أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقافية















المزيد.....

كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقافية


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6842 - 2021 / 3 / 16 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لسردي : من مجازر الردات السياثقافية ؟



قد لا يعي البعض من شعراء العرب الحداثيين ان ظاهرة كسر قوانين الشعر وقواعده الموروثة ، التي باشرها شعراء عراقيون في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي ، تمردوا فيها على معايير الوزن والقافية : كانت موقفاً فكرياً وفلسفياً وجمالياً ، وانها ليست محاولات : عفوية ، طارئة ، كما حاجج كثيرون وقت انطلاقتها ( ، واكدوا بانها عمل معزول ، وبلا جذور اجتماسية ) ، للحط من قيمة وعي مؤسسيها ، وسلبهم حيازة الوعي المسبق لما اقدموا عليه : من كسر قواعد فن الشعر التي نسج الشعراء العرب على منوالها لأكثر من 1300 سنة . ان وقائع التاريخ اللاحقة لأربعينيات القرن المنصرم ، أشارت بوضوح الى ان هذا التمرد ، قام به شعراء واعون بما اقدموا عليه ( انظر كتاب " قضايا الشعر المعاصر " لنازك الملائكة وكتاب الدكتور احسان عباس عن السياب ) وان تمردهم هذا حصيلة طبيعية لما حل بالمنطقة من انقلاب تاريخي بعد نهاية الحرب العالمية الاولى تمثل باندحار الامبراطورية العثمانية ، وما تبعه من سقوط الخلافة ( التي مثل سقوطها صدمة للكثير من المسلمين الذين كانوا - وما زال البعض منهم - كالوهابية والقاعدة وداعش ، يعدونها : نظرية الله في الحكم ، ولا يؤمنون بسقوطها ، حالهم حال اتباع وإشياع نظرية ولاية الفقيه الشيعية . ) وما ترتب على سقوط الخلافة من فقدان مفاهيم وقواعد ومعايير الحكم الموروثة لأهميتها في ادارة الشأن العام . وقد تجسد هذا الفقدان لأهمية مفاهيم الماضي الإسلامي الموروثة عن الحكم : في التمردات والعصيانات الخجولة لبعض العشائر في ما سمي لاحقاً بثورة العشرين : رغم فتاوى الجهاد ، ثم قيام المحتل البريطاني بإقامة دولة في عاصمة العباسيين مشتقة في مبادئها وفي مؤسساتها من التاريخ السياسي البريطاني : في تحد صارخ لمباديء ومؤسسات الحضارة الاسلامية ، ثم قيام هذه الدولة بالتعاون مع المحتل : بتمليك الارض على شكل سندات طابو لرؤساء العشائر الذين سارعوا الى مصادرة جهد أفراد عشائرهم تحت حماية قانون الدولة وحراب المحتل : بهذه الطريقة زج بنا الاستعمار البريطاني في الحياة الحديثة : برلمان وانتخابات ، لكن بقيادة الأرستقراطية الإقطاعية التي لم تتجذر بعد في تربة العراق ، فهي لم ترث الارض عن اجداد نبلاء على الغرار البريطاني : وفي هذا يكون النظام السياسي الجديد مع الاستعمار البريطاني قد تعديا على واحد من أصول الاسلام في الحكم ، ذاك المتعلق بارض السواد العراقية التي يجب ان تظل ، في اجتهاد الخليفة عمر الفقهي ، رقبة للدولة ، اي ملكية لها ، وان لا توزع على قادة الجيش الفاتح ، حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة ( راجع في هذا الشأن كتاب الخراج وكذلك كتاب الأموال ، وهما من اهم المؤلفات الاقتصادية التي تناولت فقهياً كيفية التعامل مع الأراضي المفتوحة ) . هذا يعني ان الخارج الاستعماري نجح في حملنا زمنياً على الانتقال من زمن الحضارة الزراعية ، الى زمن الحضارة الصناعية الحديثة : لكن ليس كطرف فاعل فيها بل كطرف سلبي يستقبل ولا يرسل ، ويستورد ولا ينتج . لقد ترتب على انتصار المستعمر البريطاني على العثمانيين في الحرب العالمية الاولى وانطفاء نظام الخلافة : ان بدأ شك عميق من قبل غالبية العراقيين والعرب يدور حول مدى صلاحية الكثير من القواعد والأصول الدينية في الحكم ، التي طالب فقهاء ثورة العشرين بضرورة استمرارها ، من غير ان يكون لدى قيادة الثورة بديل عصري لنظام الحكم ولإدارة الدولة ، كما ان البريطانيين من جانبهم قد ادخلوا العراقيين - من خلال ما جاؤوا به من مؤسسات حديثة كالبرلمان والانتخابات - الى العصر الحديث ، بطريقة شوشت وعي الناس السياسي ، ومنعتهم من ادراك المعنى العميق