أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، السيدة الأولى















المزيد.....

الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، السيدة الأولى


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 20:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تحاصرنا الأحداث الأليمة والكوارث العظام من كل جانب، دون رد فعل طبيعى كما يحدث من أى شعوب لديها الحد الادنى من الشعور بالمسئولية ، فإعلم على الفور إننا فى كرب عظيم له مآلات فظيعة التصور أقلها إندثار الأثر وذهاب الريح؟
فالألم مهما كان عميقا جارحا، يهون وتتقلص آثاره عندما ينتفض الجسد ثائرا مقاوما،لكن مرور قضايا مصيرية،وعلى رأسها عمليات سرقة نهر النيل وتدنيس المقدسات الإسلامية فى القدس، و نحن نعيش فى سبات عميق بدون أى تململ حتى ؟ فذلك يعنى فقدان الأمة لجيل يعرف قيمتها ، ويعنى أيضا خلوها من أى زعامات سياسية أو نخبوية تمتلك من الإدراك ما يليق بخطورة ما يتم ، قياسا مع زعامات حزبية ومستقلة سابقة كانت تزلزل الأرض لأجل قضايا أقل كارثية ؟
ويجعل المقارنة بين الماضى والحاضر أمرا مبكيا ، فلا يمكن أن نتصور مثلا أن المفكرة والزعيمة السياسية الدكتورة نعمات أحمد فؤاد كانت ستصمت لو كانت تعيش عنفوانها بيننا الآن ومر عليها ما يخص تيران وصنافير ؟ أو عاشت ما يحاك لنهر النيل من مخططات محمومة لتحويله من نهر دولى إلى بحيرة أثيوبية؟
ويجعلنا نتسائل فى مرارة عما إذا كانت ستكتفى بتويتة لإثبات الموقف من العدوان الهمجى المستمر ضد ثالث الحرمين وأولى القبلتين وعلى الأطفال والنساء كما يحدث من بعض من ابتلينا بهم فى وقتنا الحالى ؟

فشتان الفارق بالفعل بين النخب الصامتة والمتراجعة فى وقتنا الحالى، وبين الكثيرين من المناضلين المكافحين المدافعين عن الشعب المصرى وحقوقه وثوابته وتراب وطنه الذين غادروا دنيانا ، ومن بينهم هذه المفكرة المصرية الرائعة نعمات أحمد فؤاد التى ولدت بمغاغة بمحافظة المنيا فى يناير عام 1926، وحفظت القرآن الكريم في طفولتها،ثم انتقلت من مغاغة إلي ضاحية حلوان في القاهرة، لتلتحق بالمدرسة الثانوية الداخلية للبنات في حلوان، ثم إلتحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة، كما نالت درجة الماجستير في أدب المازني، ثم حصلت على درجة الدكتوراة بعنوان "النيل في الأدب العربي".عام 1952، وإستمرت فى كفاح سياسى وثقافى وإجتماعى بل وإقتصادى لا يمل،حتى توفيت فى إكتوبر عام 2016،

إن من عاصروا تلك السيدة العظيمة ، سيتمنون بلا شك تواجدها فى وقتنا الراهن، فهى كانت ستغير بالتأكيد بعض المعادلات السائدة ، بل كانت ستقلب الدنيا رأسا على عقب خاصة أمام ما يحاك ضد نهر النيل ، ولا نقول ذلك طبقا لانحياز او هوى ، لكننا نستخرجه من مواقفها التاريخية التى إتخذتها بشجاعة وسط ظروف كانت أسوأ وأضل سبيلا؟
فهى لم تكتفى من الشجاعة بالإستئساد والشماتة فيما يقع لخصومها السياسيين ، لكنها تصدت بقوة لظلم السلطة وجنوحها وشططها ومحاولاتها إستعباد المصريين ، ولم تجزع أو تداهن أو تصمت ورفضت كل محاولات الإغواء بالمناصب والأموال ؟

