أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان















المزيد.....

حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 1616 - 2006 / 7 / 19 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تصريحات المرشد الاعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامينئي بأن حزب الله لن يجرد من سلاحه ، تعني في ابسط المفاهيم السياسية ، ان حزب الله ذراعا ايرانيا ، وقرار تجريده من السلاح يخضع للملالي في طهران ، ومن يريد التفاوض على وقف المذابح والتدمير في لبنان ، عنوانه طهران وليس الحكومة اللبنانية . اي بكلمات بسيطة قرارات الحزب تصادق عليها طهران ، ولبنان هي مجرد ساحة صراع لا قيمة فيها للبشر ولا للسلطة الشرعية ولا لحسابات ردود الفعل الاسرائيلية او الدولية ...
ليس اذن بالصدفة ان هذا التصريح ( الذي يعتبر تدخلا فظا في الشرعية اللبنانية )، يجيء بعد الموقف الهام الذي اعلنه رئيس الحكومة اللبنانية بان " لبنان يريد بسط سلطة الدولة على كل اراضيه بالتعاون مع الامم المتحدة في الجنوب اللبناني ". وهذا لن يتحقق بدون نزع سلاح حزب الله ، والغاء فوضى السلاح في دولة لبنان !!
ما اكتبه ليس دفاعا عن عدوان اسرائيل وجرائمها ، ومن الضروري ان اسجل ، بان اسرائيل لم تحظ في كل تاريخها بمثل هذا الدعم الدولي الكامل ، لدرجة تجعلني اتساءل ، هل الموقف الدولي هو مجرد انصياع اضطراري للموقف الامريكي ؟
لا يا سادتي ، السياسة الدولية تحكمها ثوابت اخرى ، الذين قامروا على الدم اللبناني في انقاذ تورطهم ، يخسرون هذه الورقة . اقول هذا باسى شديد ، وبالم وغضب ، ولكن من يصرف لي هذه الحوالة الانسانية ، في عالم لا يتعامل مع المشاعر ؟ هل سنكتفي بوعد طهران باعادة بناء المرافق المدنية التي يدمرها العدوان الاسرائيلي ؟ ومن سيعيد القتلى الى الحياة ؟ من سيعيد ترميم حياة البشر ؟ ربما هذه اسئلة تافهة في الحسابات الاستراتيجية للاوصياء من طهران لا تستحق الجواب ، فما قيمة حياة البشر لدى نظام يعيش بعقلية القرون الوسطى ولا يفكر الا بامتلاك السلاح الذري لتنفيذ الاطماع القديمة للدولة الفارسية في المنطقة العربية وربما اوسع من ذلك ؟!
حتى الدول العربية لفها الصمت ، ومع ذلك ، وببعض الحياء غير المفهوم ، لا تعارض في موقفها مع موقف المجموعة الدولية بادانة حزب الله ، طبعا ما عدا النظام السوري ومحاميه في بلادنا الدكتور عزمي بشارة ( ربما محامي الملالي في طهران ايضا ) الذي كتب مقالا تهريجيا عن الاحمر والأزرق وصبغات اخرى لم افهم منه الا الدفاع المستميت عما يسميها " مقاومة ", وينظر كعادته دون ان نفهم الفكرة التي يطرحها في تنظيره ، وما عدا استعماله لمشتقات كلمة "العقل " يكتب بلا عقل وبلا منطق وينهي تهريجه التنظيري على نسق خطاب التطويبات المسيحي وليختتم تطويباته ب " صدق الله العظيم "... ولسان حاله صدق عزمي طبعا ، مسيح القومية العربية المنتظر !!
