جوزفين كوركيس البوتاني
الحوار المتمدن-العدد: 6984 - 2021 / 8 / 10 - 23:06
المحور:
الادب والفن
هي سفرة كانت تفرش في وسط غرفة صغيرة
وعلى حائطها صورة جدي وهو في حقله
وصورة للأم الحزينة مريم العذراء
وصورة لأبي الشخصية بملابسه العسكرية
وصورة( مارغريت )وهي بزها الكردي التي قاتلت وقتلت من اجل القضايا
وصورة مار كوركيس شفيع العائلة
الذي يمنع دخول الارواح الشريرة الى البيت حسب معتقد امي
وتقويم عند مدخل الغرفة لمعرفة ايام العطل الرسمية
وايام الاعياد الدينية
على تك السفرة وفي تلك الغرفة البسيطة
كانت امي تجمعنا
تضع الاكل المرتب بعناية
وهو عبارة عن صنية برغل احمر مع مخللات
خضروات كالكرفس والنعناع و(دولكة شنينا))
وبجانب السفرة سلة من الحصير تفوح منها رائحة خبز حار
لا تدع احدا يمد يده قبل ان يجتمع الكل ثم تتلو صلاتا على السفرة
وتقول لنا سموا بأسم المبارك
كي يبارك سفرتكم دائما ثم مدوا يدكم
كي تبقى ايامكم مباركة
ثم تتنهد قائلة
لا تنقص السفرة سوى ابياكم الذي اعتدنا غيابه صلوا لاجله
صحيح انه بعيد يحارب في مهران
يدافع عن الوطن ولكن دائما اذكروه في صلواتكم
ومن يدري قد يستشهد هو الاخر مثل عمكم جليل
الذي ترك زوجة مريضة وخمسة ابناء امانة عند جدكم
وتتنهد امي ثم تقول مدوا يدكم ونمد ايدينا فرحين
وكبرنا يا امي
وابي لن تقتله الحروب
لكنه مات من الغم
وكل منا صارت عنده سفرة خاصة به
وكبرت السفرة
مثلنا وتحولت الى المائدة
وعلى المائدة بات ما لذ وطاب
ولكن النفس مسدودة
لم تعد تشتهي الاكل
كما كانت تحت ظل محبتك
بمرور الوقت ولم نعد نجتمع على السفرة الواحدة
يا امي
وذلك بحكم المسافة والظروف التي تتحكم بنا
وبقيت سفرتك يا امي معلقة بذاكرتنا
كأيقونة مقدسة وكلما اجتمعنا كأخوة مشتتين
تجديننا نفتح موضوع سفرتك كموضوع للنقاش
ونحس بقوة تربطنا غض النظر عن صلة الرحم اوالدم
ما يربطنا ببعضنا هي سفرتك يا امي
وتلك الغرفة الصغيرة التي كانت تضمنا جميعا بمودة
كم افتقد تك الايام والى سفرتك التي لا زالت مفروشة بذاكرتنا الممتلئة بالتفاصيل ...!
#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