|
-يوتوبيا- الواقع الكولمبي ..
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 6943 - 2021 / 6 / 29 - 19:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأنا اتابع أحداث العالم .. دائماً مااتحسس المستقبل المرعب لمسألة تشييد المدن والتجمعات السكنية والإنشاءات المعمارية الفاخرة المخصصة لنخب الصفوة الطبقية كجزر وبقاع منعزلة الأسوار عن تكدسات سكنية فقيرة ومهملة يسكنها أصحاب الدخول محدودة من فقراء أحشاء المدن وأطرافها التي تتأرجح مابين الريف والمدينة وتحمل طابعاً مشوهاً من حيث البناء المعماري والبنيان الإجتماعي والأنماط الثقافية البائسة انعكاساً للإحباط الناتج عن حدة التناقض مابين حياة مغرقة في البذخ الترفي وانماط الاستهلاك الأوربية االأرستقراطية وراء أسوار مدن الأثرياء ، ومابين المعيشة الصعبة في تكدسات الفقراء ومحدودي الحال من المنضغطين والمقهورين إقتصادياً ومن ثم إجتماعياً .. دائماً اتذكر الأحداث التي تخيلها أحمد خالد توفيق في روايته التي تأخذ الطابع الفنتازي شكلاً ، رغم منطقيتها الشديدة ، ودلالاتها المغرقة في قراءة الواقع من أعمق أعماقه حيث تحليل طبيعة البني الإجتماعية لهذا الواقع المتناقض بحدة بين عالمين تفصل بينهما أسوار حجرية واسمنتية سرعان ما يكتشف هشاشتها وعدم صمودها تحت ضغط حدة التناقض وانفجار الصراع بين عالمين .. أتابع مايحدث في كولومبيا كجزء من جولتي اليومية لمتابعة الشأن العام بدوائره المحلية والإقليمية والدولية .. هناك موجات من التظاهر الإحتجاجي العارم علي الأوضاع في كولومبيا .. لفتت نظري حدث بعينه في ظل اندلاع هذه الإحتجاجات وهو يتلخص في أنه في مقاطعة كولومبية أسمها (فالي ديل كاوكا) قام حشد كبير من سكان الأحياء الفقيرة بالمقاطعة بالزحف علي عاصمة المقاطعة ، واجتاحوا حي (سيوداد خاردين) وهو حي تقع داخل أسواره قصور ومباني وفيلات وكاومباوندات الطبقة الراقية في المقاطعة ، عجزت شرطة الحي الراقي في التصدي لهم فانطلق سكان الحي الراقي مصوبين نيران أسلحتهم الشخصية ورصاصاتهم الحية علي جموع المتظاهرين .. أحد المواطنين الكولومبيين (وهو من سكان الحي الراقي يعمل كوكيل إعلانات لوكالة الصحافة الفرنسية) قال في شهادته علي أحداث المقاطعة لوكالة الصحافة الفرنسية واصفاً ماحدث كالتالي : " .. الأمر أشبه بحرب أهلية .. فقد كان الشرطيون والسكان الخائفون علي مقتناياتهم (سكان الحي الراقي) في معسكر ، وفي المعسكر الآخر كان المتظاهرون العازمون علي نشر (فوضاهم) في حينا" ثم أردف انه (هو نفسه) أشهر مسدسه الأوتوماتيكي (لإطلاق النار في الجو) .. (مع ملاحظة أن جميع الأقواس من عندي) .. بالطبع سقط الكثير من القتلي لدرجة أن الأمم المتحدة طالبت خلال الشهر الماضي بفتح تحقيق مستقل في القضية .. وبالطبع مثل هذه التحقيقات جنائية الطابع لاعلاقة لها بالعمق الحقيقي لمثل هذه القضايا وهو مايتمثل في ذلك الاختلال الحاد في البني الاجتماعية في المجتمعات التي تتبع أنظمتها وحكوماتها مثل هذه السياسات التي تسمح بتعميق الفوارق إلي هذا الحد المنحرف بين الطبقات والشرائح الإجتماعية .. بالطبع رجعت ذاكرتي إلي المحاذير التي أطلقتها رواية (يوتوبيا) المرحوم احمد خالد توفيق بغض النظر عن تقييمنا لقيمتها الفنية ، ومكانتها في عالم السرد .. لكن تظل مثل هذه الأحداث بدلالاتها العميقة جرس إنذار مرعب لتداعيات تأكيد وتعميق الفوارق والفوالق الطبقية في المجتمعات .. درس في حاجة ماسة ليدركه أولي البصائر والألباب قبل فوات الآوان .
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ضرورة إلغاء اتفاق 2015
-
فظاعة ووضاعة الوجه الإستعماري العنصري للرأسمالية الأوربية ..
-
أحاديث الهدنة
-
عن صديقي الإنسان الجميل الأب صرابامون الشايب ..
-
إعلانات رمضان كنموذج لكيف تخرج طبقة لسانها لغالبية المصريين
...
-
سد النهضة لم يكن يوماً ما مشروعاً إثيوبياً خالصاً ..
-
قراءة في قوائم (فوربس) عن عام 2020
-
أسئلة اللحظة الدولية الراهنة
-
من وحى طابور المساجين ..
-
على هامش الإتفاق الصينى الإيرانى
-
معارك دفن الموتي
-
في غياب الدور الحقيقي للدولة تنشب الحرائق ..
-
أسترازينكا ، ونحن ومعارك اللقاحات ..
-
2- شبح ترامب الذى يعاود التحليق
-
إنها السياسة أيها الأخ الطيب
-
فى يوم المرأة العالمي أو فى غيره ..
-
إذا كنت صعيدياً فلتعتز بذلك ...
-
تعقيب مبدئي علي تصريحات وزيرة التخطيط
-
نكش فراخ ..
-
لمجد لشمس هذا اليوم …
المزيد.....
-
كاميرا ترصد لحظة خاصة لصغير خروف بحر لا يريد مفارقة والدته
-
بلقاء CNN.. أبرز ما قالته المرشحة الرئاسية نيكي هايلي
-
مصري يحقن سمّ الكوبرا بـ5 ثعابين أخرى سامّة..ماذا كانت المفا
...
-
بيان خليجي أمريكي حول سوريا
-
ألمانيا: يجب أن نكون مستعدين لدعم أوكرانيا لفترة طويلة
-
القوات الخاصة الروسية تستولى على درون متناهي الصغر بسعر 20
...
-
مصر.. اكتشاف مذهل خلال أعمال تطوير منطقة عشوائية (فيديو وصور
...
-
غروسي: ننوي تبديل مفتشينا في محطة زابوروجيه النووية الأسبوع
...
-
مجموعة العشرين لن تدعو زيلينسكي مثل منظمات أخرى
-
توغل عشرات الطائرات الحربية الصينية في منطقة الدفاع التايوان
...
المزيد.....
-
إنطباعات وملاحظات من زيارتي للعراق بعد أربعة عقود من الغياب
...
/ غسان نعمان ماهر الكنعاني
-
عن الدولة المدنية والدولة العربية
/ إلهام مانع
-
أزمة التعليم في الجامعات الفلسطينية
/ غازي الصوراني
-
الإطاحة بدولة الإحتلال الصهيونى :الطريق إلى دولة ديموقراطية
...
/ سعيد العليمى
-
العدد 66 من «كراسات ملف»: فلسطين واليونسكو
/ عبد الرحمن حسن غانم
-
كتاب تحت المجهر
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
كتاب بيني وبين نفسي
/ محمد السعدي
-
نشيد الحرية
/ عقيل حبش
-
فَنُّ النَقْد السِيَاسِي 3/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
النضال ضد الشعبوية في أوروبا (*) (النص كاملا) ترجمة مرتضى ال
...
/ مرتضى العبيدي
المزيد.....
|