أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - أفكار أولية حول أهمية الحقيقة الدينية والحقيقة الإنسانية














المزيد.....

أفكار أولية حول أهمية الحقيقة الدينية والحقيقة الإنسانية


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6878 - 2021 / 4 / 24 - 23:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


-------------------------------------------------
ان يقول أحد ما أن الحقيقة الدينية أهم من الحقيقة الانسانية، فهذه - في تقديري - دلالة واضحة، ليس على سوء فهم وإدقاع معرفة فحسب ، بل هي دلالة حقيقية ، على فهم مُتعصب خفي، أو جهل متوارٍ ، ضال عن معنى كلا الحقيقتين معاً.
و حسب اعتقادي البسيط ، فإن هذا القول المرسل على عواهنه ، إنما يشي عن عاقلية وثوقية ، تؤمن يقيناً ، بأن الحقيقة الدينية في كل مناحي البسيطة هي واحدة ، و أن تلك الحقائق قد امتحت سيرورتها عبر العصور من نسغ معين أو جاءت من مصدر واحد وانها مازالت صحيحة حتى الآن ..
في تقديري يعتبر هذا الاعتقاد القاصر - بحد ذاته - مصيبة اقصائية خطيرة ، ليس اسوأ منها، سوى رزية الاعتقاد المطلق ، بأن الحقيقة الدينية المقدسة او العقيدة الماورائية التي يؤمن بها المرء يقيناً خالصاً، هي الحق الوحيد و الأوحد ، دونَ عن معتقدات العالمين ..
و تلك - لعمري - مصيبة أخطر و أكبر من سابقتها.. لأنها بمثابة دعوة لعقيدة إقصائية بغيضة ، تقوم في جوهرها ، إما على نبذ الآخر ورفضه ، أو ترويضه ليدخل في حظيرة حقائقها المزعومة ، و غالباً ما يكون مؤداها العنف والغلبة ، وسبيلها الإرهاب الفكري لعديد الافهام الإنسانية الأخرى لامحالة .
المعنى بكلمات أخرى : إن القول ان القيم والحقائق الدينية هي اهم واسمى من القيم والحقائق الانسانية ، هو قول قديم ، أثبتت تجارب التاريخ المريرة بطلانه، وهو في زعمي قول خاطئ تماماً، وحكم مغالط ، يبتغي حال الجمود والثبات للفكر، ويعتمد مبدأ السكون للحقيقة والواقع ، وهذا لا يستقيم بتاتاً مع حجج العقل الموضوعي ، وبراهينه القاطعة في إثبات ناموس التغير الأزلي للوجود، وقانون الصيرورة فيه ، ولا يتفق البتة مع خطى المنطق العلمي السليم والمعاصر ..
و قد اثبت لنا مسار تطور الوعي الانساني – بالفعل- خطأه منذ أمد بعيد .. ليس أقله منع العبودية بتاتا وتجريمها انسانياً ، في حين كانت – إلى أمد غير بعيد - مباحة اجتماعيا وثقافيا بل ومنصوص عليها دينيا ..
ثم لا يخفى على الفهم الحصيف ، ان هذا القول بالذات ، مؤسس على مغالطة منطقية شائعة ، و مسلمات ايمانية لا عقلية خطرة المآرب ، كما ذكرنا سابقاً ـ لكونه مؤسس على افتراض معرفي ، متهافت الاصول والتمحيص مفاده :
ان ما يأتي من المُطلق ( الماورائي - الميتافيزيائي ) غير المحدود بزمان او مكان ، هو صحيح دائما وابدا بالضرورة ..
وما يأتي من النسبي ( الوعي الإنساني - الفهم الكائن في الواقع الفيزيائي ) المحدود بزمان ومكان، هو خطأ مبرم او ذو حق أني، مؤقت على ابعد تقدير .
والحقيقة أن هذا الفهم الرث ، إنما يصدر عن ذهن إيماني وثوقي متأخر جداً ، الذهن الذي مازال يستند الى فكر "ما قبل الحداثة " وتطور العلوم ، حين كان الفهم الانساني طفولي ساذج و بدائي المدارك ، يعتاش على اساطير الاولين ، ويؤمن بخرافات الأقدمين ، أو تصوراتهم المتراكمة وأضاليلهم المتوارثة عبر الاجيال .
فهم ماض ، يعود إلى حين كان فيه الإنسان، يؤمن بأنه مركز الوجود والكون ، وأن أحلامه تتحكم بها أرواح عليا وقوى خفية ، وأن أسلافه انحدروا دفعة واحدة من قطعة طين أو بقعة سفينة ، وان غاية وجوده واضحة ، و ..و الخ .
فهم بالٍ ، ينتمي إلى حين كان الفهم فيه ، يُعقلن أحداث الطبيعة ، كسقوط النيازك مثلاً ، و يرفع خطوبها الغريبة الى السماء، بتصور بديع وخيال وقاد وهج ، ثم يتنزّلها بعدئذ بنصوص منسوبة، وطلاسم مرهوبة، ذات لغة مفتوحة الدلالات غامضة الإجابات، بغية تحصينها من النقد أو الانتقاد ، وتشجيع الخشية عليها من أية شذرة عقلية تكشف تهافتها ، أو جرأة أية مساءلة رفض أو شك، تُبرز هشاشة أسسها .
قصارى القول :
ان التمسك بهذا القول – الحقيقة الدينية أسمى من الحقيقة الإنسانية - يعبر بالضرورة عن نمط من التفكير الخطر ، الذي يحمل في ثناياه هفوات معرفية في عدة مناحي :
المنحى الاول : الايمان المطلق بعجز الانسان على مواجهة الطبيعة .
والمنحى الثاني : الأيمان التام بقصور العقل الانساني عن الاجابات عن الاسئلة المصيرية او الغائية والكلية .
والمنحى الثالث : التشكيك المستمر في مقدرات ذلك العقل على الفهم والاحاطة وحل مشكلاته دون مساعدة خارجية ماورائية ..
والمنحى الرابع : الاعتقاد بان منظومة الرأي القديمة، و العقائد المتوارثة المقدسة ، هي ذات أحقية مطلقة و أبدية ، وذلك لإعجاز فهمها التام من قبل الأكثرية ، و للقدم الذي يتمتع بها وجودها ...
وبالتالي الحقيقة الدينية- في تقدير القائلين بها- هي اهم واسمى وأقدس من كل حقوق الانسان والحريات الأساسية النسبية المتغيرة، بل و من أية حقيقة من الحقائق العلمية والانسانية التي وصل اليها الفكر أو سيتوصل إليها الوعي الانساني القديم والحديث والمعاصر لاحقاً ...
و لعل هذا الاعتقاد بالذات ، هو اولى المنابت الفكرية للإرهاب الداعشي ..
وظلام التدهور العقلي الذي مازلنا نكابده ..
للحديث بقية ..



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - البشر الأحياء - حوار مع الفنان التشكيلي العالمي CHALAK
- دردشات حول وباء التملّق ...
- عصر الغوغاء الرشيد
- من وحي كتاب -سيكولوجية الجماهير-
- أفكار حول أهمية العمل الخيري التطوعي
- - كوفيد 19 والنصف - مونودراما شعرية للشاعر - مزعل المزعل -
- ما هي الحقيقة ..؟!
- لصوص الفكر ..
- رأيٌ آخر..
- الدّين عندَ الفيلسوف إيمانويل كانط
- إنطباعات حول فيوض الشاعرة السورية - فينيق عليا عيسى -
- - الله - عند اسبينوزا..2
- - الله - عند اسبينوزا..
- هيغل - رُؤيَةٌ مُبَسّطة ..
- أفكار حول الطائفية الدينية ..
- وباء لغوي ..
- السؤالُ المُحَرّمْ ..!
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (3)
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)
- أفكار أولية حول مفهوم - الطَرَبْ -


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - أفكار أولية حول أهمية الحقيقة الدينية والحقيقة الإنسانية