للديمقراطية : حين جعلوا الانتخابات تدور في دائرة الاقطاع والضباط الشريفيين والبعض من الافندية ، وحرموا عموم الناس منها : اذ بهذا الإجراء منعوا المفاهيم السياسية المصاحبة لبناء مؤسسات الدولة من التحول الى جزء من ثقافة الناس العامة ، يتبنونها كبديل عن القواعد القديمة المهزومة . ولم تفكر الصفوة الجديدة من العراقيين التي تصدرت المشهد السياسي عام 1921 ، وما بعده ، باقتحام منطقة التابو والمحرمات كما فعل كمال اتاتورك في تركيا : الذي رمى بنظام الخلافة السياسي وما يدور في فلكه من مفاهيم بعيداً ، في حين ظلت الصفوة السياسية العراقية - منذ تسلمهم الحكم وحتى الاطاحة بهم في 14 تموز 1958 - مجرد تنفيذيين لقرارات المستشار البريطاني الموجود في كل وزارة والذين كان همهم ان يظل العراق سوقاً لمنتجاتهم ، وارضاً لما يبحثون عنه من مواد أولية ، وقد ترتب على ذلك إقرار سياسة اقتصادية : تجعل سد الحاجيات الأساسية للمجتمع من السلع والخدمات تقوم على استراتيجية استيرادها لا استراتيجية تصنيعها وإنتاجها . تقول التجربة التاريخية بأن المباشرة بالتصنيع وامتلاك قوة التكنولوجيا يجب ان تكون مسبوقة بالإيمان بفكرة التحويل ، وقدرته على صناعة أشياء جديدة وتكثير موجودات الحياة . وهي الفكرة التي تناقض على طول الخط ما ورثه الرعيل الاول من تصور عن خلق العالم على شكل جواهر ثابتة لا تتفاعل ولا تتغير ولا تتحول . كما وتناقض فكرة " التحويل " الصناعية التي تقوم على اختبار صحة الفكرة العلمية قبل المباشرة بتحويلها الى قوة تكنولوجية : ما فطر عليه قادة الرعيل الاول من ساسة العراق في عشرينيات القرن العشرين من الاستسلام : لفكرة القدر ورفض فكرة اختيار الانسان لأفعاله ومسؤوليته عنها . وكانوا مع مليكهم فيصل الاول يحكمون البلاد : لا باسم تهيئتها للتكيف للحضارة الصناعية ولمفاهيمها الإنسانية الراقية . فرغم حداثة نظامهم السياسي ( انتخابات وبرلمان وصندوق اقتراع ) - حكموا البلاد بمفاهيم الحضارة الزراعية ، وحولوا 85 ٪ من سكنة العراق الى فلاحين ، وكانت هذه النسبة العالية من السكان : على وشك السقوط في مرحلة العبودية لولا ثورة 14 تموز العظيمة التي أنقذتهم من السقوط فيها . كانوا جميعاً يؤثثون وعيهم بقواعد واصول موروثة ويعدونها مقدسة ، ولا يجرأون على مسائلتها والمساس بها . وسط هذا الانتصار المزمن للماضي على الحاضر ، يصبح التمرد من قبل بعض الشعراء على بعض الاصول التي مهرها السلف الادبي بخاتمه قبل 1000 : مروقاً ثقافياً . فالأدب والشعر منه بوجه خاص ، هو جزء من منظومة الأصالة الموروثة التي استكثرت على ثلاثي : السياب - نازك - البياتي ، جرأة الخروج على قواعد الموروث الشعري ، والسعي الى احلال رؤية جمالية بديلة عن رؤية الموروث الجمالية بما كتبوه وحاولوا نشره من مقولات ومفاهيم جمالية : اذ لا يمكن تقبل النص الشعري الجديد من غير التأسيس لذائقة جمالية جديدة . وفي هذا يكمن سر الديمومة والبقاء للحداثة الادبية في الشعر ، وفشل التأسيس لحداثة سياسية : تبدأ ببناء دولة مؤسسات ، فأدى هذا الفشل السياسي الى انبعاث القواعد والأصول المهزومة ، وتسيد رموزها مجدداً ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحوش
- اطردوا اشباح الماضي
- دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
- عن استراتيجية بث الذعر والخوف
- ( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
- الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
- حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
- حركة التحرر الكردية : ثورات لا تنقطع ( 1 من 2 )
- مساء الليلة الماضية
- البيت الشيعي
- شيعة العراق ومقتدى الصدر
- تعيين الكاظمي بمنصب رئيس الوزراء ليس شرعياً
- توقفوا عن تدوير هذه الزبالة السياسية
- بمناسبة الانتخابات الأمريكية
- في الفضائية العراقية
- حكومة الكاظمي ومنطق مستشارها السياسي
- في الذكرى الاولى للثورة
- صدام حسين ، حيدر العبادي
- قصيدتنا
- وجها العرب في عالم اليوم


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقافية