أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - إضاءات على مفهوم الإلتزام















المزيد.....

إضاءات على مفهوم الإلتزام


عمر مصلح

الحوار المتمدن-العدد: 6928 - 2021 / 6 / 14 - 23:19
المحور: الادب والفن
    


جاء في لسان العرب لابن منظور؛ لزم الشيء، يلزمه لزماً، ولزوم الدوام عليه والاعتناق وعدم مفارقته. 
وجاء في القاموس المحيط للفيروزابادي لزم الشيء ثبت وداوم ولزم بيته لم يفارقه، وأوجبه على نفسه. 
وجاء في موسوعة لاروس تحت مادة ملتزم؛ التزم: ارتبط بوعد أو واجب.. ارتبط شفويا.. واجتماعياً.
لكن التطور الفكري الحديث أضاف اصطلاحاً جديداً وهذا ما سنتطرق إليه..
إلا أن الإلتزام موجود في كل عصر باتخاذه موقفاً واضحاً من قضية ما.
والملتزم.. أكثر ما تطلق هذه الكلمة على المثقف من المفكرين والكتاب والفنانين ( أحمد بوحاقة / الإلتزام في الشعر العربي )
فالالتزام يعني حرية الاختيار؛ وهو يقوم على المبادرة الإيجابية الحرة من ذات صاحبه، مستجيباً لدوافع وجدانية نابعة من أعماقه.
ومن طبيعة العمل المسؤول أن يكون هادفاً إلى غاية معينة.
وللإلتزام الفكري هدف، هو الكشف عن الواقع، والسعي إلى تغيير ماليس سليماً فيه ( محمود امين )
إن القدامى من الأدباء والنقاد والشعراء لم يكونوا يعون هذا، ولم يتخذونه فلسفة.. لكنه موجود ضمناً. 
ويظهر بين الحين والآخر من خلال ديوان شعري أو نظرية فكرية أو عمل فني أو من خلال سيرة فيلسوف أو أديب أو فنان.
والإلتزام المدوَّن وردنا من اليونان من خلال موت سقراط، وإفلاطون بالتزاماته الخلقية المثالية في جمهوريته.. أما أرسطو فقد نادى بنظرية “التطهير” وهي أول وجهة من وجوه الإلتزام في العمل الأدبي بمنظار المنفعة ومعنى التطهير.
قال أرسطو في معرض حديثه عن المأساة:
أن المأساة محاكاة فعل نبيل تام، بلغة متبلة بملح من التزيين، وهذه المحاكاة تتم بواسطة أشخاص الحكاية، وهي تثير الرحمة والخوف فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات ( أرسطو/ فن الشعر )
وإن الأعمال التي تدور حول معاناة مشاعر الخوف والقلق والرحمة والشقاء وما إلى ذلك مما يثيره الحديث عن شرور الحياة وأمراض الناس الإجتماعية والنفسية والخلقية، وذلك عن طريق تراسل المشاعر بين الجمهور والشخصيات التي يصورها العمل الأدبي.
وعلى الرغم من التناقض القائم بين مثالية أفلاطون وواقعية أرسطو إلا أنهما يتفقان على الغاية الخلقية والمناداة بها في كل عمل أدبي.
وهنا أراني أجد قول لابروبيير خير شاهد حين قال:
حينما تسمو القراءة بفكرك وتلهمك مشاعر النبل وعلو الهمة، فلا تبحث عن قاعدة أخرى للحكم على الكتاب، فهو عمل جيد قد صنعته يد ماهرة. ( لابروبيير / ألطباع )
وقال ديدرو:
ألعمل الفني ينبع من الواقع ويستمد منه عناصر وجوده العامة.
وإن العمل الخالي من المضمون الفكري، لايعتد به من وجهة النظر الإجتماعية.. وهو يرى أن بين الخير والحق والجمال وشائج وثيقة. ( ديدرو / مقالة في الجمال )
ثم توالت النظريات حول الالتزام كـ (كانت، وهيغل، وسان سيمون، وأوغست، وغوته، وأدغار ألان بو، وفلوبير).. إلخ.
لكني أود أن اتوقف عند نظرية الواقعية الاشتراكية التي أطلقها مكسيم غوركي المنبعثة من تعليمات ماركس ونظرية الجدل المادي التي نستطيع أن نستخلص منها إن الانسان لابد له قبل الاهتمام بالسياسة والعلم والدين والفن.. عليه أن يحصل على طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه وسائر ما يؤمن له أسباب العيش؛ وأن كل حياة هي ذات بنيتين.. بنية دنيا، المتمثلة بالنتاج المادي وبنية عليا متمثلة بالنتاج الفكري حيث يقول: 
ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم بل على العكس من ذلك. إن وجودهم الإجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.
ويُعتبر هيغل أبرز من لفت النظر في الفن الى الاعتبارات التاريخية والاجتماعية.
وأودُّ ان أتوقف أيضاً عند جان بول سارتر رائد الوجودية في العصر الحديث وأول من نظَّم أسس الإلتزام بكون الإنسان هو الوسيلة التي تكتشف بها الأشياء.. ولاقيمة لشيء غير الذات الإنسانية، وأن الفكر انعكاس للمادة وإن الإنسان موقف يتحدد عن طريق وعي القيم.
وقد عالج قضية الأدب حين تناول ثلاث مسائل هي “ما الكتابة ؟. لماذا نكتب ؟. لمن نكتب؟” ( سارتر / مواقف )
وأجاب عنها بدارسة نستخلص منها أن الإلتزام أساس العلاقة الجدلية بين القارئ والكاتب.. وأن الكاتب لايكتب لنفسه، وإلا كان ذلك أروع فشل. نلاحظ هنا أنه قدَّم القارئ على الكاتب، وهذا أمر يحتاج إلى وقفة، سأعود إليها إن شاء الله.
وقال أيضاً – فيما معناه- أن لكل كلمة صداها ولكل صمت معناه.. فالصمت لحظة من لحظات الكلام، وهو بالنسبة إلى الكلام كالسكتة الموسيقية التي تأخذ معناها من سياق اللحن. ( سارتر/ الأدب الملتزم )
وقد أبرز سارتر وجوه التباين في اعتبار الإشتراكيين.. بأن الفكر انعكاس للمادة غير مستقل عنها.. إذ يقول:
أن الفكر يتأثر بالمادة إلى حد، ولكنه عد الذات الانسانية سلباً.. في حين أن الوجودية تقوم على إيجابية الذات معتبرة أنها محور الوجود وأنها هي التي تمنح الأشياء الموجودة في هذا الكون وجودها الحقيقي. ( سارتر/ مقالة الفن للفن )
يمضي سارتر في إيضاح رأيه معتبراً أن الالتزام مرتبط بالبحث عن الحقيقة، وليست غاية الشعراء استطلاع الحقائق أو عرضها، ولاتسمية المعاني بالألفاظ.. وهو يقول:
ألشعراء لايستخدمون اللغة على نحو مايستخدمه المؤلف.. وإنما الكلمات عندهم أشياء بذاتها، بل هي غاية مقصودة، وهي تمثل المعنى أو تصوره أكثر ماتعبر عنه.. تماماً كما تفعل الألوان في اللوحة أو الأصوات في المقطوعة الموسيقية.
يقول فرلين:
أحَب شيء إلي هو الأغنية السكرى، حيث يجتمع المحدد الواضح بالمبهم اللامحدد.
ماهية الالتزام، هي مشاركة الشاعر أو الأديب الناسَ همومهم الاجتماعية والسياسية ومواقفهم الوطنية، والوقوف بحزم لمواجهة ما يتطلّبه ذلك، إلى حدّ إنكار الذات في سبيل ما التزم به الشاعر أو الأديب ويقوم الإلتزام في الدرجة الأولى على الموقف الذي يتّخذه المفكّر أو الأديب أو الفنان فيها.
وهذا الموقف يقتضي صراحة ووضوحاً وإخلاصاً وصدقاً واستعداداً من المفكّر لكي يحافظ على التزامه دائما ويتحمّل كامل التبعة التي يترتّب على هذا الالتزام ( احمد بوحاقة / الالتزام في الشعر العربي )
مما لاريب فيه أنّ الأثر المكتوب واقعة اجتماعيّة، ولا بدّ أن يكون الكاتب مقتنعاً به عميق الاقتناع، حتى قبل أن يتناول القلم.
إنّ عليه بالفعل، أن يشعر بمدى مسؤوليته، وهو مسؤول عن كلّ شيء، عن الحروب الخاسرة أو الرابحة، عن التمرّد والقمع.
إنّه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطّهدين ( سارتر / الادب الملتزم )
وحتى يكون الأدب صادقا، لا بدّ وأن يتكلّم عن الواقع الذي يعيشه الأديب، والظروف التي تحيط به، وتؤثر على نفسيته وعلى يراعه، فتخرج حينئذ الكلمات نابضة بالصدق، وتأخذ طريقها مباشرة إلى فكر القارئ ووجدانه. ( سحر اللبان )
ألإلتزام بقيم الفن ومتطلباته القاسية يعني بالضرورة التزاماً بقيمة الحرية، حرية الفنان وحرية الآخر، فما من حد على الحرية إلا الحرية نفسها، وما من قيد على حرية (الذات) إلا حرية (الآخر) في الحوار، لا (حرية) روع أو ردع أو قمع. ( سحر اللبان )



#عمر_مصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصة القصيرة جداً.. بدايات وأسس
- جولة في مشغل نياز المشني
- نص و رأي و حوار في (إعتراف في محراب المنى)
- أنين منية الحسين
- كرميئيل
- دردشة على هامش الوقت مع الفنانة التشكيلية منى مرعي
- بوليفونية التفكير.. منى مرعي إنموذجاً
- مخالفة مرورية في موكب سلام محمود
- نصوص الزعيم اللونية.. موسيقا صامتة
- عادل قاسم.. سيمفونية قلق
- ديستوبيا.. من وجهة نظر حسين بريسم
- حين تُدون الحياة تشكيلياً.. نصوص منى مرعي اللونية.. إنموذجاً
- منتظر ستار.. طاقة تقنية واعدة
- دموع.. في عيون وطن
- وقفة عند مسرحية ذهان
- قراءة في قصيدة -سيادة النهد- للشاعر فائز الحداد
- إنطباع عن مسرحية حراس المزرعة
- تركتكات.. العلامة الفارقة للجمال
- فلاح بهادر وكريم عبدالله في الميزان النقدي
- نجوم من الفن التشكيلي المعاصر


المزيد.....




- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...
- مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - إضاءات على مفهوم الإلتزام