أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر الصفار - لنقرأ ماركس وانجلز معا 12















المزيد.....

لنقرأ ماركس وانجلز معا 12


ثامر الصفار
(Thamer Alsafar)


الحوار المتمدن-العدد: 6949 - 2021 / 7 / 5 - 21:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حالة الطبقة العاملة في إنكلترا
بينما كان إنجلز يبدي إعجابه بقوة الثورة الصناعية في إنكلترا، كان واعيا تماما لحجم الخسائر الى ستلحق بالطبقة العاملة التي تجعل كل ذلك ممكنا، فيكتب:
«سيظهر حجم التضحيات التي سببتها [الثورة الصناعية] لاحقا. يكفي تجوال في شوارع العاصمة ليوم أو يومين، والسير بصعوبة شاقة بين الأجساد البشرية وسيل العربات الذي لا نهاية له، وزيارة الأحياء الفقيرة في العاصمة، لأن يدرك المرء بسرعة فائقة أن هؤلاء اللندنيين قد اضطروا للتضحية بأفضل صفات طبيعتهم البشرية ... لامبالاة وحشية، وعزلة عن بعضهم البعض بحثا عن المصلحة الخاصة، وتصبح أكثر نفورا ووحشية، كلما زاد تكدس هؤلاء الأفراد معا».
لقد هاجم ماركس الاغتراب الذي فرضته الرأسمالية على البشرية في مخطوطاته عام 1844، لكن تلك المخطوطات كانت ما تزال تحمل بصمات التأمل الفلسفي، واشمئزازه من حالة الفراغ التي تمسك بتلابيب الحياة الفكرية الألمانية. أما هنا فإن إنجلز يكتشف في الأمراض والأوساخ والدم والصرف الصحي مدى الأعماق التي يمكن أن تغوص فيها الوحشية الرأسمالية. وهو يتخلى عن أي رومانسية، ليفضح كيف تغمر هذه الظروف الطبقة العاملة كلها:
«طالما أن رأس المال، الذي يتحكم بشكل مباشر أو غير مباشر بوسائل العيش والإنتاج، هو السلاح الذي تستخدمه هذه الحرب الاجتماعية، فمن الواضح أن جميع مساوئ مثل هذه الحالة يجب أن تقع على عاتق الفقير... فقد يسرق إذا لم يحصل على عمل، وإذا لم يكن خائفا من الشرطة، أو يتضور جوعا، وفي هذه الحالة ستحرص الشرطة على قيامه بذلك بطريقة غير مؤذية تماما».
في الفصل الذي يحمل عنوان «النتائج»، يتهم إنجلز الأثرياء بارتكاب «القتل الاجتماعي» ضد الفقراء من خلال إجبارهم على العمل 14 ساعة يوميا، في جو ملوث ومعاناة آلام الجهاز التنفسي، والأمراض التي تولدها مجاري المياه الملوثة، والإدمان وعنف الشوارع، المعدلات الصادمة لوفيات الرضع والأمهات، عمالة الأطفال وإهمالهم، الأمية، الحوادث الصناعية وحرائق وانهيار البيوت الخربة».
لكن هذه ليست هي النتائج الوحيدة. فدون رغبة منهم، تم دفع مئات الآلاف من العمال إلى عالم جديد مرعب. لقد كانوا الضحايا، وليسوا المستفيدين من نهضة إنكلترا. لكنهم كانوا فئة خاصة من الضحايا - ضحايا يمتلكون قوة كامنة، محتملة هائلة.
ما هي البروليتاريا
«إذا كان تمركز السكان يحفز ويطور طبقة المالكين، فإنه يفرض تطورا أسرع للعمال. يبدأ العمال في الشعور بأنهم طبقة، إنهم كل واحد؛ بدأوا يدركون أنهم، على الرغم من ضعفهم كأفراد، يشكلون قوة موحدة ... يستيقظ لديهم الوعي بالاضطهاد، ويكتسب العمال أهمية اجتماعية وسياسية. ان المدن الكبرى هي الأرحام التي تلد الحركات العمالية ...».
هنا، يكسو إنجلز لحما لعظام رؤية ماركس للطبقة ذات السلاسل الراديكالية. انه يتخطى الفكرة المجردة القائلة بأن الطبقة التي لا تملك شيئا «يجب» أن تقلب كل شيء، ويشير إلى الديناميكيات الاجتماعية الحقيقية والظروف المعيشية التي تجعل من الممكن ظهور نوع جديد من التضامن الإنساني - «نظرة خاصة بالعمال». ويوضح إنجلز أن الوعي الطبقي لن يأتي من قاعة المحاضرات، بل من الإدراك الذاتي النقدي لإمكانيات الوحدة التي تنشأ من نفس الظروف التي أوجدتها الرأسمالية في المدن الكبرى.
وحسب انجلز، فإن الصراع الطبقي - والإضرابات تحديدا – هي من تحمل مفتاح خلق هذا الوعي الجديد بين العمال. فعلى الرغم من حقيقة تعرضهم خلال صراعهم للعنف المسلط من قبل سلطة أصحاب العمل والدولة، إلا أن الإضرابات تغير الطبقة العاملة. يكتب في فصل «حركات العمال»:
«وهكذا أُجبر العمال مرة أخرى، على الرغم من قدرة تحملهم، على الاستسلام لجبروت رأس المال. لكن القتال لم يذهب سدى. بادئ ذي بدء، أدى هذا الإضراب الذي دام تسعة عشر أسبوعا إلى إخراج عمال المناجم في شمال إنكلترا، وإلى الأبد، من الموت الفكري الذي عاشوه حتى الآن؛ لقد تركوا سباتهم، وهم يقظون الآن للدفاع عن مصالحهم، لقد دخلوا في حركة الحضارة، وخاصة حركة العمال».
لا يستبعد إنجلز إمكانية الإصلاح، لكنه يؤمن أن العقبة الرئيسية أمام التقدم الاجتماعي هي أن «البرجوازية لن تستمع للتحذيرات». وبالتالي، «يجب التخلي عن كل أمل في حل سلمي للمسألة الاجتماعية في إنكلترا. الحل الوحيد الممكن هو ثورة عنيفة لا يمكن أن تفشل في حال حدوثها».
ولكن، حتى بينما يتطلع إنجلز إلى الطبقة العاملة للقيام بهذه الثورة، فإنه يواصل تشديده على الفصل بين ما أسماه ماركس «رأس» و«قلب» الثورة – لأنه، ولغاية تلك اللحظة، ظل محتفظا للمثقفين (أو على الأقل فقط لمجموعة صغيرة من العمال المستنيرين) بدور القيادة:
«أعتقد أنه قبل اندلاع حرب الفقراء المفتوحة ضد الأغنياء، سيكون هناك فهم كافٍ للمسألة الاجتماعية بين البروليتاريا، مما يسهل على المجموعة الشيوعية، وبمساعدة الأحداث، التغلب على العنصر الوحشي للثورة ... وبما أن الشيوعية تقف فوق الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا، سيكون من الأسهل بالنسبة للعناصر الأفضل من البرجوازية (التي هي، مع ذلك، قليلة بشكل مؤسف، وتتواجد بين الجيل الصاعد) ان تتقبل الشيوعية أكثر من البروليتاريين الشارتيين».
أي ان انجلز يرى الشيوعية، هنا، على أنها وجهة نظر سياسية، ولا يرى، بعد، ضرورة ارتباطها المباشر بنضالات الطبقة العاملة. في الواقع، انه يذهب إلى حد القول إن الشيوعية، ظاهريا، وبسبب معارضتها العامة للاغتراب الذي تعاني منه جميع الطبقات في ظل الرأسمالية، ستكون أكثر قبولا للبرجوازية مما يسميه «الشارتية البروليتارية البحتة»، وهو الاسم الذي يشير إلى الحركة العمالية الجماهيرية التي طالبت بميثاق الحقوق في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر في إنكلترا (سنرى لاحقا إذا ما غير انجلز من وجهة النظر هذه).
من الواضح أن انجلز يدرك ان هناك مشكلة عامة في تطور الوعي السياسي داخل الطبقة المضطهدة. وأن هناك أيضا عوامل أخرى تقف حائلا أمام وحدة الطبقة العاملة، ومنها اختلافات الأعراق والأجناس والهجرة. فكيف سيتناول هذه العوامل؟