إننا لا نتكلم بشكل إنشائى عفوى ، فنعمات أحمد فؤاد تعتبر أول سيدة فى التاريخ المصرى المعاصر تقتنص وتتولى أدوار الزعامة السياسية كتفا بكتف مع الرجال ، بل وبالتقدم على هؤلاء الرجال بخطوات كبيرة ، كما إنها قد تكون السيدة الوحيدة فى التاريخ المصرى حتى الآن التى تزعمت قوى المعارضة السياسية الرئيسية وقادت مؤتمراتها فى أحيان كثيرة ، وكان لها صولات وجولات نددت خلالها بالحكومات والرؤساء المحليين ، وبالأجانب المتربصين بخيرات شعب مصر ، بدون حسابات أو رهاب من أجهزة متربصة، ولا كتكتيك لنيل مكاسب ومناصب ؟
كما إنها لم تكن ضد الحداثة أو التطوير والمعاصرة ،لكنها فى نفس الوقت كانت ضد إستغلال تلك المفاهيم للإساءة للقيم والمقدسات،أو لتسهيل التفريط فى الثوابت الوطنية والمقومات الإقتصادية العامة التى هى ملك للشعوب لا يحق لأى مسؤول مهما كان منصبه أن يتصرف فيها كما يحلو له؟
وتجلى أحد أهم مواقفها الوطنية فى هذا الخصوص، عندما تصدت لمحاولات التغلغل الأجنبى للإستيلاء على جزء هام جدا من التاريخ المصرى، ورفضت قيام نظام الرئيس الراحل أنور السادات بالإعلان عن بيع هضبة الأهرام لصالح مستثمر أجنبى ( من كندا ) يدعى بيتر مونك والذى كان سيشترى عشرة آلاف فدان من هضبة الأهرامات مقابل نحو ٢ مليون دولار ؟ وقد هاجمت الدكتورة ذلك المشروع فى جريدة الأهرام نشر بتاريخ السابع من يوليو عام ١٩٧٧ وكان بعنوان "مدينة سياحية عند الهرم " أكدت فيه بأنه لا ينبغى أن يستولى أى أجنبى على جزء من تاريخ مصر لمجرد دفعه الأموال ؟ مؤكدة أن أصحاب الأموال غير أصحاب الحضارة والتاريخ ؟
ولم تكتفى بالكتابة بل خرجت بآرائها إلى الحياة السياسية العامة، ونظمت حملات عديدة للدفاع عن حرمة وقداسة تاريخ مصر ، وهاجمت ذلك المشروع، بل هاجمت الرئيس السادات نفسه فى تلك المؤتمرات وكانت تجوب أنحاء مصر من نقابة إلى حزب إلى قاعة مؤتمرات أو وسط الجموع التى تنتظرها فى المدن خارج القاهرة ، وكانت كلماتها وخطبها الحماسية تمنح عشرات الألاف من المصريين شعورا وطنيا عظيما لاحدود له ، يزيل عنهم الشعور الطبيعى بالخوف والرعب من قمع السلطة وأجهزتها ؟
ولقد ظلت نعمات احمد فؤاد على موقفها وفى حركتها وصمودها وترفعها عن ما يقدم لها من إغواءات كثمن للتراجع والصمت ، حتى تراجع السادات عن قراره المخزى ببيع هضبة الاهرام للأجانب ؟

ولم تكتفى دكتورة نعمات بدورها فى الحفاظ على آثار وتراث مصر ، لكنها رفضت أيضا التفريط فى القطاع العام أو البنوك أو الشركات العامة حيث تصدت لعمليات الخصخصة منذ بدايتها وقادت حملة قوية ضد شخص خليجى من الكويت، حاول أن يلعب فى مجال الإقتصاد المصرى، نفس الدور الذى لعبه الوزير السعودى الذى سيطر لوقت قريب على مقدرات مصر الرياضية فتحولت الكثير من الرموز الرياضية المصرية إلى مجرد حملة مباخر له بلا خجل، ولم نجد شخصا واحدا فى مثل شجاعة نعمات أحمد فؤاد وحدها و التى جعلت الكويتى المتنمر بأمواله يهرول هاربا غير مأسوف عليه؟

ومن المهم الإشارة أيضا إلى أنها كانت ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث هاجمت على وجه الخصوص مشروع ترعة السلام لتوصيل مياه النيل لإسرائيل، والذى كان سيتم تنفيذه لولا صلابة موقفها ، وفصاحة بيانها وسلامة حجتها وقوة عزيمتها ، كما ينبغى أن نشير إلى كتاب ومفكرين عظام آخرين كالأستاذ كامل زهيرى الذى نشر كتابا وقتها بعنوان النيل فى خطر وشارك فى تلك المعركة السياسية الساخنة التى تصدت للتوجهات المتعلقة بعمليات توصيل مياه النيل لإسرائيل فى إطار مخططات التطبيع المشئومة ؟ وكانت النتيجة الطبيعية لجهود هؤلاء المخلصين هو توقف المشروع المشئوم ولو بشكل مؤقت ؟

وبالتالى فلو كانت نعمات أحمد فؤاد( وغيرها من أساتذة الجيل السابق) موجودة وسطنا ورأت ما نراه ، وعاشت ما نعيشه ، فبالتأكيد وقياسا على مواقفها التاريخية تلك، فإنها لم تكن لتصمت او تهادن رعبا وهلعا ، أو تقبل بأن يشتريها اصحاب المصالح بثمن تافه بخس مقابل النكوص المخزى الذى يفرط فى الأرض والعرض والمقدسات ؟
كل التحية لروح نعمات أحمد فؤاد سيدة مصر الأولى، وعروس النيل ،،،



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهو ده إللى صار ياشيخ سيد !!
- سليمان خاطر ، فى الليالى الحالكة نفتقد الصقور؟
- أحمد حسن الزيات والوصفة السحرية للبقاء!
- السفير إبراهيم يسرى ، مناضل حتى التسعين!
- الدفن فى الغربة ، دكتور يوسف شوقى
- المهندس يحيى حسين، والمستشارة نهى الزينى ؟
- صنع الله إبراهيم، الروائى المصرى الذى سبق الفيلسوف الألمانى ...
- عدلى فخرى فنان مناضل
- نيفين ملك، ورفيق حبيب
- الشهيدة نعمات حسن
- خميس والبقرى مناضلين حتى الشهادة !
- الشيخ حافظ سلامة
- المتمرد، شفيع شلبى
- شجرة الدر ، العنصرية ضد المرأة
- درية شفيق المرأة التى تصدت لعبد الناصر
- نجيب سرور ، الخروج على النص؟
- تريزا ماى ، نموذجا !!
- الحرب على نادى الزمالك !
- إضطرابات دينية فى المملكة المتحدة؟
- مانيفستو مواجهة سد النهضة !


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، السيدة الأولى