هل جاء موقف الدول العربية بالصدفة ؟ ... خاصة الموقف السعودي المرتعب من الاحلام الفارسية ؟ انا لا اتحدت عن صلابة وجرأة ميليشيات حزب الله ، وقدرة الحزب التي قزمت الدول العربية وابرزت عجز انظمتها وتضاؤل مكانتهم السياسية في العالم عامة وامام شعوبهم العربية على الخصوص ، ومأساة الغياب الكامل لدورهم في الواقع الشرق اوسطي . هذا الغياب لم يظهر فجأة ، انما هو خيار سياسي لا يمكن ان تملك انظمة متداعية خيارا غيره . هذا الواقع كان ضمن الرؤية العامة عندما اتخذ حزب الله قراره في اسر الجنديان الاسرائيليان ، ولا استبعد انه وملالي طهران اخذوا بالحساب ارباك الانظمة العربية وابراز عجزها ، وتضخيم جرأة حزب الله وفقهائه الملالي في لبنان وطهران . ولكن الواضح الان ان حسابات حزب الله لا تأخذ بالحساب الا مصلحة وتوجيهات اصحاب الشأن الملالي في طهران والنظام السوري الدائر في فلكهم ... والخطأ الوحيد والقاتل في حسابات الملالي وحزبهم ، والذي يدفع الشعب اللبناني ثمنه الرهيب ايضا ، هو الاجماع الدولي وراء الموقف الاسرائيلي ،هذا لم يكن متوقعا .. الى جانب شبه اجماع عربي في ادانة تصرفات حزب الله ، وبنفس الوقت عجز عربي بارز في التأثير على اتخاذ قرار يوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب اللبناني ، وتدخل عربي قادرعلى اعادة ترتيب واقعي للبيت اللبناني ..
اعرف ان ما اكتبه لا يتمشى مع الحماسة التي تعصف بالشارع العربي في كل مكان ،ربما يريدون سماع تهريج عزمي بشارة وخلطه الحابل بالنابل ...واستثمار الوهم بالانتصار ... وانا افهم تماما هذه المشاعر التي عشناها ايضا عشية حرب الايام الستة وايام حرب اكتوبر ، وايام صواريخ صدام ، واعرف ان مشاعرنا لم تكن عقلانية ، انما مبنية على احلام لا تتلاءم مع الواقع العربي ، ولا ارى اليوم اننا خرجنا من اوهامنا واحلامنا ، وما زلنا ندفع أثمانا مأساوية .. واكثر من ذلك ، الشارع مثل حكامه يرفض الاجتهاد في الرأي ويهاجم صاحب الرأي الذي لا يتمشى مع الحماسة والتهريج الحماسي ، البعض يريد ان يدخلنا في اقفاص ليبصقوا علينا (كما هاجمني كاتب من حركة فتح ) والبعض يبالغ في تطرفه ويتهمني بالتحريض على الله ... لماذا ؟ لاني احاول ان اكون مخلصا للحقيقة مهما كانت مرة ، بالنسبة لي ايضا !! .
قلبي مع شعبي الفلسطيني ، ابكي مصيره بدمي وليس بدموعي فقط، وقلبي مع الشعوب العربية التي يمرمغ حكامها كرامتها بالتراب ، ولا يبنون من مشاريع الا ما يضمن مستقبل الفئة المسيطرة على السلطة . يبنون من المعتقلات والسجون اكثر مما يبنون مدارس ومؤسسات تعليم ، الانتاج القومي في الحضيض البطالة مستشرية . 20% من قوة العمل العربية ، أي ما يقارب 25 مليون انسان بلا عمل ، والزيادة السنوية تصل الى 3.5% سنويا اي ما يقارب 4 ملايين عامل ، وبحساب بسيط بحلول عام 2016 سيكون عدد العاطلين عن العمل 60 مليون عامل عربي . هل هم في عداد الهم العربي ؟ الانتاج القومي الاجمالي لاسرائيل يزيد بمرة ونصف عن الانتاج القومي الاجمالي لكل الدول العربية المحيطة باسرائيل – مصر وسوريا والاردن ولبنان وفلسطين !! ميزانيات للابحاث مضحكة وهزيلة بالمقارنة مع اسرائيل ، كل الجامعات العربية لا تزيد ميزانيات الابحاث فيها عن 800 مليون دولار بينما معهد واحد في اسرائيل ( معهد وايزمان مثلا ) ميزانية ابحاثة اكثر من ضعفين من كل ميزانيات الابحاث في الجامعات العربية ، ولا اتحدث عن التخنيون او الجامعات : العبرية وتل ابيب وبئرالسبع وغيرها . العالم العربي يحتاج حسب معطيات لابحاث دولية الى استثمارات جديدة لا تقل عن 70 مليار دولار لرفع النمو الاقتصادي العربي من 3.5% الى 7% وخلق 5 مليون فرصة عمل جديدة سنويا .هذا هو التحدي الاستراتيجي امام العالم العربي لمواجهة القوة الغاشمة العدوانية لاسرائيل ، وليس تحدي حزب الله ، الذي قد يؤلم اسرائيل فعلا ، ولكنه لن يغير من المعادلة السياسية والعسكرية ... والعكس هو الصحيح ، عزز المعادلة لصالح اسرائيل ، اما الثمن الذي سيدفعه لبنان وشعبه ، فهو ثمن باهظ وكارثي ، ولن تخفف وعود الملالي في طهران باعادة بناء المرافق المدنية التي يدمرها العدوان الاسرائيلي ، من الكارثة الانسانيه للشعب اللبناني ... التي لن تعوض ولا تؤخذ بالحساب !
الان ينكشف لي ان الخطر على لبنان ، كان تحويل لبنان الى ولاية طهرانية ، بعد فشل تحويله الى ولاية سورية ، العالم كله يرتكب اليوم حماقة لا تغتفر باطلاق يد اسرائيل بحرية ، بدل ان يرى الحقائق على الارض ويفرض وقفا لاطلاق النار ، واعادة تأهيل الحكومة اللبنانية لفرض سيطرتها وشرعيتها ، وخاصة على السلاح والقرارات المتعلقة بالحرب والسلام وأمن الحدود . هل بالصدفة ان سوريا ترفض الاعتراف الرسمي بالملكية اللبنانية لمزارع شبعة .. حتى تحافظ على التوتر بين لبنان واسرائيل وتدخله ضمن حساباتها المختلفة وحسابات حلفائها الملالي ؟ ان الحماسة للشيخ حسن نصرالله يعززها العجز العربي ، الذي يرى لاول مرة فصيل يقاتل ويتحدى ، ولكن حسابات هذا الفصيل من المغامرة باسر الجنديان ، تتحول الى مقامرة لا ارى اليوم مخرجا مشرفا منها ، فقط "المفكر العربي الكبير" عزمي بشارة لا يرى ان ما قام به حزب الله مغامرة ، انما المغامرة اختارتها اسرائيل ؟؟ كيف غامرت اسرائيل ؟ المفكر لا يعطي الجواب ، وهو يكتفي كالعادة بمواقف شعارتية ... وللأسف لم يطرح المفكر القومي ( المرشد القومي وقعها اجمل ؟ ) موقفة من اصرار المرشد خامنئي على عدم التنازل عن سلاح حزب الله . ومن البديهي الاستنتاج ان موقف خامينئي يجب ان يوجه انظار المجتمع الدولي الى حقيقة الصراع في لبنان ، بانه صراع بين ايران واسرائيل على الارض اللبنانية ، يدفع ثمنه الشعب اللبناني .
ما تزال النيران مشتعلة ، وهو توقيت صعب للكتابة ، المشاعر رغم كل شيء متضاربة . نرفض النهج الاسرائيلي ونرى انه يخلق الصدام الدموي القادم ، ولكني ارى بوضوح ان النهج المغامر لحزب الله يجر كل لبنان الى حافة الانتحار ، الفرج الذي بلا شك اخذه حزب الله بالحساب لا يأتي ولن يأتي ، وما يقلقنا ليس مصير حزب الله ، انما مصير لبنان وسلامة شعبه . من المهم افشال الاستثمار بحزب الله ، حتى لا يتحول لبنان الى "ميني ايران " ، الكثير من اصحاب المبادئ فقدوا الاتجاه .. لا يمكن لمنظمة ملالي متزمتة ان تبني مجتمعا دمقراطيا وحرا . هذه نقطة اساسية ممنوع التغاضي عنها . من المؤلم ان يأتي مخاض ولادة الدولة اللبنانية الحديثة من قلب الدمار الشامل، ولكن من المؤلم اضعافا مضاعفة ان تعود الامور الى سابق عهدها . تحرر لبنان من سيطرة النظام البعثي العائلي ويجب كنس كل مخلفات تلك السيطرة ، وكل اثارها .. وهذا يجب ان يكون موقفا لبنانيا ودوليا لا رجعة عنه !!
نبيل عودة – روائي ، قاص ، ناقد وكاتب سياسي – الناصرة



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
- بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
- الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
- كنت معها - قصة
- حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
- ذباب على موائد الادب
- خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
- دراسة علمية رصينة حول اليهودية بقلم مفكر وناقد عربي
- رسالة الى وزير الامن عمير بيرتس / سقوط امنون دانكنر
- هل يتحول المجتمع العربي الى مجتمع لا ثقافي ؟
- صحافة بلا تفكير وبلا تنوير لا مستقبل لها
- الفجر يولد من جديد
- على بساط البحث من يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربي ...
- ماذا تبقى من ثقافتنا المحلية
- من اجل صياغة برنامج فكري سياسي حديث
- الحداثة كجذور للحضارة الانسانية
- درس في النقد - 2
- شاعر أصيل
- درس في النقد
- تسالي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل عودة - حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان