أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع نعيم مهدي - شامٌ بلا بعضِ الشام















المزيد.....

شامٌ بلا بعضِ الشام


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 6943 - 2021 / 6 / 29 - 02:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
منذ فترة ليست بالقصيرة أحاول غض النظر عن الكثير من الاخبار، لأنها ليست سوى ظواهر صوتية يتردد صداها لفترة قصيرة ثم يتلاشى، ومن هذه الظواهر خطاب تتناقله وسائل الإعلام عن (شام جديد) ومشروع لمشرق عربي، والذي يمكن وصفه بأنه خطاب خجول عند مقارنته مع خطابات وحملات اعلامية رافقت مشاريع مماثلة في تاريخ القريب، والتي وإن اختلفت مسمياتها إلا ان مضمونها واحد، فـ "الوحدة، والاتحاد، ومجلس التعاون... الخ" كلها مسميات لتجارب بعضها عربي صرف، واذا نظرنا الى احداث القرن الماضي سندهش من عدد محاولات الانظمة العربية لتحقيق أو تفعيل الشعارات التي لم تتجاوز حدود الورق في الغالب.
إحدى هذه المحاولات وأغربها مشروع الوحدة بين ليبيا وتونس في عام 1974، والذي شغل 48 ساعة من التاريخ، إذ كانت ولادة الوحدة بين البلدين عملية ارتجالية تفتقر الى بعد النظر في آثارها على المصالح الدولية في المنطقة العربية، والتي كانت شاهداً على مشاريع أخرى، انتهت اغلبها كأخبار وأحاديث تتناقلها بعض الصحف والكتب.
وما يهمنا في هذا المقال هو العراق، الذي كان طرفاً في معادلات التعاون والوحدة العقيمة، كمشروع الهلال الخصيب للجمع بين العراق وسوريا، والذي تلاشت معالمه في دهاليز لندن، عندما قدم فكرته نوري السعيد عام 1943م إلى السلطات البريطانية، والتي لم تعارض قيام الاتحاد العربي الهاشمي "الفدرالية العربية للعراق والأردن" في 14 شباط 1958، لحين حل الاتحاد بعد 4 أشهر على يد عبد الكريم قاسم، والذي أُسقط حكمه بمعونة من جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة التي تفككت (بعد ثلاث سنوات تقريباً) في أيلول 1961، وخروج سوريا من هذه الوحدة متأثرة بالسياسات التي أضرت بالاقتصاد السوري، الذي لم سيتطع احتمال نزوح الكثير من العمالة المصرية إلى مدن سوريا.
والغريب، ان مبررات انهاء الوحدة مع مصر لم تمنع حزب البعث الحاكم في سوريا من الدخول في مباحثات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في عام 1963م، والتي لم تخرج عن حدود الورق المتخم بالشعارات المعادية للاستعمار ومؤامراته للقضاء على النموذج العربي للحرية، والأغرب مما تقدم ان احزاب البعث الحاكمة في العراق وسوريا كانت اكثر الانظمة الداعية الى الوحدة العربية، لكنهما على ارض الواقع لم يفشلا في تنفيذ (ميثاق العمل القومي المشترك) فقط، بل تحولا الى عدويّن تبادلا الاتهامات بالتآمر والسعي إلى إسقاط الحكم.
أما الطرف الثاني في معادلة الشام الجديد وهو الاردن، فلم يكن بعيداً عن مشاريع الوحدة، حتى بعد نهاية الاتحاد الهاشمي، إذ ارتبطت الاردن مع السلطة الفلسطينية لفترة طويلة من الزمن، ودفعت المملكة النصيب الأكبر من خسارة الحرب في 1967م، ولم تنتفع البلاد من اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر والتي وقعت في نفس العام. ولا يختلف الطرف الثالث عن سابقيّه، فمصر التي أسست أول جمهورية عربية متحدة مع سوريا، دخلت على الورق فقط في اتحاد الجمهوريات الثلاث الذي ضم (سوريا ومصر وليبيا) في سبعينيات القرن الماضي. وكلاهما (الاردن ومصر ) اضافة لليمن والعراق كانوا أطرافاً في (مجلس التعاون العربي) والذي تلاشى سريعاً في ظل فوضى حرب الخليج الثانية عام 1991م .
(2)
أما اليوم وفي ظل فوضى الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، أطلق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تصريحاته عن (مشروع الشام الجديد)، والذي يُقال بأنه إحدى المحاولات للتخلص من النفوذ الإيراني (برعاية أمريكية!!).
ففي العلن، نلاحظ ان الولايات المتحدة تدعم الإصلاحات الاقتصادية العراقية، والتي شملت على سبيل المثال تخفيض العملة لتحريك عجلة الصناعية العراقية (الحكومية والاهلية)، ودعم اصلاح قطاع الطاقة من خلال زيادة إنتاج الكهرباء والغاز، وكأن المشاكل التي تعاني منها البلاد تقف عند حدودها الداخلية، وكأن العراق لا يشكل جزءاً من الصراع الاستراتيجي لإعادة رسم حدود مناطق النفوذ في الشرق الأوسط.
ان المؤشرات المتناثرة على أرض الواقع تؤكد ان دول المنطقة بأجمعها تعتمد في تحديد مسار سياساتها على اختيار ما هو اقل ضرراً، فالأنظمة العربية بشكل عام مجبرة على إن تتعامل بنوع من الواقعية مع الصراع المتعدد في المنطقة، والذي تتمثل أطرافه في الصين وإيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة واسرائيل.
واذا نظرنا الى مجمل الاحداث منذ بداية الألفية الثانية ستتضح لنا طبيعة الصراع والثمن الذي دفعته المنطقة العربية كنتيجة لقرارات وسياسات لم يكن للعرب يداً أو رأياً في اتخاذها، فتغيير النظام في العراق بالقوة، وأحداث الربيع العربي وتغيير بعض الأنظمة تحت مسمى الديموقراطية، وظهور التنظيمات المسلحة تحت مسمى الاسلام السياسي، كلها أحداث عملت على إعادة رسم حدود النفوذ.
مع العلم، ان الصراع لازال مجهول النتائج والنهايات فحال الشرق الأوسط كحال رقعة شطرنج لا تموت أحجارها، فقوى الصراع تستبدل البيادق بما يتوافق مع مصالح بعيدة المدى، بل ان هذه القوى قد تعيد توجيه أدوات الصراع لضرب مصالحها ظاهريا، فعلى سبيل المثال لم تكن معالم المفاوضات بين الولايات المتحدة وتنظيم طالبان واضحة في أول الأمر، لكن مؤشراتها بدأت تتضح، وقد تتجه بنادق التنظيم الى الجارة الغربية لأفغانستان بعد ان تنهي ما سعى المجتمع الدولي الى بنائه في عقدين من الزمن.
وما يهمنا في هذا المقال هو الشام الذي غابت عنه بعض الشام، فالمشروع الذي ضم العراق ومصر والاردن لم يُدخل في نطاقه سوريا أو لبنان، (والخلل في اطلاق اسم "الشام الجديد" على المشروع واضح ولا يحتاج الى تشخيص أو توضيح)، وما هو معلن من تبريرات وجدوى اقتصادية تحقق الكثير من المصالح، قد لا تتفق مع المسعى السياسي لأطراف المشروع، وخصوصاً العراق، فبحسب ما يرى (البعض ) تسعى مصر من خلال المشروع الى مواجهة النفوذ التركي والايراني في المنطقة، والعراق يبحث عن حلفاء ترضى عنهم واشنطن حتى لا تبقى حكومة بغداد متهمة بالارتباط بطهران، أما الاردن فيبدو ان حكومته تسعى الاستفادة من أي خطوة تنعشه اقتصادياً.
وإذا تفحصنا في الواقع السياسي للدول الثلاث الداخلة في مشروع، نجد انها محكومة وليست حاكمة، محكومة بنفوذ وضغوط خارجية قادرة على انهاء وجودها إذا ما خرجت عن المسارات المحددة لها، فالواقع السياسي والاقتصادي والأمني لهذه الدول يشير صراحة الى انها تعاني من صعوبة في الحفاظ على كيانها دون اللجوء الى المساعدة الخارجية، سواء أكانت هذه المساعدات مالية أو عسكرية أو حتى موقف سياسي.
القمة الأخيرة لقادة هذه الدول أكدت ان المشروع ليس سوى أداة في حرب النفوذ، فما الذي حققته الاجتماعات والقمم السابقة على أرض الواقع؟ لتتحدث القمة عن الأمن ورفض التشدد أو التطرف!!.. الأمر لا يحتاج الى الكثير من النظر لإدراك الواقع، والذي يدفعني الى التساؤل، ما الذي سيجنيه العراق من دخوله في تحالف عربي محكوم بالفشل؟.. وما مصير هذا المشروع عندما تنتهي حاجة الغرب أو الولايات المتحدة تحديداً منه؟.
وقد تبدو الاجابة مستقبلاً (عند وصف مشروع الشام الجديد) محددة بالبيت التالي :
(ما زاد حنون في الاسلام خردلة ولا النصارى لهم شغل بحنون)