#ثامر_الصفار (هاشتاغ)       Thamer_Alsafar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 11
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 10
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 9
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 8
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 7
- لنقرأ ماركس وانجلز 6
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 5
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 4
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 3
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 2
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 1
- بالعربية لأول مرة مراسلات ماركس – فيرا زاسوليج
- الدين، الدولة المدنية، والديمقراطية
- مفهوم - الانسان الكامل- لدى ماركس
- ماركس - انجلز المؤلفات الكاملة البدايات والمصير
- ثامر الصفار - باحث ايكولوجي ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئ ...
- في ضوء نتائج مؤتمر باريس حول المناخ
- المفهوم المادي عن التاريخ - قراءة ايكولوجية 1
- ربيع عربي – صيف أوروبي – خريف أميركي أتناقض ثان للرأسمالية ؟
- أمولة التراكم


المزيد.....




- نصب تذكاري في كاراكاس تخليدا لانتصار الجيش الأحمر السوفييتي ...
- رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل ...
- إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر ...
- -14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
- المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال ...
- مئات المتظاهرين في فرنسا احتجاجا على استهداف الصحافيين في غز ...
- بالفيديو.. -البيسارية- الشهادة والشهيدة على جرائم الاحتلال ا ...
- الحفريات الحديثة تدحض أسطورة حول حتمية وجود فجوة كبيرة بين ا ...
- توجهات دولية في الحرب التجارية الضروس
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 600


المزيد.....

- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر الصفار - لنقرأ ماركس وانجلز معا 12