أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لينا صلاح الدين - العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !














المزيد.....

العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 5491 - 2017 / 4 / 14 - 11:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


    إن المعضلة الرئيسة التي كان نتاجها تأخر الكيانات الشرقية عن مواكبة العالم، تتمثل في ذلك التمسك الدوغماتي بفكرانيات  دينية نظرية بحتة ، والتي تبعد كل البعد عما هو براجماتيكي، وعن كل ما يعود على تلك الكيانات بنفع ملموس. و دول الشرق لطالما إعتبرت تلكم الفكرانيات خلاصا مما هم عليه، على الرغم من أنها طوال قرون  لم تعط أي نتاج عملي سياسيا، مما يخولني إلى إعتبارها لا تتخطى الحد الميتافيزيقي في كونها إيديولوجيات عقيمة لا تقدم ولا تؤخر.
  ربما يشتم القارئ مما سبق قوله نفحة مادية بحتة، لكن الواقع يجبرنا على التفريق بين العوالم السياسية والعوالم الأخرى كما اللاهوتية ؛ من حيث أن السياسة لا تقبل بغير المادة التي تتمثل في الناتج العملي الذي تلتمسه الأطراف المدنية.  من هذا الطرح يتضح لنا أن الفضيلة في عالم السياسة ليست كالفضيلة في عالم الدين ؛ من حيث أن السياسة لا تكتفي بالنوايا الحسنة كضرورة قصوى. وذلك لأنها موجهة إلى جمهور دائم الإحتياج، لا إلى إله متكامل ، جمهور لا تفيده السريرة الحسنة وقد لا يهمه وجودها في الأصل ، ما دام أنه يلتمس الناتج الذي يلبي إحتياجاته.
         كل ذلك كان بمثابة المحرض الأساسي للدعوة لتفعيل عملية علمنة النظم السياسية الشرقية، خاصة عندما أسلفنا القول بأن العلمنة إنما هي الطريقة (الواقعية) الوحيدة من أجل إخراج تلكم الأمم من ذاك اليم اللاهوتي الوهمي السحيق.
     ولكن المعضلة الأكبر هنا تتجسد في ذلك الخلل البنيوي لدى أفراد الشرق في فهم معنى العلمنة ، وإنشقاقهم التام عن الجينيالوجية الذي يتمثل في عدم العودة للأسباب التأريخية التي أدت إلى تبلور هذا المصطلح ، وما ترتب على ظهوره من نتائج . إنما فقط قاموا بالإكتفاء بالفرضية السائدة عن مفهوم العلمنة والتي تتمثل في كونها ذلك الحاجز الذي يريد بأي طريقة أن يحول بينهم و بين تبعياتهم العقدية. على الرغم من أن العلمانية تبتغي حجب الدين عن السياسة ، لا حجب الدين عن الشعب.
       إن العلمانية لا تتجاوز كونها تلخيص لمفهوم الحرية الدينية والدعوة إلى المساواة، وأن تبني الدولة لدين بعينه، يضع طوائفا أخرى ضمن الأقليات ، مما يدفعنا للقول بأن كل نظام لا يتبنى العلمانية فهو نظام دكتاتوري في الصميم .
    إنني عندما تحدثت عن الناتج العملي الذي تمخض عن العلمانية ، إنما عنيت بذلك عصر النهضة الذي ما كان لتقوم له قائمة لولا النهضة الفكرية التي كانت العلمانية أحد تبعياتها. وعلى الرغم من أنه يسهل التعمق في التأريخ إبتغاء إلتماس ثورات فكرية كانت تروسها هي العلمانية  ، ففي المقابل نجد من الصعب أن نجد في التأريخ مثال لنهضة فكرية حقيقية تمت بفعل الثيوقراطية. وقد يكون لهذا علاقة بعدم ترسخ مفهوم العلمنة في الشرق بعد ؛ بسبب أن الشرق لم يشهد -حتى  اللحظة- ثورة فكرية راسخة تمكنه من الإنفلات من هذا الإنكفاء والتقهقر نحو تقدم فكري نهضوي ، وإن كان هناك بعض دول الشرق التي تمارس العلمانية، إلا أنها تظل علمانية ذرائعية لم تتأسس على أصل متين.
      فلنأتي الآن إلى فحوى هذا المقال، في ما إذا إفترضنا بأن تلكم الأمم مدركة تماما لفحوى العلمنة بشكله الصحيح ، ومع ذلك يحدث الرفض ، فإن ذلك سيقودنا إلى مشكلة عنصرية أشد خطرا ، تتمثل في رفض ال (نحن) لأن يتم مساواتهم مع ال (هم) ، في إطار التعالي الديني ووهم التميز الذي رسخته تلكم العقائد في أتباعها ، على الرغم من أن النهضات الفكرية إنما قامت على مبدأ حذف الجزء(دين بعينه) لصالح الكل (الإنسان) ، وما تلى ذلكم من قيام تلك الشعوب بكل أطرافها المختلفة عقديا وطائفيا بتأسيس مبدأ الحكم الذاتي المشترك. فنستنتج أنه إذا كانت هذه الفرضية هي الفرضية القائمة فإن مشكلة نبذ الشرق للعلمانية ما عادت قضية سياسية يمكن إستسهال تداركها بربيع عربي أو قرار تشريعي ، بل سنكون وللأسف أمام إنتكاسة أخلاقية خطرة تعكس فجوة قيمية يصعب ترميمها على المدى القريب. ويبقى أملنا الوحيد لحل الأزمة في الشرق هو أن نترقب ولو لمرة واحدة في التأريخ  حدوث ثورة فكرية راسخة فيه، ثورة تمكنه من  تدارك حقيقة أن العلمانية ليست سياسة بقدر ما هي ضرورة أخلاقية.



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت
- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لينا صلاح الدين - العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !