أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)














المزيد.....

أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6046 - 2018 / 11 / 6 - 04:03
المحور: الادب والفن
    


في كتابه " مدخل إلى الموسيقا " الصادر عن مكتبة بغداد 2015 وترجمة الأستاذ ثائر صالح يشرح لنا العالم " أوتو كارويي" أن الصوت لايتكون إلا بسبب نوع من الحركة ، وان الحركة (أو الاهتزاز) الناتجة من جسم مهتز ( كالحبال الصوتية أو الأوتار على الآلة الموسيقية ) ، هي تولد ذبذبات وأمواجاً تنتقل عبر الهواء – أو أي وسط مادي آخر – بسرعة تبلغ 335 م في الثانية ".
و يُبين لنا المؤلف كيف أن الأيقاع والسرعة هما ما يعطي للموسيقى حيويتها وحرارتها ..
وقد شبههما المؤلف بالجهاز العصبي للموسيقى ، لأنهما يحددان سوية صفة أو طبيعة اللحن الموسيقي.
ونحن بالطبع لا ننسى أن نذكر بأن هناك خاصية هامة جداً في أي لحن كان ، ألا وهي خاصية التوازن ، أي بمعنى أنه يجب أن يكون التوتر والارتخاء في اللحن بنسب صحيحة ، وتحليل أعداد كبيرة من الألحان يرينا أن اللحن إن سار باتجاه الصعود لابدّ وأن سيعود بعدها نازلاً إلى الأسفل هاجلاً أو آجلاً للوصول إلى حالة التوازن ، والعكس صحيح ، وهذا التوازن – في تقديري - هو ما يجعل اللحن سلساً وطبيعياً .
ولكي نفهم ذلك أكثر ، علينا أن نعلم أولاً أن اللحن ( المُؤلف من عدة جمل موسيقية ) هو من الناحية الفيزيائية ليس أكثر من سلسلة من الأصوات ، ولهذا واستنادا الى هذا التحديد ، حتى السلم الموسيقي يصلح لأن يكون لحناً ، لكن السلم الموسيقي بحد ذاته ليس لحنا، بل هو شيء أشبه بالهيكل الذي يبنى عليه اللحن ، لأن اللحن هو اكثر من ذلك بالطبع ، وكلمة ( أكثر ) يُقصد بها الروح التي تعطي سلسلة الأصوات تلك، معنىً داخليا ، وقدرة على الحياة ..
بمعنى أن تلك الجُمَل الموسيقية تبقى جامدة يابسة ، إلى أن تنفخ فيها الروح والحياة من خلال التنويع الموسيقي .. والذي هو عنصر هام جداً وأساسي ،
ولكن - في اعتقادي - أهم عنصر بين كل وسائل إدخال التنويع إلى الموسيقى وأكثرها سحراً ، هو هنيهة التحويل في العلامات ، ولحظة الانتقال بين المقامات بخفة ومهارة وموهبة ..
و لطالما إحتمالات تنويع اللحن لاتعد ولا تحصى ، سوف يستحيل على أي باحث إعطاء وصف كامل أو فهم دقيق لكل خصائصه ..
ولكن يمكن القول أن هذا التنويع أو التحويل في الموسيقا يعني ببساطة :
الانتقال من مركز نغمي إلى مركز نغمي آخر..
ولتوضيح معنى السلم الموسيقي يقول مؤلف كتاب مدخل الى الموسيقا :
" أن السلالم الموسيقية ظهرت خلال السعي الدؤوب لصنع الموسيقى ، وخضعت مع الزمن للتعديل والتطوير جيلاً بعد جيل ، حتى وصل الفن درجةً عالية ً من التطور.
ثم بعد ذلك، يبين لنا :" أن كلمة (الأوكتاف ) هي كلمة لاتينية وتعني سلماً ، وان السلم الموسيقي هو على أنواع :
منها السلم البنتانوني ( المكون من خمس نغمات ) والسلم الهندي " راكا " ،
والسلم الأساسي في الموسيقى الأوربية هو السلم الدياتوني ( ذو الاثنتا عشرة نغمة) وهو يتألف من تونات وأنصاف التونات على مدى أوكتاف كامل ".
فمثلاً " لوعزفنا على البيانو العلامات البيضاء من (دو ) الوسطى حتى (دو ) الجواب يكون قد عزفنا ما يسمى بسلم ( دو ماجور) أو الكبير ، وسميّ بالسلم الكبير لمواصفات أبعاده الموسيقية والعلاقة بين التون ونصف التون ،
ويُضيف المؤلف أن ما يعطي السلم الكبير خاصيته
هو البعد (المسافة ) المميز بين النغمة الأولى والثالثة في السلم ، والذي يسمى الثالثة الكبيرة .
لكن ما يهمنا ذكره هنا ، هو أن السلم الموسيقي الشرقي و(العربي )، يستعمل بإعجاز وفرادة ( سبعة عشر نغمة ) .
وهنا بيت القصيد .. بل – في رأي - هو بيت أصل الطرب الذي نبحث في جوهره ونرشف من ينبوعه ..
و " لأن الرتابة في الفن جريمة لاتغتفر" كما يقال ، فأنا أعتقد ، أن هذا الطرب أو" التجلي الرحماني " بلغة أهلي في حلب ، ينبثق في النفس الذائقة الطربية بالتحديد - موسيقياً - عند لحظة التحويل (أو الانتقال ) في المقامات الموسيقية المُغنّاة ، أكثر من المقامات الموسيقية المعزوفة ..
وأغلب الظن أنه أثناء هذا الانتقال بالذات يحدث الطرب ، أي أن الطرب يتخلّق أوان اللحظة العليا من الانسجام بين الإيقاع العام واللحن والكلمة والأداء و .. الخ .
ويظهر عند استئثار كل ذلك بفيوض مجرى الأحوال النفسية والذهنية للمنتبه الحصيف ، ومن ثم مساعدته شيئا فشيئاً على التركيز وتوجيه الشعور نحو موضوع الجملة النغمية المبتكرة التي تستقبلها حواسه.
و من هنا اعتقدت ، أن ذروة التركيز الذهني للمتلقي ، هي العنصر الجوهري والأساس في حال الطرب ، ولهذا أجزم بأنه يتولد من شدة التركيز وليس من حال التغييب والذوبان أو الضعف كما يرى البعض ، إذ لا يُمكن – في رأي - أن يُطرَب المرء من إبداع موسيقي ما ، لا يُرَكز فيه سمعه وتتشبّع منه حواسه بسلافة إبداعية تجعل ذهنه يثمل شوقاً ووجدانه يختلج طربا وتوقاً ...
و بالطبع هذا التركيز الطربي – ان جاز التعبير - لايأتي فجأة ، أو دفعة واحدة على حين غرّة ، بل يُبنى تدريجياً في إدراك المتلقي ، وذلك عبر ربط تلك الفيوض الرهيفة و الأحاسيس الدقيقة والمتراكمة بمبعث النشوة في مكنونات ذاكرة الشخص المطروب ..
ثم تنبلج إثر ذلك اللحظة الطربية فجأة ، لتستحوذ على وعيه وأركان شعوره ، ثم تدخله في لحظات طربية ممتدة ، جميلة و بديعة ، قد يندهش لها هو ذاته، إن وعاها لاحقاً ..
للحديث بقية ..



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار أولية حول مفهوم - الطَرَبْ -
- ما هي الفلسفة .. ؟ (3)
- ما هي الفلسفة ..؟ (2)
- ما هي الفلسفة ..؟ (1)
- على هامش الفلسفة ..
- عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..
- لماذا يحاربنا العالم ..؟!
- تعلم الداعشية في خمسة أيام .!
- المسلم العلماني والمسلم الأصولي
- موتى على قيد الحياة ..
- شواهد - مزعل المزعل (2)
- شواهد - مزعل المزعل
- الحظ أم القداسة ..؟!
- أفكار في فلسفة الفن ..
- ماذا بَعْد .. ؟!
- ليس بعيداً عن السياسة ..
- لا تُصَدْقي أَنّي كَبُرْت ..
- لا علْم إلاّ بالكليّاتْ
- تِجَارَةُ الجَهْل لا تَبورْ ..
- أوهام ديمقراطية .. (2)


المزيد.....




- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)