|
في فيينا ثمة مطابخ سياسيّة في بدايةِ تجّهيزها. فولوّا وجوهكم شطرَ فيينا .
ازهر عبدالله طوالبه
الحوار المتمدن-العدد: 6922 - 2021 / 6 / 8 - 19:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أرى، بأنه من الصّعوبة بمكان أن تفّهَم ما يحدُث على الأرض الشّرق اوسطيّة، وأهمّ ما فيها، الأراضي العربية، من تضارُبات سياسية، وتحوّلات على مستوى العلاقات الإقليميّة، من غير التجوُّل -ولو تجولًا بسيطًا- في ساحات فيينا، حيث أنّ تجوّلكَ هُناك سيمكّنكَ من الوقوف على آخر التطوّرات التي ستتولَّد من الإتفاق الإيراني الأميركي، الذي وعلى ما يبدو، أنّهُ سيُعيد رسم الخارطة السياسيّة للعالَم، مِن خلال تشكيل نظام عالمي جديد، يقيه التمدُّد الصّيني المُبارك بتقديسات روسيّة .
ففضلًا عن أنّ هذا الفهم سيجَعل السردية التاريخيّة للمنطقة العربيّة سهلَة المضّغ، وتاريخ الصراعات السياسيّة في المنطقة أرجوحةً تُمتطى مِن قبل الأنظمة السياسية الوظيفيّة، فإنّهُ أيضًا سيُمكّنكَ من فهم أساسيات الصّراع العربي الإسرائيلي، وكيفيّة استغلال الدول الغربيّة الإستعماريّة، على رأسها أميركا - الموظفة للكيان الصهيوني في المنطقة- لهذا الصّراع، الذي يعود عليها بفائدة استعمارية كبيرة، وهذا ما بدا واضحًا وجليًّا إبّان أحداث غزّة الأخيرة، وما تبعها مِن تبعيّات على المستوى السياسي لدول المنطقة، مِن خلال إشراك دول جديدة على خارطة التهدئة، و وضع دول أُخرى على الرفوف الأميركيّة المتآكلة، بعد أن كانت هذه الدول تلعب دورًا كبيرًا في هذا الصّراع، وبالطبع، فإنّ مثل هذه التغيّرات الجديدة، لم تأت إلّا لأنّها تُغيّرات مُرادة من البيت الأبيض، وأنّها تغيّرات لا ولن تتعارَض مع مصالِح الأميركان في المنطقة، ولَم يقِف الأمر عند الجانب العربيّ فقط، وإنّما سُحِب إلى الجانب الإسرائيلي، وذلك مِن خلال القيود الأميركية الأخيرة التي فُرِضت على نتنياهو، بعد أن لمَس الأميركان، بأنّ تحرُّكات "النّتن " قد تُولِّد لهُم متاعِب هُم بغنى عنها، وليسَ من الضرورة أن نذهَب بعيدًا عن قضيّة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديد بتحالُف ما بين " نفتالي بينت" رئيس حزب " يمينا" و "يائير لبيد" زعيم حزب " هُناك مستقبل"، حتى نستَدلّ على ذلك .
وبناءً على ذلك، أقول: تمسَّك بعصا تحليلِ تعقيدات ما يحصُل في تشكيلِ حكومة الاحتلال مِن أينما شئت، وضعها على مُقدِّمة رأسكَ، وإن شئت ضعها في مؤخرتهِ، فكلا الأمرينِ فيهما ألم لم تذقهُ طِوالَ حياتكَ، ولا تكتَرث لما يُقال من حولكَ من خُزعبلات سياسيّة، فأغلبها تعظّم من لا يستحق التّعظيم، وفيها ما يجعل لضفّتي النّهر أقدام تهرب بهِ نحو السّراب... ولكن، إيّاكَ وأنتَ تمسِك بهذه العصا -التي يجلِس في مُنتصفها منصور عبّاس وشلّته- ألّا تضّرِب بها عقلكَ ضربةً قاسية، تُمكنكَ مِن إسكان أفكاركَ في فيينا، ولا تسّمح لها بالمُغادرة تحتَ أيّ ظرفٍ كان ؛ فمن هُناكَ يُدار العالم في هذه الأوقات، أو لنقُل مِن هُناك تُدار صراعات الشرق الأوسط، بمُعظمها، لا سيّما وأنّ أهمّ الأطراف الشرق أوسطيّة تُقيم وبأهم حقائبها هُناك .
فبكُلّ تأكيد، فإنّ الجهل السياسي يُلقي بضلالهِ على كُلّ مَن لا يرى بأنَّ ما سيتولَّد مِن رحمِ هذا الإتفاق، أي اتفاق فيينا، سيكون لهُ انعكاسات على العلاقات الإسرائيلية-الإيرانية، وسيتم استغلاله أيّما استغلال في الإقليم، وبالتحديد في الأراضي العربيّة، وخاصةً، في تلكَ الدول التي تتواجد إيران أو أذرعها في أروقتها السياسية، وتتحكّم فيها، وتفرِض سيطرتها على أنظمتها السياسيّة، وتوظّفها في كُلّ صراعاته العالميّة.
وبالإضافة إلى تجوّلنا في ساحات فيينا ؛ لفهم ما يدور في داخلِ قاعة الإجتماعات التي تجّمَع أطراف الإتفاق، فإنّني أرى بأنّهُ مِن الضرور أيضًا، أن نقومَ بقراءة التقارُب التُركي-السعودي والتقارُب المصري-التركي قراءة سياسيّة وازنة، تسهّل علينا عمليّة حلّحلَة وفكّفكة ليس فقط كُلّ تلكَ الخيوط المُتشابكة بطبيعتها السياسية، وإنّما أيضًا تلكَ الخُيوط التي أُريد لها أن تتشابَك للتكسُّب المصلحي التي سعَت وما زالَت تسعى لهُ بعض الدول ذات الوجود في المنطقة .
لفتة سياسيّة شرق أوسطيّة بسيطة..
إنّ التّقارُب التُركي-المصري، والإتصالات السياسية التي يُجريها النظام السّياسي التُركي المُتمثِّل ب"أردوغان" مع السعوديّة، يُثبتان بأنَّ الحُلم الأردوغاني، وأقصُد حلم إحياء الخلافة العُثمانيّة، قد بدا بالتّهاوي، وخاصةً، بعدَ أن أدركَ النظام التُركي خسارته لأكثر مِن 90% من الأوراق السياسيّة التي كان يعتَقد أنّها ستُعطيه القوّة الكافية، وأنّها ستقفِز عَن كُلّ العوائق التي تُعيق حُلمه المأمول، وعلى رأسها ورقة الإخوان المُسلمين التي أصبحَت خالية الدّسم في بلدِ منشأها، والتي حاول أردوغان أن يلعبَ على حبالها كثيرًا، إلّا أنّهُ فشل في نهايةِ الأمر، وهذا فضلًا عن صراع غاز شرق المتوسّط، وقضيّة ترسيم الحدود، والضّغط الأوروبي الذي يُمارس عليه، بسبب صراعه مع اليونان، وما دعّم ذلك تفلُّت إيران شيئًا فشيئا مِن عُروة التحالُف مع تُركيا، وذلك مِن خلال تقرُّب إيران لأوروبا، ولو كانَ في بدايتهِ، إضافةً إلى ضبابيّة العلاقات مع الرئاسة الأميركية الجديدة، والتي يتزعّمها بايدن، وهو القائل عن أردوغان في حملته الإنتخابية "إنّه رجُل اتقراطي، ويجب علينا مواجهته، ليس من خلال انقلاب عسكريّ، بل من خلال الانتخابات " .
عمومًا، هُناك الكثير مِن التفاصيل المُتعلّقة بهذا الجانب المُهم في مصيرِ الشّرق الأوسط، والذي لا بُدَّ مِن ذكرهِا في قادم الأيّام . لكن، ومِن خلالِ هذه التحرّكات التُركيّة التي يسعى مِن خلالها النظام التُركي أن يبقى لاعبًا محوريًا ومؤثرًا في المَنطقة، فإنّني أرى بأنّ ما يُميّز سياسات أردوغان، هي أنّها سياسات ذات برغماتيّة شديدة، وأنّها حادّة الأنياب، فهي سياسات لا يُبنى عليها أيّ علاقة، إطلاقًا، ويجب أن تتعرّض للتجريح والتّشكيكِ بشكلٍ دائم، حيث أنّها وقتيّة، وليسَ لها إتجاه مُحدَّد .
وأخيرًا، فإنّ قراءتنا الوازنة لتلكَ الإتفاقيات، ستأخذنا إلى حقولٍ مِليئة بالتحرّكات المفصليّة، والتي تُشير إلى أنّ ثمّة تحالُف سياسي جديد في بدايةِ تشكُّله، وبالطبع، لن تكون آخر هذه الحقول، زيارَة وزير الخارجية البريطاني، للأراضي العراقيّة، اليوم، والتي يراها ثُلّة مِن المُحلليينَ السياسيين بأنّها زيارة حمّالَة أوجُه، إلّا أنّهُم يتفقونَ على أنّ مِن أحد أهمّ أهدافها، هو إحضاع المنطقة، برُمّتها، للنظام العالمي الجديد .
الخُلاصة: باتفاقيّات أو بدون اتفاقيات، فإنَّ الأنظمة السياسية العربية أُدخِلت في بحورٍ كبيرة وعميقة، وهي لا تُجيد السّباحة . فلتغرَق هي، ولا بأس في ذلك. لكن، من سيُنقذ البلاد " الجُغرافيا" مِنهُم، ومِن كُل تلكَ المُخططات التقسيميّة التي وافقوا عليها ..؟!
#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض
-
وهم الوساطة العربية في الصراع مع إسرائيل
-
عليكُم بقتلِ التشكيكِ والتخوين ..
-
معركة الإعلام وتأثيرها الذي يفوق تأثير أي معركة أُخرى
-
حقائق كُشفت بعد الأزمة التي مرّ بها - وما زالَ يمُرّ بها- ال
...
-
أباطِرة الاقتصاد وإدارة الدولة
-
دحلان والانتخابات الفلسطينية
-
بكفي اعتماد على المنح والمُساعدات.. بكفي خلص
-
مصيرُ البلاد في خطر ما لَم يتدخّل العُقلاء
-
انقطاع الأوكسجين وقتلَ الوطن قبلَ المواطن
-
تأطيرات فضفاضة لقضيّة حقوق المرأة
-
التحرُّش الجنسيّ، وضُعف طُرقه العلاجيّة
-
الآراء السياسية ما بين التمثيل الغربي والشرقي .
-
ما من شيء يدفعنا للإحتفال بالمئوية الأولى
-
قراءة أوليّة لتحرّكات دول المُصالحة الخليجيّة..
-
الخوف من استدراجِ النقابة إلى حافة مجلِس النواب
-
التوافق الأيديولوجي بين بعض الأنظمة والجماعات الإسلامية، ليس
...
-
التطبيع وسقوط قُدسية العداء للصهيونية
-
الأزمة الخليجية أشدّ فتكًا لما تبقى من الوحدة العربية
-
أُغتيلَ وطن وصفي
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|