أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الطوفان














المزيد.....

الطوفان


عبدالله البقالي

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


في رحلة عشق طويلة الزمن فيها كان يقاس على ايقاع حركات مجاذيفها، كانت صورة امرأة فاتنة تخترق كل الاحلام من غير استئذان. يهيم العشاق بها. تقدم لها الورود فتنأى، يطبع على طيفها اشكال قبل فتأبى. يفيض العشق طوفانا جديدا يجرف الغرقى لعمق سحيق. يعيدهم الفجر الى الحياة و ينسون انهم باتوا صرعى.
وعند شهر غير مقمر كان القوم فيه يستعدون للرؤيا. انتظر الحلم بلا جدوى. اتجهت الابصار للفضاء باحثة عن باب يفضي الى نفق فيه سر شفرة ينفذون بها الى المسعى. كان البحث عسيرا. تدلت الأعناق خائبة. وفي لحظة لم تخضع لأي قياس، انتصبت أمام كل الاعين مناظير ضخمة. تركزت فيها الأبصار و صارت ترى.
لم يكن حلما. كان غبارا يغطي الافق. كان نقعا و صهيل خيول.كانت جلجلة سوف مهندة. انه هو. هولاكو يجتاز ممر خيبر. يقتلع الاشجار. ينشر الدمار. في كل مكان قتلى. على كل شبر صرعى. هولاكو يرسم لوحة بلون أحمر قاتم و يدك الواح بابل.
تصايح القوم. ابعدوا عنا هذه المناظير. لا نريد ان نرى. لا نريد أن نبصر. لنتراجع الى الوراء.
التقط القوم الأنفاس. لم يصدقوا أن هناك من يمارس العشق بهذه الهمجية القصوى. و حين استداروا كان هولاكو هنا. ويح من؟ ..أين المفر ؟.. هولاكو في كل مكان. في الشرق في الغرب في كل البلدان و الأمصار.
تعالى صوت حاد " لنمارس العشق المضاد. ليقف من يملك القدرة على الوقوف و ليندس في الارض من لم يقدر مخلفا سلالة طفيلية مسترخصة الدماء.
"قيامة مبكرة اذن. شهادة جديدة تنضاف لذاكرة الأسوار العتيقة. لكن أتستطيع هذه الأسواران تحمل كل هذا العبء و كل هذا التاريخ؟ أليس الامر يقتضي بناء أسوار جديدة تخفف عن ذاكرة القديمة من هول ما تحمل ؟ "
تساؤلات حفيدة كانت قد نجت و جدها من المجزرة الكبرى: لم مات هؤلاء ؟ لم قتلهم اولئك؟
أطل الجد خلسة على الميدان، أشار بابهامه للقتلى و قال "هؤلاء كانوا يحبون الحياة و أولئك كانوا يكرهونها.
ـ غريب أ متى كان يجب أن يموت من يحب الحياة و يحيى من يكرهها؟
ـ منذ متى ؟ لست أدري . ربما من اليوم الذي رفض فيه " قابيل " أن يحيى حياته غير التي يختارها لنفسه. لكن الذي أدركه هو أن الخير خير و الشر شر، و الجريمة تنتصر ساعة التستر عليها. و عندما سيعود هولاكو من جديد..
قاطعته الحفيدة سائلة : أقلت سيعود من جديد؟
ضحك الجد . ربت كتف الصبية و قال : لكل زمان هولاكوه لايهم من اين ياتي . قد يجتاز ممر خيبر, و قد تنبته التربة , و قد يحمله بحر الظلمات. لا يهم الاسم , قد يكون اي اسم عربي أو عجمي . لا يهم كيف يأتي. أيركب فرسا أم يحمله مكوكا لكنه يأتي ليذكر أن من يعشق بخوف يهزمه من لا يقصر العطاء في العشق ولو كان عشقه عشق الدم و القتل.
ـ اذن كنتم تعرفون انه سيأتي . ما الذي شل أيديكم فلم تصدوه؟
تأوه الجد و قال بحسرة: ليته كانت الأيادي هي المشلولة . لا تعتقدي يا بنية أن الحرب تبداساعة الاعلان عنها أو أن عضلات الجندي و عدته هي الحاسم فيها .
ـ احك لي ما حدث بالضبط.
ـ مثلها يمكن أن يحدث لأي جسم غير محصن أمام وباء فتاك . كان الأمر طوفانا دمويا في وقت كان "نوح "قد قرر أن لا يصنع الفلك ثانية بعدما تبين له ان انغمار العالم بالماء لا يفضي بالضرورة الى اصلاحه.
سكت الجد . خرجت الحفيدة لتجول الميدان . تأملت الحرائق و أعمدة الدخان المتصاعدة من كل مكان. نظرت للأشلاء و الأطراف الآدمية المتوزعة . تساءلت / أما سيندم "نوح لو أطل ثانية على الميدان و هو يلمس الفرق المروع بين طوفان الماء و طوفان الدم ؟
سمعت صوتا خلفها. كان شيخا اقرب لشبح. قال: لا تخافي يا بنية. سمعت تساؤلاتك و خفت أن تفنين عمرك دون الوصول الى جواب.
قالت الحفيدة: من أنت أولا ؟
ـ أنا رسول من نوح.
ـ نوح صاحب الفلك ؟
ـ نعم.
ـ لم رفض صنع الفلك ثانية ؟
ـ أأسر لك بشئ؟
ـ تفضل.
ـ نوح غاضب منكم لأنه لا يرضى أن ترتبط به سلالة تنتظر دوما من يهب لنجدتها.
اختفى الطيف . عادت الحفيدة و على محياها تصميم وعزم . حملت أشياء كثيرة. مسامير, مناشير و أشياء شتى . همت خارجة فقال الجد و على محياه علامة سفر طويل: الى أين ؟
ردت بحزم: ذاهبة لأعداد فلك للطوفان القادم.
قال الجد: خذي هذا. و عندما يهدأ الطوفان ثبتيه جيدا على الأرض، و اعملي على تلقين ما فيه لكل ركاب السفينة.
قالت: ما هذا ؟
ـ لوح بابلي.



#عبدالله_البقالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصرار و الترصد
- 1/4رباعية الخبز:الخبز الأبيص
- أوراق على الرصيف
- قصة قصيرة: السي الخمار و الديمقراطية
- صور وصور -الى كل النساء في عيدهن الأممي .
- قصة قصيرة : سور العاطلين
- السينيما
- الإمتحان الشفاهي
- فقر وغنى
- قصة قصيرة: حفلات و أزمات
- الجحيم الأن
- من هزم غيوم .الحياة أم الأحياء؟
- حزيران مرة أخرى


المزيد.....




- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البقالي - الطوفان