أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا صلاح الدين - هذا ما ينبغي أن يتعلمه العرب من بسمارك














المزيد.....

هذا ما ينبغي أن يتعلمه العرب من بسمارك


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 6922 - 2021 / 6 / 8 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن العرب، ساسةً وشعباً، يعتمدون منهجية ثابتة عند مواجهة أغلب الأزمات السياسية أو الدينية، ألا وهي تحكيم العاطفة، خاصة الحَنَق، وإقصاء المنطق والتفكير النقدي. إنها أزمة العقل العربي التي تُترجم إلى تعصب إيديولوجي وضعف على الصعيد الفكري والسياسي.

إبتداءاً من قضايا الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد، وانتهاءاً بأزمتهم مع إسرائيل، فقد اعتاد العرب الرد على مثل هذه القضايا بأفعال مؤقتة الأثر لا طائل منها على المدى البعيد، مثل أساليب مقاطعة المنتجات ورفض التطبيع واعلان الحرب على مواقع التواصل الإجتماعي وإطلاق الصواريخ العشوائية ونشد التعاطف الدولي.

في الوقت الذي يتسائل فيه العالم "ما الخطأ في الشرق الأوسط؟" فإن الإجابة هي ميل العرب إلى بناء قرارات لحظية، وقصورهم عن التنبؤ بالنتائج البعيدة وقراءة المشهد السياسي المستقبلي، وهو عكس ما كان يفعله بسمارك.

لقد كان بسمارك، وزير خارجية بروسيا 1862- يتشارك العديد من السمات السلبية مع القادة العرب، فقد كان محتقراً للدستور وأساليب الحكم الديمقراطي، مؤيداً للقوة الاستبدادية، قاسياً في طباعه، معادياً لليهود، كما أنه قد دخل عالم السياسة في وقت تشهد فيه بروسيا أزمات مع عدد من الدول المجاورة تتشابه في حدتها مع الأزمة الاسرائيلية الفلسطينية.

الفارق الوحيد الذي جعل من بسمارك قائداً تاريخياً متمكناً من تحقيق أهدافه المتمثلة في توحيد ألمانيا، هو كونه صاحب أهداف واضحة قد كان يعرف كيف يصل إليها عن طريق الثبات الانفعالي والتخطيط الدقيق. فقد كان لبسمارك القدر الكافي من الحنكة التي تمكنه من وضع الأولوية للمصالح السياسية؛ فرغم عداءه لليهود، لكنه كان يعلم أن هذا العداء لن يكون لصالح ألمانيا في ذاك الوقت، خاصة مع تراكم أزماتها السياسية مع روسيا وفرنسا والنمسا. فعوضاً عن اكتساب غريمٍ هو غير مستعدٍ له، بنى علاقة مع اليهود هدفها الاستفادة الاقتصادية من رؤوس أموالهم، فتشكلت علاقة بينه وبين الممول اليهودي جيرسون بليخرودر، وأيضاً مع أحد أفراد أسرة روتشيلد، فتحول العداء إلى استغلال.

في المقابل فإنه رغم تفوق الدول العربية في عددها ولكنه يبقى هناك فارق بينها وبين اسرائيل من ناحية التخطيط التكتيكي والاستراتيجي. ورغم إدراك العرب لذلك فإنهم يفضلون إيهام أنفسهم بأن الهتافات والأدعية في المساجد والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة كسب تعاطف العالم سيفيد أكثر من استيعاب المردود المعدوم لهذه الأفعال على المدى البعيد.

يمكن أن نختلف أو نتفق مع اليهود كما نبتغي، ولكن لا يمكن إنكار فطنتهم التي دفعت إلى خلق مخاوف من تواجدهم في أوروبا بما أن ذلك كان سيعني سيطرتهم الأكيدة على الأجواء السياسية مستقبلاً. الآن وبعد استقلالهم فإنه من الجلي إدراكهم للمنطق السياسي من حيث تفهمهم لضرورة كسب الحلفاء مما يجعلهم ينشدون دعم الكونغرس الأمريكي بشكل مستديم، وهي خطة ما زالوا يحصدون ثمارها عن طريق التزام الولايات المتحدة باستراتيجية التفوق العسكري النوعي التي ساهمت في جعلهم المجموعة الأقوى إن قسنا ذلك بقليل عددهم.

الشيء الثاني الذي تفهمه اسرائيل هو ضرورة التفوق المعرفي. في 2015 أنفقت اسرائيل 4.3% من إجمالي الدخل المحلي في البحث والتطوير المدني وهي النسبة الأعلى عالمياً. ربما هذه هي ذاتها الاستراتيجية التي اعتمدها بسمارك حينما استخدم الاختراع الجديد آنذاك "التلغراف" بين أرجاء الجيش الألماني، وقد كان هو أول من أنشأ سككاً حديدية وقطارات مخصصة للجيش.

على العرب أن يدركوا أن لعبة السياسة لا تعتمد على إنصاف من هو مظلوم وكسر من هو ظالم. إنها لعبة الدهاء والمكر والتفوق الفكري. لعبة تعتمد على الدبلوماسية والتفكير الاستراتيجي بعيد الأمد والتهميش الكامل للانفعالات. على العرب أن يكفوا عن إعلان حرب وهمية على مواقع التواصل الإجتماعي وعن المحاولات البائسة لاستعطاف المحافل الدولية. على العرب أن يصلوا إلى مرحلة الاتزان والـ"نضج السياسي" إن كانوا حقاً لا يريدون لأزماتهم الداخلية أن تتفاقم أكثر من ذلك.



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستمالة والمستميلون.. كيف أضحى الكونغرس الأمريكي عبداً للش ...
- الإرهابُ الديني وكارثةُ تسويغه—تحليلٌ تأصيليٌ وسايكولوجيٌ لأ ...
- بايدن ليسَ اشتراكياً كما يزعُمُ ترامب وبعضُ وسائلِ الإعلامْ
- -ندالة- الجمهوريين قد تدفعهم إلى تعيين خلفٍ ل-غينسبيرغ- قبل ...
- خطايا الآلهة
- لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟
- علاقة الفيزياء الحديثة بالفلسفة
- وأخيراً قرأت كليلة ودمنة
- لهذا أنا أشُك
- الإسرائيلو-فوبيا وعَدَاءُ الشَّرْقِ -الطُفوليّ- لإسرائيل .. ...
- مسرحية -خاشقجي-
- نَقْد الفَلْسَفة المِثالية
- مؤسسة معز مسعود والكذب بإسم العلم
- الديمقراطية ثقافة قطيع !! وما البديل؟؟
- السيسي ... العسكري الشُؤْم!!
- حكمة الجدة !!
- الأخلاق ..... تأريخ مسروق !!
- الحكومة الدولية وسقطة آينشتاين
- العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


المزيد.....




- -نساء الزرافات- في تايلاند..هكذا وثق مغامر إماراتي واحدة من ...
- كيف تحوّلت ألعاب الفيديو إلى ساحة لتجنيد المتطرفين؟
- فاديفول في زيارة رسمية لأوكرانيا تأكيدا لمواصلة الدعم الألما ...
- حرب السودان.. عندما يصبح الصحفي سائقا والمهندس مزارعا
- هل تحتوي الإيصالات الورقية على مادة سامة؟
- هل تنجح ضغوط واشنطن في التوصل إلى صفقة تنهي حرب غزة؟
- سلاح حزب الله بين الضغوط والجدل اللبناني وترقب الرد
- أوسع هجوم روسي منذ بدء الحرب.. رسالة حادة للغرب
- غروسي ينسف رواية ترامب.. مشروع إيران النووي لم يُقبر بعد
- ضربات ترامب على إيران تعزز تمسّك كوريا الشمالية بترسانتها ال ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا صلاح الدين - هذا ما ينبغي أن يتعلمه العرب من بسمارك