الشهيدة نعمات حسن

حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 6884 - 2021 / 4 / 30 - 11:07
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

هى شخصية مصرية مغمورة من الوجه القبلى، كان يملؤها الطموح والتطلع لكى تصبح أول سيدة منتخبة انتخابا ديموقراطيا بمجلس الشعب المصرى ، وقد خاضت الإنتخابات على قوائم حزب العمل الإشتراكي الذى كان يمثل مع حزبى الوفد والتجمع المعارضة الرئيسية فى ذلك الوقت فى انتخابات عام 1984م ، وفى الغالب فإن كافة من فزن بعضوية مجلس الشعب قبل ذلك التاريخ، إما جئن عن طريق التعيين، أو عبر خوض إنتخابات وهمية وهن أعضاء بأحزاب وتنظيمات السلطة،
ولقد كانت هناك اهمية كبرى لإنتخابات عام 1984 ، لإنها كانت أول انتخابات تشريعية بعد تولى حسنى مبارك السلطة فى مصر عام 1981، و عقب مصرع الرئيس الراحل انور السادات ، ورغم أن الحزب الوطنى كان لايزال مهيمنا على الأوضاع السياسية منذ أيام انور السادات ، إلا أنه ومع بداية حكم حسنى مبارك كان هناك بصيص من الأمل لحدوث تغيير ديموقراطى،( وأن النظام تعلم الدرس وسيلعب سياسة ) ووصلت الأمور فى خيالات البعض إلى إمكانية فوز أحزاب المعارضة معا بالإنتخابات وتشكيل حكومة إئتلافية ؟وأشيع أن مبارك كان متعاطفا مع المعارضة ومع حزب العمل تحديدا ؟ وقد طمأنت تلك الأجواء النخبة الوطنية المصرية ، وشعرت أن النظام سيتغير عبر السياسة وبعيدا عن العنف ، فشاركت كافة الأحزاب الرسمية وغير الرسمية بقوة فى الفعاليات الإنتخابية ، وتحمس الكثيرون حتى من خارج الأحزاب للمشاركة فى التجربة السياسية الجديدة، وكان من بين هؤلاء السيدة نعمات حسن مرشحة حزب العمل الإشتراكى بالدائرة الأولى لمحافظة قنا ، التى كانت تخوض تجربة نادرة بالنسبة لسيدات الوجه القبلى فى ذلك الوقت ، وبدأت السيدة نعمات حملتها ومؤتمراتها الانتخابية بشجاعة وقوة وحماس ، وأعطت مثالا وطنيا رائعا للمرأة فى الوجه القبلى ، إذ إنها لم تكتفى بلافتات الدعاية النمطية ، ولكنها وهى سيدة وفى جنوب الصعيد كانت تتجول من قرية الى أخرى ومن كفر إلى نجع لمقابلة البسطاء وجها لوجه وتوعيتهم لأهمية صوت كل فرد فيهم ، وأثناء إحدى جولاتها الانتخابية وتحديدا يوم 27 مايو عام 1984،ذهبت لنجع بدران أحد نجوع مدينة الكرنك التى كانت تابعة لمحافظة قنا فى ذلك الوقت، و عند وصولها إلى ذلك النجع الذي يبعد حوالى 6 كيلومترات عن مدينة الكرنك ، و كان ينتمي إليه مرشح الحزب الوطني ابن العائلة الكبيرة الذى يحمل النجع اسم عائلته(بدران)، قوبلت بترحاب كبير من عامة الناس ، وبدا الأمر وكأن هناك قرار شعبى بإنهاء عصر السيطرة القبلية وهيمنة كبار العائلات على الإنتخابات و صناعة القرار فى الوجه القبلى ، وإطمأنت السيدة نعمات لموقفها الإنتخابى ومحبة الناس حتى فى عقر دار المنافسين ، و لكن فجأة وعندما كانت تهم بمغادرة النجع ، وهى مشغولة بوداع مؤيديها ومحبيها ، نالت منها يد الغدر بكل جبن وخسة، وأطلقت عليها رصاصات الفاسدين فأردتها شهيدة فى الحال، رغم أن السيدات بالوجه القبلى نادرا ما يتعرض لهن اى شخص الإ فى بعض حوادث الشرف ، لإن من يتعرض بالإيذاء لأى سيدة فى الصعيد أيا كان إنتمائها لا يعد من الرجال أبدا ؟
و لم يكن هناك اى مبرر شخصى او سبب عائلى وراء تلك الجريمة، لكنها لقيت وجه ربها الكريم فقط لكونها سياسية شجاعة تجرأت ونزلت الإنتخابات ، بل و نافست أولاد الأكابر فى مقارهم وحصونهم عندما تصورت هى وغيرها من المعارضين الأمور تغيرت و أنهم (سيلعبون سياسة ) وحوار ومنافسة عادلة ؟
وقد تسببت تلك الحادثة المخزية فى بعض من ردود الأفعال المؤقتة كالعادة ، فكتب عن الشهيدة نعمات حسن العديد من أعلام النخبة مثل نوال السعداوي، و مصطفى آمين، وبعض جرائد المعارضة مثل الشعب والأهالى والوفد ، لكن سرعان ما إنتهى الموضوع عند هذا الحد وراح دم تلك السيدة هباءا على ما يبدوا ؟ فلا توجد أية معلومات متاحة عن تطورات قضيتها عليها رحمة الله تعالى كما لا تتذكرها(لا هى ولاغيرها) جحافل مراكز حقوق وتمكين المرأة التى تملأ الدنيا ضجيجا أجوفا؟ ولم يتم تخليد ذكراها فى أى موقع سياسى أو غير سياسى ؟
عليها رحمة الله تعالى
بمناسبة ذكراها السابعة والثلاثين يوم 27 مايو القادم ،،،،

#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل