أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاتن نور - لا أخلاقيات المعرفة التقليدية














المزيد.....

لا أخلاقيات المعرفة التقليدية


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 6990 - 2021 / 8 / 16 - 02:07
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


هل المكانة الأخلاقية التي أنتجها البشر لعيشهم؛ أخلاقية فعلاً؟
تتأصل في الإنسان معارف بيئته وثقافتها السائدة التي ينمو ويترعرع في ظلالها، حتى يظن أنها جوهرية لبقائه وإنسانيته وأخلاقه. وقد يرتكب أكبر خطأ أخلاقي في حياته عندما يجعلها معياراً لا حيف فيه ولا جدال، للحكم على أخلاق الآخرين والثقافات المغايرة في العالم، بغض النظر عن مدى صلاحيتها أو حتى قدرتها على استيعاب وتصحيح مغالطاتها المنطقية. كما تؤسس هذه المعارف المتأصلة وتحدد طبيعة علاقته مع الوجود وغيره من الأحياء.

لا يكاد يخلو حقل أو مجال من الممارسات اللاخلاقية، المنوه عنها في الثقافات التقليدية كأخلاقيات ضرورية للعيش في كنف الجماعة، لا أخلاقيات مازالت تتمتع بمكانة عرفية وحصانة عقائدية في اللوائح القانونية والنظم المعمول بها في شتى أرجاء العالم. في هذا المقام سيكون التركيز على حقل غاية في الأهمية: الأخلاق البيئية.

لماذا لا نقيم لمفهوم البيئة وزناً أخلاقياً؟
لماذا نفتقر إلى التزامات أخلاقية صارمة في تعاملنا مع الطبيعة بشكل عام، بما فيها من موجودات حيّة وغير حيّة، مع وجود الكثير من المؤسسات والمنظمات الفاعلة في هذا المجال، واهتمام الجامعات ومراكز البحوث العالمية بتأثيرات الأنشطة البشرية على البيئة، سيما وأن الطبيعة كانت من المحاور الاساسية لفلسفة القرنين التاسع عشر والعشرين؟
لماذا تنحسر أخلاقياتنا البيئية في نظم أكاديمية متخمة بالتهميش لصالح المركزية التقليدية للبشر؟

ربما هي نوع من الرثاثة الفكرية التي أنتجت علاقة آلية شوهاء مع الطبيعة، فمنحنا قيمة عظمى لأشكال الحياة البشرية على حساب قيمة الأشكال غير البشرية، وتبنينا اعتقادات منكفئة بتداعياتها المريرة، فتصورنا أن للأشياء التي لا يمكننا البقاء بدونها، كـ الماء والهواء والتربة، على سبيل المثال لا الحصر، قيمة متدنيّة عن قيمتنا؟
إذا كنا نعّد سرقة رغيف خبز، عملاً لا أخلاقياً يحاسب عليه السارق، لماذا لا نعدّ سرقة سمكة من النهر عملاً لا أخلاقياً بالمقابل؟
ماذا لو صارت السمكة بعهدة صيّاد، هل سرقتها منه وهي ميتة، أكثر جرماً من سرقتها حيّة من النهر؟
هيمنة النظرة الاستعلائية ومفاهيم التسخير والإمتلاك في المعتقدات الفلسفية القديمة على العقل الجمعي؛ أنتجت مكانة مركزية خاصة للبشر تستوعب انماطاً ضارة من اللاخلاقيات عبر مراحل التطور من البداءة إلى الحضارة بقيمها الأخلاقية واللاخلاقية المشاعة. قد تقود إلى قتل من يطعن بها مثلما قتلت الكنيسة الكاثوليكية بقلب "محافظ" جاليلو الذي أطاح بمركزية الأرض الكونية بالحقيقة العلمية وعقله الجريء.

ولكن من يمتلك السمك، النهر أم الطبيعة أم الإنسان؟

هذه أسئلة غير نمطيّة قد لا يألفها البعض، وقد تكون مثار سخرية أو دهشة، سيما وأن العالم يمر بأوقات نمطيّة عصيبة. وأن البشر مهرة في ابتداع مفاهيم ضيقة الأفق وكأنهم في عزلة مكتفون بذواتهم عن بقية الكتل الأحيائية، وليس الكتلة الضيئلة والهامشية أو العرضية في هذا الوجود.

الشوفينية مثلاً كمفهوم متداول، هو بحد ذاته مفهوماً شوفينياً صرفاً يعزل الجنس البشري بعنصرية عن غيره من الكائنات، فالتعصب الأعمى للوطن والقومية، والنظرة الدونية للشعوب والقوميات الأخرى؛ أمور تتمحور بالأساس حول مركزية الإنسان في الطبيعة وتقتصر على شوفينيته مع أفراد جنسه وحسب، ولا تغطي شوفينيته الصارخة مع غيره من الأحياء. فيما لم يختلق اسلافنا في غابر الأزمنة هذه الطبقية والحدود المصطنعة بين مملكة الإنسان ومملكة الحيوان. ونكاد لا نرى للشوفينية كمفهوم وجودي واسع غير مخصخص لكتلة أحيائية معينة، حضور واضح في نظم الوعي البشري التي مازالت تعاني التقليدية وقيمومة البشر كمحور كوني.

ولو اقتربنا من مفهوم الشرف في الوعي البشري سنجده يقترن غالباً بما يفعله الأنسان بجسده ضمن الجماعة التي ينتمي إليها وما تفرضه من نواميس ووصايا، فيما لا حضور لمفهوم للشرف عندما يتعلق الأمر بما يفعله الإنسان بجسد الطبيعة، حتى مع وجود قوانين رادعة لبعض الاعتداءات على البيئة والطبيعة في الأنظمة العالمية، فهي في الغالب قوانين آليّة تخدم الاستدامة البيئية لصالح الإنسان كمركز وجودي.
إن هذا العالم، أقول ولست ساخرة-، ومع أنه قد بلغ من الهشاشة والزيف ما يتخطى التعامل معه بنمطيّة الأطر التقليدية بخلفياتها الثقافية والفكرية والعقائدية؛ لا يمكن له أن يوجد بأي حال من الأحوال، دون كوكب حاضن له. فيما لا يضير الكوكب عدم وجود هذا العالم المتهالك الذي صنعناه، بل عدم وجوده أصلح للكوكب وأبقى. إذ يمكنه استعادة عافيته ذاتياً، والتغلب على الأضرار الجسيمة التي لحقت به بأسم الإنسان والحضارة، وبوقت قصير نسبيّاً مقارنة بعمره البالغ 4.5 مليار سنة.

ومن المثمر ربما أن نسأل:
ما قيمة أية حضارة لا تتناغم حاجاتها وتنسجم مع حاجات الكوكب الحاضن لها؟
وهل وصفها بالحضارة الذكية مشبعاً حقاً للذكاء والحضارة؟


يتبع…



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال
- مساحات
- رقصة داليا
- سفر الأنثى
- ذلك الشيء
- التجميل في سوق العدم 2
- التجميل في سوق العدم
- مرايا
- كيف تكون وطنياً بلا حدود
- لا يأتي فجأة
- لا وقت عندي
- رسائل الصمت 2
- رسائل الصمت
- لتمسّك يدي
- قنديل
- بصمة المدينة
- صفعة المطر


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاتن نور - لا أخلاقيات المعرفة التقليدية