أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كافي علي - نعمة الحواس ومعجزة الإحساس














المزيد.....

نعمة الحواس ومعجزة الإحساس


كافي علي

الحوار المتمدن-العدد: 6948 - 2021 / 7 / 4 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


كان لي جدة اسمها شنينة، والشنينة تعني اللبن الزبادي المخفف بالماء. كانت جدتي لذيذة وطيبة كاللبن، خاصة عندما تضمنا نحن أحفادها بين ذراعيها لتقبلنا وتشمنا حتى قطع النفس لتجعل من قبلتها ذاكرة راسخة في مخيلتنا.
لم تكن لجدتي شبيهة في نساء القبيلة، وكانت اينما ذهبت تثير غيرة النساء منها، فإن لم تكن هناك امرأة تغار من جمالها الأخاذ وقوامها الممشوق، فهي تغار من كبريائها وعزة نفسها. ورغم أنها كانت جميلة النساء إلا أنها كانت تفكر وتعمل وتدير شؤون أبنائها وبناتها وأحفادها كرجال القبيلة.
لا أتذكر بأن أحد تجرأ على الوقوف في وجهها أو تعامل معها كالضد للضد أو الند للند
إلا تلك المرة التي هرب بها حفيدها من أمه واختبأ خلفها فتجرأت كنتها على سحبه بجسارة رغم رفضها، حينها غضبت جدتي وبرقت عينيها ورعد صوتها حتى خافت الأرض ولم تعد تقوى على حملها، فسقطت مشلولة ومنذ حينها دار زمانها وتغيرت احوالنا واحوالها.
ولأن قوتها كانت تتدفق من عنادها وكبريائها وعزيمتها لا من جسدها
قررت أن تستعيد عافيتها بإرادتها وإصرارها، وبالفعل تمكنت من النهوض من فراشها والمشي على اقدامها.
في الصباح الباكر كانت جدتي تطلب مني مرافقتها ومساعدها للتوازن اثناء سيرها وهي تقول خذني إلى الخارج اشبع من هواء الله ودنياه.
كانت تستنشق بعمق هواء الصباح البارد، وتلتهم بعينيها الخضراوين الواسعتين كوسع صبرها كل ما يقع عليه بصرها،الطريق، الناس، البيوت، الاشجار. وكانت الحكمة تتدفق كالنبع الصافي من فمها، وأنا أجعل من رأسي وعاء يحتفظ بكل كلمة تقولها.
جدتي شنينة علمتني بأن النعم ليس بين جدران البيوت فقط، ولكن في كل ما تراه العيون وتسمعه الآذان وتشمه الأنوف، وبأن الأفواه لم تُخلق للذيذ الطعام فقط ولكن لطيب الكلام وزاد الحكمة.
علمتني بأن الحواس نعمة والإحساس معجزة، وقيمة الموجودات لا بذاتها ولكن بمتعة الشعور بها، فكل ثمين رخيص عندما نفقد الشعور به



#كافي_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنوسة المرأة وعنوسة الدولة العراقية
- إلى سايكوباث
- عيون المدينة
- على هاوية الانتظار
- الألم العقيم والحلم المأمول
- عروس شعيط
- داعش ومشروع الشرق الأوسط الجديد
- وأد الأصوات الوطنية الشيعية في العراق
- رئيسي في العمل ملطلط
- عصيان لساني
- أفتونا يرحمكم الله
- خارطة الوطن أم خارطة الكنز
- الانتفاضات العربية بين سطوة العنف ورغبة التغيير
- كروب الإنسان الكوني
- إلى العالم العراقي عبد الجبار عبد الله
- ماذا لو همست بأن السيستاني...؟
- الجثة المطلية بالشمع
- يا بنات أورشليم
- تخثر الزمن
- نفخ الصور


المزيد.....




- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كافي علي - نعمة الحواس ومعجزة الإحساس