أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا صلاح الدين - الاستمالة والمستميلون.. كيف أضحى الكونغرس الأمريكي عبداً للشركات الخاصة














المزيد.....

الاستمالة والمستميلون.. كيف أضحى الكونغرس الأمريكي عبداً للشركات الخاصة


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 01:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تطَّلع على التعديل الأول في وثيقة الحقوق في القانون الأمريكي فإنك ستقرأُ نصاً دَمِثاً ومطَمئناً، فهو ينص على الحمايةِ الدستوريةِ لحرية الرأي والمعتقدِ والصِّحافة، بما في ذلك المظاهرات السلمية ومعارضة قرارات الدولة. يبدو قانوناً مثالياً لوهلة، ولكنْ ضعف الرقابة قد يسمح في بعض الأحايين باستغلال هذا الحقِ ضدَّ عامة الشعب ولصالح المؤسساتِ الرأسمالية.

اخترتُ كلمة اسْتِمالة كترجمة لمصطلح lobbing عوضاً عن مصطلح جماعة الضغط، فالمسألة في الغالب لا تعتمد على الضغط بقدر اعتمادها على استرضاءِ الحكومةِ عن طريق المفاوضات لدفعِها من أجل تشريع قوانين معينة. تتعلقُ هذه التشريعات في الغالب بمنح القروض للقطاعات الخاصة وتجنيبها دفعَ الضرائب، أو بالأحرى مساعدتها على التهرب منها، وهذا يجيبُ على التساؤل المحير: لماذا تُلزم الحكومةُ المواطنَ الأمريكي الكادح بدفع الضرائبِ بواسطة قوانين مشددة في حين تستسهلُها مع الشركات الكبرى؟ لأن الكونغرس أحياناً ليس هو بتلكَ الهيئةِ الممثلةِ للشعب كما يبدو ظاهرياً، بل إن كل الصفقاتِ التي تتم تحتَ الطاولة هي إغراءاتٌ ماديةٌ ورشاويٍ يتم دفعها من قبل الشركات الخاصة لأعضاء الكونغرس.

لذلك في المرة القادمة وقبلَ أن يتسارع أحدكم بالتهليلِ لأحدِ أعضاءِ الكونغرس بسبب إحياءه مناسبةً خيرية، فليتحرى أولاً عن الأسبابِ الخفيةِ لها. جلُّ إن لم يكن كلُّ هذه المناسبات غرضُها جمعُ التبرعاتِ بمبالغَ كبرى من أصحاب الشركات الخاصة كرشاوي خفية، والبعضُ منهمْ قد يستقبلُ في مكتبِهِ جماعات الاستمالة لعقد صفقاتٍ صريحةٍ من غير الحاجة إلى التبرعِ والتطرُّقِ لأساليبَ غير مباشرة.

دعني أمنحك مثالاً -حديثَ العهد- على الاستمالة.. فإنه نظراً للأضرار الاقتصادية التي تسببتْ فيها جائحة كورونا، قامتِ الحكومةُ الأمريكيةُ بتوزيعِ حزمِ التحفيز stimulus packages على المواطنينَ والشركات، كما قامتْ بعمل برنامج حماية الرواتب (ppp) للشركات الصغيرة وذلك بغرض تحفيزِ الاقتصادِ المتضرر. جميل! ولكن من هو المستفيد الحقيقي من هذه الحزم؟

إذا تفحصتَ المسألةَ عن كَثَبٍ ستلحظُ أن أكثر الجهاتِ التي كان لها النصيبُ الأكبرُ من حزم التحفيز هي الشركاتُ الكبرى عامة التداول رغمَ عدم حاجتها للدعمِ الحكومي، وبالطبع تم ذلك بمساعدة الكونغرس. فمثلاً شركة تسلا حصلت على قرضٍ فيدراليٍ بقيمة 456-$- مليون دولار ليصبح إجمالي مبلغ المعونات التي حصلت عليها الشركةُ من الحكومة هو 4,9 مليار دولار، في حين أن العديدَ من الشركاتِ الصغرى -التي هي على وشك إعلانِ إفلاسِها كونها المتضرر الأكبر من الأزمة على الصعيد الاقتصادي- لم يتم منحها تلك القروض إلا بصعوبة وبعد تأجيل متكرر وبعضها لم يستلمه حتى اللحظة.

إذا انتقلنا إلى دولٍ أخرى مثل بريطانيا، سنجدُ أن الوضعَ لا يختلفُ عن الولايات المتحدة، وأن المستميلون لا يستهدفون أعضاء الكونغرس حصراً بل الحكومة بأكملها. فمثلاً قد سبق وأنْ تمت مطالبة وزير الدفاع ليام فوكس بالاستقالة بعد الفضيحةِ التي شملتْ تقديمه لرجلٍ يدعى آدم فيريتي على أنه مستشاره الخاص رغم عدم امتلاك الرجلِ أي وثيقة تثبتُ أنه يعملُ لدى أي جهةٍ في الحكومةِ البريطانية. وبسبب تقديمه كمستشار تمكن فيريتي من إجراء العديد من المقابلاتِ الخاصةِ مع رجالِ الدولة والدبلوماسيين وكسب ثقتهم لمناقشة العديد من الشؤون الخاصة. وفي السنة التالية حدثت فضيحة أخرى مشابِهة وهي تصوير بيتر كرادس وهو يستلم رشوة على أساس أنها تبرع بقيمة 250,000 جنية استرليني في مقابل مساعدة المرتشي على مقابلة ديفيد كاميرون لمناقشته في بعض المسائل ومحاولة التأثير عليه.

إن وظيفة الاستمالة لا تقتصر على إيجاد الطرق لمقابلة المسؤولين، بل إن من يقومون بها لديهم العديد من الاستراتيجيات التي يستخدمونها في فن الإقناع، وقد لا يقتصرُ هذا الإقناع على تقديمِ الاغراءات المادية، بل قد يمتد إلى الحملاتِ الدعائيةِ وغيرها من الطرق التي في إمكانها التأثير على قرارات رجال الدولة. بل أحياناً قد لا يحتاج عضو اللوبي أو المستميل إلى مقابلة مسؤولٍ ما والتأثير فيه، فقد يتم الاستعاضة عن ذلك بالتحكُّم في العالَم الرقمي وإنشاء مواقع ويب ونشر أخبارٍ عليها شأنها التأثير على الرأي العام ومن ثَمَّ قرارات الدولة.

إنني لا أبتغي هنا أن أعرض وظيفة المستميل كوظيفة شيطانية في الأصل، فأنا أتفهم أنه من الضروري وجود وسيطٍ لتسهيل العمليات بين المستثمرينَ وأصحابِ الشركات وبين الدولةِ المُشرِّعة. لكن الخللَ الذي أعارضه يكمن في عدم تحقيقِ أعضاء الكونغرس لموازنةٍ بين المصالح العامة والخاصة. المعضلةُ تكمنُ في استغلالِ هذا الحقِ المكفولِ من قِبَل وثيقة الحقوق في القانون الأمريكي بشكلٍ خاطيء ومُستَفز، لذلك من الضروري أن يتم مستقبلاً ضبطُ وظيفة المستميلِ وتجريمِ الاستغلالِ الخاطيء لها، وتكثيف الرقابة على أنشطة أعضاء الكونغرس.

لا أعلمُ إن كان بوسعي أن ألومَ الشركات التي تقوم باستمالة الدولة لتحقيقِ مصالحها، بما أن هذا يعد جزءاً من استراتيجيات النجاح الاجبارية التي يفرضُها سوقُ العملِ على الشركات الكبرى، فإما أن تقوم هذه الشركات بمجاراة السوق أو تسقط، لكن اللوم يوجه إلى الدولة التي سنحت بابتداع هذه الثغرة في قوانينها. وبعد ما سبق ذكرهُ لكَ أن تجاوب على هذا التساؤل بنفسك: من هو المسؤول الحقيقي عن وضع التشريعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، أهو الكونغرس الأمريكي أم القطاع الخاص؟



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهابُ الديني وكارثةُ تسويغه—تحليلٌ تأصيليٌ وسايكولوجيٌ لأ ...
- بايدن ليسَ اشتراكياً كما يزعُمُ ترامب وبعضُ وسائلِ الإعلامْ
- -ندالة- الجمهوريين قد تدفعهم إلى تعيين خلفٍ ل-غينسبيرغ- قبل ...
- خطايا الآلهة
- لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟
- علاقة الفيزياء الحديثة بالفلسفة
- وأخيراً قرأت كليلة ودمنة
- لهذا أنا أشُك
- الإسرائيلو-فوبيا وعَدَاءُ الشَّرْقِ -الطُفوليّ- لإسرائيل .. ...
- مسرحية -خاشقجي-
- نَقْد الفَلْسَفة المِثالية
- مؤسسة معز مسعود والكذب بإسم العلم
- الديمقراطية ثقافة قطيع !! وما البديل؟؟
- السيسي ... العسكري الشُؤْم!!
- حكمة الجدة !!
- الأخلاق ..... تأريخ مسروق !!
- الحكومة الدولية وسقطة آينشتاين
- العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا صلاح الدين - الاستمالة والمستميلون.. كيف أضحى الكونغرس الأمريكي عبداً للشركات الخاصة