أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - بغداد Baghdad















المزيد.....

بغداد Baghdad


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6943 - 2021 / 6 / 29 - 02:10
المحور: الادب والفن
    


ماريوس شيلارو
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
***
الإهداء:

تخليدا لذكرى الذين قضوا نحبهم ويقضون نحبهم في كل لحظة في بغداد ومدريد ولندن وترانسنيستريا والشيشان وكل مكان من هذا العالم.
***
تخليدا للذين يرحلون عن الدنيا نتيجة الكراهية والحقد والتعصب والإرهاب وسياسات الحروب وأصحاب المصالح التي لا علاقة لها بحياتنا أبدا.
***
بغداد:
سميت بحديقة المسرات ، وينتصب في وسطها قصر الأعاجيب شامخا حيث يحكم هارون الرشيد. يتشكل القصر من صالة واسعة ضخمة فيها أربع وعشرون نافذة تنفتح فقط لدى وصول الرشيد.
***
والكتاب ألف ليلة وليلة
***
على أحد الدروب في التاريخ
فى يوم من الأيام،
طوى الله صحيفة هذا اليوم
وكأنه منديل مطرز بأغنية البلبل،
وحفظها بجانب قلب الشعر،
في ذلك اليوم
لم تكن شهرزاد قد ولدت أو احترقت،
تستعد لرواية قصة (كان من المفترض بها أن تبدأ على مسافة زمنية من اللحظة التي حدد فيها الخليفة المنصور مكان بناء القلعة)
وتفيد الحكاية بأن الحرب قد خمدت نارها،
برمشة عين أو همسة قلب،
في ذلك اليوم،
ولد حلم جميل،
اسمه مدينة السلام.
تماما كما ترفس ساعة الولادة
ساعة الموت،
وتفترسها بأسنان مصنوعة من الدم
والقصائد المحطمة بسيوف قاطعة من كثرة الحروب ،
تحول أحجار قصر الخلود
إلى رماد،
وهياكل اليوم الطائرة تعيث في الأرض فتكا
تقتل وتقتل وتنثر عصافير الموت،
وتجرح الأرض والسماء،
والظل الحزين لهارون الرشيد،
بعيون دامية ورموش حاقدة ،
تمسح النمور المائية السماء
التي كانت يوما تبتسم للفاتنات
في حديقة المسرات، في الزمن البعيد،
وكن يشبهن حور العين في الجنة.
***
في زمن بعيد بعيد،
عندما كان الشعر نوعا من الزمن،
توقف القمر ليستريح،
على سطح قصر العجائب،
في ذات المكان ، حيث كانت براعم الزهور،
تكتب القصائد العربية،
لتغنى وترنم حول نيران الليل،
على أفواه الحادين والهائمين ،
والمسافرين والمحاربين والنجوم،
اليوم يعلو صوتها بالبكاءوالعويل،
حيث الأشجار تسور بالمعادن الثمينة،
ويخلط الزمرد مع الأوراق المطلية بالذهب والفضة،
هناك حيث كانت الشمس تكدح لتستحم بماء البحيرات ، والسواقي، وتغمر بأشعتها
جسور المشاة المصنوعة من خشب
نما وترعرع في بلاد الأساطير.
***
هناك حيث تداعب النجوم العشاق الشباب ،
فى ليالي الغرام العذبة،
فى أعشاش الغرام المقدسة،
وأشجار السرو التى تغطى البحيرات ،
كتبت عليها زنابقُ الماء ،
مخطوطة ً شعرية،
اليوم يمر الرصاص ليدمر حياة ملوك بابل
حاصداً معهُ ،
أحلام القصائد ،
التى كُتبت،.
اليوم تموت المرة تلو المرة،
اليوم يهرق الشعر الدموع على الأجساد :
اجساد الشباب الأمريكي والعربي،
الموتى لقضيةٍ من المستحيل أن نفكَ طلاسمها ،
أو نجد لها حلاً،
***
فى زاوية من زوايا الزمن،
فى مدينة تيراز القديمة،
حيث توجد قصاصات من الورق،
وبقايا من خرق قديمة عليها نقشٌ لقصيدة ، خربة مشوهة،
ترقد مهملة ً،
فى زاوية تلملم ملابس الخلفاء المنسية،
تنسجُ القنابل منها الأكفان،
وصرخاتُ الجنودِ ، فى كل مكان ،
يفرون من الموت،
فى شوارع مرصوفة بالذكريات،
تخطو عليها الكلمات مترنحة،
تتعلق ُ بملابس الريح،
المنسوجة من الدم و الرصاص،
من صرخاتِ الأمهات للشباب القتلى،
من الغبار المحمول عبر القرون-
من بقايا صفحات الكتب
التى كانت تنشر الضياء والحكمة من
دار الحكمة.
***
اليوم،
يقطر الدم،
من شفاهِ حروف لتلكَ القصيدة المسماة
بغداد،
كلُ بيتٍ فيها يقطرُ دماً،
من تلك القصيدة،
التى تبدو للسماء،
متاكلة ً ،
مشوهة ً،
مقززة،
تتمشى فيها الكلماتُ منفرة،
هذه القصيدة المسماة
بغداد
ما زالت تتنفسُ الكراهية،
ودخانَ الموت،
والبغضاء،
لا تزال بها الملابس الملطخة بعبق الذكريات
بأسماء :
الخليل،
وسيبويه،
والمبرد،
والثعالبى،
وابن حنبل،
وابن المقفع،
والخوارزمى-التي تحلق أفكاره بين النجوم إلى اليوم،
وأبي نواس،
والكندى،
وداود الأصفهانى،
وابن قتيبة،
والبحترى،
وأبي حنيفة،
والكثير الكثير...
***
الأن
ترتعشُ أرواحهم،
تذرفُ الدموع على غبار هذا اليوم،
عندما يموتُ الأطفال،
بهجماتٍ العرباتِ المفخخة،
بدلا ً من الذهابِ للمدرسة الناظمية،
أو المستنصرية،
اليوم،
الشارع هو المدرسة التي يتعلمُ بها الأطفال،
كيفَ يعيشون وسط حربٍ لا يفهمونها،
ولا يفهمون أباءهم،
المشنوقين على صليبِ الحياة،
بكلماتٍ تحملُ معان جوفاء
مغلفة بالزيف والبهتان.
***
فى بغداد، تصرخ الملائكة،
بدموعٍ لا تغسلها بحار الدم المتدفقة نحو السماء،
من سطح مسجد المرجان.
بغداد قصيدة ٌ تبكى،
بدموع أطفالها،
بدموع رجالها،
بدموع نسائها.
***
بغداد، اليوم، كلمة سجينة،
فى دمعة معلقة فى عقد ايرس،
قرب هيروشيما و ستالينغراد وكارزاجينا،
وبين أصابع إلهٍ لا يرحم،
ينظر إليك بشفقة !
ويشبه البرجين التوأمين،
الذين دمرا بالكراهية والحقد،
ومن دون أي شعور بالرحمة،
هناك تتدفق على نهر العبث،
حياة أولئك الذين كان من الممكن،
أن يقرأوا القصيدة المسماة بغداد،
بشفاهٍ مليئة بالحب،
وأجساد معطرة تنبض ُ بالحياة،
***
فى درب من دروب التاريخ،
في مثل هذا اليوم،
طواه الله كمنديل،
منسوج من أغنية الرصاص،
احتفظ بهِ قرب قلب طفل قتل،
قبل أن يعرف معنى الشعر،
وفي السماء،
شهرذاد تسحق تحت رموشها اللازوردية
القصص ( التى من المفترض أن تُقتَل عندما يضغط الجندى الزناد
مشيراً للمكان المفروض أن يبني فيه الموت ُ حصنها)،
الحرب تطحن كل يوم،
كل ساعة،
كل لحظة،
الحلم َ الذى اعتدنا أن نسميه
مدينة السلام
التي لن تغفو بسلام بعد اليوم.
***
كل شيء هنا في الجوار،
لا يوجد هنا إلا الضوضاء والدخان
***
أغلق الطفل عينيه
يغزل طريقه وراء الحقيقة
فى زاوية عينه المغلقة فى ذاك اليوم من حلمهِ،
قدم له تاجر الابتسامات قصة كهدية رافعاً ذراعه وهو يبتسم،
عليها الزهور البيضاء مع براعمها،
مد ذراعيه بطول الفجر،
خرج فى مشوار وأصابعُ قلبه تمر بين الموتى من عائلته فى ألبوم الذكريات،
ملفوفة بحجاب صنعه بلبل يحلق،
يأخذُ قسطاً من الراحة فى مكان ما،
فى لحظة مختبئة فى دمعة
***
كل ما في الجوار،
صراخ وموت،
تصطدم السيارة بالرصيف،
تمتزج الجثث المشوهة مع بعضها،
ناسية الكراهية،
هذا اليوم يتكئ
على كتف الحزن،
بالكاد يستطيع الطفل ،
أن يفتح عينيه،
تتدلى قدماه مثل قطعةِ قماش قذرة فى المغسلة،
تلتصقُ اللحظاتُ بأصابعهِ محاولة البقاء،
والآن ،
فى هذه اللحظة التى تدوم عمرا،
هذا اليوم،
يبعث الزمن حورية عذراء كما ينضح العطر،
***
يرسمُ الطفل
باصابعهِ الملطخة بالدم
شيئاً لا ُيرى
تناضل رموش الأفق من أجله لأخر مرة،
من الشجرة التي سحقتها سيارة مفخخة،
تنزلق وريقة بعروق دامية نحو شفتيه،
لتغطي روحه العطشى،
للحظة واحدة يتيمة،
وتستقر على رموش عينيه المتعبة،
يتوق للصعود للسماء على طريقة تاجر الأحلام،
الذي سلاه وسط رائحة المساء المعطرة بالطفولة،
مساء أمس.
***
يسدل الغسق ستاره على البلدة ،
مثل معطفٍ من قصاصات،
يشاهدُ العابرون الجثث منتشرة على الرصيف
ما زال لديهم وظائف للفانين
ومن يرثون الغد،
مازال لديهم...
***
على الممر الجانبي،
عند باب المسجد،
بقي بقعة دم وزهرة جافة معا،
على بعد خطوتين،
وثمة جنديان شابان يرقبان الغروب،
ينتظران سيارة أخرى مفخخة،
في مكان ما،
ربما في الولايات المتحدة ،
وثمة أم تتوجه بعينيها نحو السماء،
تتساءل لماذا كل هذا العبث،
ترتعش يداها قبل أن تفتح التلفاز،
فإبنها لم يكتب لها شيئا منذ مساء الأمس.
***
فى درب من دروب التاريخ،
في يوم من الأيام،
طوى الله منديلا مطرزا
بخيوط من أغنية البلبل
واحتفظ به قرب قلب الشعر
بين دوي القنابل والصرخات والكراهية ،
وتلك القصيدة الوردة المسماة - بغداد
"حديقة الله"
تصرخ وتتفتح وسط غبار التاريخ.
***
العنوان الأصلي:
Baghdad,Marius Chelaru, Translated 2021.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأقلمت مع الليل
- كلب يتحدث عن سيده
- العقل والدماغ والتطور
- الأوكسيتوسين والحياة الاجتماعية
- يوليسيس lysses
- المجتمعات الحديثة وخصائصها
- أكلو اللوتس Lotus Eaters
- أرض الأحلام
- إلى النيل ، جون كيتس
- وبيده وردة حمراء
- معجزة الافطار
- شحرور بعينين زرقاوين
- فيزياء إدارة المعرفة
- الابتكار ومفاهيمه
- التقدم في السن، ماثيو أرنولد
- روميو وجولييت بين شكسبير وتشايكوفسكي
- أمريكا ، ألان جينسبرغ
- نفس القصص أما الوجوه فمختلفة
- من مفكرة شهيد
- وعد بلفور


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - بغداد Baghdad