أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - النيل يحتضر ، فماذا نحن فاعلون؟















المزيد.....

النيل يحتضر ، فماذا نحن فاعلون؟


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 6859 - 2021 / 4 / 4 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نيلنا يحتضر !
فهل تغنى الإتفاقيات عن الحروب؟

حتى لو تم تحديد عدد سنوات ملئ البحيرة بسبع سنوات بخلاف سنوات الجفاف ، وحتى لو تم الإقرار بحق مصر فى حصة محددة كحد أدنى من مياه النيل سنويا ، وحتى لو تم وضع توقيع مليون شريك وضامن قانونى لكل تلك الإتفاقيات ،فإن ذلك لن يكون معناه انتهاء المشكلة كما سيروج البعض ، وكما سيهللون ويقيمون الأفراح ، فإفتتاح سد الأحباش إن إكتمل ، وصار بنفس الصورة التى تم التخطيط لها والجارى تنفيذها على قدم وساق ، فمصير المصريين وحياتهم ومستقبلهم، سيكون مرهونا برضاء أولئك القابعين فى أديس أبابا ،ورغبات أسيادهم الذين يساندونهم ويدعمون خطواتهم من كل صوب ، فالمفاوضات التى تتم من آن لآخر، و بنفس المنهج الذى لا لون له ولا طعم ، لن تحفظ لنا حقوقا ولن تحمى مستقبل بلادنا ،
وستنتج لنا مجرد كتابات على نسخ ورقية فاخرة لن تسمن من جوع ،ولن تروى من عطش ، فقط ستعطى للأثيوبيين براحا لكسب الوقت ، وستعطى صناع قرارنا صكا غفرانيا يمنحهم البراءة من التفريط ؟ و ستنتهى المسألة بتمرير المشروع القاتل ، الذى يعنى تحكم الأعداء فى مصير و مستقبل وحياة الشعب المصرى، بعد التمكن من مفاتيح المصدر الأوحد للمياه ؟
فمهما كان المكتوب فى تلك الإتفاقيات، وأيا كان حجم ونوعية الضمانات الدولية المقدمة فيها ، فمن المؤكد إنه عندما تحين الفرصة دوليا وإقليميا فى قادم الأيام، فإن الأمور ستتغير حتما للأسوأ ، وقد يتم منع المياه الا بعد تنفيذ شروط أقلها إرغام أبنائنا أو أحفادنا على سداد قيمتها بالعملات الصعبة ، وبالأسعار التى تحددها أثيوبيا ، وإلا فإن فائض تلك المياه سيذهب لمن هم على أتم الإستعداد لدفع أثمانها ، سواء من دول الخليج أو إسرائيل، وستمر المياه إلى هؤلاء بواسطة أنابيب من البحيرة عبر إريتريا ثم إلى البحر الأحمر ؟ وليس بخاف على المختصين أن الأطماع الخارجية في مياه النيل تعود إلى أزمنة ما قبل تأسيس إسرائيل ودول الخليج، ففى عام 1903 اقترح تيودور هرتزل مشروعاً لتوصيل المياه إلى شبه جزيرة سيناء لإقامة مستوطنات صهيونية بها ؟ وقد كاد السادات أن يفعلها عبر ترعة السلام ، ولكن فيما يبدو أن العقل الإسرائيلى قد إكتشف أخيرا أن مد مياه النيل إلى إسرائيل عبر سيناء قد أصبح أمرا غير مضمون العواقب ، فهو سيعطى لمصر حق التحكم فى سر الحياة الآتى لإسرائيل، تمنحه وقتما تحب وتمنعه وقتما تريد وترغب ، وبالتالى كان قرار الإسرائيليين فيما يبدو هو الحصول علي تلك المياه مباشرة من منبعها الأثيوبي ،فهو الأضمن والأفضل والأقل تكلفة ، بل ويمنح الصهاينة أنفسهم حق التحكم فى مصير مصر وشعبها ؟ بالإضافة إلى أن ذلك الخيار لن يكون مكلفا إذ ستتحمل كافة نفقاته الدول الخليجية المشاركة لإسرائيل وأثيوبيا ، و الذين لديهم إستعدادا لسداد مليارات الدولارات مقابل الحصول شريان منتظم التدفق، ويحتوى على الحل الجذرى لمشكلة التصحر التى تهددهم دوما بالفناء ؟
وهذا الكلام ليس شطحا فى الخيال ، فالأثيوبيون أنفسهم سبق لهم أن أكدوا على أن مياه النيل الأزرق (85% من مياه النيل ) ملك خالص لهم ويماثل ملكية العرب للبترول ، وأعلنوا ذلك بصراحة فى عدة مؤتمرات كان من أهمها اجتماع دول حوض النيل عام 2010 الذى كان نقطة البداية لتدشين مزاعم ملكية أثيوبيا لمياه النيل الأزرق ،و تمهيدا كارثيا لخرق اتفاقية عام 1929 التي تضمنت إقرار دول حوض النيل لحصة مصر المكتسبة، ونصت على ضرورة التنسيق مع مصر في حال بناء أي مشروع من شأنه الاضرار بكمية مياه النيل المتجهة لها، وعلى ان لمصر الحق في الاعتراض في حالة انشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النيل وروافده.

