريكي في الشرق الأوسط ، واعادة اسرائيل الى حجمها الطبيعي .. يجب ان نعي ايضا ان الشعب الاسرائيلي ، مثل سائر الشعوب ، لا يريد الحرب ، ومأساته انه شعب مضلل بأكثريته المطلقة ، وفي الحرب الاخيرة التي شلت شمال اسرائيل ، واوقعت ضربات لم تكن محسوبة ، والمجتمع الاسرائيلي غير متعود عليها وغير مستعد لمواجهتها ، بل ولم يتخيلها لا العسكريين ولا السياسيين ولا المواطنين.. ربما لن يكون من السهل اقناعه بحرب جديدة على لبنان ، الا اذا نجح القادة الاسرائيليين بتصوير الخطر الداهم والمباشر من بقاء حزب الله مسلحا في الجنوب اللبناني خاصة ولبنان عموما . لذلك الحديث عن حرب اسرائيلية جديدة ضد لبنان ، تشترط عوامل يبدو من خطاب الانتصار للسيد نصرالله ، انه في طريقه لتوفيرها لاسرائيل وسيدها الامريكي . يجب عدم الاستهتار بالجبروت العسكري لاسرائيل ، خاصة بعد الاهانة المدوية في جنوب لبنان. ان فن الممكن في هذه المرحلة ، عدم الانجرار وراء التحدي الفارغ للوحش العسكري المألوم ، والذي يعرف كيف يضمد جراحة ويندفع بجنون غير مسبوق .. خاصة في ظل نظام السيد بوش !! ان الاستثمار ،الآن بالتحديد .. بالشرعية اللبنانية ، هو استثمار يحقق النتائج الهامة للصمود اللبناني ، ولكن يبدو ان الاصابع المخفية من دمشق وطهران ، لها حسابات اخرى ... ايها اللبنانيون كونوا على حذر !!
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة النقدية والنقد الثقافي
-
بطولة المقاومة .. والواقع المأساوي للعرب !!
-
قبل ان تصمت المدافع
-
قصة : الحاجز
-
ارهاصات ولادة شرق اوسط جديد
-
هل توجد سياسة اعلامية عربية؟
-
بعد اسبوعين من الحرب الهمجية - الى اين نتجه؟
-
اسهال في النقد وتفاهة في المضمون
-
كتب جديدة .......نادر ابو تامر و4 قصص مصورة للأطفال
-
ماذا تبقى لكم؟
-
موقف بلا عمود فقري، لا يخدم الشعب اللبناني - تعقيب على بيان
...
-
بين الثقافة والفكر
-
حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان
-
الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
-
بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
-
الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
-
كنت معها - قصة
-
حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
-
ذباب على موائد الادب
-
خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
المزيد.....
-
مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي شمالي الضفة الغر
...
-
مشاركة عزاء للرفيقة أسيل الملاح بوفاة والدها
-
القاهرة: شكري أطلع لافروف على تطورات الأحداث في غزة وموسكو ر
...
-
تقرير: واشنطن تدرس التوصل إلى اتفاق مع -حماس- لإطلاق سراح 5
...
-
-لوقايتها من النيران الروسية-.. كييف تتحدث عن مطارات آمنة لم
...
-
فيضانات وانزلاقات تربة توقع ضحايا شمال فيتنام (فيديوهات+صور)
...
-
الكويت تتخذ قرارا هاما بشأن جميع مواطني مجلس التعاون الخليجي
...
-
المكسيك.. نقل أكثر من 4 آلاف شخص إلى مراكز إيواء جراء أعمال
...
-
هل يتغير المشهد السياسي في أوكرانيا وفلسطين مع صعود اليمين ف
...
-
حملة لتنظيف جبل إيفرست.. إزالة أطنان من النفايات وجثث وبقايا
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|