أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - جَمَاجِمُ المُبْدِعِين















المزيد.....

جَمَاجِمُ المُبْدِعِين


ميرغنى ابشر

الحوار المتمدن-العدد: 6986 - 2021 / 8 / 12 - 14:05
المحور: الادب والفن
    


وأنا أُعنون لك مقالي هذا صديقي القاريء الألمعي ،إنخطر في واعيتي مسطور خطه تلميذ راشد لا يُحمل على مصلحة بعصا ،تلميذ للمفكر والأديب رفيع الكلم ونديّه الأستاذ "محمود محمد طه" ،وأظن الإنخطار لتشابه في الوقع وتشارك في كلمة . عنوان مسطور تلميذ محمود هو (مهارب المبدعين)، للدكتور الأديب والمثقف الرفيع "النور حمد"، تنهض فكرة الكتاب على عنوانه،ولسنا هنا في معرض نقد أو عرض للكتاب،حتى اقدم لك خلاصة مادته. فقد وجد الكتاب من التغريظ والقريض حظ جيد و من الإنتشار مثله، لجهد المؤلف في جمع مادته ،وطرافة موضوعته. ولكن الذي أدهشني بعض شيء أن التلميذ لم يٌزيِّن كتابه بمصدر فكرته الأساس وعمدته وعموده الذي نصب عليه خيمة مهاربه ،وهي إطروحة علمية متكاملة لعالم النفس الأمريكي "هاورد جاردنر" بسطها في مسطوره الماتع "العقول المبدعة"(1993م) ، وكتاب "جاردنر" دراسة حالة لسبعة من المبدعين إمتدت دورة حياتهم من 1856م (وُلد فرويد) الى 1973م (مات بيكاسو). فقد إتضح مثلاً أن المبدعين السبعة كما حددهم "جاردنر" عاشوا رحّالة مغتربين خارج بلادهم، فقد أنتقل أينشتاين من المانيا إلى سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، ونُفِى غاندي إلى جنوب إفريقيا ، وترك سترافينسكي روسيا، وانتقل اليوت إلى المملكة المتحدة، كما انتقلت مارتا غراهام من الجنوب إلى شمال كاليفورنيا فتأثرت هناك بالفنون الاسيوية ، وعاش فرويد كيهودي في فيينا الكاثوليكية ، وترك بيكاسو إسبانيا وسافر الى فرنسا. وارجع مستعرض الدراسة "ميهالى سيكسزنتميهالى" في مجلد "روبرت ستيرنبرج " الضخم (984ص) (Handbook of Creativity)هذا الميل لمهارب المبدعين الى أن إستقرار الفرد في مجتمعه يقلل من رغبته في تغيير الأوضاع، وتوصلت دراسة "جاردنر" لجملة من النتائج منها على سبيل المثال أن الشخص المبدع غير مريح ،وأنه يرتبط بأكثر من عمل في نفس الوقت، وميل الافراد المبدعين لأن يكونوا منتمين إلى بيئات عائلية مهمشة ،وغير ذلك من النتائج . وأظن أن الكتاب أو الدراسة أو عرضها قد وقعت في يد تلميذ محمود قبلاً، وهو يُحضّر لكتابه السابق لمهاربه " العقل الرعوي" الذي يستدعي عنوانه أيضاً عنوان كتاب عالم الإجتماع والانثروبولوجي الفرنسي جهير السيرة كلود ليفي ستراوس "العقل البري"(the savage mind) الاصيل في فكرته الأساس . ولكن بعض الظن خاطرة خطأ، وطعن غير نبيل ، وقد يكون التلميذ ما نظر في فرضي الذي إفترضت قط ولا يعرف حتى "جاردنر" وماسمع به . ولكن ليس هذا مقصد ونستنا اليوم ،فهي عن إختفاء وسرقة جماجم المبدعين من الطبقة العليا ، فهي سرقة تبدو في ظاهرها سرقة آثار بغرض المال ولكنها تنتهي لمعامل سرية عند علماء محافل باطنية تريد أن تقبض على أسرار العقل الإنساني المبدع ظناً منها بوجود صدغ أو فص أكبر أو قشرة رمادية أسمك أي سبباً فسيولوجي للعبقرية . وقد أفادت الإنسانية من دراسة العقل البشري كثيراً في تطوير تقنيات الحوسبة وإبتداع الحاسوب بذاته،وقد قطعت دراسات العقل البشري المعملية والنفسية شوطاً لنا في اليد بعض من نتائجها المذهلة ولهم في أضابير مخابراتهم الكثير للسيطرة على النوع الإنساني.
ففي العام 1901م تم إخراج بقايا الرسام التشكيلي الأسباني جهير السيرة "جويا " بُناءً على طلب الحكومة الإسبانية، ليتم نقله إلى مقبرة أسفل كنيسة سان انتونيو في مدريد. عندما تم إخراج جسده من قبره بفرنسا، وجدوا أن جمجمته مفقودة، ولم يتم تحديد موقعها منذ ذلك الحين. وبعد 400 عام من وفاته ودفنه في كنيسة هولي ترينيتي بستراسفورد وسط إنجلترا، سُمِح لباحثين بإجراء مسح بالرادار لقبر "شكسبير" أعظم كاتب مسرحي في تاريخ إنجلترا، وجدوا ايضاً أن جمجمته قد فقدت وللأبد. تُوفي أسطورة الفيزياء النظرية "أينشتاين" في مستشفى برنستون في ولاية نيوجرسي. وقد جرى تشريح لجثته، وكانت بإشراف الطبيب الشرعي “ثوماس هارفي”. لكن الجثة كانت بلا دماغ. أيضاً " توماس بن"صحفي ومخترع إنجليزي، وناشط سياسي، هاجر إلى الولايات المتحدة، حيث يعد أحد مؤسسيها، وهو صاحب عبارة “الولايات المتحدة الأمريكية”. تُوفي في مانهاتن، وبعد 10 سنوات من وفاته، نبش “ويليام كوبيت” جثمانه، وحصل على عظامه، وإلى يومنا هذا بقيت عظام توماس مجهولة المكان. "جيرانيمو" وهو قائد بارز من السكان الأصليين في الولايات المتحدة من قبيلة شيراكاهاو أباتشي، شارك في محاربة نظام توطين المستوطنين الأوروبيين في أمريكا. تعرّضت جمجمته للسرقة من قبل جمعية الجمجمة والعظام السرية عام 1918، ووُضعت في كوب زجاجي في مقرها. رفع أحفاد جيرانيمو دعوى قضائية ضد الجمعية في عام 2009، لكن تم إسقاطها لعدم كفاية الأدلة. هذه نماذج لهكذا سرقات ،جمعتها لك من مصادر متعددة ،تناولت بعضها سرقة أعضاء المشاهير ورفاتهم بغرض المال وما تقصدت أبداً جماجمهم بغرض المعرفة .ومن اللافت أنتباه مؤسس التحليل النفسي "سيجموند فرويد" باكراً لما يمكن أن تنتهي اليه جمجمته فاوصى بحرقه لينتهي رماد في جرة لم تنجو أيضاً من محاولة سرقتها أكثر من مرة ،أما المبدع عبقري الفاكرة "سلفادور دالي " مؤسس المدرسة السريالية فقد إحتاط لابدية يريدها وقرر أن يتم حفظه مباشرة بعد وفاته انتظاراً لأن تكتشف الأنسانية ذات يوم ما يعيد عبقريته للحياة، وانه سيكون لذاك الوقت منتظراً في سائله من الهليوم دون نفاد صبر. ومما يقع ضمن منظورنا الذي يدعي بان العبقرية ليس في تلافيف وأتلام الدماغ وسعة الجماجم فحسب، أنما في خبرة الحياة وحياتنا النفسية. قدمت حبوبة "دالي" دليلاً قاطعاً عليه، وتخطت بالشدة التى تعرضت لها أعظم الحواسيب والعبقريات تنبؤاً . يروي "سلفادور دالي" في مذكراته عن "أنّا" حبوبته: (كانت في التسعين ،بعد وفاة إحدى بناتها ابتليت بنوع من الجنون المعتدل، وقبل ساعة من موتها جلست نصف جلسة على فراشها وقالت متعجبة حفيدي سيصبح الأعظم بين رسامي قطالونيا ثم استسلمت للسبات الأبدي). كتب أ.س .ميغوليسفكي (إن فكر الإنسان يولد خارج حدود جسده الفيزيائي،وقد اعتدنا أن نقول أن الإنسان الموهوب يولّد الأفكار لكن في واقع الحال ان أحداً لا يولد شئياً قط ،فالكل يستقي من مصدر وحيد هو حقل الإعلام الكوني) (وكل ماهو متوفر لدى حقل الإعلام الكوني ،موجود في الوعي الباطن لكل منّا . ومن المعروف أن وعينا الباطن متصل مع وعينا بقناة معلومات ، هي عادة مغلقة لدى الناس الطبيعيين مغلقة بسدادة إذا ما حدث لسبب وانزحت السدادة يمكن أن يتلقى الإنسان المعلومات من اللاوعي أي من حقل الإعلام الكوني عندئذ يغدو مثل هذا الإنسان مستبصراً) او عبقرياً كحال جدة " دالي" . وفي مقالة "تود آي .لوبارت" المعنون (الإبداع عبر الثقافات) يقول:( لايحدث الإبداع من فراغ . فعندما ندرس الشخص المبدع أو المنتج الإبداعي أو العملية الإبداعية فاننا غالباً ما نتجاهل الوسط البيئي .أننا ننزع الإبداع من سياقه. غير أن البيئة حاضرة دوماً ويمكن أن يكون لها أثر عميق على التعبير الإبداعي. ويمكن أن تدخل البيئة في تحفيز ودعم الإبداع وفي تعريفه وتقييمه) وينسب عالم النفس "فرتهيمر" أحد مؤسسي علم نفس الجشطالت التفكير الإبداعي للإستبصار المفاجىء، الذي يُطلق عليه أسم مفتاح الجشطالتي. وبالطبع يستمسك المعمليون بالإطروحة الفسيولوجية لأصل الإبداع ،فقد وجد "مارتيندال منذ العام 1977م علاقات إيجابية بين توصيل الجلد القاعدي واختبارين للإبداع ،ووجد فلوريك 1973م أن معدل ضربات القلب القاعدي لدي المبدعين في مجال الفن التشكيلي سريع جداً، ويقرر كروبلي وكاسيل وماسلاني وكينيت 1973 أن مستويات حمض اليوريك في مصل الدم منخفضة لدى المبدعين . وحمض البوريك يرتبط إجابياً بالنشاط البدني ، وثمة دليل على أن المبدعين أقل نشاطاً بدنياً من غير المبدعين ،كما أن مرتفعي الإبداع لديهم مدى منخفض من موجة ألفا القاعدية على رسام المخ الكهربائي عن مداها لدى نظرائهم من منخفضى الإبداع. لاحظ أننا نتحدث ونطرح معارف في غاية الأهمية حول العقل البشري توصل لها العلم منذ ستينيات القرن المنصرم، فإختبارت الدم لها دوراً سريع في الكشف عن هويتنا الذهنية حين التقديم لسفريات طويلة أوغير ذلك . ويبدو أن الأمر قد تلاشى مع تطور دراسات علم النفس الإبداع الحديثة، وفحوصات الدم الكاشفة و توقفت مع هكذا تطور الجماعات السرية عن سرقة جماجم العباقرة الا من باب التبجيل الطقسي والتكسب المادي .



