أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - انقطاع الأوكسجين وقتلَ الوطن قبلَ المواطن















المزيد.....

انقطاع الأوكسجين وقتلَ الوطن قبلَ المواطن


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 6840 - 2021 / 3 / 14 - 14:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقَد تعدّدت جرائم السّاسة وعلى مُختلَف أنواعها على جُغرافيّة هذا الوطن، وتنوّعت أسبابها ومُسبّباتها، وقَد أشرفَت عليها أعتى القيادات وأهمّها حُضورًا، و وجودًا في ساحة المملكة الأردنيّة الهاشميّة، التي تحتَفل بمئوية تأسيسها . وليسَ مِن الضّرورة أن نعرِف عمّا إذا كانت هذه الجرائم مقصودة أم لا . لكن، يكّفي أن نعرِف، ولا أعتَقد أنّ هُناكَ مَن لا يعرِف، أنَّ هذه الجرائم غير قادِرة على الاختباء مِن طلقاتِ التّقصيرِ والإهمال التي تُطلَق مِن فوّهاتِ مَن تقلّدوا المناصبَ القياديّة والسياسيّة ؛ نظرًا لما في جُعبِهم مِن كفاءاتٍ وقُدراتٍ عالية لا تُضاهيها قُدرات أبناء البلَد الذينَ يُسقطونَ على أنفُسهم مثلًا بالغ الدقّة التعبيريّة، والذي يقول " احنا عجول الأرض...وما بحرُث الأرض غير عجولها" .. فهي قدراتٌ وكفاءات تربَّت وترعرعَت في أكناف ( هارفرد، اكسفورد وشقيقات هاتين الجامعتين العريقتين) قدَّس الله منازلهنَّ، ويكفيفَ كي تُصبحَ رجُلًا يملِك حظوظًا كبيرة في استلام حقيبةٍ وزاريّة، أو مركزًا حساسًا في الدولة، أو أن تكونَ مِن المرضيّينَ عليهم، على أقلّ تقدير.... يكفيكَ أن تأخذَ جولةً قصيرةً في أزقّة هذه الجامعات، أو الجلوس في جلسةٍ غراميّة خلف كُليّاتها ذات المباني الشّاهقة والعريقة .


وآخر هذه الجرائم التي لا تتوقّف في هذه البلاد، ولا أعتقِد - إن بقينا على ما نحنُ عليه اليوم- أن يُقطَع الأوكسجين عن هذه الجرائم، هي جريمة تُدمي القُلوب، وتُفتِّت خلايا العقِل، وتُيبّس الأعمار، كانَت قد وقعَت -يوم أمس- في مُستشفى السّلط، الذي لَم يبلُغ مِن عُمره سوى ستّة شهور . إذ أنّ المُسبّب لهذه الجريمة كان التّقصير الإدرايّ والقياديّ مِن قبل إدارة المُستشفى، والإهمال واللامُبالاة مِن قبلِ الكوادر الفنيّة والتمريضيّة والطبيّة، حيث أنّ حالات الإهمال واللامُبالة هاته، قد أسفرَت عن انقطاعِ الأُوكسجينَ عن مرضى كورونا، والذي يُعتبَر - أي الأوكسجين- مِن أهمّ البروتكولات الصحيّة التي مِن الواجب توفيرها ؛ كي يتِمكَّن المريض/المُصاب مِن مُقاومة هذا الفيروس اللّعين، والإنتصار عليه، ومِن ثمّ القضاء عليهِ، وإثبات حقًّا ما قيلَ في عصرٍ سابق مِن عُمر هذه المملكَة، إنّ الإنسان حقًا أغلى ما نملِك . لكن، مِن الواضح، بل مِن المؤكَّد بعد هذه الفاجِعة التي راحَ ضحيّتها أكثَر مِن سبعة أشخاص، أنّ الإنسانَ في هذه البِلاد لا قيمةَ تُذكَر لهُ، وكُل ما يُقال عن قيمتهِ وإنسانيّته لا يتعدّى حدود النّفاق، والكِذب، وكسب الشعبويّات، الوصوليّة والتسلُّقيّة .


