أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - النَّار في الَخْمرِ والْجِنسِ والْبِدَايَات















المزيد.....

النَّار في الَخْمرِ والْجِنسِ والْبِدَايَات


ميرغنى ابشر

الحوار المتمدن-العدد: 6993 - 2021 / 8 / 19 - 14:42
المحور: الادب والفن
    


تسيّدت "النار" طيلة الأسبوع الماضي المشهد الإخباري اليومي ،إذ أن غالبية الدول المتشاطئة ساحل الأبيض المتوسط تشتعل غاباتها ، اليونان اسبانيا وتركيا وقبرص على الساحل الاوربي ، سوريا لبنان على الساحل الأسيوي ، الجزائر تونس ليبيا على الساحل الأفريقي . ودمر حريق غابة في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية مدينة "غرينفيل" في ساعتين فقط . وماتزال حرائق الغابات في استراليا والبرازيل تشتعل . وأظهرت صوراً لوكالة ناسا حرائق في غابات "ياقوتيا " السيبرية الروسية تتجه نحو القطب الشمالي في حدث وصفته بأنه غير مسبوق . والسبب في كل ذلك إرتفاع في درجة حرارة الأرض بصورة تدعو للذعر تسبب في هكذا إرتفاع (كسب يد الناس) التي لم تصطنت حكوماتها لنداء الطبيعة، والمنظمة الدولية التي أعلنت في تقرير علمي أن النشاط البشري يغير المناخ بطرق غير مسبوقة، واحياناً لا رجعة فيها. فتمددت الحيتان والتماسيح ميتة على ضفاف البحور وغامت السموات دخاناً أسود وهجرت الوعول والضواري غابتها وساد الفساد البر والبحر . ولكن هل ينتبه العالم لصوت الطبيعة، ويهجر الوقود الاحفوري، ويلوذ بالطاقة المتجددة حتى لا تذوب اقطاب الأرض الجليدية وتختفي بعض الدول عن خارطة العالم كما صرحت المنظمة الدولية بذلك؟.
صديقي القارئ ما كان هذا المدخل الذي قرأته غير خاطرة فرضت ذاتها لانشغال منصات الإعلام بها ، اما موضوعتنا الأساس فهي عن أثر حروق على أهداب وأطراف الحواس الناعمة لرجل حرفي يكاد يتوطن شارع بيتنا ، ما وجد لها صاحبنا من تفسير !!. فقد سألني ذات يوم أثناء إصلاحه لعطب في جهازٍ كهربي لنا ، عن هذا الذي حلّ بنواعم حواسه . وهي عندي حروق نار واضحة، ولكنها وفق خطوط دقيقة لايمكن "لنار" طبيعية أن ترسمها على جلده بهكذا مهارة . حتى إهتاجت دواخلي نهار أمس على نحو صيحة أرخميدس: ( وجدتها..وجدتها..وجدتها)، وأنا التهم سطور الفرنسي "جاستون باشلار" من مسطوره الوجيز الماتع "التحليل النفسي للنار". والذي أكرمتني في سعره الوراقة والشاعرة الجميلة "إيماض بدوي" ،من عند معرض للكتاب مقام في مركز امدرمان الثقافي بمناسبة اليوم العالمي للشباب . كتب "باشلار":( نقرأ في وقائع كوبنهاجن ، أنه قد عثر عام 1692 على امرأة من الشعب كان غذاؤها يكاد يقتصر فقط على تناول مشروبات روحية بشكل مبالغ فيه ،عثر عليها ذات صباح وقد أوتى عليها تماماً باستثناء المفاصل الأخيرة للأصابع والجمجمة)،(ذكر Annual Register السجل السنوي اللندني الخاص لعام 1763 الجزء الثامن عشر ،ص 78 مثال امرأة تبلغ من العمر الخمسين عاماً، مدمنة بشدة، وكانت تشرب كل يوم طوال عام ونصف ،عثر عليها وقد تحولت كلها تقريباً إلى رماد ،ملقاة بين مدفأتها وفراشها). ونجد في الموسوعة المنهجية مقال :التشريح الباثولوجي للإنسان "قصة امرأة قارب عمرها الخمسين عاماً كانت تتناول بكثرة مشروبات روحية، وقد أتى عليها هي كذلك في بحر ساعات قليلة .وتقدم مذكرات الجمعية الملكية اللندنية ظاهرة ملفتة أيضاً ...عثر ذات صباح على امرأة تبلغ الستين عاماً وقد تحولت لرماد ، بعد أن أفرطت في تناول مشروبات روحية فيما يقال، في مساء اليوم السابق.لم يتأثر الأثاث كثيراً وكانت نار موقد مدفأتها منطفئة تماماً وقد أكد الحدث بعض من شهود العيان...ويحكي "جان هنري" في كتاب مطبوع في أمستردام بعنوان " ضوء جديد على اشتعال الفسفور" أن نبيلاً من زمن الملكة "بونا سفورزا" تقيأ بعد أن شرب كمية كبيرة من - الخمر- لهباً التهمه). وبهذه الأسطر التي قرأت صرخت دواخلي : (وجدتها )، فصاحبنا الكهربجي الحذق والدارس للفنون الجميلة وهندسة الكهرباء في جامعات بغداد الرشيدية، مدمن كحولي للدرجة التي لا تستطيع أن تنظر له مرتين لرَّثْية حاله و(بشتنته) حد إشاحت العين عنه حتى لا ترتد اليك متقيأة حزينة ،وأجتهد صباح نهار حتى ارده لشمس الفنون وأميت فيه شهوة الإدمان .فقد فاجأني الرجل أنه قد قرأ "السرانية" و"الكوشي التائه" فاهديته من نفسي كتابي الثالث "موت وثن" عسى أن يجد سطر أو بعض عبارة تحرره من سجن "باخوس".وتنقذه من فاجعة الإحتراق الذاتي بسبب الكحول. يقول القس "بونسليه":( ..الم تر مدمنين ، يشتعلون ناراً فجأة تلقائياً ويقضى عليهم بواسطة الاحتراق الذاتي ،لكون أجسامهم قد تشبعت بشكل مبالغ فيه للغاية لاعتيادهم تناول المشروبات القوية بكثرة. وهكذا فإن الحريق بسبب إدمان الخمر ليس الا حالة خاصة من التركيز الحراري الغير طبيعي).
أما عن كتاب "جاستون باشلار" المعنون (التحليل النفسي للنار) والذي إستعصم فيه بمبدأ التحليل الفرويدي عن ماهية النار ومنبع دفقها ؟. بسبب عجز المنهج العلمي التجريبي ، والتفسيرات الموضوعية بحسب زَعْمه عن تقديم تفسير مقبول للواعية عن ماهية النار؟.وتبدو له هذه المسألة بشكل مباشر مسالة سيكولوجية بحيث أنه لايتردد في الحديث عنها وفقاً لإطروحات التحليل النفسي. يقول: فقد أوضح الطب النفسي الحديث نفسية مشعل الحرائق واثبت الطابع الجنسي لميوله. ومن أوضح الأحلام وأكثرها تحديداً الاحلام التي تتخللها النار وتفسيرها الجنسي هو الأكثر يقيناً). وبعد أن يقدم "باشلار" مشاهد من الحياة اليومية المتصلة بالنار يؤكد من خلالها تفسيراً مسرفاً للحدس الحيوي المصطبغ بالطابع الجنسي للنار، ينتهي الى أن تقنية النار أو بالأحرى فلسفتها في الخيمياء تتحكم فيها تحديدات جنسية واضحة للغاية،كما تنطوي النار على المقدس والمدنس وهي تجمع بين المادة والروح ،كما هي بداخلنا وخارجنا. وعند هذه النقطة أكون قد قدمت لك ملخصاً لإطروحة "باشلار" في سايكولوجيا النار، ولكن الذي لفت فاكرتي كمهتم بالبشريات الأولى، وعلم الآثار رفض "باشلار" لنظريات علم الآثار التي تتناول أكتشاف النار. بوصفها إطروحات وتفسيرات تبدو موضوعية ولكنها لا يمكن أن تتناسب والإمكانيات السيكولوجية للإنسان البدائي وتعجز عند إختبارها على محك إستفهامته الأولية والتي يطلقها على هذا النحو: لو وافقنا على أن المتاح له – الإنسان البدائي- كان بركاناً ثائراً، أو غابة أشعلتها الصاعقة هل كان سيجري فوراً نحو النار ليتدفأ بها، وهو الذي أكتسب خشونة في عريه تحميه من تقلبات الفصول ؟ ألم يكن الأقرب له أن يهرب منها؟ وحتى لو كان الإنسان البدائي قد جرب الآثار الطيبة للنار التي تقدمها له الطبيعة، كيف كان سيحافظ عليها؟ كيف كان سيعرف كيف يشعلها مرة أخرى بعد أن تكون قد انطفأت؟ ولو كانت قطعتا خشب جاف قد وقعتا بين يدي إنسان وحشي للمرة الأولى ، فأية تجربة سابقة كانت سترشده إلى تخمين أنهما يمكنهما الأشتعال بفضل احتكاك سريع ومتصل طويلا بيهما؟. ومن خلال هذه الإستفهامات ينتهي "باشلار" على ان التفسير العقلي والموضوعي ضعيف القبول، من حيث قدرته على تفسير اكتشاف النار من قبل عقلية بدائية على النحو الذي ذهبت اليه نظريات علم الآثار. ليبرهن أن التفسير النفسي هو الصحيح بالضرورة والمستند بالأساس على إطروحة الإحتكاك الجنسي المولد للحرارة . ومن ثْم قام البدائي بإعادة تطبيقه على الطبيعة مولداً بذلك النار.
إن تفسير "باشلار" هذا الذي تقدم لا يقل عن موضوعيات نظريات علماء الآثار مجازفة، إذا لم يكن الأكثر مغامرة . ولن أذهب في تفنيده تطويلاً، بل أسارع للدمج بين إطروحتي مشاهدة الطبيعة وخبرة الصيد اليومية للإنسان البدائي في محاولته لإنتاج النار ،فبعد مشاهدته إتقاد النار في الغابات بسبب الإشتعال الطبيعي : الصواعق أو إحتكاك افرع الأشجار على سبيل المثال، وهذا الأخير يفترض "باشلار"إنعدام فرصة تتبع خطواته وملاحظتها عند الإنسان البدائي واوفقه على ذلك ، أقول دمج الأنسان الوحشي لهذه المعرفة ملاحظته لتطايُر الشرر من تحت حوافر طرائده أثناء عملية الصيد ،كما لاحظ تحقق ذلك الشرر أيضاً في ليالي ركضه وراء الفرائس حين تتصادم الصخيرات تحت أقدامه،ومن هنا فحسب عرف البدائي كيفية حصوله على النار وطرق المحافظة عليها مشتعلة . وهو التفسير الأكثر معقولية بزعمنا من إطروحة "باشلار" الموضوعية لإشعال النار بواسطة الاحتكاك الذي توحي به تجارب وخبرات حميمية للغاية. لا يمكن أن تنتبه لها الفاكرة البدائية للإنسان المتوحش.



#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (12 رجل غاضباً) ورشة متقدمة في فن القيادة وتغيير القناعات!!
- جَمَاجِمُ المُبْدِعِين
- رسم الباليرنيا على كوب أمي
- أَناشِيدُ غَرْقانُ
- في قطار -البداوي-..بوابة تُرْعة في قرية ود سلفاب تُحَرِّر عد ...
- السودان جمالياً.. -ماء الشهوة- المروي يُنثر في معبد -إيزيس- ...
- الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية
- لماذا انا علماني وصوفي ،أرفض الدولة الدينية؟؟
- إفهومة -الإسلاموعروبية- ومستقبل الهويات في السودان
- ينبئاني
- صُورَة
- وَهَم قَصْر سُلَيْمَانَ.. الآثار بين الدارِسين والهُواة.. بح ...
- شَجْوٌ السَمَنْدَل
- الوظيفة العيادية لبطل -الطيب صالح-، سايكولوجيا الإبداع في -م ...
- في مقاماتِ لَيْلَى
- (خليك مع الزمن)، محمد يوسف الدينكاوي يحكي عن رمضان زايد!!.
- المحمول الثقافي لمسمىّ الأمكنة في عمائر السودان القديمة مؤان ...
- رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!
- بوابات امدرمان في القرن التاسع عشر - ذواكر للإجتماع الإنساني ...
- القرآن بين إليهن.. مقال في الإدّكار العرفاني وقضايا التشريع ...


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - النَّار في الَخْمرِ والْجِنسِ والْبِدَايَات