#ميرغنى_ابشر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسم الباليرنيا على كوب أمي
- أَناشِيدُ غَرْقانُ
- في قطار -البداوي-..بوابة تُرْعة في قرية ود سلفاب تُحَرِّر عد ...
- السودان جمالياً.. -ماء الشهوة- المروي يُنثر في معبد -إيزيس- ...
- الوجه الإفريقي لبروميثيوس اليوناني ، قراءة إحفورية
- لماذا انا علماني وصوفي ،أرفض الدولة الدينية؟؟
- إفهومة -الإسلاموعروبية- ومستقبل الهويات في السودان
- ينبئاني
- صُورَة
- وَهَم قَصْر سُلَيْمَانَ.. الآثار بين الدارِسين والهُواة.. بح ...
- شَجْوٌ السَمَنْدَل
- الوظيفة العيادية لبطل -الطيب صالح-، سايكولوجيا الإبداع في -م ...
- في مقاماتِ لَيْلَى
- (خليك مع الزمن)، محمد يوسف الدينكاوي يحكي عن رمضان زايد!!.
- المحمول الثقافي لمسمىّ الأمكنة في عمائر السودان القديمة مؤان ...
- رسالة لطيف هنْريّ وِلكَم !!
- بوابات امدرمان في القرن التاسع عشر - ذواكر للإجتماع الإنساني ...
- القرآن بين إليهن.. مقال في الإدّكار العرفاني وقضايا التشريع ...
- ما لم يُكتب في الشريف حسين الهندي -اقيونة النضال العربي والإ ...
- آخر ما قال - فارس-!


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميرغنى ابشر - جَمَاجِمُ المُبْدِعِين