أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طالبي - بالمدرسة














المزيد.....

بالمدرسة


محمد طالبي
(Mohamed Talbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6956 - 2021 / 7 / 12 - 05:20
المحور: الادب والفن
    


بالقسم الثالث ابتدائي كانت لحظة فارقة في مساريالدراسي,أصبح لدينا معلمين.معلم اللغة العربية و معلمة للغة الفرنسية.الفصل كان مقسم الى صنفين مختلفين من التلاميذ مختلفين حد التنافر صنفين كأنهما ينتميان الى عالمين منفصلين..صنف من ابناء الاغنياء و علية القوم،أبماء الاعيان،و الموظفون و التجار الكبار ، اطفال متنأنقون جدا،ثياب جديدة والوان متناسقة محافظ جلدية وباهظة الثمن. علة وجوهم علامات النعمة بادية للعيان ..الصنف الثاني هم الغالبية، ابناء الفقراء،ثيابهم رثة وبالية،ومحافظ تنتمي لزمن البؤساء،علامات الفقر و العوز ظاهرة على وجوهنا،
استاذ اللغة العربية،رجل يعتني كثيرا بهمدامه، انيق جدا مهذب،يختار كلماته بعناية كبيرة عندما يتحدث الى متعلميه.كان همه الكبير ان يفتح تلك الادمغة الصغيرة ليزرع بها ما راكمه من معارف في اللغة العربية. استادة اللغة الفرنسية شابة ودعت ربيعها العشرين بسنوات قليلة،نحيفة الجسم، فارعة الطول،لم يكن همها الأول الأخد بأيدينا لنتعلم لغة موليير.و فك شيفرتها وطلاسيمها.كان همها الاهتمام و التشجيع لابناء الاغنياء،رغم التأخر في التحصيل الواضح لبعض التلاميد المتأنقين، إلا أنها كانت تبدل جهودا مضاعفة لمساعدتهم على تجاوز عقباتهم.وقد فشلت غير ما مرة في مساعيها.بالمقابل كانت لا تترك فرصة تمر دون ان تتمادى في التنقيص من التلاميد المنحدرين من الاسر الفقيرة،
دات صباح،بعد دخولنا الفصل،ودخول معلم اللغة العربية،اتجه نحوي ودون سابق انذار،امرني بالوقوف،امتثلت لامره وكل خوف من خطوته التالية،كان غاضبا و متوترا ظننته سيوبحني او سيضربني. على العكس من توقعاتي .أعطاني علبة عود ثقاب.علبة عو الثقاب به صورة لاسد اطلسي. بلهجة امرة طلب مني ان أقرأما كتب على العلبة الصغيرة التي تحوي نصا مكتوبا على الوجه الاول،و صورة الاسد الافريقي على الوجه المقابل للاول
بدون تردد وبسلاسة قرأت النص المكتوب على العلبة: "إنكم باستعمال المواد المغربية ستشاركون في اقتصاد البلاد." عندها تبددت ملامح الغضب من وجه المعلم.نظر الي لبرهة ،قم رسم ابتسامة عريضة على وجهه.انتبه الى كون خيط فردة حدائي اليمنى غير مربوطة.بتواضع العظماء انحنى وربط الخيط المفتوح لفردة حدائي.امسكني من يدي وخرجنا من القاعة،توجهنا نحو قاعة استاذة اللغة الفرنسية، طرق باب حجرة الدرس ثم استأذنها في الدخول. كان له ما اراد..ولجنا القاعة.عاود امره لي بقراءة النص المكتوب على علبة الكبريث،عاودت قراءته بسلاسة و بتمكن واضح، بلهجة غاضبة وكانه محام في محكمة يرافع عن قضية عادلة صاح في وجه الاستاذة:
- هاد التلميذ ما يمكنش ايجي الثاني في العربية و يجي 35 في اللغة الفرنسية.مالو؟
-هاذ التلميذ كسول و ما كايشاركش في القسم.
طأطأت رأسي خجلا عند سماع شهادة الاستاذة في تلميذها، امام استاذي الغاضب و 39 تلميذا اخرا،سيجعلون من شهادة الاستاذة موضوعا للتهكم و السخرية و التنمر.
كان بودي لو استطعت ان اخبر استاذي،أنها لا تعيرني أذنى اهتمام،ومهما حاولت فإنها لا تمنحني فرصة المشاركة و التعبير،نعم استاذتي المحترمة أنا ايضا استطيع أن أقرأ و بسهولة كبيرة الجمل البسيطة: Mina jolie Mina ,MIKI JLI MIKI
نعم استاذتي العزيزة استطيع ان اعبر كما تعبرين انت:ça pique ? oui ça pique
لا استطيع ان اخبر استاذي اني ادركت في سني هذا أني انتمي لقبيلة الفقراء البسطاء العظماء،واني اذرك جيدا ان الاستاذة تمارس تمييزا واضحا بين التلاميذ تمييز مبني على الانتماء الطبقي، لم أقرأ لماركس بعد في هذه السن لكن الواقع العنيد الذي اعيشه، علمني ان الصراع قائم بين الاغنياء و الفقراء.و ادركت أن المعلمين منقسمين الى فرقين بارزين متعارضين في التوجهات.فريق همه الكبير الاخد بيد المتعلمين من أجل تسهيل اندماجهم في الوسط المدرسي،و تدليل الصعاب امامه،و تفكيك تبسيط المعقد.فريق يناضل بكل ما اوتي من قوة لتعليم الاطفال بدون تمييز, وفريق آخر يحاول ان ينتصر لفريق الاغنياء على حساب حقوق أبناء الفقراء.
أنا الطفل الذي بالكاد تعلم قراءة بعض النصوص القصيرة.كان مستحيلا علي ان افهم كتابات انطونيو غرامشي.لكني فهمت ان بعض المثقفين يمكن ان ينتصر لقضايا الفقراء و ان يناضل من اجل احقاق حقوقهم.
وأنا أستمع لشهادة استاذتي للغة الفرنسية في حقي، يختفي الزمان ليترك مكانه للعذاب الاليم، دواخلي تحترق و تزيد احتراقا بسبب واقع أليم،غير عادل و غير منصف.. ترى من صنع هذا الواقع المر؟ أهم حفنة الخونة و الانتهازيين كما أوضح لي اخي الاكبر؟ ام هو قدر مقدر كما آمنت به أمي؟



#محمد_طالبي (هاشتاغ)       Mohamed_Talbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوية مغتصبة
- شدرات من داكرة حزينة
- بيان حزب الطليعة 2
- رسالة مفتوحة الى والي الجهة1
- دكرى1
- رسالة مفتوحة2
- حنين
- الطبيعة
- طفل صغير فقير
- رسالة لاستاذ
- بيت العنكبوت
- دكرى
- فيروس النظام
- الحريات النقابية في خبر كان
- قصة عصية على الكتابة
- المحرك
- تاغبلوت
- من دكريات -الليسي-
- عشق صغير
- حبيبة ام القطط


المزيد.....




- حقق إيرادات عالية… مشاهدة فيلم السرب 2024 كامل بطولة أحمد ال ...
- بالكوفية.. مغن سويدي يتحدى قوانين أشهر مسابقة غناء
- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طالبي - بالمدرسة