أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - السياسة والحب : 3 و 4 من 7















المزيد.....

السياسة والحب : 3 و 4 من 7


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6894 - 2021 / 5 / 10 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


3 -

لا يختلف عطاء الموهبة السياسية عن عطاء الموهبة الشعرية والفنية والمعمارية ، في تجسيدها لأثر خالد لا تمحي دلالته بسهولة ، يخاطب الملايين ويشيع الرضا في نفوسهم على اختلاف جنسياتهم وألوانهم وخلفياتهم الثقافية . فحين يشاهد الناس ، في رحلاتهم السياحية ، اهرامات الجيزة أو بعض التماثيل اليونانية أو يقفون امام لوحة للواسطي او بيكاسو ، او حين يقرأون نصاً أدبياً رفيعاً حديثاً كمالك الحزين أو لعبة الكريات الزجاجية ، أو قديماً كمعلقة طرفة بن العبد او الألياذة او ملحمة جلجامش : يشعرون برعشة جمالية تهزهم من الداخل ، وهم يتأملون تفرد الأثر بصياغة لا تشبه غيرها ولم تكن على مثال سابق . وهي الرعشة الداخلية نفسها التي هزت العراقيين وجعلتهم يخرجون للتظاهر تأييداً للإصلاح الزراعي وللقانون رقم 80 في حكم عبد الكريم قاسم ، أو تأييداً لقرار التأميم في عهد أحمد حسن البكر . لا تختلف موهبة السياسي عن موهبة الشاعر والفنان في عطائها الذي يستقطب عقول ومشاعر الاغلبية : اذ لا يقتصر عطاؤها - كما هو الحال مع السياسي الأمعة الذي يفتقر الى الموهبة - على الدائرة الضيقة المحيطة به ، فبناء جسر او ادخال تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات ، او تحديث الجهاز المصرفي والإداري الكترونياً سيكون مردوده ذا فائدة ونفع شامل للملايين ، ولا يكون استعماله قاصراً على عائلة السياسي او على أصدقائه وأشياعه من الذين يشاطرونه رؤيته السياسية . فالموهوب سياسياً يكون عطاؤه نافعاً لعموم الناس ، لأن حب الناس هو الدافع والمحرك له على الاستمرار باتخاذ القرارات التي تعزز من نزوع الدولة صوب تضييق الهوة بين الخواص والعوام ، وجعل المساواة السياسية طريقاً الى المساواة الاجتماعية ...



