أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد الساعدي - تجليات الفلسفة في القصيدة التجديدية.. نور حامد وتحليل نص














المزيد.....

تجليات الفلسفة في القصيدة التجديدية.. نور حامد وتحليل نص


سعد الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6974 - 2021 / 7 / 30 - 02:27
المحور: الادب والفن
    


أحياناً نحتاج لقراءة النص الشعري منذ البداية قبل البدء بقراءته نقدياً كي تتجلى بعض أسس التحليل، ومن هناك يمكن التوصل لنتائج البحث بأريحية أفضل بكثير لو يأتي النص في نهاية البحث وقراءة الناقد. أمامنا الآن نص شعري تجديدي للشاعرة نور حامد، شاعرة تعد في بداية مشوارها الإبداعي التجديدي. نعرض النص كما هو ونعود إليه بعد قراءته:
النص لا يحمل أي عنوان:
............
أعدّ للعشرةِ،
قلبِي كالرّيح،
ينتظرُ لحظةَ الهبوب،
لكنّه باردٌ،
مثلَ بركةٍ أغرقَت قارِبين،
ونسيَت من فرطِ الأسى،
أن تُسدِل الأشرعة.
——
أعدّ للمئة،
أخرجُ من دائرةِ المكان،
لا بونَ بينَ قلبٍ وقلب،
لا مسافات،
أرفعُ كفّي الأولى،
لأجدَ كفّي الأخرى،
تحتَها،
مبلّلّة بالندى.
—-
أعدّ للألفِ،
عدمُ قبلَ البدايةِ،
لا شيءَ لي،
أرقبُ الضوء،
من آخرِ اللامكان،
ضوءٌ،
يعبرُ الطّريق إلى ما سواي،
ويتركُني،
أرقبُ الضوء،
وحدِي،
لآخر الرحلةِ.
في أغلب القصائد التجديدية غياب واضح لعنونة النصوص، ولذلك أسباب كثير وفق دراسة لنا سابقة عن العنوان، أهم ما جاء فيها: أن النص يعد بكتلته جميعاً هو العنوان العام، وللمتلقي الحق بكيفية إيجاد التعالق بينه والفهم الادراكي، إضافة إلى أن العنوان يكشف النص منذ البدء. بكل مدلولات وجود العنوان أو عدمه نحن هنا أمام نص خالي العنونة نسعى لمعرفة دواخله ولو بشكل جزئي حسبما ترى نظرية التحليل والارتقاء.
نسق جمال المعنى يفرض نفسه بهذا النص، عبر لغة تتشكل منها شتى الصور، تذهب بالمتلقي إلى فضاء الخيال كثيراً، وتعود من جديد بألوان جديدة، تفسر ذاتياً، وتنتج مدلولات قصدتها الشاعرة انطلاقاً من خطة سيكولوجية، فيها فلسفة خاصة بها؛ في الواقع هي فلسفتها الشخصية غير المنفصلة عن الواقع وتداعياته. هذا النمط التجديدي في الكتابة نراه في كتابات الكثير من كتاب الشعر المحترفين، لكن حين يأتي من (كاتبة/كاتب) موهوب في بداية مشواره الحياتي والأدبي إنما يدل على مقدرة إبداعية تسعى لاحتلال مكانتها بوضع بصمتها في ساحة الثقافة عموماً.
هذا واحد من اسرار نجاح القصيدة التجديدية حيث الابداع ينطلق من ماهية حقيقية لفلسفة الشاعر باثارة وعي المتلقي، وخلق حالة ادهاشية تُبقيه ملازماً للنص، لا منزعجاً من كم الكلمات المشوشة بعبثيتها، رغم أن الكثير يتفاخر أو يحبذ الكتابة بهذا الأسلوب على اعتباره أفضل ما أنتجته الحداثة، وهو المطلوب شعرياً أو نثرياً، وهذا شطط لا يضيف إلّا سفسطة فوضوية، وقد يضيف عليها فوضى أكثر من يتناولها نقدياً. من هنا يفقد النص كل دلالات الصلة البنائية، ولا يعدو غير فراغ عقيم داخل الكلمات.
في ما كتبته نور حامد نجد كيف يموج النص بفيوضاته التي يتجلى منها هدف رسالة الشاعرة كأنثى تسعى لأن تثبت أن سلاحها هو الحقيقية؛ الحقيقة الإشتغالية بإيصال الفكرة التي ضغطت بعنف وانتجت النص، كي يتجاوز الكاتب كل عتبات التعثر، ويفسح مجالات منفتحة لمتلقيه ليغوص أكثر بالإحساس بجمال وتحليل المضمون عبر جو لغة اتصالية تواصلية بينهما، يفسح المجال للناقد يفسر ويحلل بمصداقية وموضوعية بعيداً عن المجاملات، وأيضاً عن التنكيل.
الملفت في هذا النص إثارة تساؤلات ضمنية عن سبب تقسيم النص لثلاث كتل مقطعية تبدأ بالأرقام: العشرة، المائة، والألف. لماذا توقفت عند الالف؟ ما الهدف الجوهري في هذا العد؟ في مقطع العشرة تصف بنوع من سيميائية محببة انطباعية، تدفع المتلقي نحو الطبيعة، وفي مقطع المائة تخرج هواجسها وتبوح عن أشياء، وحين تصل للألف تلملم مجمل النص بطريقة فلسفية وتلقيه أمام المتلقي ليغير ادراكياً ما يشاء، أو يقف عند ما يشاء تصورياً، وكل الصور التي حملها النص لا تخلو من صبغة الحزن، ويبدو هذا واضحاً كثيراً في كتابات الشاعرة، وحتى فيما تقتبسه وتنشره عن صور معاناة المرأة وتعنيفها تحديداً.
أسلوبية الشاعرة باختيار الطريقة الكنائية هي ما اضفت على النص رمزياته، لكنها رمزيات لم تختنق بالعتمة، بل تفتح أفق التصور: "مثلَ بركةٍ أغرقَت قارِبين".. " نسدل الأشرعة".. " ضوءٌ يعبر الطّريق إلى ما سواي".. في هذه الصور هناك الكثير لفتح فسحة التأويل في الاشتغال التكويني للشاعرة وهي ترتكز على بؤرة يتمحور عليها النص؛ بؤرة فلسفة وجود الإنسان وما يحمل من هواجس روحية؛ لا نقصد بالتأكيد ميتافيزيقيا الاعتقاد، بل النضج الإنساني المفاعل حين يكون الانتماء للذات، والطبيعة، والكون بأجمعه مع مسيرة البشرية الصاعدة مرة، والمتصدعة مرات كثيرة. البؤرة لا تأتي أحياناً كلمة وصفية واحدة فقط، بل ربما معنىً يتسع كثيراً بما تحتويه الدلالة، يجيب هذا المعنى عن أسئلة، ويطرح أسئلة مضمرة، تُشَم نكهتها بعبير يميزها، وهذا أيضاً من مميزات القصيدة التجديدية، يتفوق فيها من يتقن توظيف الاشتغال بدقة الراصد الخبير. اذن، قبالة هكذا نص وأمثاله لدى شعراء آخرين يجب أن نقف داعمين لا ناقمين، مساندين لا منفّرين، كي يسعى باعث العمل بإنتاج آخر أكثر طراوة، يبدع فيه أيما ابداع، وهذا هو الارتقاء الذي ننشده اليوم.