وبالتالى ونظرا لإن أثيوبيا تعلن بشكل دائم منذ عام 2010 ، أن المياه تعتبر ثروة طبيعية ملك لها،وأن من حقها الحصول على مقابل مالى لتمريرها لمن هو مستعد للسداد ،سواء كانت مصر أم غيرها ؟ وحيث إنها قد بدأت الخطوات العملية لتنفيذ ذلك المخطط، فقد بات من غير المستبعد أن نتفاجأ بوضع شروط أخرى أكثر إجحافا فى المستقبل، لو سمحنا بتمرير المخطط الحالى ، فقد يتم وضع حد أقصى لكميات المياه التى ستمر إلينا حتى وإن سددنا أموالا مقابلها ،لكى تتمكن أثيوبيا من الوفاء بالعقود التى ستبرمها مع اسرائيل وبعض دول الخليج ، بل و قد تصل الأمور فى وقت ما إلى المطالبة بالقضاء على الهوية العربية الإسلامية لمصر والسودان كشرط من شروط عدم التعطيش ؟ فكل شئ وارد فى هذه الحالة ، وليس من قبيل المبالغة أن نقول بأن السودان قد بدأ منذ الآن الإستعداد للإذعان لتللك الشروط،فسارع بنفض يده عن القضية الفلسطينية ، و أعلن عن إقامة العلاقات مع اسرائيل، ثم هاهو يسمح للمنظمات الإرهابية التى كانت تمولها اثيوبيا واسرائيل وفرنسا ،بالدخول إلى العاصمة السودانية الخرطوم بكامل أسلحتها، وتلا ذلك بكل برود عقد اتفاقيات مع تلك المنظمات الإرهابية تنص على علمانية الدولة السودانية، وبمعنى أدق إتفاق على إنهاء الهوية العربية والإسلامية للسودان ؟ وأعتقد أن السودان قد يقبل فى النهاية برؤية معينة تضمن له حلا فرديا مع أثيوبيا بضمانات اسرائيلية إماراتية ؟ لإن السودان ليس هو المستهدف الأصلى بتلك المخططات لعوامل كثيرة ، لكن المستهدف هى مصر من دون شك، والمياه التى سيعاد بيعها بمقابل هى حصة شعبها وحقه فى الحياة ؟
إن علينا أن نتعلم من دروس التاريخ وقوانينه، ولعل أبرزها يتجسد فى درس إحتلال إسرائيل للأراضى العربية عام 1967 ، فقد كانت النصائح تنهال على الساسة العرب بالتفاوض والقبول بالمبادرات ، وقد قبلت مصر بقرار مجلس الأمن رقم 242 فى سبتمبر عام 1967، وكذلك بمبادرة روجرز وزير الخارجية الأميركى فى مايو عام 1970، ومع عدالة القضية العربية ، ومع كثافة القرارات الدولية ، وبعد مفاوضات و إتفاقيات مدريد وأوسلو، لم يتم تحرير سوى الأراضى التى حصلت مصر عليها بإستخدام القوة، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، ولا تزال تلك القاعدة هى الحل الأمثل فى الصراعات والمنافسات الدولية، خاصة فيما يتعلق بالحقوق الوطنية المغتصبة ، وأيضا فيما يخص ويمس الأمن القومى للدول ، ولكن هذه القاعدة لا تمنع القبول بالتفاوض طبعا ، لكن الحل التفاوضى الوحيد الذى يمكن القبول به فى كارثة سد النهضة ،هو عدم السماح بملئ ذلك السد بنفس الكميات المخطط لها حاليا، سواء إن كانت ستتم خلال سبع سنوات او حتى خلال عشرين عاما،وكذلك ينبغى تعديل الإتفاق الذى أبرم فى عام 2015 ،بحيث يتم النص فى تلك التعديلات على إعادة هيكلة إنشاءات وتصميمات السد الحالية ، بحيث لا تسمح مستقبلا إلا بتخزين كميات من المياه بحد أقصى أربعة عشر مليار متر مكعب فى البحيرة،مع عدم السماح أبدا بإستكمال الإنشاءات التى تتسع لتخزين أربعة وسبعون مليار متر مكعب من المياه، وهى الكمية التى تسعى أثيوبيا ومن يدعمونها لجعلها أمرا واقعا، فهذه الكميات الرهيبةمن المياه إن تم السماح بتخزينها ،فإن ذلك يعنى بشكل مؤكد أن الأمر لايتعلق بتوليد الكهرباء فقط ، وانما هى خطة محكمة لمحاصرة مصر وتعطيشها لحسابات أعلى من قدرات أثيوبيا ؟
كما لا يكفى أيضا الوصول إلى إتفاق لتقليل حجم المياه المحتجزة لتصبح بحد أقصى أربعة عشر مليار متر مكعب ، لكن يفترض أن تنص الاتفاقيات الجديدة على إلزامية الخضوع لإتفاقيتى عامى 1929 و1959، وضمان مرور حصة مصر وقدرها خمسة وخمسون مليار متر مكعب من المياه ، كذلك أيضا ينبغى أن يتم النص على مشاركة كل من مصر والسودان فى إدارة السد لمراقبة سير ومرور المياه من منطلق حفظ حقوق الدولتين ومراقبة الآداء الفنى وتقديم المشورة إن تطلب الأمر ، وهذا الأمر لا يعتبر مساسا بالسيادة الاثيوبية ، فنهر النيل نهر دولى ، كما ان دول المصب يحق لها بعد كل تلك المعاناة والصراعات ان تشارك فى تأمين حقوقها منعا لأية حروب أو نزاعات مستقبلية ؟

وفى النهاية إذا لم توافق أثيوبيا على تلك الشروط بأكملها وبالسرعة الواجبة، وقبل أى ملأ جديد، فإن استخدام القوة يصبح هو الحل الأوحد الذى ينبغى استخدامه على الفور، ودون المزيد من التأخير او الخضوع للتسويف ،فحق البقاء للأجيال القادمة يستحق منا بعض النخوة والكرامة ،
و أثيوبيا نفسها لم تجد مفرا من استخدام القوة عدة مرات عندما تعلق الأمر بأمنها القومى ، إستخدمتها مرة ضد الصومال بخصوص النزاع بين البلدين على إقليم أوجادين عام 1977، ومرة أخرى عام 1999 وحتى عام 2003 حيث قامت أثيوبيا بإجتياح الصومال بأكمله بحجة مكافحة الإرهاب ؟
كذلك دخلت أثيوبيا ( مائة مليون نسمة ) حربا طاحنة لمدة عامين بدأت في مايو 1998 واستمرت حتى مايو 2000 ضد إريتريا( ثلاثة ونصف مليون نسمة ) بسبب محاولات أثيوبيا لإيجاد منفذ وميناء لها على البحر الأحمر بإستخدام القوة ضد جارتها التى لها ساحل كبير يحبس الأثيوبيين عن أى منفذ بحرى ؟
أيضا لم تتردد أثيوبيا فى إستخدام لغة القتل والتدمير ضد سكان إقليم أثيوبى متمرد تعيش فيه أقلية التيجراى العرقية التى تناضل من أجل الإستقلال، ولم تكتفى اثيوبيا بإستخدام قواتها المسلحة بل إستعانت بعدوتها السابقة إريتريا لسحق التمرد فى الإقليم المنكوب، بل وسمحت للقوات الإيرترية بإرتكاب مذابح مروعة ضد السكان المدنيين وذلك أثناء المعارك التى بدأت فى نوفمبر 2020 أى منذ عدة أشهر فقط؟
وبالتالى فانه إذا استمرت محاولات التسويف من أجل تنفيذ حجب ومنع حصة المياه المصرية ,فان استخدام القوة يصبح هو السيناريو الأمثل للتعامل مع هؤلاء الناس ، فمنع المياه يعد خطرا إرهابيا يهدد الأمن القومى المصرى ويماثل أو يفوق كل المخاطر التى أعلنت أثيوبيا بسببها حروبها المتتالية ؟ وحتى لولم تخض اثيوبيا أية حروب ، فإن تهديد هبة النيل بالإبادة ، يستحق منا أن نبدى نوعا من المقاومة ؟



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب مستمرة!
- فيلم قناة السويس
- فرح العمدة !
- تعويم الجانحة !
- دراسة حول حادث جنوح السفينة إيفر جرين بقناة السويس
- فنان الشعب سيد درويش
- الحق لا ينتصر أبدا ، فى الشرق الأوسط
- نعمات أحمد فؤاد ، وأبكار السقاف!
- مفاوضات عبدالشكور السودانى !
- زمالكاوى على ما تفرج !!
- المراهَقَة الإسلاموفوبياوية !
- ستيفن هوكينج
- الفنان الراحل محمد حمام
- أولويات النضال !
- كوارث زماهلاوية
- ليفربول والإسماعيلى والزمالك!
- تسييس كرة القدم !
- الملعب المعوج !!
- شكرا للرب !!
- منذ خمس سنوات!!


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - النيل يحتضر ، فماذا نحن فاعلون؟