أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - اسهال في النقد وتفاهة في المضمون















المزيد.....

اسهال في النقد وتفاهة في المضمون


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


تنكشف امام القارئ للثقافة العربية في اسرائيل ، ظاهرة غير عادية ، افضل تسمية لها هي " النمو السرطاني في الثقافة النقدية ".
حقا انا استعملت تعبيرا حادا ، مثل "النمو السرطاني " ، للتعبير عن الفيض الهائل من الكتابة النقدية ، مقابل شح ملموس في الابداع الحقيقي ، وكذلك للاشارة الى الطابع الاخواني والاستعراضي المبسط لثقافتنا النقدية ، بل واكثر من ذلك ، الى تحول النقد لنوع من الطقس الادبي المرافق للاصدار الأدبي ، وبغض النظر عن مستوى الاصدار وجودته ... مع ان للنقد بشكل عام مهمات ثقافية اكثر اتساعا من مجرد متابعة الاصدارات .
هذه الثقافة النقدية النازلة علينا بفيض عارم ، اسهمت في ترويج ثقافة "الواوا" و "النص نص " في الابداع الأدبي المحلي ايضا. وللأسف باتت تشكل لدى بعض المبتدئين مقياسا للابداع ، ممهور بتوقيع ناقد يحمل درجة علمية لا تقل عن اللقب الثالث .. يضعه صاحبها في مصاف كبار المبدعين ، وواصلا القمة من اول غزواته الأدبية ... وليت الامر نصف ذلك او حتى عشره !!
جاءت علينا فترة في زمن ماضي ،سادت ثقافتنا النقدية المرجعيات الحزبية ، بمعنى تمجيد كل ابداع ادبي يبدعه ادباء الحزب ، او يجد طريقه للنشر في صحافة الحزب ( برضاء سياسي عن المضمون من القيادات السياسية )، وليس سرا ان الحزب الذي اعنيه هو الحزب الشيوعي الاسرائيلي ، صاحب المشروع الثقافي الهام في سنوات الخمسين والستين ، هذا المشروع اجهض فيما بعد وافرغ من مضمونه ، بعد ان تحول الى مجرد مشروع لرصد نقدي لعدد مختصر ( احيانا لفرد واحد ) من ادباء الحزب ،ثم تحول الى ترويج تجاري واحيانا سياسي فظ .. وما كان له ان ينجو من هذا السجن الفكري المنغلق .. مما اثر سلبيا على مجمل ثقافتنا ، وخاصة الثقافة النقدية . مراجعة تلك الفترة تكشف ان عددا من ممارسي النقد ، وبعضهم على قدر جيد من الثقافة النقدية ، بدأوا يمارسون خطب ود الحزب الشيوعي , عبر الكتابة النقدية الحماسية المتماثلة ؤمع رؤيته والمبايعة بلا تردد لابداع ادبائه المتنفذين ، ، ليأخذهم الحزب القوي والقادر وقتها ،على رفع اسهمهم في العالم العربي ، تحت جناحيه ، في اطار مشروعه الثقافي الذي اثمر اسماء ادبية احتلت لفترة طويلة طليعة الادب العربي كله ، وما تزال بعض الاسماء نجوما تتألق في سماء الابداع الثقافي العربي .
مراجعة ما كتب وقتها من نقد ، والأصح القول من تمجيد ، اثر سلبا على تطور ثقافتنا النقدية ، وظل التمجيد هو المضمون مع سبق الترصد والاصرار لمعظم ما يكتب من ثقافة نقدية ... وهناك غياب كامل للفكر النقدي ، وللنقد الفكري ، وللنقد بمفهومة الاجتماعي والسياسي العام .
الناقد اصبح مسوقا للبضاعة ... وقد يتبين ان الناقد يكتب نقده قبل قراءة المادة الأدبية .. او عبر التقاط مقاطع متفرقة ، خاصة في الشعر الذي يحتل 99.99% من نقدنا وابداعنا .
لا انفي ان ادباء الحزب شكلوا التيار الادبي المركزي ، والاكثر فنية وجمالية ادبية ، غير ان عدم الالتزام بالمصداقية النقدية ، واستبدالها بمرجعية نقدية اخوانية , قادنا الى الضرر الذي يتحول اليوم الى اسهال نقدي سرطاني في تكاثره وتفاهته .فارغ من المضمون ، ومن الرؤية الفكرية ، ويفتقد حتى للغة نقدية ثقافية قادرة على شد القارئ واثرائه بالمضامين الأدبية او النقدية .
لاحظت هذه المسألة في بداياتها ولم استوعبها على حقيقتها الا بعد فترة طويلة ، واعترف ان هذا الموضوع لم ينزل من اهتماماتي الفكرية منذ سنوات ، ولم اعرف كيف اطرحه .. حتى جاء وقته .. بعد ان استفحل المرض للأسف الشديد . وربما ما كان ليفهمني احد لو عالجته قبل سنتين مثلا !!
قد يكون الالتزام بالفكر الأيديولوجي المغلق أثر على قدرتي من التحرر المبكر ، والتفكير الابداعي حول مضامين ثقافية او سياسية مختلفة ، وانا اعترف اني لا ارى قيمة بأدب ونقد لا يتعامل مع واقع الانسان ومع عالمه الفكري .. ولا استسيغ حتى اللغة اذا خلت من القدرة الانسيابية والغنى في المضامين الثقافية والفكرية .
اني اربط سقوط المشروع الثقافي للحزب الشيوعي ، الذي بادر اليه جيل الشيوعيين الطلا ئعيين ، منذ اوائل الخمسينات , اي بعد النكبة الفلسطينية مباشرة ، كجزء من تفكير سياسي وفهم فكري للضرورة الملحة في تطوير ثقافة المقاومة لسياسة التجهيل والاضطهاد القومي وافشال سياسة العدمية القومية ، اربطها ليس فقط بظاهرة الثقافة النقدية المتهاوية ، وانما ايضا بالتحولات السلبية التي عصفت بالحركة الشيوعية قي العالم عامة وفي بلادنا على وجه الخصوص والتمييز .. فقد غاب فرسان المشروع الثقافي ، وغاب فكرهم المبدع وقدراتهم على فهم الأهمية الاخلاقية والسياسية والنضالية والثقافية لهذا المشروع . وجاء "فرسان " المشاريع الشخصانية والانتهازية والتسلط الفردي الذي رافقته ظواهر مقلقة من عبادة الفرد ، تتواصل حتى اليوم ، رغم غياب المعبود .. ربما تحول الى تعويذة سياسية ؟!
كذلك برز فقر التفكير وسطحية المفاهيم ، وساد الارتجال الشخصي وغيبت القيادة الجماعية ، واستبدلت بالمصفقين والمهرجين ، ومن دلائل "العهد الجديد " اغلاق مجلة "الجديد " التي كانت الجامعة الثقافية التنويرية التي تخرج منها ابرز مثقفي شعبنا ، ونشرت الثقافة والوعي الفكري والسياسي في مواجهة سياسة التجهيل والتعتيم الثقافي للسلطة الاسرائيلية ونجحت بكسرها ...
اقفال "الجديد " كان اقفالا لحقبة تاريخية بالغة الاهمية ، واعلان سقوط المشروع الثقافي من اجندة الحزب الشيوعي . وتحولت الثقافة الى امر ثانوي ، غيابها لا يلفت النظر لدى القيادات الجديدة، واصبح الموقف السلبي من الثقافة مميزا لكل الاحزاب والحركات والمؤسسات الرسمية والشعبية... الثقافة هي الغائب الكبير عن الأجندة والبرامج.
هذا السقوط جر ظواهر سلبية، حددته اساسا بما نشهده اليوم من ثقافة نقدية اخوانية ، معظم مممارسيها بلا فكر نقدي وبلا ذائقة ادبية وبلا المام ثقافي اولي بالأدب ، واظن ان الموضوع بالنسبة لهم نوع من التسالي لمجموعة من المتقاعدين ، ولبعض المدعين الذين لا يربطهم اي رابط بالحركة الثقافية .. والمضحك ان معظم الكتابات النقدية تبدأ ب : " اهدانا الأديب / او الشاعر / او الصديق فلان روايته / او ديوانه لنقول رأينا فيه ... الخ " وفورا نقرأ ان صاحبنا الذي اهدىالناقد كتابه "تتجلى مواهبه " في جميع ما يكتب وان "شعره جواهر وذهب صافي " وان القراء" مسحورين " بابداعه ( رغم ان احدا بعد لم يقرأه ومن غير المتوقع ان يلفت نظر القراء حتى لو وزعه عليهم بالمجان ... سيجد الكتاب "الرائع "طريقه ليستعمل تحت طنجرة طبيخ حتى لا تحترق الطاولة )

مجرد تسجيل ما ذكرت يبين اننا لسنا امام مراجعة نقدية ، انما غزل اخواني وتهريج ثقافي ، وتفسير غيبيات بغيبيات اسوأ ، ويصبح الناقد مفسرا لما كتبه صاحب العمل الذي لا يفهم هو نفسه ما كتب !!
والظاهرة الاسوأ ان من يدعون ملكية القدرات النقدية ، يفتقدون للغة عربية ملائمة للنقد ، وظنهم ان انشائهم الذي لا يتعدى مستوى الصفوف الابتدائية هو فتح ادبي جديد . ان للنقد لغة عربية قادرة على اعادة انتاج الكثير من المواضيع التي يتضمنها موضوع النقد ، وهذا نفتقده كليا ، الى جانب غياب اي فكر نقدي ثقافي بسيط.
ان حركتنا النقدية اليوم غائبة تحت ثقل نماذج نقدية ونماذج نقاد ، هم اشبه بالرحالة كريستوفر كولومبوس الذي اكتشف امريكا .. الكثيرين اكتشفوا النقد فجأة وظنهم انهم اكتشفوا قارة جديدة لم يسبقهم احد اليها .
أنظر حولي فلا اجد ادبا يا سادتي نقاد الاسهال يستحق جهد النقد الا القليل ، وهذا القليل يرفض نقدكم كما قال لي زميل شاعر مبدع من رؤيته ان نقدكم مهزلة ... وانه اكثر الكتابات خلوا من الفكر والمنطق ومن اللغة الأدبية ومن جمالية الصياغة ومن الذائقة الأدبية.
ثقافة السرطان النقدي لا يعرف اصحابها حتى بعض الاصطلاحات البسيطة في عالم الفكر والادب .
فهل ترتاحون وتلتهون بما يتلاءم مع وعيكم ، رحمة ليس بالأدب ، انما بالقراء؟!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتب جديدة .......نادر ابو تامر و4 قصص مصورة للأطفال
- ماذا تبقى لكم؟
- موقف بلا عمود فقري، لا يخدم الشعب اللبناني - تعقيب على بيان ...
- بين الثقافة والفكر
- حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان
- الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
- بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
- الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
- كنت معها - قصة
- حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
- ذباب على موائد الادب
- خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
- دراسة علمية رصينة حول اليهودية بقلم مفكر وناقد عربي
- رسالة الى وزير الامن عمير بيرتس / سقوط امنون دانكنر
- هل يتحول المجتمع العربي الى مجتمع لا ثقافي ؟
- صحافة بلا تفكير وبلا تنوير لا مستقبل لها
- الفجر يولد من جديد
- على بساط البحث من يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربي ...
- ماذا تبقى من ثقافتنا المحلية
- من اجل صياغة برنامج فكري سياسي حديث


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - اسهال في النقد وتفاهة في المضمون