أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميرغنى ابشر - الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية














المزيد.....

الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية


ميرغنى ابشر

الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 17:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يدل التنوع في رواية إسطورة "بروميثيوس" ،على أن لها حياة حقيقية في البعيد التاريخي لفكر الإنسان، كما يدل على قابليتها لإعادة التدوير للتعبير عن مواقف الإعتقادات المختلفة من القضايا الكبرى لعلاقة الإنسان بالإله. ومع ذلك تبقى أعمدة الإسطورة الأساسية غير قابلة للتغيير، فهي تعبر عن المشكلة الجوهرية بين السماء والأرض ،اي مشكلة الخطيئة الأولى، على حد تعبير "لويس عوض"،في إطروحته "بروميثيوس في الأدبين الإنجليزي والفرنسي" . يمثل "بروميثيوس" في الفكر القديم القوة الخلاقة إذ لم يجد هذا الفكر مبرر لوجود الشر في الخلق ،وافترضوا أن رب الأرباب يمثل كمالاً لم يمكن أن يخلق الشر ابداً. لذلك إفترضوا وجود صانع ذي مرتبة أدنى من الأرباب ،قوة خلاقة ناقصة ، ومسؤولة عن نقائص العالم،عالم من الصلصال يفتقد الروح المتقدة ، لأن النار تخص رب الأرباب وحده. وسرقت هذه القوة الخلاقة الناقصة النار من رب الأرباب ، لكي تبعث الحياة في خلقها الصلصالي ،وهكذا بدأت قصة "برومثيوس".
وأول الإشارات (البعيدة) الموحِيّة للوجه الإفريقي "لبرومثيوس"،نجدها في كونه الإنسان الأول أدم (التوراتي الصلصالي) الأسود ،أو حتى أدم الأثاري، تأسيساً على (معظم) الروايات الإحفورية التي تشير لخروج الأنسان الأول من إفريقيا. وأبا البشر ووالد الجنس البشري من خلال أتحاده بزوجة غامضة، تقول الروايات إنها أسيا أو باندورا . وبعد أن تزوج ، أنجب ولدا أسمه "ديوكاليون" أنقذ البشر من دمار الطوفان الذي أطلقه عليهم "زوس" المهتاج الذي لم يرض بنقائص البشر، كلف "برومثيوس" إبنه "ديوكاليون" "نوح" في التصور (التوراتي – القرآني) ببناء سفينة تطفو فوق الماء ،وبعد إنحسار الطوفان قام "ديوكاليون" وزوجته بخلق البشرية من جديد . وتختلف الروايات حول مكان الطوفان ،فتذكر له أماكن مختلفة منها مصر وتقول إحدى الروايات إن الطوفان حدث في (اثيوبيا). من خلال هذه الروايات "البعض"، نقف على دليل قوي يشيرلإحتمال اماكن الإستيطان الأفريقية للأسرة الأنسانية الأولى في التاريخ الذهني لبشريات ما قبل التاريخ. ويمضي هذا الإحتمال في طريق التأكيد ، عندما تذكر بعض الروايات أن "برومثيوس" كان ملكا على مصر في عهد "سيريوس"، الذى فاض النيل في زمانه ودمر الأرض. وهنا يحل النيل محل الصقر الذي ينهش كبد "بروميثيوس"،وعندما فاقت آلامه وأحزانه الحد ،فكر "بروميثيوس" في الإنتحار، لكن "هرقل" تحكم في مياه النهر وخلصه. واعتاد البشر على وضع خواتم في أصابعهم، وأكاليل زهور فوق رؤوسهم، وفي اعناقهم تخليدا لذكرى قيود "بروميثيوس" ، مخلصهم الذي قيدته الآلهة، وتذكيراً بالخطيئة الأولى.
ونمضي بإحتمالنا هذا لعين اليقين، عندما قامت "أيو"، بنت "أناخوس" ملك أرجوس بالتجوال حول المارد الموثوق"برومثيوس"،و"أيو" هذه فتاة عذراء كان "زوس" يحبها ويطاردها ،وعندما كانت تتجول حول "برومثيوس" لدغتها ذبابة ماشية ،وجعلتها تهتاج وتتنقل من مكان لآخر بجنون ، وهنا تنبأ لها المارد الموثوق بالمصائب التي ستحل عليها . فقال إنها ستجوب الأرض في شكل بقرة، الى ان تعيدها يد "زوس" الى هيئتها البشرية. وهي حالة تشبه لحد كبير نهاية المرحلة الأولى وبداية المرحلة الثانية، للإصابة بذبابة اللاسنة ،أو ذبابة النغفة الافريقيتين والتي تخترق الطفيليات الحائل الدموي الدماغي، وتصيب الجهاز العصبي المركزي. وتتزامن هذه المرحلة مع ظهور اعراض المرض:تغيّر في السلوك وتخليط واضطرابات حسيّة وضعف في التنسيق وهياج،واضطراب النوم الذي يسمى به المرض في حالة الذبابة الأولى. وجزئية الإسطورة هنا تعد منقول بئيي افريقي بإمتياز،إذ أن هذه النوعية من الذبابة تعرفها فقط المناخات الحارة وافريقيا المدارية. إلا أن الأمر الذي يهمنا هنا ليس نوعية الذبابة وتنسيبها لمناخات إفريقية فحسب، بل العبارة المفتاحية "لدغتها ذبابة ماشية + شكل بقرة" ، وهي عبارات تشير بوضوح ليستئناس مؤلف الإسطورة للماشية والأبقار من وقت مبكر جداً، سبق تدوين الإسطورة . وقت مكنه من معرفة مسببات الأمراض لماشيته . ولكننا نفاجاء حين نعلم من خلال الحفريات الأثرية أن أقدم دليل يؤرخ ليستئناس الماشية (الأبقار) في حوض الاناضول، وبلاد اليونان هو منتصف القرن السابع الميلادي، وأن أول تاريخ مسجل لبروميثيوس في اليونان القديمة هو أوخر القرن الثامن قبل الميلاد. مما يعني أن للإسطورة أصول قبل يونانية، يرجعها البعض لسارق النار "ماتاريقان" في أسفار الفيدا الهندية المقدسة، والتي لا يعرف بالضبط تاريخ تدوينها فيما عرفت تخوم الهند إستئناس الماشية (الأبقار) منذ وقت مبكر جداً قبل تدوين الفيدا. في الوقت الذي يرجع فيه تاريخ إستئناس الأبقار في حوض النيل لتاريخ اقدم مما هو متعارف عليه ، فقد وجدت في منطقة "كدروكة" شمال السودان، وسائد مصنوعة من جلد البقر ومليئة بالشعير يعود تاريخها للعام 4500 ق.م الذي يؤرخ للعصر الحجري الحديث. في الوقت الذي لم تشر فيه جميع روايات الأسطورة على تنوعها،وتعدد مصادرها الى اي اماكن أو دليل إثنوغرافي يمكن تنسيبه لشبه القارة الهندية. الشيء الذي يعزز من فرضية الوجه الإفريقي "لبروميثيوس" اليوناني.



#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا انا علماني وصوفي ،أرفض الدولة الدينية؟؟
- إفهومة -الإسلاموعروبية- ومستقبل الهويات في السودان
- ينبئاني
- صُورَة
- وَهَم قَصْر سُلَيْمَانَ.. الآثار بين الدارِسين والهُواة.. بح ...
- شَجْوٌ السَمَنْدَل
- الوظيفة العيادية لبطل -الطيب صالح-، سايكولوجيا الإبداع في -م ...
- في مقاماتِ لَيْلَى
- (خليك مع الزمن)، محمد يوسف الدينكاوي يحكي عن رمضان زايد!!.
- المحمول الثقافي لمسمىّ الأمكنة في عمائر السودان القديمة مؤان ...
- رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!
- بوابات امدرمان في القرن التاسع عشر - ذواكر للإجتماع الإنساني ...
- القرآن بين إليهن.. مقال في الإدّكار العرفاني وقضايا التشريع ...
- ما لم يُكتب في الشريف حسين الهندي -اقيونة النضال العربي والإ ...
- آخر ما قال - فارس-!
- عن ماذا أكتب؟
- الاخطاء التاريخية في القرآن
- دونجوانية محمد الرسول
- حوارية الياسمين والابنوس
- الأخطاء النحوية والبلاغية في القرآن


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميرغنى ابشر - الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية