|
الإتحاد العالمي للمتاجرين بالدين
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 6976 - 2021 / 8 / 2 - 13:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بغض النظر عما يمكن أن تسفر عنه الأحداث في تونس ، وهو أمر يجعل الوصول فيه إلي نتائج محددة هو أمر مبكر جداً .. ذلك لأن ماحدث هو أن المواجهة الشعبية لهيمنة حزب النهضة في تونس قد أوصلت الصراع السياسي علي السلطة إلي نقطة ذروة مرتفعة ، وإلي مستويات متشعبة من الصراع لايمكن اختزال عناصرها في مجرد الصراع بين الرئيس التونسي (الغامض من حيث الهوية السياسية) قيس سعيد وحزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي الزعيم الماكر المراوغ للإخوان المسلمين في تونس .. ليس هذا موضوعنا في هذا المجال فقط أكتب هنا لأن هناك موضوع فرض نفسه لاستحقاق قدر غير قليل من الإلتفات .. ألا وهو ذلك النموذج الفج للتجارة بالدين والنصب والتلاعب بالمشاعر الدينية للبشر .. هذا النموذج الذي تجسد فيما يسمي باتحاد علماء المسلمين الذي أصدر فتوي بخصوص الأحداث الجارية في تونس تنص علي (حرمة الإعتداء علي العقد الإجتماعي بين الشعب والسلطة) !!!! إذن اتحاد علماء المسلمين المعروف بكونه قبلة العمامات السياسية وواجهة المتاجرين سياسياً بالدين الإسلامي في جميع انحاء العالم يتحدث لأول مرة عن (حرمة العقد الإجتماعي) !!!! بينما تاريخ اتحاد علماء المسلمين لم يشهد يوماً ما الاعتراف بشئ أسمه (الشعب) فالناس في نظرهم ونظر كل جماعات التدين السياسي ماهم إلا (رعية) والرعية وظيفتها الطاعة ، (طاعة أهل الحل والعقد) ، وميراث جميع أنظمة الحكم الديني سواء في أنظمة الخلافة أو الإمامة أو في مشروع الدستور (الإسلامي) الذي صدر في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عن (المجلس العالمي للمسلمين) والذي انعقد في إسلام آباد ، وهو الذي أصبح المانفستو السياسي الذي يجمع كل تيارات التدين السياسي بدءاً بكل أفرع جماعة الإخوان المسلمين في العالم مروراً بالجماعات الوهابية والجهادية السلفية .. هذا الميراث الموثق لم يعترف يوماً بالشعب كطرف أساسي في أي عقد إجتماعي ، ولايعترف أصلاً بفكرة العقد الإجتماعي بدليل أنه أصدر تعميماً لكل مسلمي العالم كنموذج نظام الحكم الإسلامي لم يترك فيه أي مساحة للتعديل أو الإجتهاد .. للأمانة فقط ترك مساحة فارغة للملء بمعرفة حكام كل إمارة إسلامية تتضمن أسم الدولة(كولاية إسلامية) وعاصمتها ، وهذا كان هو الإجتهاد الوحيد المسموح به للجميع هذه التيارات التي يستمد منها الإتحاد العالمي للمسلمين ثقله ووزنه ووجوده لاتعترف بفكرة العقد الإجتماعي فهي ترفع شعارها الزائف (القرآن دستورنا) للتجارة بمشاعر البسطاء ومحدودي المعرفة بينما هم يرون أن الحكم يرتكز علي اصحاب الحل والعقد (اصحاب العمامات السياسية بالطبع) والشعب ليس سوي رعية ، ودور الرعية في هذا النظام هو الطاعة .. وحزب النهضة التونسي لم يكن يختلف في هذا ولكنه اضطر لارتداء القناع الديمقراطي التعددي شأنه شأن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين في مصر أو حزب المؤتمر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في السودان أو العدالة والتنمية الذراع السياسية في تركيا ، وذلك لكي يستخدم صندوق الإقتراع في الوصول للحكم لا أكثر ولا أقل .. اتحاد العلماء المسلمين اعتبر أن حزب النهضة هو الحارس الملاك للعقد الإجتماعي في تونس (الدستور) وعليه أصدر فتواه التي أراد بها أن يرفع حزب النهضة التونسي إلي مستوي من القداسة تجعل من المساس بهيمنته علي البلاد حرام شرعاً .. وهذا نموذج غير مسبوق في الكذب والتدليس والتزييف واللعب بالفتاوي الدينية كلما تطلبت مصالح العمامات السياسية ، وطبقاً لقوانين أسواق التجارة الدينية التي انشأتها تلك الكيانات المريبة لتسليع الدين سياسياً ، وتوظيفه كآداة لتزييف الوعي .. ______________
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفارقات التاريخ ..
-
أربع ملاحظات على هامش إدارة أزمة سد النهضة
-
30 يونيو للمرة الثامنة ..
-
-يوتوبيا- الواقع الكولمبي ..
-
في ضرورة إلغاء اتفاق 2015
-
فظاعة ووضاعة الوجه الإستعماري العنصري للرأسمالية الأوربية ..
-
أحاديث الهدنة
-
عن صديقي الإنسان الجميل الأب صرابامون الشايب ..
-
إعلانات رمضان كنموذج لكيف تخرج طبقة لسانها لغالبية المصريين
...
-
سد النهضة لم يكن يوماً ما مشروعاً إثيوبياً خالصاً ..
-
قراءة في قوائم (فوربس) عن عام 2020
-
أسئلة اللحظة الدولية الراهنة
-
من وحى طابور المساجين ..
-
على هامش الإتفاق الصينى الإيرانى
-
معارك دفن الموتي
-
في غياب الدور الحقيقي للدولة تنشب الحرائق ..
-
أسترازينكا ، ونحن ومعارك اللقاحات ..
-
2- شبح ترامب الذى يعاود التحليق
-
إنها السياسة أيها الأخ الطيب
-
فى يوم المرأة العالمي أو فى غيره ..
المزيد.....
-
ما وراء مطاردة الاحتلال حركة الجهاد الاسلامي واغتيال قياداته
...
-
المسعودي يدعو الحجاج الى الابتعاد عن رفع الشعارات السياسية ا
...
-
شيخ الأزهر يهاجم إسرائيل
-
مستوطنون ينصبون خياماً على أراضي المواطنين غرب سلفيت
-
الآلاف من الأقلية المسلمة يتحدون السلطات الصينية رفضا لهدم ق
...
-
مصادر فلسطينية: عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
شاركوا في مذبحة أقباط مصر بسرت.. محكمة ليبية تقضي بإعدام 23
...
-
شرطة الاحتلال تعتدي على صحفي في المسجد الأقصى
-
مصدر: الأحزاب المسيحية وقوى المعارضة في لبنان يتوصلون لاتفاق
...
-
قائد الثورة الإسلامية يرحب برغبة القاهرة باستئناف العلاقات م
...
المزيد.....
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
-
ظاهرة الهوس الديني في مصر - مقال تحليلي
/ عادل العمري
-
فرويد والدين
/ الحسن علاج
-
كيف دخل مصطلح العلمانية في الثقافة العربية المعاصرة والحديثة
...
/ فارس إيغو
-
تكوين وبنية الحقل الديني حسب بيير بورديو
/ زهير الخويلدي
-
الجماهير تغزو عالم الخلود
/ سيد القمني
-
المندائية آخر الأديان المعرفية
/ سنان نافل والي - أسعد داخل نجارة
-
كتاب ( عن حرب الرّدّة )
/ أحمد صبحى منصور
-
فلسفة الوجود المصرية
/ سيد القمني
-
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
/ سيد القمني
المزيد.....
|