مثل هذه الجرائم التي تسّتهين بأرواح النّاس، وتحسبهم كما لو أنّهُم خِرافًا تُجهّز لحزِّ رقابها في صباحِ عيدِ الأضحى، توجِب على مَن يتغنّونَ بالعدالة في كُلّ محافلهم، ويبّكونَ على كُلّ قطرة دماءٍ تنزف مِن جسدِ المواطِن الأُردنيّ، أن يُوقعوا على مُرتكبيها أشدَّ أنواعَ العِقاب وفقًا لما تنُص عليه مواد القانون عامّةَ، والجزائي والجنائي خاصّةً، واللذان نعتبرُهما فوق أيّ فرد في هذا الوطن، أيًّا كانت صفتهُ، دونما أيّ تجاوزٍ حتى وإن كانوا هُم قد تجاوزوا هذا القانون . هذه جريمةٌ مِن غيرِ المعقول أن تمرَّ مرور الكِرام كما مرَّت الكثير مِن سابقاتها، وكما تمُر شبيهاتها أيضًا دونما أيّ صوتٍ أو اهتمام إعلاميّ، فنحنُ كمواطنينَ في كافة بقاعِ هذا الوطن، نفَتَقد ونفتَقِر لمنظوماتٍ صحيّةٍ مُتكاملة، تكون لا تشّكو مِن قلّة توفّر المعدّات والأدوات الطبيّة، فضلًا عن مُستوياتِ الترهُّل والفساد الإداريّ اللذان يخيّمان في قلبِ هذه المنظومات دون أيّ رقيبٍ أو حسيب، وعن حجمِ النّقص في الكفاءات مِن الكوادِر الطبيّة .

وعلى مجالٍ ضيّق أو أضيَق نُعرِّج به على ما يُعانيه القطاع الصحيّ، فإنّهُ مِن الواضح أنّ الأمرَ قد تجاوزَ الحماقة الشخصيّة لخللٍ أكبَر يتعلَّق بحالة الإستهتار العام لدى الكثير من العاملين في المجال الطبي، حيث أنّ مزاولتهم للمهنة تُخفّض درجة حساسيتهم تجاه حياة الناس، غياب الوعي الأخلاقي وضعف التشديد على قدسية الحياة عند أؤلئكَ الذينَ أضّحَت دراسة الطبّ عندهُم ؛ بحثًا عن مرتبةٍ اجتماعيّة ومكانةٍ مرموقة، ومغارةٍ تُفرَش بالأموال .


كمواطنين، بتّنا نعيش في حالةٍ مِن التّيه والتخبّط، ومِن غير المعقول أن يكونَ هذا حال مواطنين في دولةٍ يتغنّى قادتها بإنجازاتهم في مئويّتهم الأولى، ولا أدري تحت أيّ بندٍ يُدرَج هذا التغنّي، حقيقةً . فنحنُ اليوم، تختَلجنا مشاعر حُزنٍ على كوارثٍ ومصائبٍ تقعُ علينا في كُلّ يوم، جراء التسيّب السياسيّ والإداريّ الذي يفتكّ بنا وينّهش أعمارنا نهشا، ولا ندري إلى مَن نوجّهَ خطابنا ؛ فلا دولةَ اليومَ لدينا، ولا قيادات تعتَرف بتقصيرها، والحياةُ في ظلّ هذه القيادات أضحَت كما لو أنّها حياةٌ في غابة يتقاوى فيها الضّعيف على القويّ .


وأخيرًا وليسَ آخرًا.. فثمةَ تدهورٌ وتقلُّب في أحوالنا إلى الأسوأ في هذه المملكة، جراء تسلُّم إدارَة الدولة لشخصيّاتٍ أقسمَت على أن تُسلِّم عقولها لخالِقها كما سلّمها إيّاها، تعجُّ وتشتَعِل بفراغها وصُغرِ أحجامها . هذه عقولٌ لا تأخذُ بنا إلّا إلى جهنَّم، قبل أن يأخُذنا خالقنا لها، وتبدِّل جلودنا قهرًا وألمًا وحسرةً على عُمرٍ نقضيهِ ونحنُ تحتِ رعايتها، وهي بالأصل لا تُجيد رعاية نفّسها .

لذا، أقولُ لكُم : كونوا ذواتكم، ولا تتلوّنوا، وإيّاكُم أن تسحّجوا وتُصفِّقوا لَمَن لا يستَحق، ولِمَن يُدافع عنكُم ظاهريًا، ويُقاتلكُم ويقتُلَكُم باطنيًا، ويُتاجِر بدمائكُم بأبخسِ الأثمان ... تصدّوا لكُلّ مَن يُريد أن يجّعلكُم أجسادا بلا أرواح، وشرايين بلا دِماء، وعُقولًا بل فكِر .. دافعوا عن حياتكم ضد القتلة الصامتين، الذين يفتكون بحياتكم وهم يتدثرون بلحافِ اللامسؤولية .

الخُلاصة: ليسَ بوسعيَ إلّا أن أنقُلَ بتصرُّفٍ ما قالهُ أحد الإخوة الكُتّاب في مقالاتهم التي تناوَلت الإصلاح لمنظومة الدولة برُمّتها . حيث قال :

" لا تنتظروا صلاح البلاد بكاملها ؛ كي تنتِصر لكُم وتحرُسَ حياتكم، هذا هدفٌ بعيد، عليكم الاصطفاف جوارَ بعض لتحموا ما تبقى من الحياة، البداية من هذه القصص المتفرقة . قفوا جوار بعضِكُم ولا تغرقوا في صراعاتٍ مناطقيّة تفضي نهايتها إلى ضياع الوطَن برُمّته، ويُصبِح في أيادٍ لا تعرِف لا قيمة الإنسان ولا قيمة ومنزِلَة الوطن .

ولكي تُعيدوا لحياتكم عافيتها ؛ عليكُم أن تحمّلوا كُلّ مسؤولٍ نتيجةَ تقصيرهِ في أداء مسؤوليّاته، ولا تخشوا بالله لومةَ لائم، وإن لَم تفّعلوا هذا، فلَن يكونَ مصيركُم إلّا الهلاك " .



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأطيرات فضفاضة لقضيّة حقوق المرأة
- التحرُّش الجنسيّ، وضُعف طُرقه العلاجيّة
- الآراء السياسية ما بين التمثيل الغربي والشرقي .
- ما من شيء يدفعنا للإحتفال بالمئوية الأولى
- قراءة أوليّة لتحرّكات دول المُصالحة الخليجيّة..
- الخوف من استدراجِ النقابة إلى حافة مجلِس النواب
- التوافق الأيديولوجي بين بعض الأنظمة والجماعات الإسلامية، ليس ...
- التطبيع وسقوط قُدسية العداء للصهيونية
- الأزمة الخليجية أشدّ فتكًا لما تبقى من الوحدة العربية
- أُغتيلَ وطن وصفي
- نتنياهو وسلسلة التطبيع
- غياب الإعلام ؛ صنع قدسة واشنطن بوست
- الوعي ينتَصر على الديمقراطية المُخادعة .
- مآلات التفاعلات المجتمعية
- السُلف المالية، تدّفع الأحزاب للمشاركة بالعُرس الوطني
- كيفَ سينتهي المطاف الانتخابي بحركة الإخوان ؟!
- العاطفة الدينيّة وتناقُضات العقلِ العربي
- النّقد البنّاء للسُلطة، يُعد لها دواءً شفايًا مِن الأمراض
- أنظمة البتردولار وقيادتها للتطببع
- -مصفوفات فاشِلة، وحكومة قمعيّة راحلة -


المزيد.....




- رسالة لإسرائيل بأن الرد يمكن ألا يكون عسكريا.. عقوبات أمريكي ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: أمريكا وبريطانيا ...
- لبنان: جريمة قتل الصراف محمد سرور.. وزير الداخلية يشير إلى و ...
- صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام ...
- - استهدفنا 98 سفينة منذ نوفمبر-.. الحوثيون يدعون أوروبا لسحب ...
- نيبينزيا: روسيا ستعود لطرح فرض عقوبات ضد إسرائيل لعدم التزام ...
- انهيارات وأضرار بالمنازل.. زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالي تركيا ( ...
- الجزائر تتصدى.. فيتو واشنطن ضد فلسطين وتحدي إسرائيل لإيران
- وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل أبناء وأحفاد إسماعيل هنية أثر عل ...
- الرئيس الكيني يعقد اجتماعا طارئا إثر تحطم مروحية على متنها و ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ازهر عبدالله طوالبه - انقطاع الأوكسجين وقتلَ الوطن قبلَ المواطن