أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - في القسوة














المزيد.....

في القسوة


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6854 - 2021 / 3 / 30 - 14:28
المحور: الادب والفن
    


في القسوة، لا شيء يعادل أن يكون جلادوك بلا أي رادع أخلاقي. في السجون السياسية الأسدية، التي خبرتها من الداخل لأكثر من عقد ونصف بسنة وبضعة أيام، أنت مجردٌ من أي وسيلة دفاعية، أنت مثل سلحفاة بلا قوقعة. لا دفاعات شخصية لديك، ولا قانون يصد عنك، ولا مجتمع يحميك. يبقى فقط ما يمكن اعتباره الرادع الإنساني، تلك القوة الكامنة في الضمير (ضمير جلادين!). يمكنك أن تأمل فقط بحماية القاسم المشترك الإنساني مع هؤلاء الذين يحوزون كل شيء ويجردونك من كل شيء.
في القسوة، لا شيء يعادل أن تنتظر رحمة جلاديك. ولا شيء يعادل، في القسوة، أن تجد حياتك تافهة ولا تستحق أكثر من دقيقة أو دقيقتين حتى يُقرَّر أن ترمى في العدم كما يرمى عقب سيجارة. لا شيء أقسى من ذلك، ولا يمكن لأحد أن يدرك شعور هذه اللحظات دون تجربة فعلية.
ذات يوم، ودون مقدمات، تم رمينا في سجن تدمر العسكري الصحراوي الرهيب. كنا خليط من اليمين واليسار، باعدتنا الرؤى السياسية ووحدتنا حافلات السجون وجدرانها. كان ذلك في اليوبيل الفضي "للحركة التصحيحية المجيدة"، حين لم يستوعب ضباط اللجنة الأمنية "يباس" رؤوس بعض هؤلاء البؤساء المسجونين الذين أرادت "القيادة" أن تفرج عنهم ورفضوا، مع ذلك، أن يشكروا "القيادة". فما كان من الضابط رئيس اللجنة، الذي كان يرتدي بدلة رسمية سوداء، ويحمل في يده عصا أطول قليلاً من عصا الماريشالية، إلا أن قرر، وهو يضرب ساقه بالعصا عدة ضربات متوالية، "تكسير الرؤوس".
هناك يطغى الخوف من الموت على كل شيء، يغور المنطق في هوة سحيقة، وكذلك المعنى والكرامة وسلم القيم والاعتبارات. القلق الأول والوحيد هو الحياة. هل أخرج من هنا حياً؟ كل لحظة تمر هي انتصار وانتظار في الوقت نفسه. انتصار لأنك لا زلت حياً، وانتظار لما تحمله اللحظة التالية. في كل لحظة يقول عقلك الباطن ليتني قمت قبل أن اصل إلى هنا بما يستحق هذا العقاب الذي أنا فيه، وفي اللحظة نفسها تموت فيك القوة وتستسلم لترتاح كمن يستند إلى الريح.
من "كسر الرؤوس" إلى "كسر الرقاب"، جريمة واحدة، ليس بحق مكسوري الرأس والمشنوقين فقط، بل بحق المجتمع الساكت والمرغم على السكوت. جريمة مستمرة تقول، إننا في عالم موحش، يحكم فيه من لا يملك الحق ولا الجدارة ولا القيم البشرية.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن استمرار الثورة السورية وحواجز الخوف
- قناع السلطة
- قناعات سورية مستترة
- أرض الظنون الشائكة
- بلا أسماء
- تونس، الانتقال الديموقراطي في خطر؟
- مهجع الصور
- عقد على اندلاع الثورة السورية، ماذا نستفيد؟
- كلام لا يقي من البرد
- سجين حاقد يقلع عين الرئيس
- التحالفات الديموقراطية السورية، سطور في رمال
- إلى روح علي البدري (ممدوح عبد العليم)
- كان يجب أن أُسجن قبل أبنائي
- قمران في ليل عنيد
- يا حيوان ليش ما قلت انك -مو منهم-؟
- سجين سياسي سابق
- بين القمع والسرية
- إشكالية الصراع من خارج الدولة
- تصويت مبكر على -الانتخابات- الرئاسية في سورية
- المقاومة مذهبية والمهمة وطنية؟


المزيد.....




- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
- السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال ...
- ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما ...
- -معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل ...
- طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب ...
- المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها ...
- أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ ...
- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راتب شعبو - في القسوة