أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - التعايش مع الموت من أجل الحياة














المزيد.....

التعايش مع الموت من أجل الحياة


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 6906 - 2021 / 5 / 22 - 11:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قال لي صديقي الفيلسوف الشاعر الطبيب النفسي "ريكان إبراهيم" ان من يولد لابد أن يموت، أختصر الوجود الإنساني بأسره بهذه الكلمات الفلسفية البسيطة اثناء مكالمة هاتفيه معه، رغم ان الموت يحيط بكل شيء في حضارتنا اليوم، حضارة التطور الطبي والتكنولوجي والمعرفي إلا أن فقه الموت بقي غفل ومجهلة في من نجح في التكنولوجيا والطب والادوية وأجهزة الاتصالات.
نحن معشر المشتغلين في علوم النفس العميقه وفلسفتها نذهب بعيدًا في سبر أغوار دواخلنا ونتعمق حتى لا نصل إلى المنتهى الذي نحاول الوصول إليه لا بفعل الاهداف التي رسمناها ولا بفعل القدرات المعرفية التي نمتلكها، لان ما نريده هو البحث الدائم عن ما يجول بخواطرنا بعمق غير معقول لا منتهي، ملفاتنا النفسية لا تدرك، أعماقنا غائرة في ما لا نعرفه، وهو دليل على أن تكنولوجيا النفس أعمق وأكثر غورا مما وصلت له العلوم في اكتشافاتها وتطورها وصدق قول استاذنا المرحوم العلامة "مصطفى زيور مؤسس مدرسة عين شمس للتحليل النفسي " أن الطب يعرف عن المرض أكثر مما يعرف عن الصحة".
نقول في هذه السطور أن المرض هو غطاء للمواجهة مع الموت، فمن تألم بالعلن أو بالخفاء فهو ما زال يواجه مواجهة حقيقية للبقاء، وسبق وإن قلنا في مقال سابق أن من يتألم فهو يقاوم ويفضل الإستمرار في الحياة، إنه حي يعيش وما زال يرغب في الاستمرار بالحياة، وفي الجانب الآخر من صور الحياة هي ما يعانية الميلانخولي " أشد أنواع الاكتئاب العقلي" في تألمه حتى يفضي ألمه إلى الموت بمحاولة واحدة لينهي معاناته بدون مواجهة رحمة بنفسه، إذا الحياة مواجهة لمن ارتضاها، وقرار للموت لمن أختاره، والامر سيان بين الحالتين لذا لا نكاد نعرف من أحوال النفس وما يلم بها شيئا أثار فيها غير المواجهة الحقة من أجل البقاء، نحن نستطلع قدرتنا في الرغبة والبقاء قبل وأثناء المواجهة لأنها غريزة البقاء والوجود وهي فطرة لكنها تقمع في حالة الاكتئابي الميلانخولي قسريا بفضل قوة الألم الذي يعانيه وشدته، وعدم استطاعته على ردع أفكاره وما تنتج من أهوال تؤدي به إلى الانهيار النفسي والمعنوي.
هل يحق لنا القول أن نسمي حالة الهيجان في الجانب الهمجي الحيواني من النفس الذي ينطلق باحثا عن الخلاص من الألم لينهي معاناة التفكير أو معاناة الألم منه جُبنٌ وتخاذل في المواجهة؟ أم أن العقل الذي نجح في المواجهة لدى البعض في ضبطها والتحكم بها وربما الانتصار على الموت ولو لحين هو كما كان قبل المواجهة، يبقى التساؤل مفتوحا.
انه صراع من لمحات في بعض جوانب المواجهة مع البقاء في الوجود حتى وإن كان وجودٌ أعرج، صورة المريض وهو يعيش على مجموعة غير منتهية من الادوية والاجراءات الطبية، ولكن يبقى الطب في مسعاه ان يعالج المرض ويخفف الألم بشقيه الجسدي والنفسي، وما أقسى هذا الألم لمن عاناه وعايشه وحدثنا عنه من كتبت له فرصة الاستمرار بالحياة، أو ما حدثنا عنه من غادر وهو يئن من شدة الألم الجسدي والنفسي.