#سعد_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعادة الإبداعية في القصيدة التجديدية.. رحيم الربيعي في رؤي ...
- معادلةٌ بالمقلوب..
- الصوت (البوليفوني) في القصيدة التجديدية.. قراءة لنص الشاعر أ ...
- الكوميديا السوداء، أو السخرية في القصيدة التجديدية الشاعر مو ...
- سعد العبيدي في -حفل رئاسي-.. توثيق الواقع روائياً
- التاريخ الذي تكتبه قصيدة.. الكواز مؤرخاً
- حضورية التحليل النقدي التجديدي في -لوحة صامتة ترسمها الضوضاء ...
- رسالة لصديقي عِبرَ الفيسبوك
- الشاعرة والناقد فوزية أوزدمير تكسر حواجز الألم في -السبابة-. ...
- رثاء لشاعرة العراق لميعة عباس عمارة
- قصيدة كرسي الاعتراف
- قصيدة عفو عام للشاعر أحمد مطر ترجمها سعد الساعدي
- Poem: The Blind Child(قصيدة: الطفل الأعمى)
- عبد الجبار الفياض شاعر الفلسفة وفيلسوف الشعر التجديدي (قراءة ...
- أسيادُ الرذيلة
- Lost
- ديماغوجية الحمير..!
- مِطرقةٌ خرساء
- Be Clear
- Seek


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد الساعدي - تجليات الفلسفة في القصيدة التجديدية.. نور حامد وتحليل نص