4 -





تفصح الموهبة السياسية عن نفسها بوقت مبكر ، وهي في هذا لا تختلف عن مواهب الشعراء والموسيقيين والمطربين ، والموهوبين في العلوم الطبيعية والدقيقة كالفيزياء والرياضيات والكيمياء والفضاء والإلكترون : الذين يفصحون عن هذه الاستعدادات منذ عمر الصبا وربما الطفولة . ثم يساعد الخارج على انضاج هذه المواهب وتفتحها ، حين تعكف انظمته التعليمية والإنتاجية وثقافته الجمالية على صقلها . ولكن الخارج لا يعوض عديم الموهبة عن نقص استعداده الداخلي . يساعد الخارج الموهوب سياسياً على ادارة حوار ناجح معه ، ويعمق من قدرته على المناورة وإخفاء الغاية والقصد . لكن هذه المهارات اضافة الى مهارات اخرى ، ادارية وفنية وعسكرية : يساعد التعليم المركزي للدولة على تعلم اكتسابها ، ولكن التعليم لا يعلم الطريقة التي تساعدنا على ان نصبح موهوبين : لقد سقط عباس بن فرناس من شاهق ، وسقط قبله ايكاروس الابن في الأسطورة اليونانية ، لأن الطيران استعداد خاص بالطير لا بالانسان ، واكثر نقاد الأدب : فشلوا في ان يكونوا مبدعين ، فلجأوا الى دراسة قوانين الحكي والسرد ، واستنباط شعرية النصوص التي لم تعد تتقيد بالوزن والقافية ، فأصبحوا معلمي صنعة أو حرفة - كالسفسطائيين في التراث اليوناني - لا من مبدعيها . وأشهر مثال على ذلك هو : عباس محمود العقاد الذي على موسوعيته ، وكتابته لعدد ضخم من القصائد ، ورغم كتابه الجميل : اللغة الشاعرة ، لم يستطع كتابة قصيدة شعر واحدة . يولد الرسام رساماً والشاعر شاعراً والمخترع مخترعاً ، أي يولد وهو مزود بآليات خاصة بموهبته يفتقدها الآخرون ، فالموهبة استعداد داخلي ينبع من مصادر داخلية . وهي كأي استعداد داخلي تحتاج - لكي تنفصل عن البيولوجي والفطري وتتعالى عليهما وتكون ذات كينونة ذاتية مستقلة - الى تطوير وتنمية ، وتتمثل تنمية السياسي لمواهبه : بتوسيع الدائرة الاجتماعية التي تعود عليها إنجازاته بالنفع . وكلما واصل السياسي اصدار القرارات التي توسع دائرة المنتفعين منها : كلما ازداد تعلق مواطنيه به ، وازداد هو حباً لهم واعتزازاً بهم . فالموهوب سياسياً شخص ينتمي بطبيعته الى المكان الكبير الذي يضم الغالبية من مواطنيه ، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والعشائرية والمناطقية التي تظل لصيقة بسلوك وقرارات السياسي - الأمعة ، أو السياسي الشقاوة ، الذي يخلو من الموهبة . ولهذا تركز الموهبة السياسية في قراراتها - وهي في قمة السلطة - على ايجاد البنى التحتية مثل الجسور والطرق العامة والمطارات والطاقة والمجاري ، والصناعات البديلة ، واصلاح شبكات الري وتطهير الارض من الملوحة والتصحر : فينعكس مردود قراراتها ايجابياً على الاغلبية من مواطني البلاد . فالموهبة الحقيقية تجبر صاحبها على ان تكون قراراته ذات مردود يشمل بمنافعه المكان الكبير الذي يضم غالبية المواطنين ، تاركاً معالجة جزئيات المكان الكبير لمن دونه إدارياً من المحافظين والقائمقامين ومجالس المدن والقرى . وعادة ما يلجأ شقاوات السياسة وعديمو الموهبة الى تعويض فقدان حب الجماهير لهم : بفرض حضورهم بالقوة ، وذلك بتوزيع كم هائل من اللوحات والتماثيل ، آمرين بتعليقها ونصبها في ساحات مدن المكان الكبير كله . صحيح ان السياسي كمواطن : نشأ وتربى في منطقة محددة ، وضمن عائلة بعينها ، وأخذ عنهما ديانته ومذهبه ، وهو يعشق ذكرياته مع أترابه ، وما مارسه معهم من ألعاب وهوايات على شواطيء نهر المدينة أو في شوارعها وحاراتها ومتنزهاتها : ولكن موهبته السياسية تنتشله من الغرق في طوفان ذكريات الماضي ، وتعيده الى أرضيته الصلبة في الحاضر التي ينطلق منها في مواجهة التحديات ، اذ تنطوي الموهبة السياسية على حب عظيم للمكان الكبير ( وهذا الحب ينبع من طاقة داخلية لدى السياسي ، وليس من مصادر خارجية ) تجعله يفكر كثيراً في مردود قراراته اذا ما الحت عليه الدائرة الضيقة من مستشاريه : في ان يمنح ابناء طائفته ومنطقته واثنيته امتيازاً خاصاً . في عالم العرب والعروبة والإعراب : سقط سياسيوه في مستنقع الولاء للعشيرة او للمنطقة أو للطائفة ، وهو سقوط شجع عليه الوعي الطائفي الذي يجعل من ابناء طائفته " ربع الله وأحبابه " الناجين لوحدهم يوم الحساب والفائزين بالجنة . والسؤال الذي لا بد وان يلقي بنفسه أمامنا بقوة هو : هل يعقل ان يحب الخالق عدداً صغيراً فقط من مخلوقاته ، ويرمي بالغالبية الى جهنم ، إذن لماذا تورط بخلقهم ، ولماذا نفخ فيهم من روحه ، كما تقول نظرية القرآن عن الخلق ؟ ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والحب 1 و 2 من 7
- شهيد أم قتيل
- بعد ان تجاوزت الإصابات الملايين
- الأمن والتفجيرات
- لماذا تفضلون العيش في عالم التخلف ؟
- السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة ...
- رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
- كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف ...
- الوحوش
- اطردوا اشباح الماضي
- دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
- عن استراتيجية بث الذعر والخوف
- ( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
- الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
- حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
- حركة التحرر الكردية : ثورات لا تنقطع ( 1 من 2 )
- مساء الليلة الماضية
- البيت الشيعي
- شيعة العراق ومقتدى الصدر
- تعيين الكاظمي بمنصب رئيس الوزراء ليس شرعياً


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - السياسة والحب : 3 و 4 من 7