أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - رسم الباليرنيا على كوب أمي














المزيد.....

رسم الباليرنيا على كوب أمي


ميرغنى ابشر

الحوار المتمدن-العدد: 6935 - 2021 / 6 / 21 - 09:06
المحور: الادب والفن
    


المساحة بيضاء ، تحديقات البداية في أفق أعلى لوح الكتابة ، "بابلو بيكاسو" رائد المدرسة التكعيبية في الفن لا يحدد تخطيطات لوحاته مسبقاً، فعل هذا مع أشهر اعماله "الجورنيكا"، "ثلاثة نساء في الربيع"،" بورتريه شخصي في مواجهة الموت"ولدت كلها في لحظات العصف الذهني ، "الباليرينا" راقصة البالية ، الأن إتحد افق التحديق مع خاطرة الفاكرة السارحة ،هاهي أمامي بخطوط رقصها القوية ،رسومات متعددة في اوضاع جمالية مثيرة تتسيد أكواب "الشربات" المتتالية كشريط سينمائي. ولكن في عرض افقي هذه المرة، الأكواب "مرصوصة" في "بترينة" الوالدة العتيقة. إذن فلتكن "ونسة" هذا اليوم عن الباليرينا وفن الرقص، الرسم على الاكواب دقيق تأخذ فيه آثار حركة القدم العنيفة حيزاً مقدراً، لماذا عنيفة؟ لأنه محاولة جمالية قوية لإنطاق الجسد. ما عادت الرسوم بهكذا حرفية ،وتشخيص لتعبيرات فنية وثيمات ثقافية لحضارت الشعوب وإبداعاتها منتشرة على اكواب "العصير" في وقتنا هذا . فأكواب أمي التي تُزينها رسومات "راقصة البالية" جاءتها على ما أذكر هدية من مصر في مطلع الثمانينات، وقتها كانت الجامعات السودانية ترسل طلابها في رحلات علمية خارج البلاد . جلبها اخوها طالب الهندسة المدنية ، الذي أنجز لاحقاً طريق القيادة العامة شبه القوس الجديد الذي ينتهي عند شارة المرور الثانية في شارع "عبيد ختم"، وغيره من الشوارع (الثوابت). في تلك الأعوام كانت مثل هذه المصنوعات منصة وحامل ثقافي لتراث وفنون الشعوب، فهي الإمتداد المعاصر لفخاريات العصور الحجرية ،إذ لم يكن التلفاز حينئذ عابراً للحدود أنما يسري ارضاً لا فضاءا، وما ظهر "النت" بعد.
فن البالية ما ولد باسنانه ، لقد كان منذ ثلاثة قرون لغة ميتة بدأ في عهد "بالتازرا بوجوايو" الموسيقار جهير السيرة،الذي ما عنى له رقص البالية سوى تركيبة هندسية تتألف من عدة أشخاص، وبدا فن البالية يخلق لنفسه معنى وينتقل من تراكيب "بوجوايو" الهندسية الفارغة للدلالات والقيم الإنسانية على يد "جورج نوفير" الذي حاول أن يجعل منه رقصاً يعبر عن الحياة بكل عنفوانها ووداعتها . وعلى يد السيدة "مارتا غراهام" بلغ الرقص كمالاته وعبقريته ،فهو عندها (الروح والجسد المنغمسان معاً في تجربة الحياة). وتجربة الحياة هذه لها دلالة وحيدة عند الامريكية"مارتا" التي عدها عالم النفس الألمعي "جاردنر" واحدة من بين المبدعين السبعة الكبار في تاريخ الإنسانية أينشتاين،غاندي، إليوت، فرويد، بيكاسو، ستافينسكي، وصاحبتنا "مارتا غراهام" .قلت أن تجربة الحياة لها دلالة وحيدة عند البادعة الباتعة "مارتا"، ضمنتها مقالتها الشهيرة حين رأت احدى تلميذاتها ترقص، فما راق لها ادائها فإنتهرتها قائلة: ( على المرأة أن ترقص بمهبلها) !!،إذن بما يرقص من يراقص تلميذة السيدة "مارتا"؟ .هذه هي فلسفة صاحبتنا في الرقص ، فلسفة تؤمن بتفسير الحياة على النهج الفرويدي الذي يجعل من كل مشاهد وعناصر الحضارة الإنسانية تمظهرات جنسانية متسامية.
"غونترغراس" بادع رائعته "طبل الصفيح"ذائعة الشهرة الالماني الحائز على نوبل في الأدب ، أحسبه الوحيد من بين الكبار الذي جعل بطلة من بطلاته "باليرينا"،"جيني" راقصة البالية بطلة "سنوات الكلاب"، الطفلة الغجرية التى تعلمت الرقص في برلين وكان يصمم لها حبيبها "أمزل" رقصاتها التى تلعب فيها الفزاعات – خيال المآته- دوراً أساسياً. يصف "غراس" فن البالية على هذا النحو: ( أنه فن عديم الجاذبية ، لان العنف وإنكار الاعضاء البليدة واتقان شكل فارغ . كل ذلك يساهم في جمال إنعدام الجاذبية الذي لا يمكن ان يحمل أي اسم) .الا أن توصيف "غراس" هذا ينطوي على جدلية أنيقة لا تُنكر على "البالية" حظه من الفن والجمال، على الرُغم من تغيبه للمعنى الذي تقصدته " مارتا" وإثباتها للأعضاء الحميمة التي نكرها"غراس". ويذهب النحات الانجليزي الكبير "هنري مور" صاحب "تخطيطات الملاجئ" التي تصور الهاربين من خطر القصف الجوي النازي ، أيضاً الى غير مذهب صاحبتنا "مارتا" حين يرى في التزاويق والايحاءات الجنسية في الاعمال الفنية انهياراً للفن ،يقول : ( أن الفن يجب ان يخلو من التزويق الجنسية الدال على الإنحطاط ونضوب الوحي). وفات على بعضهم أن "فن الرقص" إرتبط منذ آماد سحيقة بالطقسي والقوة الجسدية التي تتضمن المغروض الأساس للحياة "لكفاءة الجنسية". أن مجموعة الرقصات في أقاليم وربوع السودان المتنوعة على سبيل المثال، تتعدى الستين رقصة بقليل ، وليس من بينها واحدة تغادر هذا المعنى الذي ذهبنا اليه، والذي يتمظهر في بعض المرات في محضن إحتفالي – مواسم الحصاد مثلاً-. ومن اقدم الرقصات الموثقة آثارياً ، والتى ترجع لحقبة الدولة الكوشية القديمة ،رقصة "العروس" والتى تهدف الى إبراز عُذرية المرأة وجمال جسمها ، وخلوها من الحمل. وكانت تؤديها المرأة عارية الجسد الا من سيور جلدية تتمنطقها في وسطها تسمى الراحات "الرحت" ،وقطع "الرحت" يرمز الى إنتقال المرأة من طور العذرية الى طور المرأة الثيب.وتنتشر بصورة واسعة بين قبائل السودان رقصة "الرقبة" ،مع بعض الإختلافات الطفيفة هنا وهناك. و تنطوي رقصة "الرقبة" على ذات الدلالة التى اشرنا اليها سالفاً، و يشترك فيها الرجل بأخذ "الشبال" بعد أن يبرهن على كمال رجولته وصحة جسده بأدائه "العرضة" التى يسبقها "الجلد" على الظهر بالسوط وبعد تمامه ذلك يستحق منح "الشبال" من الراقصة – ملامسة شعرها لرأسه- وهي رمزية تنطوي على دلالات حسية وجنسية واضحة لا تخطيها الباصرة. وفي مناطق دارفور نجد على سبيل المثال رقصة "الغزالة الشاردة" والتى تقوم فيها الفتاة بالقفز عالياً مبرهنة بتلك القفزات - التي تصاحبها لفتات ونظرات حانية لمختارها من الرجال- على صحتها وعذريتها .
ولكن لماذا الحديث عن البالية والرقص هنا هذا اليوم ؟ لاشيء البتة غير أكواب الشربات على فترينة أمي.



#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَناشِيدُ غَرْقانُ
- في قطار -البداوي-..بوابة تُرْعة في قرية ود سلفاب تُحَرِّر عد ...
- السودان جمالياً.. -ماء الشهوة- المروي يُنثر في معبد -إيزيس- ...
- الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية
- لماذا انا علماني وصوفي ،أرفض الدولة الدينية؟؟
- إفهومة -الإسلاموعروبية- ومستقبل الهويات في السودان
- ينبئاني
- صُورَة
- وَهَم قَصْر سُلَيْمَانَ.. الآثار بين الدارِسين والهُواة.. بح ...
- شَجْوٌ السَمَنْدَل
- الوظيفة العيادية لبطل -الطيب صالح-، سايكولوجيا الإبداع في -م ...
- في مقاماتِ لَيْلَى
- (خليك مع الزمن)، محمد يوسف الدينكاوي يحكي عن رمضان زايد!!.
- المحمول الثقافي لمسمىّ الأمكنة في عمائر السودان القديمة مؤان ...
- رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!
- بوابات امدرمان في القرن التاسع عشر - ذواكر للإجتماع الإنساني ...
- القرآن بين إليهن.. مقال في الإدّكار العرفاني وقضايا التشريع ...
- ما لم يُكتب في الشريف حسين الهندي -اقيونة النضال العربي والإ ...
- آخر ما قال - فارس-!
- عن ماذا أكتب؟


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - رسم الباليرنيا على كوب أمي