أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند















المزيد.....

دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6977 - 2021 / 8 / 3 - 12:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القبول بالاشتراكية في الهند جاء سابقاً على استقلالها بزمن طويل، معضداً بالتذمر الواسع من الاستعمار البريطاني ومن طبقة الأمراء الهنود المالكة للأرض (الزامنداريين)، فضلاً عن مجهودات الحزب الشيوعي الهندي الذي تأسس عام 1921. وعليه، لم يكن مستغرباً أن يتبنى أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها في 1947، جواهر لال نهرو، الاشتراكية أيديولوجية للحكم.

لنحو 30 سنة، انتهجت الحكومة الهندية الخط الاشتراكي، لتقيد الواردات وتحظر الاستثمار الأجنبي المباشر وتحمي الشركات الصغيرة من المنافسة من الشركات الكبيرة، وتبقي على الضوابط السعرية على تنوع واسع من الصناعات من ضمنها الحديد والأسمنت والأسمدة والبترول والأدوية. كان كل منتج يتجاوز الطاقة الإنتاجية الصادر له ترخيص بها يواجه عقوبة الحبس.

على حد استغراب الاقتصادي الهندي سواميناثان أنكليساريا أيار، "ربما كانت الهند البلد الوحيد في العالم حيث كان تحسين الإنتاجية... جريمة". كان تطبيقاً صارماً للمبدأ الاشتراكي بعدم إمكانية الوثوق بالسوق لإنتاج مخرجات اقتصادية أو اجتماعية صالحة. وكان التفاوت الاقتصادي يُعالج من خلال الضرائب- لامس سقف ضريبة الدخل على الأفراد حداً تعجيزياً بلغ 97.75 بالمائة.

شهد عام 1969 تأميم نحو 14 مصرفاً عمومياً؛ ثم في 1980 استحوذت الحكومة على ستة أخرى. وبدافع من مبدأ "الاكتفاء الذاتي"، كل شيء كان بالإمكان إنتاجه محلياً لم يسمح باستيراده من الخارج بصرف النظر عن التكلفة. تلك كانت نقطة "الذروة" في الاشتراكية الهندية، التي رغم ذلك أخفقت في تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان لا يتوقفون عن التكاثر. في 1977-1978، كان أكثر من نصف سكان الهند يعيشون تحت خط الفقر.

في نفس الوقت، كما يلاحظ الاقتصادي الأمريكي من أصل هندي أرفيند باناجاريا، هبت سلسلة من الصدمات الخارجية هزت البلد، من بينها حرب مع باكستان في 1965، التي أتت في أعقاب حرب مع الصين في 1962؛ ثم حرب أخرى مع باكستان في 1971؛ تلتها موجات جفاف متعاقبة في 1971-1972 و1972-1973، ثم أزمة أسعار النفط في أكتوبر 1973، التي ساهمت بتدهور بلغ 40 بالمائة في ميزان التجارة الخارجية للهند.

كان الأداء الاقتصادي خلال الفترة من 1965 حتى 1981 أسوأ منه في أي وقت آخر منذ الاستقلال. وكما في إسرائيل، أصبح الإصلاح الاقتصادي ضرورة حتمية. بحلول ذلك الحين كانت رئيسة الوزراء أنديرا غاندي قد مضت بسياساتها جهة اليسار لأقصى حد ممكن، وما كان باستطاعتها الذهاب لأبعد من ذلك. في 1980، فاز حزب المؤتمر بأغلبية الثلثين في البرلمان، وتبنت غاندي، أخيراً، مساراً أكثر براجماتية وغير أيديولوجي. لكن ومثل كل شيء آخر في الهند، مضى الإصلاح الاقتصادي بخطى متثاقلة وبطيئة.

جاء بيان السياسة الصناعية حينئذٍ معززاً لنكوص تدريجي عن الاشتراكية قد بدأ منذ 1975، ليجيز للشركات توسيع طاقتها الإنتاجية، ويشجع الاستثمار في تنوع واسع من الصناعات، ويفتح الباب أمام مشاركة القطاع الخاص في صناعة الاتصالات. ثم تلقت موجة التحرير دفعة قوية في عهد راجيف غاندي، الذي خلف والدته في 1984 عقب اغتيالها. نتيجة لذلك، حقق النمو في الناتج المحلي الإجمالي رقماً مشجعاً ناهز 5.5 بالمائة.

حضر راجيف غاندي إلى المسرح السياسي متحرراً من قناعات جيل الآباء الاشتراكية، وفي عهده استمرت الاقتصاديات تكسب أرضاً من الأيديولوجيا. ثم جاء خلفه، ناراسيمها راو، ليضع نهاية للاستثمار الحكومي عدا في قطاعات مختارة وتوسع كثيراً في فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي. وأدخل وزير المالية مانموهان سينغ تخفيضات ضخمة على معدلات التعريفة الجمركية ليهوي بها من مستويات فلكية بلغت 355 بالمائة إلى 65 بالمائة. هكذا، على حد قول أرفيند باناجاريا، "اتخذت الحكومة من إجراءات التحرير ما يكفي لوضع الاقتصاد على الطريق للمحافظة على نمو قارب 6 بالمائة على أساس طويل المدى." في الحقيقة، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للهند ذروة فاقت 9 بالمائة في 2005-2008، أعقبها هبوط طفيف إلى ما دون 7 بالمائة فقط في 2017-2018.

أسفرت الإصلاحات الاقتصادية عن توسع ملحوظ في الطبقة الوسطى الهندية. تقدر صحفية الإيكونيميست أن الطبقتين الوسطى-الوسطى والوسطى العليا تستوعبان 78 مليون هندي. وبعد تضمين الطبقة الوسطى الدنيا، يقدر الاقتصاديان الهنديان كريشنان وهاتكار أن الطبقة الوسطى الجديدة في الهند نمت من 304.2 مليون في 2004-2005 إلى رقم مذهل بلغ 606.3 مليون في 2011-2012، أي قرابة نصف سكان الهند بالكامل. وبلغ الدخل اليومي للطبقات الوسطى الثلاثة 2-4 دولار للوسطى الدنيا، 4-6 دولار للوسطى- الوسطى، 6-10 دولار للوسطى العليا.

مع أن ذلك يعتبر شديد التدني وفقاً للمعايير الأمريكية، إلا أن الدولار الواحد قادر على أن يفعل الشيء الكثير في الهند، حيث يقف الدخل السنوي للفرد عند 6.500 دولار تقريباً. فإذا تمكن النصف فقط من الطبقة الوسطى الدنيا من تحقيق النقلة إلى دخل الطبقة الوسطى العليا أو الوسطى- الوسطى، سيعني ذلك طبقة وسطى هندية من نحو 350 مليون هندي- وهي نقطة اتفاق بين تقديرات الإيكونيميست وكريشنان وهاتكار. هذه الطبقة الوسطى المهولة تؤكد صحة تقدير مؤسسة هيريتيج فاونديشن البحثية الأمريكية، في مؤشرها الخاص بالحرية الاقتصادية، حول تطور الهند إلى "اقتصاد سوق مفتوح."

في 2017، تخطت الهند ألمانيا لتصبح رابع أكبر سوق سيارات في العالم، ويتوقع أن تزيح اليابان في 2020. وفي نفس ذلك العام، تخطت الهند الولايات المتحدة الأمريكية في مبيعات الهواتف الذكية لتصبح ثاني أكبر سوق هواتف ذكية في العالم. فالبلد الذي كان يوصف عادة بالمجتمع القروي التقليدي أصبح 31 بالمائة من سكانه اليوم يعيشون في حواضر عصرية. وأصبحت الهند، بفضل ناتج محلي إجمالي سنوي مقداره 8.7 تريليون دولار، تصنف في المرتبة الخامسة على مستوى العالم، خلف الولايات المتحدة والصين واليابان وبريطانيا العظمى. وكما لاحظ الاقتصادي الهندي جورتشاران داس، لم يحدث أبداً من قبل في التاريخ المدون أن اغتنت هذه الكثرة من الناس بهذه السرعة.

كل ذلك قد تحقق بفضل مساعي صادقة من القادة السياسيين للهند إلى نظام اقتصادي أفضل- حرية المبادرة- وتبنيه بعد نحو أربعة عقود من التقدم المتقطع والازدهار غير العادل في كنف الاشتراكية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- إسرائيل
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها
- مصادر الثروة بجزيرة العرب
- هل الفتور الجنسي خطر على سلامة العلاقة الزوجية؟
- كوفيد 19 يفرق بين دول الشرق الأوسط
- بايدن يريد تقليد معجزة البنية التحتية الصينية لكنه لن يستطيع ...
- الإجهاد المائي: مشكلة عالمية تزداد سوءاً
- كورونا يغير العالم بحلول 2030
- هل الإنسان مهم حقاً؟
- حتى لا يجف النهر
- رآيت مناماً
- ذات صباح أسود حالك
- فليبقى القضيب منتصباً
- آل البيت السامي
- شرعية يوليو
- عراق في مهب الريح
- الانقلاب المبارك
- جمال وثورته
- الأنبياء المؤسسون
- ابن الله


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند