|
لماذا أتعلم اللغة الصينية وما تأثير الشعر في ذلك؟
محمد قاسم علي
كاتب و رسام
(Syd A. Dilbat)
الحوار المتمدن-العدد: 6919 - 2021 / 6 / 5 - 02:57
المحور:
الادب والفن
للإجابة على السؤال هناك نقطتان يجب أن تكونا واضحتا المعالم في ذهن المتعلم، 1- ما الجدوى من تعلم اللغة 2- ما الدافع لتعلمها. إمتلاك الدافع عنصر مهم للنجاح، إن لم يكن الأهم، فبدونه يفقد المتعلم حماسه و طاقته التي تساعده على الإستمرار في الطريق الذي تتسم بأنه طويل و مليء بالأحداث، تعلم لغة شعب ما يساعدك في الدخول الى مكنونات عالم جديد، حضارة و تاريخ هذا الشعب. فكيف إذا ما كانت هذه الحضارة هي حضارة الصين! هنالك نقطة يجب الوقوف عندها و إيضاحها و مقدمة لابد منها للوقوف على كيفية تولد الرغبة. في أحيان كثيرة تكون الرغبة منبثقة من وحي الصدفة لكن هذا ليس الأساس في القاعدة، فتختلف هذه القاعدة من شخص الى آخر، و تلعب الظروف المحيطة دوراً محورياً في إختلافها. لكن على أية حال كانت للمصادفة تأثيراتها العظيمة في تجربتي، في كتاب صوتي عن قصة الحضارة ل ويل ديورانت و في قُبيل المصادفة سمعت القارئ يقرأ عن الصين، مما إستوقفتني اللغة الأدبية التي ألم بها الكاتب في موسوعته العظيمة، ذات المجهود الجهيد. ففي تناول القارئ الصين في قرون ما قبل الميلاد، دفعني الفضول الجامح الى الإنغماس و التعمق في الإطلاع على ما أتى الى مسامعي و داعب رغبتي في إنتهال المعرفة عن هذا الشعب الرائع ذو الحضارة الزاخرة، موقداً بذلك رغبتي الجامحة. فسارعت بالبحث عن مصادر أخرى تثري ثقافتي و معلوماتي عن هذا الشعب و البلد الذي يحتضنهم، من حيث نُظمه و تعاليمه الأخلاقية التي تحكم بين المجتمع، فكرته عن الخلق، الأدب بلا شك، حيث يمثل الجزء الأكبر من دافع الفضول. بعدما طويت صفحة كبيرة من الصفحات المليئة بالمعلومات الأساسية عن الصين ما قبل العصور الوسطى، قادني فن الشعر الذي يمثل مرتكز الأدب الصيني الى التوقف مطولاً عند العصر الذهبي في تاريخ الصين ألا وهو العصر الذي زامن عهد سلالة تانغ و سلالة سونغ الحاكمتين في القرون الوسطى، حيث على الرغم من الإضطرابات السياسية الجسيمة التي لحِقت بهذا العصر المزامن لعصر بغداد الذهبي في ظل الخلافة العباسية، إستمر الاسهاب الفني في أوج عظمته، مُبرزاً بذلك شعراء هم الأعظم في تأريخ الصين على الإطلاق، أخص بذلك نجمان لامعان، هما، دو فو "الشاعر المؤرخ" أعظم شعراء الصين ، و لي باي النجم الساطع في عهد سلالة تانغ، الذي بدوره كان الشاعر الأكثر شهرة آنذاك. لاحظ الجمال الشعري المتمثل في قصيدة لي باي "أشرب تحت ضوء القمر"، صورة شعرية معبرة، تحمل معاني جميلة جمالاً أخاذ.
أشرب تحت ضوء القمر لي باي
بين الأزهار، أنتظر إبريقاً من النبيذ، أسكب لنفسي شراباً، لا محبوب بالقرب. أرفع كأسي، أدعو القمر المُشرق. والتفت الى ظلي، نحن الآن ثلاثة، لكن القمر ، لا يفهم الشُرب، و ظلي يتبع جسدي كالعبد. الى حين، القمر و الظل سيكونوا رفاقي، فرحة عابرة، يجب ان تستمر خلال الربيع. أنا أُغني والقمر يتأرجح في السماء؛ أرقصُ ، و ظلي يتخبط كالمجنون. بينما لا زال جلياً، لدينا وقتُ أنسٍ سوياً! لكن في حالة ثمالةٍ و تعثر، كل واحد يتأرجح بمفرده. أخطو قفزاً الى حين، نتجول بلا هوادة: إلتم شملُنا أخيراً على نهر النجوم البعيدة.
جمال صوري و تعبيرات شعرية فذة حيث تصور هذه القصيدة حالة من الشعر تُعد ثورية بإمتياز في المجال الأدبي و الفني. هنا أيضاً قصيدة من أشهر قصائده
أفكار ليلة هادئة لي باي
أمام سريري هنالك ضوء قمر ساطع يبدو كالصقيع على الأرض رفعت رأسي و حدقت بالقمر الساطع أخفضت رأسي و أفكر بالحنين الى موطني
لنضع نقطة في نهاية السطر على قصيدتّي لي باي الجميلتين، و نعود في الحديث الى الفضول، نعم، الفضول مهم لكن يجب أن يصطدم بالمتعة على طول الطريق لكي يُحافظ المرء على إستمرارية طاقته المتجددة. بدأت في ترجمة كتاب عن سيرة حياة الشاعر المؤرخ دو فو ، الذي يُعد أعظم شعراء الصين، في كل صفحة من صفحات الكتاب تستوقفني الكثير من الشذرات التي أتعاطف معها، أنا أدخل في عالم ذلك الكتاب أحاول أن أزمان عصره و أعيشه، متفهماً بذلك موقف الشاعر و ما يدونه في شعره من أحداث كانت جسيمة أحياناً كثيرة و أقل شدة في أحيان أخر. يكتب عن المدح و الرثاء و الجوع و المرض، يكتب كل ما يراه يستحق التدوين. أتمنى أن يرى كتابي النور في الوقت القريب، لكي أضع بين يدي القارىء ثروة ربما ستكون إضافة الى مقتنياته.
هنا، في هذه المقالة أُريد أن أسلط الضوء على كيفية إدارة الشغف و توجيهه توجيهاً صحيحاً، لإستنتاج ناتج مُركز من الفائدة التي ستعود بالتالي على الشخص المتعلم.
#محمد_قاسم_علي (هاشتاغ)
Syd_A._Dilbat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة مشتل الأعظمية، كلبُ عَرّى مجتمع و جُناة.
-
العراق تحت خِناق الميليشيات و سُراق المال العام
-
السياسة في العالم العربي
-
الإسلام يقف حاجزاً في وجه مجتمع مدني سعيد
-
دو فو الشاعر المؤرخ
-
جرف الصخر و عمليات التجريف الطائفية
-
عودة إبن فضلان
-
المقامة البغدادية
-
دو فو اعظم شعراء الصين
-
الْيَهُودْ
-
لهذا انا إشتراكي ديموقراطي
-
الخطاب الساذج و الضحل
-
مُعجب بالأدب الإنجليزي
-
الجميل في قادم الأيام إن....
-
صفات لا تفارق الاُمم المضمحلة
-
على نهج بو يانغ في النقد اللاذع
-
حرب داحس و الغبراء بعد عام 2003
المزيد.....
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
-
اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة
...
-
كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك
...
-
الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|