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البغاء الرقمي
- بتكوين لله
- يجب ان يرحل!!
- بين العجم والروم..
- خطوة تبحث عن ثقة
- أزمة الشعارات
- دكانة الشطري -5-
- دكانة الشطري -4-
- دكانة الشطري -3-
- الكاظمي في فخ امريكا
- ابن الشعب
- الطبل والسياسة
- دكانة الشطري -2-
- دكانة الشطري -1-
- لاكن وأخواتها..
- الشاه واليسار -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-
- الشاه والملالي -سطور من تاريخ الثورة الاسلامية في ايران-
- مجرد بيت من الشعر
- إيران و(علامة استفهام صغيرة)
- أعراس الثعالب – 10 –


المزيد.....




- -نال ثقة الشيخ زايد المُطلقة-.. رئيس الإمارات ينعي طحنون بن ...
- علي بن تميم يوضح لـCNN الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن ي ...
- شاهد: إسرائيل تعيد فتح معبر إيريز للسماح بتدفق المساعدات إلى ...
- نتنياهو لبلينكن: إذا لم تتخل حماس عن شرط إنهاء الحرب فلن يكو ...
- الشرطة تزيل مخيماً احتجاجيًا ضد الحرب على غزة في جامعة ويسكو ...
- -حزب الله- يستهدف 3 مبان وانتشارا للجنود وموقعا عسكريا إسرائ ...
- غالانت يرافق بلينكن إلى غلاف غزة ويؤكد استعداد الجيش الإسرائ ...
- طهران: إصدار البيانات المتكررة لن يضمن للكويت أي حق بشأن حقل ...
- تقارير غربية تتوقع زيادة نفوذ روسيا والصين في إفريقيا بعد ان ...
- مطالبات في الكونغرس باستقالة رئيس مجلس النواب على خلفية المس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع نعيم مهدي - شامٌ بلا بعضِ الشام