ان المواجهة ضرب من الفرار من الموت ووسيلة لتفاديه، وقبول الألم هو أعتراف من أنفسنا بما نكره، نعترف به كحقيقة ولكننا نؤجل أو نتناسى ميعاد الموت ومعنى ذلك إننا نعترف لإنفسنا بحتمية هذه الحقيقة، وما يؤلمنا أن نفطن فجأة لما نحن فيه.
يتسائل من برأ من المرض باعجوبة كيف تستقيم قاعدة تفادي الألم مع ما نعرف من الحاح الذكريات المؤلمة، يطردها فتعود كالذباب العتيد، هل تبقى قاعدة الذكريات مؤلمة مليئة بالآهات، وهل تم خزنها بعمق بحيث يتم استدعائها لاشعوريا بدون اذن أو رغبة حتى تقلق صاحبها، لا نغالي اذا قلنا أن المواجهة ألم، والألم مواجهة، والموت مواجهة، والنجاة منه ألم، وإن ما نذكره منه يكون عادة مفككا متناثرًا تارة، ومتجمعًا قويًا تارة اخرى، وفي النهاية لا يعدو أن يكون ستارًا يخفي ذكريات موجعه، وتستمر المواجهة لمن برأ من المرض، ومن مات وغادر ذكريات موجعة ايضا لدى الاهل والمحيطين به.
هل بالمواجهة مع الموت أن يواجه الإنسان نفسه ويخوض غمار أعنف المعارك قاطبة ألا وهي معركة اكتشاف الإنسان لنفسه وقدرته في الاستمرار بالحياة، ليعيش ما تبقى من عمر أضافي كما عاشه الكثير ممن عانوا أزمة الصراع مع الموت الحتمي ولكن انتصروا عليه بقدراتهم الذاتية أولا وبمساعدة الطب والادوية التي استطاعت أن توقف نزيف التدهور البدني ثانيًا ، وبقي الجهاد مع النفس ومقاومة المرض والانتصار عليه حصريا مع النفس ، وهو اللغز الكبير.
يمكننا أن نستعير من مؤسس التحليل النفسي "سيجموند فرويد" فكرة أسماها" أفكار الحل Gedoukeu " وننقلها للتطبيق بشكل قصدي في موضوعنا عن المواجهة الحقة التي لا تقبل التأجيل أو التهاون في الاستمرار والمطاولة، إنها حقا بين فكين مفترسين هما الموت والملل- الجزع، ونحن نسير في ظلمة الطريق وكثرة المثيرات الكاثرة في كل لحظة من يوم مواجهة المرض نرى في قول "جاك لاكان" فيلسوف التحليل النفسي الفرنسي قوله: أن المواجهة تحول التفكير في الحاضر في خدمة تحقيق الرغبة، الرغبة في البقاء والاستمرار في الحياة، وهي استعارة من "لاكان" عن فكرته الاصلية عن الحلم. والرغبة هنا هي تفعيل قوة المواجهة لأن الرغبة أو التفكير في الرغبة بمثابة معيش أو إخراج لها في الاستمرار بالحياة ومواجهة حقيقة لابد منها وهي الفناء.



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم يئن .. بين عالم ينهار وعالم يتكون
- الاعلام وتمزيق القيم
- شخصياتنا تحدد أسلوب تفكيرنا
- البناء النفسي والفكري للإنسان كيف يتكون؟
- التفكر والتحسب في الشخصية
- فن مواجهة أزمات الحياة .. فن العيش
- أزمة المثقف في العالم الثالث أزمة وجود
- شخصياتنا في مواجهة الأزمات
- الحياة والموت رؤية نفسية إجتماعية فلسفية
- العالم بين العُصاب والإغتراب
- محنة -فايروس الكورونا-ِ بين تأثير إيحاءالإعلام ووساوس الناس
- كورونا حالة ذعر جمعي عالمي مبحث نفسي – إجتماعي
- اتجاهاتنا ..وإنفعالاتنا وسلوكنا!!
- الصراع وقبول الآخر..مبادرة السيد عمار الحكيم
- للمواطن حقوق
- شخصية الإنسان .. والارادة
- سلوك الإنسان..بين الربيع والخريف!!
- دولة المواطن..متى تبدأ؟
- نحنُ والمواطن..إلى أين؟
- من أجل المواطن..إشكالات وطنية!!


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - التعايش مع الموت من أجل الحياة