أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - لغة المسرحية الفصحى والعاميّة 2














المزيد.....

لغة المسرحية الفصحى والعاميّة 2


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 6988 - 2021 / 8 / 14 - 13:02
المحور: الادب والفن
    


- 2 -

في معظم لغات الأمم المختلفة لا توجد اختلافات كثيرة بين مفردات وتركيبات اللغة الفصحى واللغة العاميّة أو اللهجة مثلما هي موجودة في لغتنا العربية كما أظن،
بل إن هناك اختلافات كثيرة حتى بين اللهجات المحلية العربية ومنها العراقية وذلك لأن هذه اللهجات هجينة حُشرت فيها العديد من المفردات جاءت من لغات أجنبية كالتركية والفارسية والانكليزية والأمثلة على ذلك كثيرة وعلى وفق هذه الاختلافات يقف الكاتب المسرحي العربي والعراقي أيضاً حائراً بين اللغة الفصحى واللهجات فتراه مرّة يكتب بالفصحى وأخرى يكتب بالعاميّة وأخرى حتى بالشعر ويبدو لي أن مؤلف المسرحية العربي يكتب بالفصحى عندما تعتمد مسرحيته على مادة تاريخية أو مادة من الماضي وبعكس ذلك يكتب باللهجة عندما يتناول موضوعاً وأحداثاً معاصرة وعندما تكون شخصيات مسرحيته منتمية إلى الفئات الشعبية أو من الطبقات المسحوقة وذلك لشعوره بأن اللهجة في مثل تلك الحالات أكثر صدقاً وتصديقاً وتكون أقرب إلى الواقع وإلى الكلام في الحياة اليومية حيث لا يتحدث ابناء الشعوب العربية باللغة الفصحى إلا في حالات خاصة.
من هنا تظهر إشكالية ترجمة النصوص المسرحية الأجنبية إلى اللغة العربية الفصحى فهناك من يقول إن الترجمة يجب أن تكون بالفصحى وهذا هو الغالب، وهناك من يعيب على المترجم الذي يترجم المسرحية الأجنبية باستعماله اللغة العاميّة أو اللهجة، وهذا ما حدث عندما قدمت مسرحية (الحيوانات الزجاجية) للكاتب الاميركي (تينسي وليامز) باللهجة البغدادية التي حوّلها الروائي (خضير عبد الأمير) من الفصحى وبوقتها بقيت أتسائل لماذا هذه الترجمة ، أليست العربية الفصحى هي لغة غير اللغة الانكليزية التي كتبت بها المسرحية ، فما الفرق إذا استبدلنا الفصحى بالعاميّة خصوصاً إذا كانت شخصيات المسرحية نفسها هي من عامة الاميركان، وسرى تساؤلي هذا أيضاً عندما أخرجت مسرحية ساموئيل بيكيت (في انتظار غودو) والتي ترجمها الأديب والناقد (جبرا إبراهيم جبرا) باللهجة البغدادية وكانت مقنعة للجمهور عند عرض المسرحية خصوصاً لكون اللغة العامية مناسبة لشخصيتي المتشردين (فلاديمير) و(ستراغون).
بقي عليَّ أن أجيب عن سؤال خطر ببالي وأنا أشاهد مسرحية ألفها مخرج عراقي راحل وأخرجها مخرج مقتدر حاضر عن شخصية تاريخية نرتعب عندما يذكر اسمها. والسؤال هو : هل يجوز أن نحشر جملاً من اللغة العامية في حوار مكتوب بلغة فصحى عالية المستوى؟ أجيب بنعم إذا كان وراء هذا الحشر مبرر منطقي . شخصية الطاغية الجبار والمرعب والمتغطرس يتحدث باللغة الفصحى وإذا به فجاةً يلتفظ جملاً باللهجة ، فما هو المبرر ؟ قد يدعي البعض إن مثل هذا الاستعمال يدخل من باب (التغريب) البريختي. ولكن عامل التغريب يستعمل لغرض الإدانة لا لغرض إثارة ضحك الجمهور وبالتالي التخفيف من غلاظة الشخصية ورعبها . هذا من جهة ومن جهة أخرى أليس في ذلك الخلط بين الفصحى والعامية في مسرحية كتبها كاتبها بالفصحى كلها إساءة لمنجزه الإبداعي ، قد يعترض البعض قائلاً وهل نص المسرحية الأصلي كالكتاب المقدس لا يجوز التصرف به عند الإعداد. نعم النص المسرحي ليس مقدساً ولكن إعداده يجب أن يكون مدعوماً بتبريرات فنية أو منطقية وليس لأغراض أخرى.
أقول إن اللغة الفصحى هي الأفضل لكتابة المسرحية ما دامت هي لغة الثقافة والمسرح وإن اللهجة أو اللغة العاميّة تصلح أحياناً للشخصيات التي تستعملها فالفلاح مثلاً لايستخدم الفصحى في حياته وكذلك العامل أو حتى التاجر أو الأستاذ الجامعي يستعمل الفصحى في أغلب الاحيان وتتناسب اللغة العامية مع البيئة التي تعيش فيها شخصيات المسرحية وهكذا كانت مسرحية (النخلة والجيران) التي أعدّها عن رواية الروائي الراحل (غائب طعمة فرمان) المخرج الراحل (قاسم محمد) إذ كانت اللهجة مناسبة لجميع الشخصيات ومناسبة للمكان الذي عاشت فيه وهو أزقة بغداد وأحياءها الشعبية، وأقول أخيراً إن حشر بعض الجمل من العاميّة في نص مسرحي كتب بالفصحى قد يخدش الأسماع ويمنع المتفرج من متابعة العرض المسرحي إذا لم يكن ذلك الحشر منسجماً مع اللغة السائدة في النص ، وقد لا يرى البعض ذلك ولهم العذر.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة المسرحية الفصحى والعاميّة
- ذكريات عن مسرح الرشيد
- ذكريات عن مسرح الرشيد 2
- مسرحيات كتبها كتّاب وشعراء غير مسرحيين ولم تُنتَج على المسرح ...
- مسرحيات كتبها كتاب وشعراء غير مسرحيين ولم تُنتَج على المسرح
- حول المسرح البديل؟!
- مسرح المقهورين
- اختفاء حركة النقد المسرحي في بلادنا
- في الفن المسرحي التبرير المنطقي مطلوب
- لقاءاتي مع (وليام شكسبير) 2
- لقاءاتي مع (وليام شكسبير)
- نماذج مختارة من التجديد والتجريب في المسرح العراقي 1
- نماذج مختارة من التجديد والتجريب في المسرح العراقي 3
- نماذج مختارة من التجديد والتجريب في المسرح العراقي 2
- (الباليه) فن درامي !! 2
- شكراً للذين وثّقوا للمسرح العراقي 2
- (الباليه) فن درامي !!
- السينوغرافيا كمفهوم وكحركة 5
- السينوغرافيا كمفهوم وكحركة 4
- السينوغرافيا كمفهوم وكحركة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - لغة المسرحية الفصحى والعاميّة 2